مدبولي: كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية تحديات متزايدة أمام القارة الأفريقية

آخر تحديث: الجمعة 9 ديسمبر 2022 - 12:13 م بتوقيت القاهرة

أ ش أ

أكد رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، أن انعدام الأمن الغذائي في أفريقيا يمثل تحديا متزايدا، حيث ازداد الأمر سوءا في ظل التحديات العالمية، التي واجهت العالم مؤخرا بدءا من جائحة كورونا ومرورا بالأزمة الروسية - الأوكرانية والآثار الكبيرة والمستمرة للتغيرات المناخية، والتي تزداد عنفا بمرور الوقت.

جاء ذلك في كلمة رئيس مجلس الوزراء، والتي ألقاها نيابة عنه السيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، خلال الاجتماع رفيع المستوى "دعم قدرة الاستدامة في مجال الغذاء والأمن الغذائي في القارة الأفريقية"، والمنعقد حاليا في مدينة أبيدجان بكوت ديفوار، بحضور تيموكو كوني نائب رئيس جمهورية كوت ديفوار، وعدد من رؤساء الحكومات والوزراء، وممثلي المنظمات الدولية والأقليمية ورؤساء الوفود.

وقال مدبولي إن الأزمة الروسية - الأوكرانية أدت إلى تفاقم أزمة الأمن الغذائي والتغذية على مستوى العالم وبصورة أكثر تأثيرا على القارة الأفريقية، باعتبار أن الدول الأفريقية من أكثر الدول الرئيسية المستوردة للغذاء.

وأضاف أن هذه الأزمة أحدثت ارتفاعا متزايدا في أسعار الطاقة والغذاء، ودفعت بعض الدول إلى اتباع السياسات التجارية التقييدية مع زيادة اضطرابات في سلاسل الإمداد والتوريد، مشيرا إلى أنه على صعيد (أزمة تغير المناخ) فتعد محركا رئيسيا لانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية، حيث أثرت على مقدرة الشعوب على إنتاج الغذاء والحصول عليه واستهلاكه، خاصة في المناطق الهامشية والهشة مناخيا.

وأوضح أن خطر تغير المناخ يزداد بصورة أكبر على الإنتاج الزراعي في أفريقيا مع تزايد نوبات الجفاف والفيضانات بشكل كبير، حيث أصبحت هذه الظواهر أشد وطأة وأطول زمنا، مما سبب انخفاضا كبيرا في القدرة الإنتاجية للأراضي، لافتا إلى أن التقارير تشير إلى أن الأمن الغذائي في أفريقيا يتناقص بنسبة 20% مع كل فيضان أو جفاف، كما أن أفريقيا معرضة بصورة أكبر لخطر الجوع بسبب تغير المناخ، وكذلك تشير إحصائيات البنك الدولي في 2020 إلى تعرض واحد من كل 5 أشخاص في أفريقيا للجوع، كما يعاني أكثر من 228 مليون نسمة من سوء التغذية، كما لا تزال معدلات سوء التغذية غير مقبولة في إفريقيا خاصة في السيدات والأطفال.

وأشار رئيس الوزراء إلى أن أفريقيا واحدة من أقل المساهمين في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، حيث تبلغ نسبتها ما بين 3-4% فقط، إلا أنها تعد واحدة من أكثر المناطق التي تتأثر بشكل كبير بتغير المناخ، لافتا إلى أن الدول النامية والاقتصاديات الناشئة وخاصة الأفريقية لا تستطيع بناء أنظمة زراعية وغذائية مستدامة وتنفيذ برامج التكيف في مواجهة هذه التغيرات من موازنتها الخاصة، إذ أن ذلك يشكل عبئا كبيرا عليها، ولذلك فإن الأمر يستوجب أن تكون هناك برامج تمويل مبتكرة ومحفزة وميسرة من جانب الدول المتقدمة التي تسببت في أكثر من 80% من الانبعاثات الكربونية، وأيضا من شركاء التنمية لتمكين الدول الأفريقية من بناء أنظمة زراعية وغذائية مستدامة وأكثر مرونة وقدرة على تحمل الصدمات والحفاظ على حقوق الأجيال القادمة، ومضيفا أن سوء التغذية يعد عائقا رئيسيا أمام التنمية الاقتصادية والاجتماعية، نظرا لتأثير ذلك على تنمية وإنتاجية العنصر البشري.

ولفت إلى مخرجات القمم والمؤتمرات التي عقدها الاتحاد الأفريقي، والتي كان منها قمة ملابو التي عقدت في غينيا الاستوائية عام 2016، والتي انبثق عنها مجموعة من القرارات المرتبطة بدفع التنمية في مجال الزراعة والغذاء والاستثمار والابتكار وتشجيع التجارة البينية بين الدول الأفريقية لتحقيق أكبر قدر ممكن من الأمن الغذائي لشعوب المنطقة الأفريقية، إلا أنه لعدم توافر التمويل الكافي وتنفيذ التعهدات المطلوبة لم تتمكن الدول من تنفيذ هذه المشروعات وهو ما يستوجب منا جميعا البحث عن آليات لدفع وتنفيذ هذه التعهدات.

وقال الدكتور مدبولي إن التنمية الريفية في القارة الأفريقية هي محور رئيسي للحفاظ على التقدم المحرز للتحول المستدام، وأن قطاع الزراعة يعد محورا رئيسيا في التنمية الريفية، لذلك فإنه يحتاج إلى دعم أكبر خاصة للمزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة وصغار المربين والمزارعين ليصبح أكثر قدرة وكفاءة على الصمود، باعتباره القادر على تلبية الاحتياجات التغذوية والحفاظ على الموارد الطبيعية، وأيضا القادر على إحداث التنمية المستدامة والاحتوائية، فضلا عن أن قطاع الزراعة هو من أكثر القطاعات الاقتصادية التي يمكن أن تحدث خفضا للفقر وإنهاء حالة الجوع في أفريقيا.

وأضاف أن القارة الأفريقية تمتلك مقومات هائلة، إلا أن استفادتها من هذه الموارد مازالت محدودة لدرجة كبيرة بسبب التحديات التي تواجهها من حيث ضعف كفاءة استغلال هذه الموارد وارتفاع معدل الفاقد في الناتج الزراعي والأنشطة المرتبطة به، وانخفاض التجارة البينية بين دول القارة نتيجة عدم توافر البنية التحتية واللوجيستيات، مما أضعف آليات تبادل السلع والخدمات بينها، يضاف إلى ذلك تأثير الصراعات والحروب على فرص إحداث التنمية وبناء الأنظمة الزراعية والغذائية المستدامة.

وأكد ضرورة إحداث تحول في النظم الزراعية يعتمد على الزراعة باعتبارها مستدامة وفعالة بقدر أكبر على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي من أجل تحقيق الأمن الغذائي والحفاظ على صحة الشعوب، خاصة وأن هذا القطاع هو القادر على استيعاب الوظائف، وخصوصا للشباب، اتساقا مع الهدف الثامن ضمن الأهداف الأممية للتنمية المستدامة (تعزيز النمو الاقتصادي والشامل والمستدام والعمالة الكاملة والمنتجة وتوفير العمل اللائق للجميع).

وأشار إلى أهمية النظر عند بناء هذه الأنظمة إلى الدعم الفعال والمستدام لصغار المزارعين وأصحاب الحيازات الصغيرة باعتبارهم جزء كبير من الحل في الدول الأفريقية، خاصة وأن هذه الخطوة لن تعود بالنفع على صغار المزارعين فحسب بل يتعدى ذلك إلى تحسين النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل في المناطق الريفية وتحقيق التنمية الاحتوائية والقضاء على الفقر والجوع وتعزيز الاستجابة للأزمات الغذائية الطارئة، وذلك اتساقا مع الأهداف الأممية للتنمية المستدامة وكأولوية رئيسية لبرنامج التنمية الزراعية الشاملة الأفريقية كأحد أهم مكونات أجندة التنمية في أفريقيا 2063.

ولفت إلى أهمية مخرجات مؤتمر المناخ (COP27) الذي استضافته مصر نيابة عن القارة الأفريقية، حيث تم الإقرار للمرة الأولى في تاريخ مؤتمرات المناخ بقضية الخسائر والأضرار، ووضعها على جدول الأعمال، واعتماد مقرر غير مسبوق، ينشأ بموجبه صندوق للخسائر والأضرار لمواجهة تحديات المناخ خاصة في الدول الأفريقية.. لافتا إلى أنه تم تخصيص ‏يوم كامل من الأيام الموضوعية عن التكيف والزراعة، تضمن عددا من الجلسات الهامة منها جلسة من ملابو إلى شرم الشيخ والتي ناقشت التدخلات المطلوبة للتخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه في سياق تحقيق الأمن الغذائي المستدام في الدول الأفريقية والعربية وآليات الربط بين مخرجات ملابو ورؤية ومخرجات مؤتمر المناخ.

وقال مدبولي إنه تم إطلاق مبادرة الغذاء والزراعة من أجل التحول المستدام (FAST) والتي استهدفت تنفيذ إجراءات ملموسة من شأنها تحسين العمل المناخي وكمية ونوعية مساهمات تمويل المناخ لتمويل النظم الزراعية والغذائية بحلول عام 2030 لدعم برامج التكيف والابتكار الزراعي وتطبيق التكنولوجيا لتحقيق دعم الأمن الغذائي والاقتصادي والعمل كمسرع لتمويل أنظمة الأغذية الزراعية لتحقيق مكاسب ثلاثية للناس والمناخ والطبيعة، بما يحقق أهداف التنمية المستدامة.

وأضاف أن مصر أطلقت أيضا أثناء مؤتمر المناخ، وبالتعاون مع الدول الأفريقية، العديد من المبادرات المشتركة في مجالات الاقتصاد الأخضر والمياه والغذاء والطاقة الجديدة والمتجددة، كما أطلقت مبادرة "حياة كريمة لأفريقيا" على غرار "حياة كريمة" المصرية، والتي تستهدف تطوير البنية التحتية والنواحي الاقتصادية، وتحسين دخول ومستوى معيشة السكان، بما يغير وجه الحياة، خاصة في المناطق الريفية.

وأشار إلى جهود الدولة المصرية في السنوات السابقة، وخاصة في القطاع الزراعي، من خلال إقامة عدد من المشروعات القومية الضخمة في مجالات استصلاح الأراضي الرأسي من خلال البحوث التطبيقية والابتكار الزراعي والتكنولوجيا الزراعية المرتبطة بزيادة إنتاجية الفدان والإنتاج الحيواني والداجني والثروة السمكية لتحقيق قيمة مضافة وزيادة الصادرات الزراعية المصرية، وذلك من خلال الحفاظ على الموارد الاقتصادية الزراعية المتاحة وتحسينها والقيام بمجموعة من الإجراءات الاستباقية التي مكنت الدولة المصرية من توفير الأمن الغذائي الآمن والصحي والمستدام لشعبها العظيم من خلال مبادرات الحماية الاجتماعية ومبادرات محور الصحة ومبادرة "حياة كريمة" التي تعد الأكبر على مستوى العالم، ليس فقط من حيث التمويل، ولكن من حيث أعداد المستفدين منها، إذ تصل إلى 60%؜ من تعداد الشعب المصري.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved