أسامة حافظ أحد مؤسسى الجماعة الإسلامية: عمر عبد الرحمن تبرأ من قتل السادات.. وعبود الزمر عارض الخطة

آخر تحديث: الأحد 9 أكتوبر 2011 - 10:30 ص بتوقيت القاهرة
مصطفى هاشم

عجز عن توصيل رسالته، فكان اغتيال السادات.. وصل برسالته قبل يومين من حادث المنصة .. إلا أن القدر كان له رأى آخر غير الذى احتوته الرسالة، حمل فى عقله كلمات قليلة «لا تقتلوا السادات».. ولكن كان لخالد الإسلامبولى ورفاقه قول آخر.

 

 إنه أسامة إبراهيم حافظ، أحد مؤسسى الجماعة الإسلامية، والذى كان من بين الأغلبية الرافضة لفكرة الاغتيال، حتى أصدر السادات قرارات التحفظ فى سبتمبر 1981 فتحول المؤيدون لتصفيته.. تراجع حافظ عن موقفه سريعا بعد أن تأكد من عدم وجود فتوى شرعية تبيح اغتيال السادات، وهو الرأى الذى وقر فى نفوس مجلس شورى الجماعة.

 

المجلس أرسل حافظ إلى القاهرة لإبلاغ خالد الإسلامبولى بقرار التوقف عن التنفيذ، ولكن لحظة وصول حافظ القاهرة فى 4 أكتوبر، كان الإسلامبولى دخل الكتيبة.. و«سبق السيف العذل».

 

حدثنا عن تكوين الجماعة الإسلامية؟

ــ البداية كانت عام 1974، حين كنا ننظم مع بعض الإخوة لقاءات وأنشطة دينية فى الجامعة، طورنا الفكرة وأطلقنا على أنفسنا «الجماعة الإسلامية» أسوة بالجماعة الإسلامية فى باكستان، والتى أعجبنا بنشاطها، ونفس الاسم استخدمه الإسلاميون فى جامعتى القاهرة والإسكندرية، ثم اتسع نطاقنا بعد ذلك، فتجمعنا كجماعات من خلال المعسكرات.

 

هل كانت لكم طموحات سياسية بجانب النشاط الدعوى؟

ــ نافسنا فى اتحاد طلاب المدينة الجامعية عام 1977 ومن الجولة الأولى كان فوزنا كاسحا، وفى السنة التالية انضممنا إلى اتحاد طلاب الجامعة، لذلك رفض السادات أن يجرى انتخابات اتحاد الطلاب عام 1978، فقررنا إجراء انتخابات اتحاد الجمهورية بدون موافقة الأمن، فجاء عبدالحميد حسن (وزير الشباب حينها)، وقال: «اختاروا رئيس اتحاد غير ملتح ونحن سنتركه»، وكان هناك شخص من الجماعة الإسلامية فى جامعة عين شمس غير ملتح وكانت الدولة لا تعرف أنه من الجماعة الإسلامية فقدمناه»، ولكن فى نهاية هذه السنة ألغى السادات الاتحاد ووضع لائحة 1979 لتفريق شملنا.

 

متى بدأتم التفكير فى تأسيس تنظيم سرى مسلح؟

ــ فكرة التنظيم السرى المسلح، اقترحها الشيخ كرم زهدى بعد تعرفه على الإخوة فى الجهاد، خصوصا محمد عبد السلام فرج فى عام 1980، وبالفعل تم تشكيل مجلس شورى للجماعة وشكلوا التنظيم المسلح، أما فكرة القيام بعمل مسلح ضد السادات فصادفت تباين بين مؤيد ومعارض، وكنت أنا مع الرافضين للفكرة، واستمر رأى الأغلبية كما هو، حتى صدور قرارات التحفظ واتخاذ السادات خطوات حادة تجاه الإسلاميين، حيث أسس الحرس الجامعى، وأنشأ أسوارا حول الجامعات، وألغى اتحاد الطلاب، ومنع الأنشطة الإسلامية داخل الجامعة، بالإضافة إلى سبه الدعاة.. كل هذا خلق استفزازا شديدا، ما جعل التفكير فى القيام بعمل مسلح ضد السادات يتخذ منحى آخر.

 

وماذا كانت مهمة التنظيم السرى المسلح؟

ــ كانت مهمته تدريب أعضاء التنظيم على استخدام السلاح ضد الدولة فى الوقت المناسب، بالإضافة إلى تجنيد الأفراد.

 

لماذا فى رأيك بدأ السادات فى التضييق عليكم؟

ــ السبب كان اتفاقية كامب ديفيد.. فالسادات كان ترك بعض الحريات للإسلاميين لم تكن موجودة فى عصر عبد الناصر.. وحين وقع «كامب ديفيد»، تصور أن الحركات الإسلامية من الممكن أن توافق عليها أو على الأقل تلتزم الصمت، لكن حدث العكس، لأننا كنا أشد الاتجاهات الوطنية عداء للاتفاقية، ونظمنا فى أسيوط مظاهرات وهاجمنا الاتفاقية هجوما شديدا، فشعر السادات حينها بأننا حادّون فى رفضنا لها.

 

هل كان الهدف تغيير النظام أم قتل السادات فقط؟

ــ فى الحقيقة.. فكرة اغتيال السادات لم تكن من البداية هدفا.. وإنما سعى التنظيم المسلح إلى ثورة شعبية، ولو احتاجت أن تصطدم مع النظام حينها يكون الصدام بالسلاح، لكن السلاح لم يكن أساس الأمر.

 

ولماذا لم تتخذوا خطوات لتحقيق الثورة بدلا من الاغتيال؟

ــ كنا فى البدايات، وعددنا قليل، وتتطلب الثورة العمل لسنوات، لكن اغتيال السادات كان فرصة، خصوصا بعد قرارات التحفظ، علاوة على كوننا شبابا مندفعين وأقل إدراكا للأمر، لأننا كنا متوقعين أن يقبض علينا حيث كانت أسماؤنا فى قرارات التحفظ.

 

هل كان للثورة الإيرانية تأثير عليكم؟

بالطبع.. كان لها تأثير كبير .. وكان هناك جزء كبير من الإخوة لم يكونوا يعرفون حقيقة الشيعة ودورهم فى الثورة، وبالتالى كنا ننظر إليهم باعتبارهم إسلاميين استطاعوا أن يثوروا وينجحوا.

 

وماذا حدث بعد قرارات التحفظ؟

ـ قرار التحفظ صدر فى 5 سبتمبر، وعلمنا به 2 سبتمبر من خلال أصدقاء لنا فى الداخلية، حينها بدأ أعضاء الجماعة فى الهرب قبل القبض عليهم، لأن قرار التحفظ أشعرنا بأن التنظيم انكشف، خصوصا بعد القبض على نبيل المغربى، ومداهمة منزل عبود الزمر، والعثور داخله على سلاح وخطط بالشفرة.. وبدأت أنا وكرم زهدى وعاصم عبدالماجد والدواليبى فى البحث عن محمد عبد السلام فرج، لبحث الموقف معه، ووجدناه مختبئا فى بيت خالد الإسلامبولى، فى يوم 18 سبتمبر، وهناك علمنا أن خالد الإسلامبولى سيشترك فى العرض العسكرى أمام السادات، وطرح فكرة اغتياله، ولاقت الفكرة تجاوبا، وخرجنا من الاجتماع على أساس أن نعرض الأمر على بقية مجلس شورى الجماعة.

 

كيف بدأتم التخطيط لاغتيال السادات؟

ــ فى البداية ذكر لنا خالد الإسلامبولى أن المطلوب لتنفيذ هذا العمل طلقات رشاش وطلقات آلى و3 أفراد يدخلون معه الكتيبة يكونون قد مروا بالجيش قبل ذلك على أساس ألا يشك فيهم أحد، وبدأنا فى توفير طلباته.. أتينا بجزء منها من الصعيد والباقى وفره الزمر، وبالنسبة لخالد، نجح فى التخلص من 3 عساكر كان من المفترض أن يرافقوه خلال العرض، حيث أرسل أحدهم لتوصيل راتب ضابط آخر غائب، وآخر كان مريضا، وختم التصاريح للإخوة ليحلوا مكان الغائبين.

 

هل وافقتم بالإجماع على طلب خالد الإسلامبولى بتنفيذ الاغتيال؟

ــ لا.. لم يكن بالإجماع.. عبود الزمر رفض، وكان رأيه هذا مخالفا لخطة الثورة الشعبية التى بدأنا بالفعل تنفيذها، ولكن جلسنا معه فى 28 سبتمبر وقلنا له إن منفذى العملية سيموتون فى العرض ويموت سرهم معهم فوافق فى النهاية تحت الضغط، لكن بعد ذلك تناقشنا فى الموضوع مرة أخرى مع مجلس الشورى فى الصعيد، واعترضت أنا والشيخ عصام دربالة على الفكرة.

 

وما وجه اعتراضكما؟

ــ السبب الرئيسى لاعتراضنا أنه لم يكن لدينا فتوى بذلك.. فقد كانوا متصورين أن الكلام الضمنى للدكتور عمر عبدالرحمن أمير الجماعة ومرجعيتها الشرعية بمثابة موافقة، لكنه لم يُفت لنا بذلك تصريحا، فقد كان حينها مختفيا بعد صدور قرار التحفظ، لأن اسمه كان أول اسم فى القرارات، ونحن لم نكن نعرف مكانه.. وحينها قلت إن هذه فتوى غير صريحة ولابد من فتوى تجيز الاغتيال.

 

وماذا كان رد فعل مجلس الشورى على اعتراضك أنت وعصام دربالة؟

ــ فى 3 أو 4 أكتوبر التقينا كمجلس شورى لنناقش الموضوع من جديد، وأبديت اعتراضى على التنفيذ، وبعد أخذ ورد مع المجلس اتفقنا على أن يتم إلغاء المشروع مادمنا لم نستطع العثور على الشيخ عمر عبدالرحمن أو أى من الشيوخ الذين نثق فيهم لنستفتيهم فى هذا الموضوع.

 

ماذا فعلتم بعد أن اتفقتم على عدم التنفيذ؟

ــ كلفنى مجلس الشورى بالنزول للقاهرة، ومقابلة خالد الإسلامبولى، لأخبره بالتراجع عن التنفيذ، وبالفعل سافرت 4 أكتوبر إلى القاهرة، وذهبت إلى منزله، وفوجئت بأنه دخل الكتيبة بالفعل.. وأصبح إعلامه أمرا صعبا، فلم أرجع إلى أسيوط مرة أخرى.. وأنا لا أتصور أن الأمر سيسير إلى النهاية وأن يتم التنفيذ، لأنه بالطبع هناك تفتيش وتدقيق داخل الجيش.

 

هل كنت تتابع العرض العسكرى عبر التليفزيون؟

ــ بالطبع .. وكنت أتابعه بدقة حتى أعلم هل الخطة ستنفذ بالرغم من أننى لم أتخيل ذلك.. وعندما فوجئت بضرب النار كنت حينها مذهولا، وبعد إطلاق النار وعندما كان المذيع يقول «الخونة» أخذت قرارا بالسفر إلى أسيوط فورا لأختبئ هناك، وحتى أجتمع مع الإخوة لمعرفة توابع ما حدث، حتى إننى لم أنتظر معرفة النتيجة، وهل قتل السادات أم لا، لأنهم لم يعلنوا عن ذلك إلا فى الساعة الخامسة مساء، لكنى فى الطريق وجدت الكثير من الكمائن.. ونجحت فى المرور من أول كمين فى الجيزة والكمين الثانى فى بنى سويف، لأننى كنت أسير ببطاقة أحد أصدقائى، لكن فى بنى سويف سمعت عن كمين فى المنيا، فأصبح لدى مشكلة فى استكمال سفرى بسبب معرفة كل ضباط المنيا لى، فقررت الرجوع إلى القاهرة وبقيت فيها حتى تم القبض على بعدها بـ3 أسابيع.

 

كيف تم القبض عليك؟

ــ كنت أسكن فيما يشبه مساكن الإيواء فى حلوان، فى غرفة أحد أصدقائى على أحد أسطح العمارات، والذى ألقى القبض عليه، وفى التحقيق كانوا يسألونه عن شخص آخر وليس على أنا، فقال لهم إنه من الممكن أن يكون صديقه الذى يسألون عنه فى هذه الغرفة، وعندما أتت الشرطة وجدتنى أنا فقبضوا علىّ ولم يتم التحقيق معى سوى يوم واحد فقط، وبعدها حولونى إلى السجن الحربى، وكانت تهمتى الاتفاق على الاغتيال، وتم الحكم على بـ10 سنوات سجن فخرجت فى 1991، ثم تم اعتقالى لمدة 10 سنوات منذ 1994 وحتى 2004، بسبب أحداث أسيوط، بالرغم من أننى كنت مصرا على إنهاء حالة النزاع مع الحكومة فى المنيا وبنى سويف.

 

بعدما قابلتم الشيخ عمر عبدالرحمن داخل السجن.. ماذا كان رأيه فى قرار اغتيال السادات؟

ــ بمجرد ما التقينا بالشيخ عمر فى المحكمة العسكرية قال أنا برىء مما حدث.. قلنا له ألست قلت بجواز ذلك، فقال: أنا لم أقل ذلك أبدا.. بعد ذلك خشى من الحديث فى هذا الموضوع داخل السجن حتى لا تحدث فرقة بين الإخوة.

 

لو عاد بكم الزمن.. هل كانت الجماعة ستتراجع عن قرار اغتيال السادات؟

ــ طبعا.. أنا أتصور أن الجماعة الإسلامية لو كانت استمرت فى نهجها السلمى ولم تدخل فى دوامة العنف، كانت هى التى ستكون على الساحة حاليا.. فقد كان لديها مصداقية لدى الناس، ودوامة العنف هى التى عطلتنا.

 

هل يمكن أن تفكروا فى حمل السلاح مرة أخرى؟

ــ هذه فكرة ليست مطروحة..وبالإضافة إلى أننا طرحنا مبادرة وقف العنف واقتنعنا بها، زاد من هذا الاقتناع نجاح ثورة 25 يناير التى أثبتت أن صوت الشعب أقوى بكثير من صوت الرصاص.. وما دامت المظاهرات طريقة سلمية للتعبير ونستطيع أن نعارض بها فسنستخدمها.

 

بوصفك نائب رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية.. لماذا لا تشاركون فى المليونيات بالرغم من موافقتكم على مطالبها؟

ــ نرى أن كل المطالب التى يتم عرضها قابلة للحل بطريقة أفضل، حين تكون هناك حكومة مدنية منتخبة فى دولة مستقرة، ورأينا أن هذا يعطى ذريعة للمجلس العسكرى بحجة الفوضى فى أن يتلكأ فى تنفيذ تعهداته، وخصوصا بعد أن تبين وجود أشخاص يسعون إلى إثارة المشكلات والفوضى لتحقيق هذا المأرب.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved