#قصة_أثر (29)| جامع السلطان أحمد.. بُني في تركيا ليمحو أثر الهزيمة أمام أوروبا

آخر تحديث: الثلاثاء 11 مايو 2021 - 12:00 م بتوقيت القاهرة

منال الوراقي:

يضم العالم في جوفه وظاهره كنوزا أثرية مهيبة وتحفا فنية عديدة، بل ومعالم لم يقل رونقها رغم مرور الزمن، كل منها تحوي وتحمل قصتها وأسرارها الخاصة، فوراء كل اكتشاف ومعلم حكايات ترجع لعصور بعيدة وأمكنة مختلفة، على رأسها تلك القطع الفريدة والمعالم التاريخية المميزة في بلادنا، صاحبة الحضارة الأعرق في التاريخ، والتي ما زالت تحتضن أشهر القطع والمعالم الأثرية في العالم.

لذلك، تعرض لكم "الشروق" في شهر رمضان الكريم وعلى مدار أيامه، حلقاتها اليومية من سلسلة "قصة أثر"، لتأخذكم معها في رحلة إلى المكان والزمان والعصور المختلفة، وتسرد لكم القصص التاريخية الشيقة وراء القطع والمعالم الأثرية الأبرز في العالم بل والتاريخ.

في ضواحي مدينة إسطنبول التركية، يقع جامع السلطان أحمد الشهير، الذي بناه السلطان السادس عشر للدولة العثمانية، ليكون أكبر وأجمل المساجد ليس فقط في تركيا، ولكن في العالم الإسلامي، إذ بات يحظى بإعجاب واهتمام ملايين الأتراك والعرب والأجانب.

وبُني "الجامع الأزرق"، كما يطلق عليه الأوروبيين، نسبة إلى اللون الذي يغلب على الزجاج والزخارف وإضاءة المسجد، في عهد السلطان أحمد الأول، وتحديدا في بداية القرن السابع عشر، وقد استغرق المعماريين 7 سنوات لإنشاء المسجد، الذي يعد أهم وأشهر الجوامع على الإطلاق في العالم.

• السلطان العثماني السادس عشر

وسمى المسجد نسبة إلى مُشيده السلطان أحمد الأول، السلطان العثماني السادس عشر، الذي تولى حكم الدولة في القرن السابع عشر الميلادي، الذي ولد في ولاية مانيسا بغرب تركيا، في عام 1590، لوالده السلطان محمد الثالث، ووالدته هاندان خاتون، وعندما توفي في عام 1617، دفن في ضريح بالقرب من مسجده.

• بناه السلطان العثماني ليخلد اسمه

ويذكر المؤرخون أن بناء الجامع جاء في فترة عصيبة مرت بها الدولة العثمانية، خست فيها بعض الحروب في آسيا وأوروبا، فكان بناء المسجد محاولة من السلطان أحمد لمحو أثر هزيمة جيوش الإمبراطورية في الجبهات الفارسية وجبهات إمبراطورية النمسا والمجر، ولهذا أراده أن يكون أعظم من كل جوامع السلاطين المبنية سابقا ليذكره الناس ويبقى له أثر عظيم على المدينة، بحيث لا يمكن نسيانه على مر العصور.

ورغبة من السلطان أحمد في أن يكون مسجده الأعظم والأكبر في السلطنة العثمانية، جعله مطلاً على مضيق البوسفور، قبالة متحف آيا صوفيا، واكتمل بناء الجامع قبل وفاة السلطان بسنة واحدة فقط ليوارى جثمانه في كنف المسجد.

• بصمات الفن البيزنطي والعثماني

ويتميز الجامع الأثري ببصمات الفن المعماري البيزنطي والعثماني، وموقعه المطل على بحر مرمرة، في مقابلة متحف ومسجد آيا صوفيا، فقد صمم الجامع بفناء واسع وبارتفاع يصل لخمسين مترا، وهو الجامع الوحيد في تركيا الذي يحتوي ست منارات مرتفعة، تتوزّع ثلاث منها إلى اليمين وثلاث في الجهة المقابلة، وتُعد قبته واحدة من أعظم وأروع القباب في تركيا، وتحوي جدرانه أكثر من مائتي نافذة.

وتُزين داخل الجامع تشكيلة مميزة من الزخارف المختلفة التي تتنوع بين الذهب وفنون النقش التي ترسم بعض الآيات الكريمة رسما متناهيا في الإبداع والجمال، وقد تأثر تصميم المسجد الخارجي واختيار عدد مآذنه بالمسجد الحرام في مكة، وزخارفه الداخليّة التي أكسبته اسم الجامع الأزرق متأثرة بتصاميم قبة الصخرة في القدس الشريف.

• أهم مركز سياحي ومصلى للمسلمين

واليوم، يعد مسجد السلطان أحمد، الذي يقبل على زيارته السياح، من أضخم وأشهر المساجد في العالم، حيث يضم مكتبة تاريخية، والعديد من المرافق الصحية والتعليمية، وعشرات الدكاكين التي تلتف حول أسوار المسجد، إضافة إلى حديقة خضراء ذات مساحة ضخمة تزينها الورود الملونة.

وبغض النظر عن كون المسجد أحد أهم مراكز الجذب السياحي في إسطنبول، فهو يضج أيضا بحركة المصلين في أوقات الصلوات الخمس وصلاة الجمعة وصلاة التراويح في شهر رمضان المبارك.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved