خبير أمريكي: هل الأمريكيون والصينيون مستعدون للتضحية لخوض حرب بشأن تايوان؟

آخر تحديث: الثلاثاء 9 نوفمبر 2021 - 12:04 م بتوقيت القاهرة

د ب أ

بعد أن تراجعت الولايات المتحدة على ما يبدو عن سياسة الغموض الاستراتيجي تجاه تايوان، التي اتسمت بها إدارات متعاقبة، حيث صرح الرئيس جو بايدن مؤخرا بأن واشنطن ستدافع عن الجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي من أي هجمات محتملة من بكين، برزت علامات استفهام بشأن ما يعنيه بايدن.

وقوبلت تلك التصريحات برد سريع من الصين حيث قال المتحدث باسم وزارة الخارجية وانج وينبين إنه "ينبغي على واشنطن أن تتصرف وتتحدث بحذر بشأن قضية تايوان".

وقال الخبير الاستراتيجي الدكتور بين كونابل، مدير الأبحاث بمعهد DT الأمريكي في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست، إن خوض حرب مع الصين بشأن تايوان من شأنه أن يسفر عن خسائر فادحة، ويزعزع استقرار الاقتصاد العالمي، ويدمر معدات عسكرية أمريكية تقدر بمليارات الدولارات.

ويضيف كونابل، الأستاذ المساعد للدراسات الأمنية بجامعة جورج تاون أن تعرض الولايات المتحدة لهزيمة استراتيجية في أي حرب مع الصين سوف يكون احتمالا حقيقيا للغاية، على الرغم من أن القادة الصينيين يواجهون مخاطر مماثلة، ومع ذلك، فإن كلا من الولايات المتحدة والصين تتأهبان لخوض حرب.

وأدلى الرئيس الأمريكي جو بايدن بتصريحات دبلوماسية تصعيدية وأرسل مستشارين عسكريين إلى تايوان، في حين صعدت الصين مناوراتها العسكرية التهديدية.

ورغم أن هذا النوع من سياسة حافة الهاوية مفيد للردع الاستراتيجي، فإنه محفوف بالمخاطر أيضا. ومن السهل أن تتورط الولايات المتحدة والصين في حرب شديدة الوطأة غير مخطط لها. ومع ذلك، لم يتضح على الإطلاق ما إذا كان أي من الجانبين مستعد نفسيا لمثل هذه الحرب.

ولم يتم توضيح الأساس المنطقي لخوض حرب دفاعا عن تايوان سواء للقوات المسلحة الأمريكية أو الشعب الأمريكي. فلماذا يجب أن يموت أمريكيون من أجل تايوان؟ وليست هناك معاهدة تتطلب الدفاع عن تايوان، وهي جزيرة التي لا تعترف بها الولايات المتحدة رسميا كدولة مستقلة.

ويقول كونابل إن مطالبة الأمريكيين بالموت دفاعا عن الديمقراطية التايوانية سوف يكون عملية من الصعب إقناع أحد بها في أعقاب الانسحاب الكارثي من أفغانستان. وبالنظر إلى حجة إدارة بايدن بأن الحفاظ على الديمقراطية الأفغانية لا يستحق أرواح الأمريكيين، فلماذا يستحق الحفاظ على الديمقراطية التايوانية أرواح الأمريكيين؟

ويضيف أنه قد يكون من الصعب الإجابة على هذا السؤال دون الانجرار إلى مناقشات أخلاقية مقلقة قد ترغب إدارة بايدن في تجنبها. ومن غير المرجح أن يصدر عن الحكومة في أي وقت قريب أساس منطقي أيديولوجي مقنع للحرب بشأن تايوان.

ويقول كونابل أن الواقعية الجيوستراتيجية الباردة على ما يبدو هي الأساس الأكثر شيوعا للحجج المؤيدة للدفاع عن تايوان. ففي عام 2018، رجّح الخبيران جون ميرزيمر وستيفن والت أن الولايات المتحدة ستستفيد من الدفاع عن تايوان لأن لديها موارد اقتصادية كبيرة، ويمكن استخدامها كـ "حاملة طائرات" عملاقة ضد الصين، وخوفا من أن يؤدي التخلي عن تايوان إلى تقويض مصداقية الولايات المتحدة في آسيا.

وفي حين أن هذه الحسابات السياسية الواقعية قد تكون أو لا تكون حججا جيوستراتيجية راسخة، إلا أنها لن تحفز بالضرورة مئات الآلاف من الأفراد العسكريين الأمريكيين ومئات الملايين من المدنيين لدعم حرب يمكن أن تؤدي إلى خسائر كبيرة في الأرواح وكارثة اقتصادية عالمية.

ونظرا للسنوات العشرين الماضية من الأداء التكتيكي الأمريكي القوي، قد يكون من الصعب على القادة السياسيين أو العسكريين الأمريكيين أن يتخيلوا أن يرفض الأمريكيون القتال. فلم يتعرض الأمريكيون لهزيمة تكتيكية خطيرة في ساحة المعركة منذ نهاية حرب فيتنام.

ومع ذلك، لم يخض الجيش الأمريكي حربا تشهد إطلاق نار كثيف مع خصم نظير له منذ الحرب العالمية الثانية.

ثم يتساءل كونابل: هل المدنيون الأمريكيون مستعدون لتحمل أعباء الحرب؟ ويقول إنه رغم أن معظم المدنيين الأمريكيين يمكن أن يتجاهلوا بشكل عام الحربين في العراق وأفغانستان دون عواقب، فإنهم لن يكونوا بمعزل عن الحرب مع الصين. وعلى أقل تقدير، سوف يعاني الأمريكيون في الداخل من اضطراب اقتصادي حاد مع توقف التجارة مع الصين وغيرها من الدول الآسيوية. كما يمكن للأمريكيين أن يتوقعوا حدوث اضطرابات مطولة في خدمات الإنترنت حيث إن القراصنة الصينيين سيبذلون قصارى جهدهم لتعطيل السلاسل اللوجستية التجارية والعسكرية التي تغذي آلة الحرب الأمريكية. وسوف يشارك جميع الأميركيين بشكل مباشر في حرب بشأن تايوان.

ثم يتساءل كونابل هل المدنيون الأمريكيون مستعدون لدعم تعهد بايدن بالدفاع عن تايوان من هجوم صيني؟ ويجيب أنهم قد يفعلون ذلك في الظروف المناسبة، كما في أعقاب هجوم صيني غير مبرر على القوات العسكرية الأمريكية. ويدلل الكاتب على ذلك باصطفاف الملايين من الأمريكيين الذين لم يسمعوا قط عن بيرل هاربور على الفور في مراكز التجنيد العسكري بعد الهجوم الياباني المفاجئ في 7 ديسمبر1941.كما أدت هجمات 11 سبتمبر التي شنها تنظيم "القاعدة" إلى تدفق مماثل للدعم الوطني للحرب.

ولكن بالنظر إلى الانقسامات الحالية في المجتمع الأمريكي والثقافة الأمريكية، ليس من الواضح على الإطلاق أنه يمكن لبايدن أن يعتمد على الأمريكيين لدعم الحرب مع الصين بشأن تايوان.

وبالمنطق نفسه، يتساءل كونابل، هل سيموت الشيوعيون الصينيون من أجل تايوان؟ ويقول إنه قد يكون القادة الصينيون واثقين من قدرتهم على غزو تايوان، وهزيمة القوات المسلحة التايوانية، ودرء هجوم مضاد أمريكي، وتأمين مكاسبهم.

ويضيف: "لكنهم يعرفون بالتأكيد أنهم سيعانون من خسائر فادحة، ويرون أن الكثير من معداتهم العسكرية التي تم شراؤها حديثا قد أهدرتها الولايات المتحدة، ويضعف اقتصادهم في هذه العملية.

وسوف تتضرر مبادرة الحزام والطريق الصينية الثمينة بشدة حيث ستحاول الولايات المتحدة وحلفاؤها قطع وصول الصين إلى صناعاتها الاستخراجية العالمية، التي تعتمد على الموارد الطبيعية.

ويختتم كونابل تقريره بالقول إنه على أقل تقدير، وفي الوقت الذي يُصعد فيه بايدن من حدة التوترات الدبلوماسية، ينبغي عليه أن يفكر في سبل إعداد الجيش الأمريكي والرأي العام لحرب ، تبدو محتملة بشكل متزايد، رغم أنها ربما غير مرغوبة من أي من الطرفين.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved