كيف صنع يحيى الفخراني أسطورته الفنية الخاصة أمام منافسيه؟

آخر تحديث: الأربعاء 8 أبريل 2020 - 3:58 ص بتوقيت القاهرة

الشيماء أحمد فاروق

"كل فنان يجب أن ينافس نفسه ولا يهتم لمنافسة غيره"، هذه الجملة هي أحد مبادئ الفنان يحيى الفخراني، التي يعمل بها في حياته الفنية، وربما ذلك هو ما جعله يصعد السلم الفني في هدوء، في وقت كان فيه عادل إمام وأحمد زكي ونور الشريف، وغيرهم، في منافسة قوية، وهذا الصعود الهادىء جعله يصل لقلوب الجماهير، وبعد نجاح كبير في السينما تصبح أعماله الدرامية التليفزيونية آسرة لقلوب وعقول المشاهدين بتفاصيلها وبساطتها وقربها لهم.

ويحتفل الفنان يحيى الفخراني في 7 أبريل بعيد ميلاده، فهو مواليد عام 1945 مدينة المنصورة في محافظة الدقهلية، بعد الانتهاء من دراسته الثانوية، التحق بكلية الطب جامعة عين شمس، وفي هذه الفترة شارك في فريق التمثيل بالكلية، وحصل في أحد أعوام دراسته على جائزة أفضل ممثل على مستوى الجامعات المصرية، وفي عام 1971 حصل على درجة البكالوريوس في الجراحة.

وفي عيد ميلاده تغوص "الشروق" في تاريخه الفني، لعرض أهم القضايا التي قدمها في أعماله وجعلت من الفخراني اسماً هاماً في الفن المصري وخاصة الدراما.

- أسماء في المشوار

كان الفنان الكوميدي عبدالمنعم مدبولي، أول النجوم الكبار التي فتحت للفخراني شاشة التليفزيون، في وقت كان التليفزيون فيه الأداة الترفيهية الأولى لدى الجمهور، ومواعيد إذاعة المسلسلات يلتف حولها كل الأسرة، وكانت المشاركة في أول مسلسل يظهر فيه الفخراني عام 1972 من خلال مسلسل "أيام المرح"، وعام 1979 برز الفخراني أكثر من خلال شخصية قدمها مع مدبولي في المسلسل الشهير "أبنائي الأعزاء شكراً" المعروف بـ"بابا عبده".

أما صناع الدراما الأشهر في فترة التسعينيات والثمانينيات، كان التعاون معهم أحد القفزات الفنية التي ساعدت الفخراني على الثبات الفني في شاشة التليفزيون، ومن أبرز هذه الأسماء أسامة أنور عكاشة وإسماعيل عبدالحافظ، اللذان قدماه في دور "سليم البدري"، أحد أشهر شخصيات الفخراني، في مسلسل "ليالي الحلمية" بأجزائه الخمسة.

ثم تكرر التعاون بين الفخراني وعكاشة في مسلسلات "زيزينيا" و"لما التعلب فات"، ومن الأسماء الأخرى التي قدمت أعمالاً ناجحة للفخراني، محمد جلال عبدالقوي في مسلسل "نصف ربيع الآخر"، و"الليل وآخره"، وتعددت الأعمال بين الكاتب مجدي صابر والمخرج أحمد صقر وباب حسين وغيرهم.

وعندما اختلف نجوم صناعة الدراما، كان الفخراني على دراية بذلك وبعد سنوات، نجده يعود بقوة إلى الشاشة في مسلسل "شيخ العرب همام"، من تأليف عبدالرحيم كمال والمخرج حسني صالح، و"ونوس"، وبينهما "دهشة" و"الخواجة عبد القادر".

وكان من نصيب الفخراني التعاون في السينما مع جيل الواقعية، مثل محمد خان في "عودة مواطن" و"خرج ولم يعد"، وداوود عبد السيد في "أرض الأحلام" والذي كان آخر أعمال فاتن حمامة للسينما، ومع المخرج علي عبدالخالق في "الكيف".

- قضايا على مائدة الفخراني

قدم وناقش الفخراني في بعض من أعماله السينمائية، والتليفزيونية قضايا متنوعة، سواء بشكل ساخر أو جاد، من مشكلة زحام المدينة والاختناق في فيلم "خرج ولم يعد"، إلى الثقافة الاستهلاكية والسفر لدول الخليج في فيلم "عودة مواطن"، والمخدرات والشكل الجديد للمجتمع وذوقه في فيلم "الكيف"، وأحلام السفر إلى أمريكا عند شباب التسعينيات في فيلم "أرض الأحلام".

وكانت الدراما التليفزيونية بها المساحة الأوسع ليقدم الفخراني قضايا مختلفة على الشاشة، ومنها:
شخصية عبدالمتعال محجوب التي قدمها الفخراني عن قصة "لا" للكاتب إحسان عبدالقدوس، وهو رجل ظلم ودخل السجن وسلبت منه كافة حقوقه وزوجته، لأجل مسئول أحب هذه الزوجة فقرر التخلص منه، وعن المعتقل والنفوذ واستغلال السلطة تدور أحداث القصة.

ثم إلى "زيزينيا" الخواجة المصري، المنقسم إلى نصفين نتيجة زواج تاجر سكندري من فتاة إيطالية، بشر عامر عبدالظاهر، وعبر من خلال هذه الشخصية عن الإسكندرية في فترة الثلاثينيات والأربعينيات، والتنوع الثقافي وتعدد الجنسيات التي كانت تضمها، عن وجه آخر لمصر في مرحلة ما، وفي مسلسل "للعدالة وجوه كثيرة"، قدم الفخراني شخصية جابر مأمون نصار، وناقش من خلال هذه الشخصية مدى تقبل المجتمع للأطفال غير الشرعيين، وأبناء الملاجئ.

كما جسد الفخراني شخصية المحامي في أكثر من عمل تلفزيوني، ومنها "نصف ربيع الآخر" كان محامي يتبنى مبادئ الشرف والأخلاق في كل تعاملاته، حتى يقع في ماضيه وحبه القديم، فينجذب معها وينسى أسرته وحياته الأولى، ويتورط في التعامل مع مجموعة من المقاولين الفاسدين، وناقش المسلسل أكثر من مشكلة في أحداثه، كحرب الخليج وأثرها على العمالة المصرية، وازمة إسكان الشباب.

وكذلك المحامي "الفهلوي" المقبل على الحياة الذي يتورط في حب موكلته المتهمة في قضية قتل رحيم، في "أوبرا عايدة".

أما شخصية عباس في مسلسل "عباس الأبيض في اليوم الأسود"، مثل الفخراني دور الرجل المظلوم ولكنه يتمتع بحالة من الرضا وعاشق لتاريخ بلده وأهمية معرفة التاريخ للحاضر والمستقبل، ومن خلال هذه الشخصية يتعرض لسلبيات مختلفة في المجتمع بعد عودته من العراق.

ومن أهم القضايا التي قدمها الفخراني بعد مرحلة نضج فني طويلة، شخصية ونوس، ومثل من خلالها صراع الإنسان بين الخير والشر في داخله، وصراعه مع الشيطان، والمعركة الازلية الدائرة بين الطرفين.

لماذا نجح الفخراني في ظل وجود منافسين أقوياء؟

وصفته الكاتبة حنان شومان بأنه تحول بفعل الزمن والأداء الهامس المحبب والنجومية والقرب من القلب، وأنه أصبح طقس رمضاني كالكنافة والقطايف، وذلك في كتابها "السينما من الواقع المر إلى الأحلام".

وانتقدت في نفس الكتاب مسلسله "عباس الأبيض في اليوم الإسود"، ورأت أن شخصيته في العمل، شخصية مزورة وغير حية وقالت: "المسلسل الذي كتبه سمير خفاجي ويوسف معاطي وأخرجه نادر جلال، يحمل قدراً كبيراً من التزوير والإفتعال الدرامي، لجأ الكاتبان إلى كل وسيلة غير مقبولة ليصلا بنا من حد إلى حدث ومن منطقة لأخرى لنقع في هوى عباس، رغم أن كل ما مر به من أحداث لا يمكن أن تبقي على بياضه الناصع، بل إنها ستحوله إلى قطعة بالية من السواد الهالك، ولكنا لملاك هنا المرسوم هو يحيى الفخراني إذن فهو مغفور له خطاياه، فالجمهور يتغاضى عن الخطيئة الدرامية من أجل عيون نجومنا وحبهم في قلوبنا وإمكاناتهم في التشخيص، ولكن إذا قام بذات الشخصية أي ممثل آخر حتى ولو كان جيد جداً ولكنه ليس الفخراني هل كان سيسلم من النقد والنقاد؟!ّ".

وعن سر هذه النجومية التي اكتسبها الفخراني في وسط أسماء اكتسحت الساحة، مثل عادل إمام ونور الشريف وأحمد زكي، قالت الناقدة حنان شومان في تصريحات لـ«الشروق»: "إنه الموهوب والمحظوظ في ذات الوقت؛ فبداية من ظهوره كانت السينما تشهد ما يطلق عليه تجديد خريطة النجومية، والتي تحدث مع كل عقد أو عقدين بتراجع نجوم، وتقدم آخرين للصف الأول، أما عن جزء الموهبة فهو بلا شك، كان له الأثر في نجاح أعماله السينمائية التي قدمها، والتي هي أعمال ذات قيمة كبيرة لم تمثل فقط وسيلة للانتشار".

وتابعت شومان أن من حظ الفخراني أيضاً أن فترة صعوده، واكبت ظهور جيل من المخرجين يؤمن بالتجديد في الدماء والأفكار مثل عاطف الطيب وخيري بشارة.

وعن سبب قدرة الفخراني على البقاء وسط مجموعة من النجوم، قالت: "إن ذلك يرجع لاختياره الوقت المناسب في التحول للدراما والتليفزيون؛ وكان أيضاً توقيتاً موفقاً، منحه جزء من الحرية بعيداً عن ضوضاء السينما، ورافق أسامة أنور عكاشة وإسماعيل عبد الحافظ، لتكوين صورة مختلفة عن الدراما و«نجمها»، والذي كان يعد في السابق نجم صف تاني بعد نجوم السينما، لذلك يمكن اعتبار أن الفخراني فتح الباب لأجيال من بعده في التميز بالدراما، لكنه رغم ذلك استطاع أن يكمل وحده التربع على عرشها، في حالة محدودة ولا تتكرر كثيراً، ويمكن القول إن نجاح أعماله يعود إلى أنها مختومة بــ«ختم الفخراني»، بعد أن كان العديد يرجع نجاحه لكتابات عكاشة وإخراج عبدالحافظ".

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved