رئيس جامعة يورك الكندية لـ«الشروق»: أطالب الرئيس السيسى بتبنى مشروع قومى للتعليم

آخر تحديث: الأربعاء 10 مايو 2017 - 10:45 ص بتوقيت القاهرة

أجرى الحوارــ هانى النقراشى

التعليم الدينى يكبت ابتكار الأطفال.. ولا يسمح بانطلاق العقول
جامعة الأزهر أنشئت لأغراض سياسية ولابد أن تتخصص فى العلوم الدينية فقط
مجانية التعليم وسيلة لخدمة مبدأ تكافؤ الفرص.. والضرائب فى مصر ليست عادلة
مصر مؤهلة للطاقة النووية بشرط أن تدخل ضمن خطة وليس مجرد قرار
أى نظام يعتمد على الحفظ والتلقين لا يؤدى الغرض منه.. والمناهج فى مصر «كويسة» إذا تفرغ الأساتذة
جامعات كندا مستقلة ومحمية بالقانون ولا يمكن فصل عضو هيئة تدريس بسبب آرائه السياسية
قال الدكتور ممدوح شكرى، رئيس جامعة يورك الكندية، وأول مصرى مسلم يتولى رئاسة جامعة كندية، إن التعليم بداية كل شىءويحتاج أن يكون مشروعا قوميا يتبناه رئيس الجمهورية شخصيا، موضحا فى حوار لـ«الشروق»، أن التعليم الأساسى بداية من الحضانة له تأثير كبير على مستقبل الشخص وعلى قدرته فى المساهمة بالمجتمع، وأشار إلى أن الحضانة فى كندا إلزامية لتكوين شخصية الطفل.
ولفت شكرى إلى أن التعليم الدينى فى مصر زاد إلى حد كبير، وهذا عيب خطير، لأنه لا يسمح بانطلاق العقول ويكبت القدرة على الابتكار، مضيفا أن جامعة الأزهر أنشئت لأسباب سياسية، ولابد أن تتخصص فى العلوم الدينية فقط.
وإلى نص الحوار..
* فى البداية.. ما تقييمك لوضع التعليم فى مصر وهل يؤهل لسوق العمل؟
التعليم لابد أن يجهز الناس للحياة عموما، ويجعلهم أكثر مرونة وفهم للأمور بشكل عام، بحيث يوسع مداركهم ليتمكنوا من التأقلم مع الظروف التكنولوجية والانتقال من وظيفة لأخرى.. فالتكنولوجيا تغير كل شىءفى حياتنا، والوظيفة والشركات التى نحتاجها الآن قد تختفى بعد سنوات، وعلينا أن نجهز الشخص للعمل عند تخرجه وبعد 40 سنة، والتعليم العالى يجب أن يربط الطلاب بسوق العمل، ويدرس لهم أمورا متعلقة باحتياجات المجتمع.
التعليم بداية كل شىءويجب أن يكون مشروعا قوميا يتبناه الرئيس عبدالفتاح السيسى شخصيا، ويضع فيه كل طاقته، لأنه استثمار سيفيد مصر فى المستقبل، ولا أريد أن يكون الرئيس مرتبطا بالحرب على الإرهاب فقط.
* قلت إن بداية إصلاح التعليم هو التعليم الابتدائى.. كيف يتم ذلك؟
التعليم هو الذى يخلق المواطن، والتعليم الأساسى بداية من الحضانة له تأثير كبير على مستقبل الشخص وقدرته فى المساهمة بالمجتمع، والحضانة فى كندا إلزامية لتعليم وتكوين شخصية الطفل، والاستثمار فى التعليم بمصر أقل من البلاد العادية، وهذا يعنى وجود مشكلة فى نوعية التعليم والإمكانيات المتاحة للتعليم والمعلمين، كما أن نسبة المدارس والمعاهد الدينية التابعة للأزهر ارتفعت إلى حد كبير، وهذا عيب خطير، لأن التعليم الدينى لا يسمح بانطلاق العقول، فعندما تملأ عقل الطفل بأفكار دينية فقط لا تسمح له بالتفكير بعقل متفتح ولا يفكر بانطلاق، ما يؤدى إلى كبت قدرته على الابتكار، وهذا لا يعنى أننى ضد الدين.
* على ضوء ذكر التعليم الأزهرى.. ما تقييمك له؟
الأزهر لابد أن يكون متخصصا فى العلوم الدينية فقط، والتعليم الأزهرى انتشر بشكل كبير، وتوجد هنا مشكلتان، الأولى تتمثل فى أن نسبة كبيرة من الأطفال تدرس تعليما دينيا أرى أنه غير مناسب، والثانية تشمل دراسة الهندسة والطب والتجارة فى جامعة الأزهر وحرمان جزء من المجتمع، وهم الأقباط، من دخولها، ما يخلق نوعا من التمييز، فالجامعات فى الغرب بدأت من الكنيسة وبعد ذلك احتفظت بعضها باسم دينى، لكنها أصبحت علمانية لا علاقة لها بالدين.
نحتاج مؤسسات تعليمية لدراسة الدين والمذاهب والفقة بعمق، لكن لا يكون لهم علاقة بالطب والهندسة.. وأعتقد أن جامعة الأزهر أنشئت فى الستينيات لأسباب سياسية، ولا أرى أى سبب آخر لإنشائها.
* مطالبتك بالاستثمار فى التعليم تثير تخوفات بالقضاء على المجانية.. ما ردك؟
مجانية التعليم وسيلة لخدمة مبدأ تكافؤ الفرص، خاصة التعليم الجامعى، وفى كندا نحقق ذلك المبدأ بدون مجانية، حيث يدفع الطالب الغنى المصاريف، والطالب الفقير يأخذ منحا لا ترد أو قروضا بدون فوائد ترد بعد التخرج والعمل، والضرائب فى مصر ليست عادلة وهذا نوع من الضرائب.. الحكاية كلها تكافؤ فرص وأنا مع ذلك 100% لأن هذا هو الذى يخلق السلام الاجتماعى.
* أنت متخصص فى مجال الطاقة النووية.. هل مصر مؤهلة لها؟
بالتأكيد.. فمصر يوجد بها عدد ضخم من المتخصصين فى هذا المجال، والطاقة النووية أصبحت مصدرا مهما للطاقة فى العالم، ولابد أن يكون إدخالها وفق خطة عامة لتطوير الطاقة وتنويع مصادرها خلال 30 أو 40 عاما المقبلة، وليس مجرد قرار بأننا نريد محطات، الأمر الذى سيرفع مستوى التكنولوجيا والصناعة، كما أن وجود محطة نووية يخلق صناعات سنوية.
* البعض قلق من مستوى أمان المفاعلات النووية.. كيف تطمئنهم؟
عوامل الأمان فى المفاعلات النووية أصبحت أفضل، فالجيل الجديد أكثر أمانا من السابق، رغم أنه لم تقع حادثة بسبب المحطة نفسها، ولكن بسبب فشل من يديرونها.
* لماذا ترفض تدخل الجهات الأمنية فى اختيار القيادات والتعيينات بالجامعات؟
الجامعات بالدول الأخرى تشكل لجنة برئاسة رئيس مجلس الأمناء ونصف أعضائها من أعضاء المجلس والآخر من الأساتذة، وتجتمع اللجنة بجميع الأطراف وتقرر مواصفات رئيس الجامعة الجديد، ثم يتم عقد مداولات سرية وفتح باب الترشيح وإجراء لقاءات واختيار شخص، يتم عرضه على مجلس الأمناء الذى يقر الترشيح، ولا يوجد تدخل أمنى فى هذا الأمر تماما.
* ما رأيك فى وجود انتقادات وشكاوى من الاعتداء على فكرة استقلال الجامعات؟
الجامعات فى كندا هيئة مستقلة ومحمية بالقانون، ولا يمكن فصل عضو هيئة تدريس بسبب آرائه.. والبعض يقول إن الانتخاب يؤدى لاستقلال الجامعات، وهذا غير صحيح، حيث يجعلها «عبدة» للأحزاب السياسية، ولكن ضمان استقلال الجامعة هو حرية الأساتذة.. واستقلال الجامعة فى مصر بها أمور مبالغ فيها من ناحيتين، الأولى أن الحرية الأكاديمية حق لا يحترم، فعلى سبيل المثال ترك الدكتور نصر حامد أبوزيد، الأستاذ بكلية الآداب، مصر إلى هولندا بسبب التعبير عن رأيه، وهذا انتهاك للحرية الأكاديمية بشكل فظيع، وفى نفس الوقت يقولون «مش عايزين الشرطة فى الجامعة»، رغم أن كل الجامعات فى كندا بها أمن، وإذا حدثت جريمة تتدخل الشرطة للسيطرة على الموقف وتطبيق على القانون، والناحية الثانية تتمثل فى تسمية «حوش» الجامعة «حرم» الجامعة، فإذا دخلت الشرطة الجامعة يعد ذلك اعتداء على حرم الجامعة «الحرم الشريف»، فحرمة واستقلالية الجامعة تتمثل فى حماية الفكر، وفى نفس الوقت أرفض أى تجاوزات من الأمن.
* ما رأيك فى نظام القبول بالجامعات المصرية؟
أى نظام يعتمد على الحفظ والتلقين لا يؤدى الغرض منه، المناهج فى جامعات مصر «كويسة» إذا تفرغ الأساتذة أكثر من ذلك، ولابد من ربط الجامعات بالصناعة واحتياجات الناس، ويجب تسخير نتائج الأبحاث بالجامعات لخدمة المجتمع وليس وضعها فى مجلة فقط.. أنا لدى أفكار تفيد مصر فى كيفية ربط الأبحاث فى الجامعة باحتياجات سوق العمل والاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية، ويمكن أن تساعد الطلبة على استغلال تلك الأفكار فى عملهم أو خلق وظائف لأنفسهم..
* البعض انتقدك عندما قلت إن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر «خرب الدنيا«؟
بالفعل قلت ذلك، ولكن فى سياق مختلف، فأنا لدى تحيز لفترة جمال عبدالناصر، وكان واضحا أن تحسين أوضاع الفقراء وخلق نوع من تكافؤ الفرص للمواطنين من أكبر اهتماماته، وهذه أهداف سامية وأفكار طيبة، لكنه استسلم للميول الديكتاتورية، فالسياسات الديكتاتورية الظالمة التى طبقت وعدم وجود نظام ديمقراطى، أضاع تلك الأهداف والأفكار، ونتيجة ذلك «خرب مصر»، فالخراب اللى احنا فيه بسبب السياسات التى بدأها.
«أنا بتأثر لما بشوف فيديو لعبدالناصر، وأعتبر فترته أكبر فرصة للعرب والمصريين فى التاريخ الحديث إذا سعى لاتجاه ديمقراطى».. فالناس العادية كانت تحبه وتسير وراءه، وكان عنده فرصة ذهبية ومحدش جه بعده عنده نفس الفرصة ولا القبول.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved