اتفاق غزة المتعثر.. هدنة ثالثة أم نهاية لـ 22 شهرًا من العدوان على القطاع؟

آخر تحديث: الخميس 10 يوليه 2025 - 9:34 م بتوقيت القاهرة

كتب ــ محمد خيال

* مصدر أمريكى: لا يوجد فرصة أمام «حماس» سوى المطروح حاليًا
* مصدر مصرى: إنهاء الحرب وانسحاب إسرائيل نهائيًا من غزة أكبر بكثير مما يُجرى التفاوض عليه حاليًا
* قيادى بـ«حملس»: نلمس تسريعًا لإبرام اتفاق ترغبه إسرائيل وأمريكا شكليًا


ما بين الدوحة وواشنطن تترقب الأوساط السياسية فى الشرق الأوسط، نتائج المخاض العسير لاتفاق يضع حدًا لعملية الإبادة الإسرائيلية الجارية فى قطاع غزة، وذلك بعد انطلاق المفاوضات غير المباشرة بين الوفد الإسرائيلى وقيادة حركة حماس برعاية الوسطاء فى مصر وقطر، وعلى ضوء زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو للبيت الأبيض للقاء الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الذى يعمل جاهدًا للتوصل إلى اتفاق فى أسرع وقت قُبيل الموعد النهائى للإعلان عن جائزة نوبل للسلام، والتى تشغل حيزًا كبيرًا من تفكيره.

لكن السؤال الذى يفرض نفسه وسط مجموعة من المتغيرات الإقليمية والميدانية، هو ما إذا كان الطرح الذى حمل تعديلًا لورقة المبعوث الأمريكى للشرق الأوسط ستيف ويتكوف الأخيرة، سيسفر عن نهاية للحرب الدائرة منذ 22 شهرًا.. أم سيستمر مسار الحلول الجزئية؟ ما يعنى الوصول إلى هدنة ثالثة يستأنف بعدها الاحتلال العدوان على أهل القطاع.

ثمة «فرصة سانحة» وفق ما يعتقده وسيط شارك ضمن مفاوضات سابقة أسفرت عن إطلاق سراح الجندى الإسرائيلى عيدان ألكسندر الذى يحمل الجنسية الأمريكية، معتبرًا أنه لا يوجد مسار آخر أمام حركة حماس لإيقاف الحرب حتى يلتقط سكان القطاع أنفاسهم سوى القبول بالاتفاق المطروح حتى ولو لم يكن يلبى جميع مطالب الحركة.

ويرى الوسيط الأمريكى الذى يحمل جنسية عربية، أنه من الصعب الحديث عن إنهاء الحرب فى الوقت الحالى، حتى وإن كانت هناك رغبة حقيقية وجادة من جانب الإدارة الأمريكية، وذلك نظرًا للتعقيدات الداخلية فى إسرائيل، موضحًا أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، لن يقبل فى الوقت الحالى بإنهاء الحرب، لكنه قد يضطر أمام ضغوط ترامب للقبول باتفاق جزئى، يحقق به تهدئة داخلية بشأن الأسرى الإسرائيليين، ويتجنب فى ذات الوقت غضب الرئيس الأمريكى، ويحصل به على امتيازات أخرى تخدم مصالح إسرائيل الإقليمية.

ومنذ بدء الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، عُقدت هدنتان لوقف إطلاق النار، استمرت الهدنة الأولى 7 أيام، فى حين استمرت الثانية 42 يومًا، وكانت جزءًا من اتفاق يتضمن ثلاث مراحل تنتهى بإنهاء كامل للحرب.

حديث الوسيط الأمريكى، يؤكده مصدر مصرى مطلع على المفاوضات، بقوله «الحديث عن إنهاء الحرب بشكل كامل وانسحاب الجيش الإسرائيلى من القطاع، أمر أكبر كثيرا من المطروح خلال المفاوضات الجارية».

ويوضح المصدر أن «إنهاء الحرب له ثلاثة شروط من جانب إسرائيل، وهى إنهاء سيطرة حماس على القطاع بشكل كامل، ونزع سلاح المقاومة، وطرد قيادتها من غزة»، مضيفًا «هناك شرط ربما يكون قابلًا للتنفيذ وهو المتعلق بإنهاء سيطرة حماس على القطاع فى ظل إبداء الحركة ترحيبها بتسليم إدارة القطاع للجنة الإسناد المجتمعى التى اقترحتها مصر وتضم شخصيات مستقلة وغير فصائلية».

لكن ما يراه المصدر المصرى عقبة أمام القرار الإسرائيلى بإنهاء الحرب، هو تمسك حماس برفض نزع السلاح وإخراج قيادات وعناصر المقاومة من القطاع، مشددًا «هذه ليست رغبة إسرائيلية فقط، ولكنها أيضًا قناعة أمريكية، وهو ما يعنى أن ما يحدث من حراك حاليًا هو مجرد جولة جديدة فقط، حتى يحدث متغير كبير يدفع أحد الطرفين للتراجع خطوات عما يتمسك به».

ويشير المصدر إلى أن هناك اختلافا جذريا فى رؤية الطرفين للورقة المقدمة، فحماس تريد وقف الحرب نهائيًا وانسحاب الاحتلال بالكامل من غزة، وإسرائيل تربط ذلك بإنهاء حكم حماس لغزة وطرد قادتها وتسليم السلاح وهى أمور تبدو مستحيلة حاليا، ما يعنى أن الحرب سوف تستمر إلا لو كانت هناك مصلحة لترامب فى وقفها لتعميم اتفاقيات أخرى مثل التطبيع مع سوريا أو السعودية.

وبالعودة للوسيط الأمريكى، لتفسير ضغوط واشنطن فى الوقت الراهن من أجل الوصول لاتفاق حتى لو لم يكن اتفاقًا مكتملًا، يرى، أن هناك رغبة جامحة لدى ترامب فى الحصول على جائزة نوبل للسلام، باعتباره أحد المؤثرين عالميًا فى إنهاء النزاعات، مشيرًا إلى حديث سابق لترامب عن دوره فى إنهاء المواجهة العسكرية بين الهند وباكستان، فى وقت يعتبر فيه أن تدخل الولايات المتحدة الأمريكية فى الحرب الإيرانية الإسرائيلية الأخيرة كان بمثابة عامل حاسم فى إنهائها سريعا.

فى المقابل يشير قيادى رفيع المستوى فى حركة حماس، إلى أن «الحركة تدرك جيدًا أن الضغط الأمريكى الحالى بخصوص المفاوضات هو ضغط مفتعل وغير حقيقى»، مضيفًا «المقاومة وفى صدارتها حماس كانت مضطرة للموافقة على الورقة الأخيرة المقدمة رغم عدم وجود ضمانات حقيقية وجادة لإنهاء الحرب»، موضحًا أن «الاضطرار جاء فى ظل الوضع الإنسانى الكارثى فى غزة، وحالة المجاعة والإبادة التى يمارسها جيش الاحتلال».

وكشف القيادى بالحركة «هناك ضغوط كبيرة تمارس من جانب ترامب على الوسطاء ومن ثم يتم تصدير تلك الضغوط على حماس»، مضيفا «نلمس أن هناك تسريعا كبيرا لإبرام اتفاق ترغبه إسرائيل وأمريكا شكليا».

وقال القيادى بالحركة ندرك أن «لدى ترامب هوسًا بفكرة الحصول على جائزة نوبل وربما يكون هذا ما يحركه خاصة مع اقتراب موعد الإعلان عن الجائزة»، متابعا «كنا نعتقد أن التقارير الصحفية الأمريكية التى تشير إلى هذا الهوس لدى الرئيس الأمريكى غير حقيقية، لكن مسار الأحداث وحالة التدافع الكبيرة فى ظل أننا لا نلمس رغبة حقيقية فى إنهاء الحرب يؤكد صحة التقارير».

ووفق موقع «أكسيوس» الأمريكى، فقد تزايدت الإشارات إلى جائزة نوبل للسلام فى الأوساط السياسية المحيطة بترامب، خاصة فى ظل محاولاته لإنهاء القتال فى أوكرانيا وقطاع غزة.

ويوضح القيادى بالحركة أن حماس تشاورت مع جميع الفصائل قبل تقديم الرد النهائى على الطرح المقدم، والجميع توافق على الحاجة لهدنة، وسط إدراك كبير لنوايا الاحتلال، وحليفه الأمريكى، وعدم وجود ضمانات بشأن إنهاء الحرب.

ثمة رأى آخر لأحد الأطراف الفاعلة، يشير بوضوح إلى كون الاتفاق الحالى حال تم التوصل إليه، لن يكون إلا بمثابة هدنة لالتقاط الأنفاس، إذ يقول المتحدث باسم حركة الجهاد الإسلامى محمد الحاج موسى: إن الورقة المقدمة لم تتضمن أية إشارة تفيد بانسحاب إسرائيل من القطاع، وهو الأمر الذى يعد شرطا أساسيا للموافقة على أى اتفاق.

ويوضح موسى فى حديث لـ«الشروق» أن إدراكنا لوجود محاولات أمريكية وإسرائيلية لجعل المقترح المقدم اتفاقًا جزئيًا، دفعنا كفصائل مقاومة لصياغة معادلة تحقق الأهداف والشروط التى تقود لإنهاء الحرب والانسحاب الإسرائيلى، وهى المعادلة التى تختبر مدى جدية الطرف الآخر فى الوصول لاتفاق حقيقى، مشددا على أن التضحيات الكبيرة التى قدمتها غزة لا يمكن أن تضيع هباءً، دون الحصول على اتفاق واضح وشامل.

فى الأخير فإنه رغم التبشير الأمريكى المتفائل بقرب التوصل لهدنة فى قطاع غزة إلا أن جميع المؤشرات تقود نحو اتفاق جزئى، لا يتضمن إنهاءً للحرب، لحين حسم القضايا الجوهرية بالنسبة لإسرائيل والخاصة بسلاح المقاومة وخروج قادتها، وكذلك بالنسبة لحماس والمتعلقة بإنهاء الحرب وانسحاب جيش الاحتلال الكامل من القطاع، وإعادة إعماره.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved