نحل العسل.. ثروة مهددة بتغيرات المناخ وسموم المبيدات

آخر تحديث: الخميس 9 ديسمبر 2021 - 8:28 م بتوقيت القاهرة

يارا صابر

رئيس اتحاد النحالين العرب: النحل يساهم فى إنتاج 35% من الغذاء العالمى المعتمد على تلقيح المحاصيل.. ومصر تمتلك مليونى خلية تنتج 20 ألف طن عسل سنويًا
خبير بمركز البحوث الزراعية: مصر تحتل المركز الأول عالميا فى تصدير طرود النحل الحى
مربى يطالب بإزالة المعوقات التى تواجه تمويل تربية النحل.. وتفهم التجوال الدائم للحشرات عند معاينة المناحل

حذّر خبراء فى تربية النحل؛ من تقلص أعداده بشكل كبير حول العالم، نتيجة السلوك البشرى الخاطئ المتمثل فى استخدام المبيدات السامة، والتغيرات المناخية، ومشيرين إلى أن النحل يساهم فى إنتاج نحو 35% من الغذاء العالمى المعتمد على التلقيح الطبيعى للمحاصيل الزراعية، مطالبين بضرورة إنشاء قاعدة بيانات لمربى النحل فى مصر، وتوفير التدريب الجيد الذى يعتمد على الأساليب الحديثة للحفاظ على تلك الصناعة التى تمثل مصدر دخل لكثير من المربين، بجانب العائد من التصدير.

قال رئيس اتحاد النحالين العرب فتحى البحيرى: إن مصر تمتلك أكثر من مليونى خلية نحل تتراوح إنتاجيتهم من 15 لـ 20 ألف طن عسل سنويا، مشيرا إلى أنه يتم تصدير نحو 3 آلاف و200 طن؛ بجانب تصدير مليون و250 ألف طرد ــ خلية ــ نحل حى للدول العربية، وفقا لآخر إحصائية للمجلس التصديرى لحاصلات الغذاء، بتكلفة تصل لـ 100 مليون دولار.

وأضاف البحيرى لـ«الشروق»، أن هناك أزمة عالمية تتمثل فى نقص أعداد النحل فى العالم، بسبب التغيرات المناخية ورش المبيدات السامة على المحاصيل الزراعية بما يؤثر على النحل الذى يتغذى على تلك المحاصيل، وبما يقلص أعداده وبالتالى ينخفض إنتاج العسل بدوره، مما يؤدى إلى ارتفاع أسعار النحل عالميا وليس فى مصر فقط، كما أن العسل كباقى السلع يخضع للعرض والطلب ويعتبره الكثيرون سلعة ترفيهية.

وأوضح أن تحديد سعر العسل لم يرتبط بمنطقة أو دولة ولكنه مرتبط بسعر عالمى يتم تحديده بناء على الدول المنتجة والكميات التى تنتجها، منوها إلى أن مصر تتعامل مع نقص الأعداد عالميا من خلال توجيه رسائل ونصائح للجهات المعنية للمحافظة على نحل العسل ودعم مربى النحل حتى لا يترك المهنة، إلى جانب تدريب النحالين على التعامل مع تربية النحل بالأساليب العلمية وبتكنولوجيا النحالة الحديثة، لافتا إلى أن أهم المحافظات التى تشتهر بتربية النحل هى الغربية.

وذكر البحيرى، أن الحكومة المصرية تعمل على زيادة أعداد النحل محليا عن طريق استثمارات جديدة من ضمنها مشروع المليون ونص المليون فدان، ومشروع الدلتا الجديدة، لما تمتلكة تلك الأراضى من نباتات عطرية وأعشاب طبيعية، إلى جانب تدريب شباب جدد فى قطاع تربية النحل.

وأضاف، أن العالم أصبح يعتمد على النحل فى تلقيح المحاصيل الزراعية والمحاصيل الزيتية، كما يعتمد العالم على 35% من غذائه على تلقيح نحل العسل للمحاصيل الزراعية، وبالتالى التأثير على نحل العسل يؤثر بالفعل على الناتج العالمى للغذاء، مطالبا الدولة بالاهتمام بقطاع نحل العسل الذى يحتاج جهدا ورعاية وبناء قاعدة بيانات حتى يتم عمل حصر شامل لأعداد النحل والنحالين بشكل واضح، داعيا إلى أهمية إنشاء مشروع قومى للنهوض بالنحالة المصرية.

وأشار إلى أنه تم البدء فى اتخاذ خطوات واضحة مع وزارة الزراعة فى تنمية وتطوير منظومة تربية النحل فى مصر، منها تمويل النحالين قروض تتراوح بين 250 ألفا إلى 5 ملايين جنيه، من البنك المركزى بفائدة 5% متناقصة لـ 2.5% يتم سدادها على 5 سنوات، ويتم تحديد القيمة على حسب أعداد الخلايا التى يضمها المنحل، وتوفير حصص تمونية وخاصة السكر لمربى النحل، والتأمين الشامل على النحالين ضد الكوارث مثل السيول والحرائق، وتوفير علاجات آمنة لأمراض نحل العسل، حتى يستطيع صغار المربين مواجهة التطورات والتغيرات العالمية والمحلية، مما ينتج عنه النهوض بصناعة العسل فى مصر ومنظومة تربية النحل وزيادة أعداد النحالين.
ومن جانبه، قال محمد فتح الله، رئيس قسم بحوث النحل؛ بمعهد بحوث وقاية النباتات التابع لمركز البحوث الزراعية: إن الوضع الراهن لتربية النحل فى مصر يعتبر جيد، كما أن المعهد يحاول الوصول إلى الريادة فى هذا المجال عربيا وفى منطقة الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن مصر تحتل المركز الأول عالميا فى تصدير طرود النحل الحى سواء طرود النحل بالأقراص أو طرود النحل المرزوم؛ حيث تصدر مصر ما يقرب من ربع صادرات العالم كله من طرود النحل، وتم تصدير خلال هذا العام مليونا و250 ألف طرد.

وأضاف فتح الله، لـ«الشروق»، أن قطاع النحل هو العامل الأساسى فى تحقيق النهضة الزراعية وزيادة الصادرات، لذلك تهدف وزارة الزراعة إلى تحقيق زيادة الصادرات سواء من طرود النحل أو منتجاته المختلفة والحصول على منتجات مطابقة للمواصفات القياسية وتراعى معايير الجودة، والحفاظ على صحة وقوة طوائف نحل العسل مما يؤدى إلى زيادة العائد منها، إلى جانب وضع ضوابط ورقابة لعمل محطات تربية الملكات والتحسين الوراثى لسلالات النحل المرباة فى مصر لزيادة الإنتاجية وتحمل الإصابة بالأمراض وللأقلمة مع التغيرات المناخية.

وأوضح رئيس قسم بحوث النحل، أنه بالرغم من معاناة العالم من ظاهرة تناقص أعداد طوائف النحل إلا أن مصر لا تعانى من هذه الظاهرة والدليل تصديرنا لعدد كبير من الطرد سنويا، مرجعا أسباب النقص عالميا إلى المبيدات السامة والتى تؤثر على نحل العسل؛ حيث منعت الدولة ممثلة فى وزارة الزراعة استخدام بعض المبيدات على المحاصيل أثناء فترات التزهير وحصرت استخدامها داخل الصوب أو فى فترات عدم التزهير؛ لخطورتها وتأثيرها على فقد النحل.

وذكر فتح الله، أن وزارة الزراعة تسعى إلى إنشاء قاعدة بيانات دقيقة للنحل والنحالين فى مصر وكل الأنشطة المرتبطة بصناعة نحل العسل، حتى يتسنى التعامل السليم واتخاذ القرار المناسب بما يضمن الارتقاء بهذه الصناعة.
من ناحيته، أشار محمد هجرس مربى نحل ويمتلك مصنعا لتصنيع وتصدير مستلزمات المناحل، إلى عدد من المعوقات التى تواجه تصنيع المستلزمات الخاصة بتربية نحل العسل ومنها ارتفاع أسعار المواد الخام، وعدم وجود برامج موجهة لتمويل المشروعات الصغيرة.

وأضاف هجرس، فى تصريحات لـ«الشروق»، أنه من الضرورى الأخذ فى الاعتبار عند تمويل مربى النحل أنه من الصعب وجود النحل فى مكان ثابت لمدة سنة، مشيرا إلى أن تربية النحل تحتاج إلى التنقل بين الأماكن التى تتواجد فيها أشجار الموالح والنباتات العطرية والأعشاب الطبيعية، قائلا: «جت معاينة من البنك ولم تجد النحل وطلبوا منى خفض قيمة القرض الذى تقدمت به أو يتم إلغاؤه نهائيا».

وأشار هجرس، إلى أنه لا توجد طريقة محددة للحفاظ تماما على نحل العسل، ولكنه لابد من أخذ الاحتياط عن طريق وجود مظلات فى الأماكن شديدة الحرارة، والابتعاد عن الأماكن التى تستخدم مبيدات سامة، لافتا إلى أن نحل العسل أمن قومى ولابد من الاهتمام بتلك المنظومة.

وقال كريم صادق، مهندس زراعى مربى نحل: إن هناك بعض المعوقات التى تواجهه فى تربية النحل ضمنها غياب التدريب الفعلى لصغار المربين فلا يوجد منظومة تدريب للنحالين فى مصر، كما لا يوجود مكان رسمى لإعطاء الصغار المربيين معلومات خاصه بالتربية، قائلا: «تدريبات الوزارة بتكون روتينية وتفتقد الأدوات الحديثة للتربية وطرق التربية العالمية».

وطالب صادق فى تصريحات لـ«الشروق»، بتوفير قاعدة بيانات تتضمن عدد النحالين فى كل محافظة وعدد الخلايا اللى بيمتلكها كل نحال، وذلك لأن هناك أماكن يحدث فيها تكدس لخلايا النحل بسبب كثرة أعداد الخلايا فى بعض الأماكن مما يؤدى إلى نقص الكمية المنتجة من العسل، مشيرا إلى أن تلك البيانات ستوفر لمربى النحل معرفة شاملة بأماكن التكدس ويبتعد عنها، فضلا عن ضرورة تأمين مستلزمات الإنتاج وتوفير السكر كغذاء للنحل.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved