في اليوم العالمي للمرأة.. لطيفة الزيات الروائية المناضلة من أجل النساء
آخر تحديث: الأحد 8 مارس 2020 - 2:59 م بتوقيت القاهرة
الشيماء أحمد فاروق
يوافق اليوم 8 مارس من كل عام، الاحتفال العالمي بالمرأة والذي يقام للدلالة والاعتراف بدور المرأة في كل المجالات بداية من المنزل إلى المجالات العلمية والثقافية والسياسية والدروب المختلفة التي سلكتها ونجحت فيها.
من بين تلك الأسماء اللامعة الكاتبة لطيفة الزيات إحدى رائدات العمل النسائي في مصر (1923- 1996) والحائزة على جائزة الدولة التقديرية للأدب، كما أن روايتها "الباب المفتوح" فازت بأول دورة عن جائزة نجيب محفوظ للأدب.
ذكريات الأماكن والأشجار وسقوط المتظاهرين قتلى
تحت عنوان "مارس 1973"، أخذت الزيات، قارئ مذكراتها "أوراق شخصية" الصادرة عن دار الشروق، إلى الأماكن عاشت فيها وربطت بينها وبين ذكرياتها فيها، ليس بترتيب تاريخي ولكن في صورة من الحكايات كالتي تحكيها الجدة، وعن أبيها وجدها وذكريات المنزل القديم المتهالك، الذي ضاعت ملامحه مع الزمن.
وتقول لطيفة: "تنقلت في حياتي بين عديد من المساكن، وكانت إقامتي تطول فيها لمدد تترواح من بين اليوم الواحد والعديد من السنين، وكان سجن الحضرة مسكني لفترة من فترات حياتي"، حيث كانت المنصورة وأسيوط والقاهرة ومنزلها المحبب إلى قلبها في سيدي بشر بالإسكندرية، جميعها أماكن عاشت فيها، ولكن المنزل القديم ومسكن سيدي بشر هما الساكنان في قلبها، وقالت عنهما: "كان البيت القديم قدري وميراثي وكان بيت سيدي بشر صنعي واختياري".
وذكرت أن أحد أهم أسباب انتقالاتها الكثيرة في فترة الأربعينيات، مع زوجها الأول، المطاردات البوليسية والتي أودت بها إلى السجن في مارس 1949.
ومن نافذة منزلها في المنصورة روت لطيفة كيف شاهدت إحدى المظاهرات التي وقعت عام 1934، وقالت: "وأنا انتفض بالشعور بالعجز، بالأسى وبالقهر ورصاص البوليس يردي أربعة عشر قتيلاً من بين المتظاهرين ذلك اليوم، وأنا أصرخ بعجزي عن الفعل بعجزي عن النزول إلى الشارع لإيقاف الرصاص المنطلق من البنادق السوداء، أسقط الطفلة عني والصبية تبلغ قبل أوان لابلوغ مثخنة بمعرفة تتعدى حدود البيت لتشمل الوطن في كليته، ومصيري المستقبلي يتحدد للتو واللحظة وأنا أدخل الالتزام الوطني من أقسى وأعنف أبوابه، ويحدوني رجاء لا يبين أن أظل قادرة على قولة لا لكل مظالم الدنيا".
ومن تلك الحادثة تنقلنا لطيفة لعام 1946 ومظاهرات الطلبة على كوبري عباس، ووصفت المشهد التي لفتح كوبري عباس وغرق عشرات الشباب في النيل، وكيف كان الناس ينتشلون الجثث ويلفونها بعلم مصر.
هزيمة زوجية ووطنية
بين انكسارات الذات وحلم زواج دام 13 عاما، وحلم للوطن آخر، تحكي لطيفة تحت عنوان 1967، عن تجربة طلاقها وزواجها الأولى، وكيف أن زواجها أثار الاهتمام كما أثار الطلاق أيضاً، ففي كلا المرحلتين كانت الأسئلة تحاوطها من كل جانب، وتقول أن أحد الروائيين المشهورين، ولم تذكر اسمه، كتب عن طلاقها مقالاً دون الإشارة لاسمها، ووصفها فيه: "بعض النساء يحملن شهادة الدكتوراه ولكنهن يسقطن في الزواج من المرحلة الابتدائية".
وقالت عن حالتها بعد الهزيمة: "جاهدت واعية لاقتلاع ما تبقى منه في كياني، وأنا أكتب سنة 1966 مسرحية لم تنشر بعنوان بيع وشرا، وفجأة سقط من وجداني وكأن لم يكن ومعه مسرحيتي التي بدت لي في ظل تطور الأحداث مجرد هرطقة، وهزيمة 1967 تدهمني تفصل ما بين مرحلتين ما بين عمرين والكلمات فرغت من معانيها، رأسي مطأطيء وعنياي لا تجسران على الإلتقاء بعيون الآخرين، وأنا الجندي مستشهدا لا يعرف من أين واتته الخيانة".
وتحت عنوان "من كتاب بعنوان في سجن النساء"، تحكي الزيات، تجربتها في الحبس الإنفرادي التي دامت شهوراً على ذمة التحقيق في سجن الحضرة بالإسكندرية، ويعرض نماذج من السجينات العاديات اللاتي التقت بهن، واختارت الفصل الأخير من هذا الكتاب لتحكي عنه في مذكراتها وهو بعنوان "صديقاتي"، وكانت قد فرغت من كتابته عام 1950، في أعقاب الإفراج عنها يوليو 1949، بحكم مع إيقاف التنفيذ بتهمة الانضمام وآخرين إلى تنظيم شيوعي.
من الاكتئاب إلى الانتصار
في 20 أكتوبر، كان ذلك تاريخ كتابة سطورها التي تحكي فيها عن مشاعرها تجاه ما حدث يوم 6 أكتوبر 1973، وكيف كانت مشاعرها قبل ذلك، خاصة مع موت صديقها وزوج أختها ثم أخيها، وهي تحاول التجاوز وألا تتهاوى، وذكرت ما نصحها به صديق لها: "أعرف قسوة ما يتتالى عليك من أحداث ولكن ارجوك لا تدعي هذه الأحداث تهزمك".
وعن لحظة الانتصار قالت: "الإدراك يواتيني متأخراً ربما الحبوب المهدئة تصيب حواسي بالتبلد، وربما لأن الانتقال من حالة الإكتئاب إلى حالة انتعاش، انتقال لا يملك الإنسان التوصل إلى معرفة أبعاده، ولو لم يكن 6 أكتوبر لما شعرت بالرغبة في كتابة هذه المذكرات أو برغبة في أي شيء".
ومن هذه اللحظة إلى جنازة طه حسين، والتي وصفتها: "أنا أشيع جنازة طه حسين شعرت أني أشيع عصراً لا رجلاً، عصر العلمانيين الذين جرأوا على مساءلة كل شيء، عصر المفكرين الذين أملوا إرادة الإنسان حرة على إرادة كل ألوان القهر".
وفي الفصل الثاني دونت الزيات، حكايتها في سجن القناطر عام 1981، وحكايتها مع السجينات السياسيات هذه المرة، وفي المنتصف كانت تروي قصص سجن الحضرة وطرة وغيرها من السجون التي مرت عليها.