هيثم المالح فى حوار لـ«الشروق»: أنا رئيس «توافقى» لسوريا

آخر تحديث: الثلاثاء 10 يناير 2017 - 10:26 ص بتوقيت القاهرة

أجرى الحوار ــ أحمد عبدالحكيم وأحمد بهجت:

المعارض السورى البارز: لا حل سياسيا للأزمة السورية دون إخراج المقاتلين الأجانب.. أمريكا لا تعارض تدمير بلادنا وتلعب تحت الطاولة مع روسيا
محادثات السلام فى «أستانا» لن تنجح.. وموسكو تهدف إلى الالتفاف على مرجعيات جنيف وتحاول «اختطاف» تركيا من «الناتو».. والشعب السورى هو الوحيد القادر على هزيمة «داعش»
طهران أنفقت 50 مليار دولار لدعم بقاء الأسد.. ومصر قادرة على لعب دور أكبر فى الأزمة السورية
لست راضيا عن تجربة الائتلاف الوطنى.. ومحاولة بعض القوى الخارجية السيطرة عليه ونقص الخبرة لدى الشباب أدى إلى إضعافه
أكد هيثم المالح رئيس اللجنة القانونية بالائتلاف الوطنى السورى المعارض أنه لا يتوقع حلا سياسيا للأزمة السورية عبر محادثات السلام المرتقبة الشهر الحالى فى الاستانا عاصمة كازخستان تحت رعاية روسية وتركية، مشيرا إلى أن المحادثات لن تنجح كما أن أى حل لن يرى النور ما لم يخرج المقاتلون الأجانب من سوريا. وأضاف المالح فى حوار مع «الشروق» أنه يعتقد بعدم معارضة الولايات المتحدة لعملية التدمير التى تجرى على أرض بلاده الآن، لافتا إلى انه يعتبر نفسه مؤهلا لأن يكون رئيسا توافقيا لسوريا، مشيرا إلى أن السوريين لايزالون يتطلعون إلى دور مصرى أكبر فى الأزمة السورية والمساعدة على حلها. وإلى نص الحوار:

• هل تبدو الأزمة السورية بلا حل؟
ــ بداية أرى أن الثورة السورية الآن خرجت من يد السوريين، حيث إن هناك صراعا دوليا بين قوى عظمى على أرض سوريا وليست هذه المرة الأولى ولا نحن أول دولة يحدث لها ذلك.
أما عن الحل ــ برأيى ــ يكمن فيما انتهى إليه مؤتمر جنيف «1» واتفقت عليه الدول الخمس دائمة العضوية والمتمثل فى تشكيل هيئة عليا حاكمة انتقالية ينبثق منها حكومة، وتلك الهيئة الحاكمة لها صلاحيات الرئيس وبالتالى لن يكون هناك رئيس.
لكن فى ظل الوضع الراهن، لا أعتقد أن هناك حلا سياسيا فى سوريا، لأنه لا يوجد أحد بشكل خاص داخل النظام السورى وأعوانه الروس والإيرانيون يؤمن بحل سياسى، فلو كان هناك مثل هذا الشخص لكنا انتهينا منذ زمن، لكن النظام منذ البداية أعلن إما الأسد أو حرق البلد.
وقد تقدمنا أكثر من مرة لتشكيل جيش وطنى ونواة شرطة وقضاء بشكل دولة ثم نشكل حكومة انتقالية وأنا شخصيا رشحت نفسى لرئاسة الدولة كرئيس توافقى، فالناس لا تكرهنى ولى شعبية كبيرة فى سوريا بين جميع الأطياف.

• بعد سيطرة النظام على كامل حلب، هناك أمل فى مفاوضات «الأستانا» بكازخستان فى ظل انسحاب الغرب من رعاية المفاوضات؟
ــ منذ ثلاثة أشهر تقريبا كنت فى زيارة لوزارة الخارجية السويدية، وأخبرونى بأنه ليس لأوروبا أى دور فى الملف السورى حتى فى المساعدات الإنسانية. وأشاروا إلى أن الملف الظاهر بأيدى الروس لكنه فى الحقيقة بيد الولايات المتحدة.
كما أن واشنطن لم تتخل وإنما تلعب من تحت الطاولة مع موسكو، وأعتقد أن أمريكا لا تعارض عملية التدمير التى تجرى فى سوريا، فنحن سمعنا من الأمريكيين تصريحات ذات صخب عالٍ لكن لم يتحقق أى شىء على الارض، وقلت من قبل أتمنى أن يكون للشعب السورى أصدقاء كما لبشار الأسد أصدقاء إيرانيون وروس.
كما أود الإشارة إلى أن أحد الدول المهمة القادرة على لعب دور كبير فى الأزمة السورية هى مصر لما لها من تاريخ حافل بالدفاع عن المصالح العربية وقدرات تؤهلها للعب هذا الدور، وأن السوريين لايزالون ينظرون إلى مصر بهذه الصيغة.

• ماذا عن دور تركيا فى المفاوضات؟
هناك قسم من المعارضة التركية ليس مع الثورة السورية، وروسيا الآن تحاول اختطاف تركيا من حلف شمال الأطلنطى «الناتو»، وأعتقد أن محادثات «أستانا» لن تنجح بدون خروج المقاتلين الأجانب وبدون وقف إطلاق النار فى جميع سوريا، وروسيا تحاول الالتفاف عبر هذه المحادثات على جولة المفاوضات القادمة فى جنيف.

• ذكرتم وقفا شاملا لإطلاق النار، هل معنى ذلك أن يشمل تنظيم داعش وجبهة فتح الشام (النصرة سابقا قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة)؟
ــ قلت لممثلة العلاقات الخارجية بالسفارة الأمريكية بالقاهرة إنكم لن تنتصروا على «داعش»، الجهة الوحيدة القادرة بالنصر على «داعش» هى الشعب السورى لأننا نرفض التطرف، وأعضاء التنظيم كلهم غرباء وليسوا سوريين وليس لهم حاضنة. أما عن جبهة النصرة فمعظمهم سوريون وعيبهم الوحيد أنهم بايعوا القاعدة ــ وهذا غباء منهم إذا أحسنت الظن بهم ــ لكنهم على ارض الواقع كانوا يقاتلون النظام كما انهم لم يقاتلوا خارج سوريا.
ليس فقط النصرة وإنما كل الكتائب وفصائل المعارضة المقاتلة التى أطلقت على نفسها أسماء إسلامية كانت كارثة على الثورة، لأننا لسنا بحاجة إلى استعداء الناس، فبدلا من تسمية كتيبة «عمر بن الخطاب» نسميها كتيبة «دمشق»، وقد تحدثت فى هذا الموضوع منذ بواكير الثورة بأن هذا الاتجاه يسىء إلى الثورة.

• وماذا عن الدور الإيرانى فى سوريا؟
ــ النفوذ الإيرانى له مرحلتان الأولى أيام الرئيس الراحل حافظ الأسد، فقد أقام علاقات استراتيجية معهم وكان ضد الرئيس العراقى الراحل صدام حسين، ثم ورث بشار الأسد، هذا النفوذ وسمح للمشروع الإيرانى الصفوى الفارسى لإضعاف المنطقة العربية كلها، فمن الممكن ان نتفهم دورا إقليميا لكن ما يحدث هو عملية احتلال، فطهران ترسل المقاتلين لسوريا وتزودهم بالسلاح، كما أنفقت حتى الآن 50 مليار دولار لدعم بقاء بشار الأسد.

• ماذا عن تدخل الفصائل الأجنبية المقاتلة فى سوريا؟
ــ لدينا الآن 80 ألف مقاتل من جهة إيران وفصائل عراقية وباكستانية وأفغانية ولبنانية ويمنية ومرتزقة من كل مكان. وقد زرنا السفارتين الباكستانية والأفغانية بالقاهرة وقدمنا مذكرات بوجود 4 آلاف افغانى و6 آلاف باكستانى يقاتلون على الأراضى السورية. وتلقينا ردا من الأفغان، حيث أبلغونا بأنهم قاموا باعتقال الشخص الإيرانى الذى يجند المقاتلين ويرسلهم إلى سوريا.

• ماذا عن الدور الروسى وإمكانية التوصل لحل للأزمة؟
روسيا منذ بداية الثورة ضخت السلاح للنظام بلا حساب، ووقفت بجانبه فى مجلس الأمن الدولى واستخدمت حق النقض «الفيتو» عدة مرات، كان أبشعها استعماله ضد المشروع الفرنسى بإحالة الملف السورى وما يرتكب فيه من جرائم إلى المحكمة الجنائية الدولية، لذا يمكن القول بأنه لولا التدخل الروسى لكان بشار الأسد انتهى.
موسكو كل همها ان تبقى بشرق المتوسط وهذه ما تحققه القاعدة العسكرية بطرطوس فى سوريا، وهم خشوا ان يخسروا سوريا بعد خسارتهم ليبيا، كما أن روسيا أبرمت اتفاقيات متعددة مع النظام من اجل التنقيب واستثمار الغاز والبترول، وهنا أود أن أشير إلى أنه ليس صحيحا أن الإنتاج السورى من البترول 350 الف برميل يوميا وإنما 700 الف برميل نصفها يقيد بالميزانية والباقى بجيوب رءوس النظام.
إلى ذلك، فإن موسكو تخشى فى ظل ازمتها مع الغرب أن يمر الغاز عبر سوريا إلى اوروبا.
أما عن حل الأزمة، فلا يمكن أن يكون هناك حل ما لم يخرج المقاتلون الأجانب من سوريا، لذا إذا أرادت موسكو حلا للأزمة فعليها اخراج المقاتلين بصفتها اللاعب الرئيسى عسكريا فبشار وجيشه ليس له قيمة اطلاقا، الآن فى سوريا لا يوجد جيش فقط الفرقة الرابعة والحرس الجمهورى وهؤلاء تحت قيادة ماهر الأسد و90% منهم علويون، أما باقى الجيش تفتت.
كما تجدر الإشارة إلى أن نظام الأسد هو من سمح بدخول المتطرفين، فداعش والقاعدة كانت تحت سيطرته وعدد كبير من منتسبى داعش كانوا داخل السجون السورية، إلا أن النظام اطلق سراحهم لتخريب الثورة.

• ما هى المساعدات التى تطلبونها من الأمريكان وهل تتضمن وجود أمريكى عسكرى على الأرض؟
ــ نحن نطلب مساعدة على شاكلة منطقة حظر طيران بالعراق بمفردها، ومنطقة آمنة فقد طرحتها أنقرة حتى تكون منطقة للاجئين والفارين ولم يساعد أحد. ولم ولن نطالب بوجود عسكرى أمريكى فى سوريا، الأمر بحاجة لقرار من مجلس الأمن ولم يصدر هذا القرار.
وهذا موقفنا فى الائتلاف، فى حين أن نظام الأسد سمح لروسيا بالتدخل العسكرى بذريعة محاربة الإرهاب وهى حجة غير صحيحة، فالنظام لا يملك ذلك الحق فنحن الائتلاف ننازع النظام الشرعية.
لقد قلت للأمريكان بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 إنكم ستواجهون بمئات «بن لادن» بسبب فساد السياسة الأمريكية، وبعد احتلال أمريكا للعراق عام 2003 بعثت 4 رسائل اثنان منها للرئيس الأمريكى آنذاك جورج دبليو بوش ونشرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية إحدى هذا الرسائل تحت عنوان «رسالة من دمشق» شرحت فيها وجهة نظرى، وجاءت نانسى بيلوسى رئيسة مجلس النواب إلى دمشق فى زيارة عام 2007 ودعتنى للقائها وسلمتها هذه الرسائل بمقر السفارة الأمريكية.

• ألا ترى أن عسكرة الثورة السورية أضرت بها؟ وكيف ترى مسار الثورة فى اللحظة الراهنة؟
ــ لم يكن هناك طريق آخر، فالنظام فرض على الناس حمل السلاح. حينما انطلقت الثورة رفعت هتافات «كرامة. حرية» و«الشعب السورى واحد»، كنت فى دمشق وعلى تواصل مع كل المحافظات السورية أنبه الناس بالبعد عن الطائفية والانتباه من حمل السلاح، لكن رد فعل النظام خلال الأشهر المتعاقبة على اندلاع الثورة بنشر 3 آلاف دبابة بالمدن والقرى وبدأ بإطلاق الرصاص والاعتقالات، ما فرض على الناس حمل السلاح فقد وجدوا أنفسهم عام 2012 بمواجهة سلطة غاشمة لا يوجد عندها قواعد ولا أستطيع تفهم ان تلجأ الدولة لأعمال خسيسة يلجأ إليها أعداء مثل حوادث الاغتصاب والتجويع.
هناك الآن 8 آلاف حالة اغتصاب لفتيات لاسيما فى السجون، ومن بين تلك الحالات المروعة شابة ذات الـ19 ربيعا لديها طفل استوقفها حاجز أمنى على الطريق العام وقتلوا ابنها واغتصبوها وعندما حاول أربعة شباب إنقاذها قتلوهم.

• هل أنتم راضون عن تجربة الائتلاف الوطنى للمعارضة السورية؟
ــ لا لست راضيا، ومن العوامل التى أضرت التجربة محاولة بعض القوى الخارجية السيطرة على الائتلاف، وكل ما جاء لـ(المجلس الوطنى السورى سابقا) الائتلاف حاليا 250 مليون دولار من قطر والسعودية وتركيا وجهات أخرى، لكن كل دولة دخلت إلى الثورة واقتطعت جزءا منها بالدعم المادى وهذا ما أساء للثورة وأدى لإضعاف الائتلاف.
هذا فضلا عن التصحر السياسى عامل اساسى، والشباب الذين قادوا العمل بالمجلس الوطنى أو الائتلاف ليس لديهم خبرة كافية. الآن هناك محاولات لإعادة هيكلة العمل السياسى والعسكرى، فالمشكلة كانت بالتفرق والتنازع والذى أضر بالثورة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved