شولتس الآلي.. من هو مستشار ألمانيا الجديد؟

آخر تحديث: الأربعاء 8 ديسمبر 2021 - 3:06 م بتوقيت القاهرة

أعاد انتخاب أولاف شولتس مستشارا جديدا لألمانيا اليوم الأربعاء، المنصب للحزب الاشتراكي الديمقراطي بعد 16 من فقدانه لصالح المسيحيين الديمقراطيين بقيادة أنجيلا ميركل.

شولتس الذي يلقي خطبه بنبرة رتيبة أكسبته لقب "شولتسومان" (أي شولتس الآلي)، ما يثير انزعاجه. قال في معرض الدفاع عن نفسه: إنه "يضحك أكثر مما يعتقد الناس".

وقال مؤخرا في تصريح صحفي "أنا رصين وبراجماتي وحازم. لكن ما دفعني إلى العمل السياسي، هو المشاعر"، داعيا إلى "مجتمع عادل".

وفي 2018 ومع توليه وزارة المالية، أصبح شولتس نائبا لميركل. وحسب وسائل إعلام ألمانية، كان شولتس يستلهم من أسلوب ميركل، حتى أنه يقلدها في الإيماءات، خصوصا إيماءة يدها الشهيرة، إلى درجة أن صحيفة "تاجس تسايتونج" اليسارية وصفته بأنه نسخة "متحورة" من ميركل.

واتبع شولتس كوزارة المالية، نهجا ماليا صارما، لكن بعد تفشي جائحة كورونا لم يتردد في الخروج عن بنود الميزانية معتمدا السخاء في الإنفاق، وشعاره أن ألمانيا بإمكانها مواجهة الوباء من الناحية المالية.

وجعلته سياساته الناجحة في التعامل مع الأزمة أحد السياسيين الأكثر شعبية ومصداقية، ووضعته في قلب المشهد ومقدمته.

ومنذ تسمية الحزب الاشتراكي الديمقراطي، شولتز، مرشحه للمستشارية صيف 2020، برز اسم الرجل كأكثر المرشحين خبرة بدولاب العمل الحكومي على المستوى الفيدرالي، والأكثر تمرسا في العمل السياسي.

وبعد خروج ميركل من الساحة السياسية بشكل طوعي، أصبح شولتز بشكل تلقائي المرشح الأبرز لخلافتها، لأنه يملك خبرة كبيرة في الدولاب الحكومي.

سياسته الداخلية

وفي شأن السياسة الداخلية يدعو برنامج حكومة شولتس إلى التخلي عن استخدام الفحم حتى عام 2030، وبناء محطات طاقة حرارية جديدة تعمل بالغاز الطبيعي.

بالإضافة إلى ذلك، تعتزم حكومة شولتس تبسيط إجراءات الحصول على الجنسية، وخفض مدة الإقامة المطلوبة لذلك إلى خمس سنوات، والسماح بالجنسية المزدوجة، بالإضافة إلى إجازة بيع الماريجوانا ورفع الحد الأدنى للأجر بالساعة من 9.6 يورو إلى 12.5 يورو.

بدايته

ولد أولاف شولتس في مدينة أوسنابروك في 14 يونيو 1958 في ألمانيا الغربية، وكان والده تاجرا ووالدته ربة منزل. وانضم إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي عام 1975 في سن السابعة عشرة، وكان يعرف بارتداء بدلات صوفية ويشارك في عدد كبير من المظاهرات السلمية.

وشولتس لا يعتنق أي ديانة، ومتزوج منذ عام 1998 من السياسية الاشتراكية الديمقراطية بريتا إرنست (60 عاما)، التي يصفها بأنها "حب حياته". وتشغل زوجته منصب وزيرة التعليم في ولاية براندنبورج، وليس لديهما أطفال.

شغل شولتس منصب نائب رئيس منظمة الشباب في الحزب وقاد حملة في الثمانينيات من أجل "اشتراكية راديكالية للتغلب على الاقتصاد الرأسمالي".

بالتوازي مع نشاطه الحزبي، كان شولتس يتابع دراساته في القانون. وبعد تخرجه في كلية الحقوق بجامعة هامبورج، أسس عام 1985، مكتب محاماة متخصصا في قانون العمل في المدينة. ومن خلال عمله تعلم شولتس، آليات عمل الاقتصاد والشركات الخاصة، ما ترك أثرا على شخصيته.

انطلقت مسيرته فعليا عندما وصل الاشتراكي الديمقراطي جيرهارد شرودر إلى المستشارية في انتخابات 1998. وانتُخب شولتس عام 1998 عضوا في البوندستاج(البرلمان الألماني) وأصبح أمينا عاما للحزب في 2002. وفي عام 2005، انقسم اليسار الألماني بسبب تحرير سوق العمل، وهو ما سرع هزيمة شرودر أمام أنجيلا ميركل.

خسر شولتس معركته على رئاسة الحزب الاشتراكي الديمقراطي في عام 2019، لأنه لم ينجح في كسب قلوب أنصار الحزب، فقد رغب الحزب آنذاك في قيادة ذات توجهات يسارية صريحة. ورغم ذلك ظل الحصان الوحيد الذي يمكن لحزبه الرهان عليه لاستعادة المستشارية.

حلم يصبح حقيقة

ومع ذلك لم يتخل شولتز عن حلمه في أن يصبح مستشارا، وكرر قولها في التصريحات الصحفية، وأعلنها لمؤيديه والصحفيين في أبريل الماضي عندما كان حزبه يحوز تأييد 14% فقط من الناخبين.

ظل على ثقته الكبيرة في قدراته وخبراته وفرص حزبه رغم تدنيها في استطلاعات الرأي، حتى أنه قال في تصريحات لمجلة "دير شبيجل" الألمانية قبيل الاقتراع: "هذه فرصة حقيقية لنا.. نحن (أي الاشتراكيين الديمقراطيين) الوحيدون الذين يملكون مرشحا لائقا ومناسبا ومؤهلا لمنصب المستشار".

وبحملة قوية وبرنامج يركز على قضيتي المناخ والرعاية الاجتماعية، حقق شولتز قفزات كبيرة في شهرين فقط، وتحرك حزبه تدريجيا من المرتبة الثالثة، إلى المقدمة، ووصل القمة قبل أسابيع قليلة من الانتخابات، وحافظ عليها في النتيجة النهائية

وكما فاجأ الجميع بفوزه بالانتخابات، خاض شولتز وحزبه الاشتراكي الديمقراطي مفاوضات صعبة مع حزبي الخضر والديمقراطي الحر، توقع أكثر المتفائلين أن تستمر 6 أشهر، لكنه فاجأ الجميع مرة أخرى وحسم المفاوضات في شهر واحد وتوصل لاتفاق لتشكيل ائتلاف حاكم جديد.

وعلى أساس هذا الاتفاق، انتخب البرلمان الألماني اليوم الأربعاء، شولتز مستشارا جديدا للبلاد، ليقود البلاد لمدة ٤ سنوات مقبلة، محققا حلمه القديم الذي قاتل من أجله لسنوات.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved