تركيا تواصل عدوانها.. ماذا يحدث في سوريا؟

آخر تحديث: الخميس 10 أكتوبر 2019 - 8:02 م بتوقيت القاهرة

رباب عبدالرحمن وسارة أحمد ووكالات:



ــ قصف مدفعى متبادل بين القوات الكردية والجيش التركى غرب مدينة عين العرب.. و«سوريا الديمقراطية» تعلن التصدى لمحاولات توغل تركية بمناطق سيطرتها
ــ أنباء عن انسحاب 50 جنديا أمريكيا مع عشرات الآليات من الحسكة.. وأنقرة تتعقب محتوى وسائل التواصل الاجتماعى المناهض لهجماتها فى سوريا

كثفت القوات التركية والفصائل الموالية لها، قصفها للمناطق الخاضعة لسيطرة المقاتلين الأكراد فى شمال شرقى سوريا، فيما أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، تصديها لمحاولات القوات التركية التوغل فى مناطقها، وذلك فى وقت نفت فيه واشنطن منحها أنقرة «ضوء أخضر» لغزو سوريا.
وقالت قوات سوريا الديمقراطية «قسد» فى بيان: «تصدت قواتنا لمحاولة توغل برى لجيش الاحتلال التركى فى محور تل حلف وعلوك» قرب بلدة رأس العين فى ريف الحسكة الشمالى، كما «أفشلت محاولات التسلل من محور تل أبيض التى رافقها قصف عشوائى»، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية.
وذكرت «قسد» أنها تمكنت من قتل 5 عناصر من وصفتهم بـ«مرتزقة تركيا»، فى إشارة إلى فصائل «الجيش السورى الحر»، مشيرة إلى أن جثثهم لديها.
وأفادت وكالة «هاوار» الكردية بتجدد القصف المتبادل بين «قوات سوريا الديمقراطية» والجيش التركى فى قرى غربى مدينة عين العرب (كوبانى)، مشيرة إلى أن قرية آشمة التى يتواجد فيها قبر «سليمان شاه» تتعرض لقصف مدفعى عنيف.
وأضافت الوكالة أن القوات التركية وحلفاءها عاودوا قصف مدينة رأس العين فى مقاطعة الحسكة بالقذائف المدفعية، تزامنا مع إزالة الجدار من نقطتين قبالة المدينة.
وذكرت الوكالة أن «قوات سوريا الديمقراطية» دمرت 4 دبابات تركية «كانت تقصف المدنيين فى تل أبيض».
من جهته، ذكر المرصد السورى لحقوق الإنسان، أن اليوم الأول من عملية العسكرية التركية ضد القوات الكردية شمال شرق سوريا، شهد مقتل ما لا يقل عن 11 عنصرا فى «قسد»، كما قتل 6 من المهاجمين ولم يعلم حتى اللحظة فيما إذا كانوا من القوات التركية أو من الفصائل الموالية لها.
وأضاف المرصد أن 5 مقاتلين من «قوات سوريا الديمقراطية» قتلوا جراء ضربات جوية وبرية تركية على منطقة رأس العين أمس الأول، فى حين أصيب أكثر من 33 عنصرا من «قسد» بجراح متفاوتة جراء القصف الجوى والبرى والاشتباكات.
وأفاد المرصد بأن قوات خاصة تركية سيطرت على قرية بئر عاشق شرق مدينة تل أبيض عند الشريط الحدودى مع تركيا، وذلك بغطاء جوى وبرى، مشيرا إلى أن عملية السيطرة على القرية جرت بمساعدة خلايا نائمة فيها.
وتابع المرصد أن اشتباكات تدور فى هذه الأثناء بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والقوات التركية على محور قرية اليابسة غرب تل أبيض، فى محاولة من الأخير للسيطرة على القرية.
من جانبها، قالت وزارة الدفاع التركية فى بيان إن العملية العسكرية «برا وجوا كانت ناجحة خلال الليل، وسيطرنا على أهداف حددناها»، من دون أن تضيف أى تفاصيل عن ما هى تلك الأهداف ومواقعها. وشددت وزارة الدفاع التركية على أن «العملية مستمرة وفق الخطة بنجاح».
وأفاد مراسلون لوكالة الصحافة الفرنسية فى الجهة التركية مقابل مدينة تل أبيض أن عشرات الآليات التركية المحملة بالمقاتلين السوريين توجهت إلى الجانب السورى.
وبعد اشتباكات عنيفة حتى ساعة متأخرة من ليل الأربعاء الخميس، تشهد المنطقة الحدودية قصفا مدفعيا متقطعا يستهدف بشكل أساسى، منطقتى رأس العين وتل أبيض، وفق المرصد.
بدورها، أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» بأنباء عن انسحاب قرابة 50 جنديا من القوات الأمريكية مع عشرات الآليات من محافظة الحسكة عبر معبر سيمالكا المائى غير الشرعى مع العراق.
وأكدت «سانا» أنه لا صحة لمزاعم وزارة الدفاع التركية عن سيطرتها على مواقع ونقاط فى مدينة رأس العين بمنطقة الجزيرة السورية، نافية أيضا تقارير عن استهداف مطار القامشلى الدولى.
وتُعد المنطقة الحدودية الممتدة من تل أبيض غربا إلى رأس العين شرقا ذات غالبية عربية، وكان محللون توقعوا أن تبدأ العملية التركية منها أو أن تقتصر عليها فى مرحلة أولى.
وتهدف تركيا من الهجوم، الذى ندّدت به دمشق ودول عربية وغربية، إلى إقامة منطقة تعيد إليها قسما من نحو 3,6 مليون لاجئ سورى لديها.
وبدأت تركيا هجومها بعد قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب سحب قواته من نقاط حدودية، ما بدا أشبه بضوء أخضر لتركيا وأثار مخاوف الأكراد الذين دعوا إلى فرض منطقة حظر جوى.
وبعد مواقف أمريكية متناقضة إزاء الهجوم، اعتبر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب العملية التركية «فكرة سيئة»، نافيا أن يكون تخلى عن المقاتلين الأكراد، شركاء واشنطن فى قتال تنظيم «داعش» الإرهابى.
من جهته، قال وزير الخارجية الأمريكى، مايك يومبيو، إن الولايات المتحدة لم تمنح تركيا الضوء الأخضر لغزو سوريا.
وأضاف بومبيو فى مقابلة مع شبكة (بى.بى.إس) الأمريكية أن تركيا لها مخاوف أمنية مشروعة، وتابع أن الرئيس ترامب اتخذ قرارا بإبعاد القوات الأمريكية عن طريق الأذى فى سوريا، ورفض المخاوف بشأن نهوض تنظيم «داعش» من جديد.
ويرى مراقبون أن الغزو التركى فى شمال شرق سوريا ستخلق فراغا أمنيا يستفيد منه «داعش»
ونقل موقع «أحوال تركية» عن آرون شتاين، مدير برنامج الشرق الأوسط بمعهد أبحاث السياسة الخارجية، قوله «إن الغزو التركى سيكون محدودا نسبيا لكن مع ذلك ستكون له عواقب وخيمة».
وأشار شتاين إلى أن قوات سوريا الديمقراطية اضطرت إلى إعادة توجيه مواردها الشحيحة نحو قتال القوات التركية، مما سيجعلها أقل قدرة على الاستمرار فى تأمين مقاتلى داعش التى تحتجزهم حيث بدأت بالفعل فى إعادة نشر قوات تحرس سجناء داعش للتركيز على الدفاع عن الحدود من أى توغل تركى.
وفيما أكد البيت الأبيض فى بيان، الأحد الماضى أن «تركيا ستكون مسئولة عن جميع مقاتلى داعش» المحتجزين فى شمال سوريا، قال شتاين إن تنظيم داعش لا يمثل أولوية بالنسبة لتركيا.. ما يهم تركيا أولا هو قطع علاقات الولايات المتحدة مع «قوات سوريا الديمقراطية» وثانيا الحصول على موطئ قدم فى المنطقة. إنهم يريدون إنشاء مراكز مراقبة وقواعد عسكرية دائمة فى سوريا».
وتابع شتاين: «حتى لو كانت تركيا عازمة ومستعدة لتحمل مسئولية احتواء تنظيم داعش فى سوريا، فمن غير الواضح كيف يمكن أن يحدث هذا».
ونقلت الصحيفة عن مسئولين أمريكيين ومصدر عسكرى كردى قولهم أمس إن مقاتلين أكرادا أوقفوا عملياتهم ضد داعش فى سوريا مع بدء تركيا هجوما عسكريا فى شمال شرق سوريا.
وقال مصدر عسكرى كردى «قوات سوريا الديمقراطية أوقفت العمليات ضد داعش لأنه يستحيل تنفيذ أى عملية فى الوقت الذى تتعرض فيه للتهديد من قبل جيش كبير على الحدود الشمالية».
وقال مسئول أمريكى، الذى طلب عدم نشر اسمه، إن تعليق العمليات أثر أيضا على التدريب الأمريكى الخاص بقوات معنية بحفظ الاستقرار فى سوريا.
من جهة أخرى، سلطت صحيفة «جارديان» البريطانية، الضوء على مصير 90 ألف شخص من بينهم نساء وأطفال ذوو الصلة بتنظيم «داعش»، المتواجدين حاليا فى معسكرات تحت سيطرة الأكراد، مشيرة إلى أنه ليس من الواضح كيف ستتحمل تركيا مسئولية هؤلاء.
ونوهت «جارديان» إلى أن مخيم الهول وهو أكبر مخيم للنساء والأطفال حيث يضم 74 ألف شخص، وتسيطر عليه قوات سوريا الديمقراطية، يقع خارج حدود المنطقة الآمنة المقترحة.
ونقلت الصحيفة عن حسن حسن الخبير فى شئون التنظيمات الإرهابية لدى مركز السياسات العالمية (مقر واشنطن) قوله إن «داعش سيستفيد من الاجتياح التركى لسوريا»، مضيفا أن «قوات سوريا الديمقراطية لديها معلومات قوية عن الأشخاص الذين انضموا إلى داعش و تركيا الآن لا تمتلك القدرة للوصول للكثير من هذه المعلومات».
وتابع حسن أن «المناطق السورية التى تسيطر عليها تركيا الآن مليئة بالفساد ولن يواجه عناصر داعش أى مشكلة فى شراء الولاء ودفع الرشاوى للهرب. وبالتأكيد ستتاح لداعش فرص جديدة».
كما حذرت منظمات الإغاثة من كارثة إنسانية مع فرار الآلاف خوفا من القتال بين الأكراد والأتراك من جهة وعودة تنظيم «داعش» من جهة أخرى.
وتواصلت أمس، الإدانات الدولية للعدوان التركى على سوريا، حيث أدان وزير الخارجية الإيطالى لويجى دى مايو الهجوم التركى ووصفه بـ«غير مقبول»، مشيرا إلى أن «العمل العسكرى فى الماضى كان يؤدى دائما إلى مزيد من الإرهاب»، وفقا لوكالة رويترز.
ودعا دى مايو إلى «إنهاء فورى لهذه الحملة غير المقبولة على الإطلاق نظرا لأن استخدام القوة يعرض للخطر حياة الشعب السورى الذى عانى من مأساة بالفعل فى السنوات الماضية».
من جانبه، أكد وزير الخارجية البلجيكى ديديه ريندرز أن العملية العسكرية التركية ستؤدى لانعكاسات سلبية وتهدد بنسف التقدم الحاصل فى محاربة تنظيم «داعش» الإرهابى مشددا على ضرورة تفادى أى أزمة إنسانية جديدة فى سوريا.
وفى طهران، أعربت وزارة الخارجية الإيرانية عن قلقها إزاء العملية العسكرية التركية داخل الأراضى السورية، داعية أنقرة إلى وقف هجومها فورا وإخراج قواتها.
من جهته، قال وزير الخارجية الروسى، سيرجى لافروف، إن بلاده تتفهم قلق أنقرة لكن يجب تسوية الأمر «مع مراعاة مصالح دمشق».
وأوضح لافروف أن روسيا تشجع الحوار بين دمشق والحكومة التركية، مؤكدا فى نفس الوقت على «وجوب تأسيس حوار بين دمشق والأكراد».
من جهة أخرى، بدأت قوات الأمن التركية تعقب محتوى وسائل التواصل الاجتماعى الذى تعتبره مناهضا للعملية العسكرية فى سوريا.
وذكرت وكالة «بلومبرج» للأنباء أن إجراءات قانونية بدأت ضد 78 شخصا، دون أن يتضح على الفور ما إذا كان جرى توقيف أى منهم.
وذكرت المديرية العامة للأمن التركى على موقعها الإلكترونى الليلة الماضية أن المنشورات «تحرض الناس على الحقد والكراهية»، واتهمت أصحاب المنشورات بالتورط فى «دعاية لمنظمة إرهابية»، وهى اتهامات قد تتسبب فى سجن المتهمين بها لسنوات.
ويعيد هذا للأذهان ما قامت به الشرطة التركية خلال العملية العسكرية على بلدة عفرين السورية مطلع عام 2018، عندما جرى توقيف المئات وتم اعتقال بعضهم رسميا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved