كورونا يعيد الحديث عن كوارث الفيدرالية في الولايات المتحدة للواجهة

آخر تحديث: الخميس 9 أبريل 2020 - 5:28 م بتوقيت القاهرة

محمد حسين

لازال ألم وباء كورونا، هو الألم الأكبر، والكارثة الإنسانية المسيطرة على شعوب العالم؛ لكن الوضع في الولايات المتحدة الأمريكية هو الأسوأ؛ حيث تصدرت قائمة الدول الأكثر تسجيلًا للإصابات بفيروس كورونا حول العالم، بأكثر من 350 ألف إصابة، وتخطى عدد الوفيات 13 ألف وفاة.

ويأتي ذلك مع تحذيرات الرئيس دونالد ترامب، المستمرة للمواطنين الأمريكيين، فقال في مؤتمره الصحفي، السبت الماضي: "يجب علينا الاستعداد لأصعب أسبوع من انتشار فيروس كورونا"، متوقعا أن يكون هناك ارتفاع حاد في عدد الوفيات بسبب الوباء.

أزمة كورونا أعادت البلاد لذكريات أزمات أخرى، حدثت في السنوات الأولى من ميلاد الولايات المتحدة، باستقلالها عن تاج الامبراطورية البريطانية في 1776، لتبدأ بعدها الولايات المتحدة الجديدة في مسار إقرار الوثيقة الدستورية، والتي وقعها الآباء المؤسسون وقادة ثورة الاستقلال، ومن أبرز النصوص الدستورية كان نظام الحكم الذي ستسير فيه البلاد، وتم اختيار نظاما متفردا في العالم آنذاك، ينص على الحكم الفيدرالي في البلاد، وأن تكون كل ولاية مختصة بشؤونها وكأنها دولة منفصلة، وذلك في وسيلة لتجاوز عيوب الحكم المركزي الذي كان يسود العالم وقتها.

الفيدرالية الأمريكية جاءت كذلك بمشكلات عديدة، كما يشير المؤرخ الأمريكي ليندسي شيرفينكسي، المؤرج بجمعية البيت الأبيض، وذلك بمقال نشرته صحيفة "التايم" الأمريكية، "فالمشكلة كانت وقعها كارثي نتيجة لفوضى اقتصادية؛حيث أعطت ولايات نيو إنجلاند الأولوية لاتفاقية تجارية مع بريطانيا العظمى لأنها أرادت بيع الأخشاب والأسماك إلى البحرية البريطانية. ومن ناحية أخرى، طالبت المناطق الغربية بمعاهدة مع إسبانيا من شأنها فتح نهر المسيسيبي وميناء نيو أورليانز للتجار الأمريكيين، وكانت تلك المشكلات تصل لتهديدات بالانفصال.

أزمة أخرى يذكرها شيرفينسكي بمقاله، وهي تمرد مواطني غرب بنسلفانيا على دفع ضرائب على بعض السلع، وأحرقوا منزل مسؤول الضرائب المحلي، وبعد فشل محاولات التفاوض السلمي، لتجد وقتها السلطة في واشنطن أن الفيدرالية يجب أن تكون لها حدود، من خلال إنشاء سلطة مركزية قوية بمنح الكونجرس سلطة فرض الضرائب، وتكليف الرئيس وممثلوه بالتفاوض على السياسة الخارجية نيابة عن جميع الولايات، وحظر على حكام الولايات تنفيذ السياسات التجارية التي تقوض الولايات الأخرى.

ويرى الكاتب أن الوضع في أزمة كورونا يحتاج إلى اتباع النصيحة التي قالها الرئيس جورج واشنطن، أثناء حل الأزمات الناتجة عن الفيدرالية، وهي "رفض كل محاولة لإبعاد أي جزء من بلادنا عن البقية، أو إضعاف العلاقات المقدسة التي تربط الآن الأجزاء المختلفة من وطننا؛ لأن الفيروسات لا تفرق بين الحدود، ولن نتمكن من الشفاء إلا معاً".

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved