رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية لـ«الشروق»: إطلاق استراتيجية وطنية لمواجهة الاتجار بالبشر قريبا

آخر تحديث: الثلاثاء 10 مايو 2022 - 7:45 م بتوقيت القاهرة

حوار ــ أسماء سرور:

نائلة جبر: مصر ليست فى مقدمة الدول المصدرة للأعضاء البشرية كما يروج البعض
ــ كفر الشيخ والغربية والمنيا وأسيوط الأكثر تصديرًا للهجرة غير الشرعية.. والمشروعات التنموية للدولة ستغير هذه الخريطة
ــ التعديلات التشريعية لقانون مكافحة الهجرة غير الشرعية رسالة قوية من الدولة لمنع استغلال الشباب المصرى وردع المهربين
ــ الهجرة غير الشرعية جريمة دولية من الصعب القضاء عليها بشكل تام.. ومصر يوجد بها 6 ملايين شخص أجنبى

كشفت السفيرة نائلة جبر، رئيس اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، عن اعتزام الدولة إطلاق استراتيجية وطنية جديدة لمواجهة الاتجار بالبشر، لرفع مستوى الوعى العام بجريمة الاتجار والتصدى لأشكالها المختلفة.
وأكدت جبر، فى حوار لها مع «الشروق» أن الدولة وضعت خطة متكاملة للحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية، أسفرت عن عدم خروج مركب هجرة غير شرعية من السواحل المصرية منذ سبتمبر 2016، متوقعة أن تسهم المشروعات التنموية التى تنفذها الدولة فى تغيير خريطة المحافظات الأكثر تصديرا للهجرة غير الشرعية، وإلى نص الحوار:
> فى البداية.. كيف ترين جهود الدولة فى حماية المواطنين من مخاطر الهجرة غير الشرعية؟
ــ الهجرة غير الشرعية جرائم منظمة عبر الحدود، وانتهاك واضح لحقوق الإنسان، والدولة بذلت جهودا مكثفة ووضعت خطة متكاملة فى مواجهة جريمة تهريب المهاجرين وحماية المواطنين من الهجرة غير الشرعية، وظهرت هذه الجهود على عدة مستويات، فعلى المستوى التنسيقى شُكلت اللجنة الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية التى بدأت عملها عام 2014، ثم انضمت إليها مهام مواجهة الاتجار بالبشر سنة 2017 وفقًا لقانون 82 لسنة 2016.
وعلى المستوى التشريعى، جرى تعديل قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين فى رسالة قوية من الدولة مفادها منع استغلال الشباب المصرى فى الهجرة غير الشرعية وردع المهربين، وفى ذات الوقت لا تكتفى بذلك بل بذلت جهودا أمنية للسيطرة على الحدود، ولا يمكننا أن نغفل الجهود التنموية لإتاحة فرص العمل البديلة للشباب والطبقات الأكثر احتياجًا.
> حدثينا بمزيد من التفاصيل عن دور اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الهجرة غير الشرعية؟
ــ اللجنة تتمتع بصلاحيات كبيرة، وتضم فى عضويتها أكثر من 30 وزارة وهيئة ومجلسا، وتنفذ حاليًا خطة العمل (2021 ــ 2023) التى تشمل تعديل القوانين ووضع ومتابعة الدراسات والإحصائيات والاستراتيجيات الوطنية.
هذا إلى جانب أنشطة التدريب والتوعية المستمرة للعديد من الفئات سواء القائمين على إنفاذ العدالة من الشرطة والقضاء والرقابة الإدارية أو الإعلاميين أو المواطنين بشكل عام، كما استحدثت اللجنة «وحدة الفرص البديلة» والتى يتم من خلالها المساعدة على خلق فرص عمل بديلة، وتوفير بعض المساعدات التنموية فى المحافظات من خلال الجهات المانحة، خاصة فى المحافظات الأكثر تصديرًا للهجرة غير الشرعية.
> ما هى المحافظات الأكثر تصديرًا للهجرة غير الشرعية؟
ــ لدينا 11 محافظة هى الأكثر تصديرًا للهجرة غير الشرعية، وعلى رأسها كفر الشيخ، والغربية، والمنيا، وأسيوط، وجارٍ العمل مع الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، لإجراء مسح إحصائى جديد، لأن هذه الخريطة وفقًا لدراسة أجريت فى 2016.
> متى ستعلن نتائج هذا المسح؟ وهل تعتقدين أن هذه الخريطة ستتغير؟
ــ المسح قائم على دراسة دقيقة، وأتوقع أن يستغرق حوالى سنة، وبالتأكيد سيختلف لأن المحافظات الأكثر تصديرا للهجرة قديما تغيرت خلال السنوات الأخيرة، بسبب المشروعات التنموية الكبرى التى تنفذها الدولة، فمثلا كفر الشيخ كانت من أعلى المحافظات تصديرًا للهجرة غير الشرعية، لكن وفقًا للدراسات المبدئية فقد تراجعت بشكل ملحوظ بعد مشروع بركة غليون.
> بعد تعديلات أحكام قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية.. هل ما زلنا بحاجة إلى تشريعات إضافية لردع المهربين؟
ــ إطلاقًا، مؤسسات الدولة المصرية تعمل جيدا على الجانبين التشريعى والتنفيذى للتصدى لظاهرة الهجرة غير الشرعية، والدولة حينما رأت هناك مخاوف من زيادة أنشطة المهربين قامت بتشديد العقوبات والغرامات على كل من ارتكب جريمة تهريب المهاجرين أو الشروع فيها، بالإضافة إلى التشديد فى حالة كون الجانى موظفًا عامًا ووقعت الجريمة بسبب إخلاله بواجبات وظيفته، كما أضيف شكل جديد من الحالات التى تكون عقوبتها السجن المشدد وهى: «إذا حصل الجانى على منفعة لاحقة من المهاجر المهرب أو ذويه».
> هل كان للجنة دور فى صياغة هذه التعديلات؟
ــ هذه التعديلات تأتى استكمالا للجهود المصرية فى مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية، وقد شاركت اللجنة فى عدد من اجتماعات الجهات الوطنية المعنية لصياغة التعديلات وذلك قبل إقرارها من مجلس الوزراء وإرسالها إلى مجلس النواب لمناقشتها، بعد أن أظهر التطبيق العملى ضرورة تعديل بعض مواد القانون 82 لسنة 2016 بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين.
> هل يمكن القضاء على الهجرة غير الشرعية تمامًا؟
ــ الهجرة غير الشرعية جريمة دولية تعكس ظروفا اجتماعية وسياسية واقتصادية، ومن الصعب القضاء عليها بشكل تام، لكن دورنا الحد منها، وفى هذا الصدد ننبه إلى خطورة الزيادة السكانية التى تلتهم جهود الدولة فى التنمية، وبالتالى مهما يتم وضع خطط ومشروعات تنموية سيكون ذلك غير كافٍ.
> من كورونا حتى الحرب الأوكرانية.. ما مدى تأثير الأزمات على عدد المهاجرين؟
ــ بالتأكيد هذه الأزمات تؤثر فى العالم كله؛ لأنها مرتبطة باقتصاديات الدول وفرص العمل، لكن فى مصر دائمًا لدينا فرص عمل بديلة، والدليل على ذلك وجود 6 ملايين شخص أجنبى فى مصر، يعملون ويعيشون حياة مستقرة.
> أعلنتم من قبل عدم خروج مركب هجرة غير شرعية من السواحل المصرية منذ سبتمبر 2016.. ماذا يعنى ذلك دوليًا؟
ــ نحظى باحترام وتقدير المنظمات الدولية، ومع التعديلات التشريعية الأخيرة أصدر رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة بالقاهرة بيانا أشاد فيه بدور اللجنة الوطنية ومجلس النواب فى هذا الإنجاز الذى سيساعد على مواجهة جريمة تهريب المهاجرين بشكل أفضل وأعتبر أن تلك التعديلات تؤكد التزام الدولة المصرية بالمعايير الدولية بمكافحة الجريمة، كما أثنى السفير الإيطالى فى لقاء له منذ أيام، على ما حققته مصر فى هذا الصدد، وأى وفد أجنبى يرى أن هناك جهدا حقيقيا وجدية فى التعامل مع هذه القضية.
> 2022 هو عام المجتمع المدنى.. كيف ترين دور الجمعيات الأهلية فى التصدى للهجرة غير الشرعية؟
ــ الجمعيات الأهلية تساعدنا فى التوعية وتوفير فرص عمل، ووقعنا بروتوكول تعاون مع اتحاد الجمعيات الأهلية الذى يضم 47 ألف جمعية حيث توفر «اللجنة التنسيقية» المادة المتاحة للجمعيات الأهلية فيما يخص مكافحة جريمتى الهجرة غير الشرعية وكذلك الاتجار بالبشر.
> هل تسير الدولة بخطوات متوازية فى التصدى لجريمتى الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر؟
ــ مصر ليست من الدول التى تعانى بشكل كبير من الاتجار بالبشر، ورغم ذلك سعت الدولة بجميع مؤسساتها إلى مواجهة جريمة الاتجار بالبشر فكانت من أوائل دول المنطقة التى واجهت هذه الجريمة، فمنذ عام 2007 تم إنشاء لجنة وطنیة تضم الجهات المعنیة بالمنع والمكافحة، تلاھا إعداد دراسة عن أشكال الاتجار بالبشر فى مصر، ووضع القانون 64 لسنة 2010 ثم خطط العمل والبرامج ذات الصلة.
وباشرت اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار فى البشر، عملها بعد استكمال تشكیلها الجدید سنة 2017 فى تنفیذ الاستراتیجیة الوطنية 2016/2021، وأرسلنا تقييما إلى رئيس الوزراء، ونبدأ حاليًا استراتيجية جديدة سنعلن عنها قريبًا.
> ما هى محاور الاستراتيجية التى تم الانتهاء منها؟ ومدى الاختلاف فى الاستراتيجية الجديدة؟
ــ الاستراتيجية السابقة هدفت إلى رفع مستوى الوعى العام بجريمة الاتجار بالبشر، وأشكال هذه الجريمة وكيفية الإبلاغ عنها تأكيدا لأهمية الإنفاذ الفعال للقانون، وذلك من خلال الدورات التدريبية المكثفة لبناء القدرات للقائمين على إدارة العدالة من الشرطة والنيابة والقضاء فضلا عن انضمام الرقابة الإدارية لعمل اللجنة الذى مثل تعزيزا لإمكاناتها فيما يخص أنشطة الضبط والرصد.
ولا يمكن أن نغفل دور التوصيات الرئاسية بتعزيز عنصر الحماية لضحايا الجريمة من خلال دعم الخطوط الساخنة للمجالس القومية وافتتاح دار إيواء لضحايا الاتجار بالبشر فضلًا عن جهود التوعية وبناء القدرات للجهات الوطنية المعنية.
وبخصوص الاستراتيجية المنتظر الإعلان عنها، فهى ترتكز على 5 محاور رئيسية، الأول: الحماية من الاستغلال، والثانى: المعاقبة والملاحقة الجنائية، والثالث: التوعية، والرابع: الوقاية، فضلا عن الشراكة التى تعد لازمة لنجاح أية أنشطة والتعاون بین أعضاء اللجنة من الجهات الوطنية التى تضم اليوم 30 وزارة وهیئة ومجلسا لحقوق الإنسان أو مع المجتمع المدنى، وكذا التفاعل مع المنظمات الدولیة والجهات المانحة، وتم مراعاة الجرائم التى تعتمد على التقنيات الإلكترونية من خلال الإنترنت.
> وما هى أشكال الاتجار بالبشر؟
ــ تعبير الاتجار بالبشر غير دارج بالنسبة للكثيرين، وله عدة أشكال منها المتاجرة ببيع الأعضاء البشرية، والاستغلال الجنسى للنساء سواء زواج الصفقة أو الزواج القسرى، كما يشمل استغلال أطفال بلا مأوى، والعمل القسرى.
لذلك عملنا على التعريف به من خلال الوسائل الإعلامية المختلفة، مع استخدام وسائل التواصل الاجتماعى ورسائل المحمول والحملات والإعلانات والفيديوهات المبسطة حتى تصل لجميع المواطنين، خاصة أن جرائم الاتجار بالبشر مرتبطة بالفقر المدقع.
وأود أن أؤكد أن مصر ليست فى مقدمة الدول المصدرة للأعضاء البشرية كما يروج البعض لذلك، وهذا الكلام لا يستند إلى أى أسس، وضبط بعض الحالات دليل على وعى ورقابة الدولة ولا يعنى زيادة معدل الجريمة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved