أصل وفصل (26).. «رقصة الحياة» الإنسان في مراحل مختلفة

آخر تحديث: السبت 8 مايو 2021 - 8:59 م بتوقيت القاهرة

الشيماء أحمد فاروق:

نتداول في كثير من الأحيان لوحات فنية تنال الإعجاب أو تلفت الانتباه أو نرى فيها معنى يصل إلى قلوبنا ويدعوا عقلنا للتفكير، وتعد المساحات الشخصية على منصات التواصل الاجتماعي مكانا مناسبا لمشاركة هذه اللوحات، فهناك من يعلم مبدعها وهناك من يكتفي بالنظر لها أو الاحتفاظ بها، وفي هذه السلسلة نتعرف على بعض من اللوحات التشكيلية وصناعها.

عند النظر إلى اللوحة ربما تعتقد أنها تضم مجموعة من الشخوص المختلفة، وإنما جميعهم فتاة واحدة في فترات زمنية مختلفة، يعبر عنها الفنان إدوارد مونش، في لوحة "رقصة الحياة"، التي رسمها عام 1899.

ويفسر بعض المحللين الفنيين، اللوحة على أنها نسخة أكثر تعقيدًا من مسرحية "امرأة في ثلاث مراحل"، حيث تظهر امرأة بريئة ترتدي الأبيض على اليسار، وامرأة ترقص مع الرجل في المنتصف ترتدي لون أحمر، وثالثة حزينة ترتدي الأسود على اليمين، والثلاثة يشبهون تولا لارسن، حبيبة مونش، وقد تمثلها الفتيات اللواتي يرقصن في الخلفية أيضًا في مراحل مختلفة.

وهناك تفسيرات أخرى أن اللوحة تعبر عن الحياة، ويتضح ذلك من اسمها، الحياة عبارة عن عدة مراحل تبدأ وحيداً وتنتهي وحيداً، وفي المنتصف يوجد لحظات سعادة وحزن، وعبر مونش عن ذلك مستخدماً الألوان أيضاً.

إدوارد مونش وُلِد في النرويج عام 1863، أمضى عقدين في السفر والدراسة والعمل في فرنسا وألمانيا، ثم عاد للنرويج حيث عاش حتى وفاته في عام 1944، بدأ نشاطه الفني عام 1880، وأغلب أعماله تم إنتاجها في أوائل عشرينيات القرن الماضي، بحسب الموقع الرسمي لمونش.

كان مونش مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بالكُتاب والفنانين المتطورين في عصره، الذين شاركوا وعززوا إيمانه بضرورة استخدام الخبرة الشخصية الذاتية لخلق أعماله الفنية عالمية، وكان هذا هو الجو الذي ازدهرت فيه أصالة مونش وقناعاته الشخصية وتشكلت مفاهيمه عن الفن، لقد كانت بداية عصر احتفل فيه بحياة الفرد والذاتية بدلاً من المجتمع، وهو ما انعكس على الفنون بشكل كبير، وارتبط مونش منذ صغره بالفنانين والكتاب البوهيميين المتمردين في كريستيانيا وكان سريعًا في الاستجابة للثورات الفكرية والجمالية التي تختمر من حوله.

إن سعي مونش للحصول على لوحات تتحدث عن كل التجربة الإنسانية يمكن فهمها بشكل أفضل في إطار فن أواخر القرن التاسع عشر، على سبيل المثال اللوحة التي ذكرناها في الأعلى، كما كان له تمثيلات متميزة تصوير المرأة والجنس.

ومن أشهر مقولاته: "لم أعد أرسم الديكورات الداخلية والمناظر الطبيعية فقط وأشكال قراءة الرجال والحياكة النسائية، سأرسم أشخاصًا أحياء يتنفسون ويشعرون ويعانون ويحبون".

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved