مناظرات الرئاسة في تونس.. ديمقراطية حقيقية أم مجرد منصة خطابية؟

آخر تحديث: الإثنين 9 سبتمبر 2019 - 1:30 ص بتوقيت القاهرة

شهدت تونس السبت 8 سبتمبر ليلة حاسمة، اكتظت فيها المقاهي بالناس، تزامنا مع انطلاق أول مناظرة تلفزيونية بين المتنافسين في الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها منتصف الشهر الجاري.

وتعد المناظرة التي حملت شعار "الطريق إلى قرطاج"، الأولى من أصل 3 مناظرات. وهي أول مناظرة انتخابية في تاريخ البلاد.

وشارك في أول يوم من المناظرة 8 مرشحين أبرزهم الرئيس السابق، المنصف المرزوقي، ومرشح "حركة النهضة"، عبد الفتاح مورو بالإضافة إلى المحامية المعارضة للإسلاميين عبير موسي.

وغاب عن مناظرة السبت المرشح المثير للجدل، نبيل القروي، الذي أودع السجن بتهم تتعلق بالتهرب الضريبي.

وتعليقا على غيابه، نشر القائمون على حملة القروي تغريدة على لسانه: " حرموني هذا المساء من حقي الدستوري في التعبير عن رأيي أمام الشعب التونسي. ثم يتحدثون دون خجل عن انتخابات شفافة وديمقراطية في غياب مبدأ المساواة في الفرص".

وبعد انقضاء المناظرة الأولى، ستجرى مناظرتان أخريان يشارك فيهما تسعة مرشحين الأحد، وثمانية آخرون الإثنين.

وبثت المناظرة على 11 قناة لمدة ساعتين ونصف وتطرقت إلى محاور عدة من بينها صلاحيات الرئيس والعلاقات الخارجية والأمن القومي وملف الحريات الفردية.

لم يفوت التونسيون متابعة هذه المناظرة، إذ تباروا في تقييم أداء المرشحين و المذيعين اللذين أدارا الحوار.

وتباينت ردود أفعال السياسيين والمواطنين إزاء المناظرة. فمنهم من وصفها بـ" غير المسبوقة وبالعرس الديمقراطي" ومنهم رأى أنها "باهتة وغلب عليها تبادل الاتهمات والخطابة".

من جهة أخرى، انتقد آخرون أسلوب الصحفيين في إدارة المناظرة، مشيرين إلى أنها تفتقر إلى "التحدي والجرأة".

وفي هذا السياق، كتب الطيب الغلوفي:"أولا المناظرة الرئاسية كانت فخرا لتونس وللعرب، لا تكتمل الديمقراطية التونسية وتتحصن وتبلغ مداها إلا إذا رحلت الأنظمة العسكرية والطائفية والقبلية في المنطقة العربية ونجحت شعوبها في بناء أنظمة ديقراطية مستقرة ".

أما جميلة الدريدي فعلقت:"ما شاهدته بالأمس كان أقرب للاختبار الشفهي من المناظرة على طريقة جواب وسؤال. كمشاهدة شعرت بالملل من طريقة إدراة المناظرة، فلم يقدم المذيعان أية إضافة، معظم الإجابات لم تتقيد بحدود السؤال ولم تصب في جوهره".

وكذلك كتب المدون كمال رضواني:" لم أجد اليوم المناظرة....حصة اليوم استعراض للعضلات وحنين للماضي عندما رأيت الحركة النشيطة للمواطنين فهمت أن مشاكلهم لن تحلها المناظرة".

وأظهرت الصور المتداولة عبر منصات التواصل المقاهي وقد امتلأت بالمواطنين الذين تجمعوا أمام شاشات كبيرة من أجل متابعة المناظرة.

لا تزال الحيرة تسود الشارع التونسي الذي لم يعتد على مشاهدة مناظرات تلفزيونية. فبينما قرر البعض انتظار باقي المرشحين لعله يجد من يقنعه، حسم البعض موقفه بين ضيوف المناظرة الأولى.

ويتحدث فخر الدين جلاصي عن سعادته بهذه المناظرة . ويقول لمراسل بي بي سي في تونس:" أنا من مواليد 1986. لم أعرف سوى المرشح الواحد لسنوات. بعد الثورة، شاهدنا انتخابات حرة وتعددية واليوم نشاهد مناظرات. فخور بأني تونسي".

لكن المناظرات لم تلق استحسانا عند الجميع، إذ امتنع البعض عن مشاهدتها واكتفوا بالحديث عما وصفوها بخيبة أملهم إزاء المشهد السياسي وقرروا مسبقا مقاطعة الانتخابات.

ولاقت المناظرة تفاعلا واسعا وصل صداها إلى دول عربية أخرى. فقد أعادت إلى الأذهان أجواء الانتخابات الرئاسية في مصر 2012 وقبلها في موريتانيا عام 2007.

يذكر أن موريتانيا كانت أول دولة عربية تنظم مناظرة بين المرشحين للرئاسة.

والمناظرات الرئاسية هي تقليد أمريكي عمره نحو 155 عاما. وسجلت أشهر المناظرات في انتخابات 1860 بين عضو الكونغرس إبراهام لينكولن الجمهوري والسناتور ستيفن دوغلاس الديموقراطي. تحدث المرشحان وقتها عن تجارة العبيد.

ثم تطورت المناظرات مع انتشار التلفزيون لتصبح سنة 1960 حدثا إعلاميا يتابعه الملايين حول العالم.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved