حكايات مصرية (28).. جون أنطونيادس: اليوناني المفلس الذي خلد اسمه بحديقة وقصر

آخر تحديث: الإثنين 10 مايو 2021 - 10:36 ص بتوقيت القاهرة

إعداد - عبدالله قدري

هبط "جون أنطونيادس" مصر فقيرا مفلسا خالي الوفاض، فنزح من ثروتها وعرقها ما جعله مليونيرا، ثم مضى تاركا لها اسمه لتخلده مقابل قصر وحديقة، حسبما يقول الكاتب الصحفي صلاح عيسى في كتابه "هوامش المقريزي" الذي تنشر "الشروق" أجزاءا منه.

وحسب عيسى، كان انطونيادس يوناني الأصل، هبط إلى الإسكندرية في أواسط القرن الماضي وكانت - ككل الموانئ ـ مليئة بالمغامرين و الأفاقين والتجار والثوار الهاربين من أوروبا، ولأنه يريد أن يكبر فقد انضم للأولين.

وظل يصعد ويثرى ثم أراد أن يحفر اسمه في التاريخ، فاشترى قطعة أرض فضـاء رخيصة السعر مجاورة لحدائق النزهة لتكون حديقة تحمل اسمه، وكلف الفنان الفرنسي بول ريتشارد بتنسيقها، فخططها على غرار حديقة قصر فرساي في باريس ونثر في جوانبها تماثيل من أعمال كبار النحاتين، للعديد من الشخصيات التاريخية وآلهة اليونان القدماء.

كانت فكرة انطونيادس، من إنشاء الحديقة هي أن يتنزه فيها، ويريح أعصابه المكدودة من عناء العمل من أجل الشعب السكندرى الكريم، ثم أنشأ فيها منزلا صيفيا لتكتمل راحته، وحرص على أن يكون بين جمال الحديقة والبيت انسجام فزينه بالنقوش والزخارف وجعله تحفة.

وبرغم كل ما فعله السكندريون لانطونيادس، فإنه لم يحفظ العيش والملح. وجاءت الأساطيل الإنجليزية التي هدمت حصون الإسكندرية في 11 يوليو 1882 فأعانها انطونيادس بإخلاص شـديد كأنه كون ثروته من عرق الإنجليز وليس من عرق المصريين، واعترفت له الملكة فيكتوريا بخدماته الجليلة، فمنحته لقب سير في عام 1882، وحز ذلك في نفوس أهل الإسكندرية فحاول أن يستعيد مودتهم فمنحوها له مضطرين، ونافقهم ما استطاع بشق الطرق، و بالتبرع لمشروعات الإصلاح؟

وفي عام 1895 - مات السير جون - وترك ثروته لابنه أنطونی، فاستثمرها وضاعفها، ثم رأى أن يخلد ذكرى أسرته العظيمة، فوهب القصر والحديقة لبلدية الإسكندرية في عام 1918، بخطاب رقيق للسلطان فؤاد. مشترطا أن تحتفظ البلدية باسم أبيه عليهما.

وخلد أنطوني اسمه في مصر، وظل السكندريون يرددون اسـمه بمناسبة وبدون مناسبة!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved