تامر النحاس يكتب: محمد أبو الغار صديقي.. الإنسان المصري الجميل

آخر تحديث: الجمعة 11 يوليه 2025 - 7:15 م بتوقيت القاهرة

تأتى كلمات الدكتور تامر النحاس، أستاذ مساعد أمراض النساء والتوليد، لتحكى قصة صداقة عميقة نشأت بين الكاتب والدكتور محمد أبو الغار، متجاوزة فوارق الأجيال والمكانة العلمية؛ حيث يروى الكاتب كيف تحولت العلاقة التى بدأت بانبهار طالب بأستاذ وعالم كبير، إلى صداقة حقيقية ورفقة درب، خاصة بعد تقاطع مساراتهما فى الشأن العام.

وكتب يقول: لا أعرف كيف استطعت أن أكتب هذا العنوان.. كيف استطعت أن أقرن اسم أستاذ كبير وعالم عظيم بى وأصفه بأنه صديقى!
فقد كنت منذ سنوات هى فعلا بعيدة، طالبا فى السنة الخامسة فى كلية طب قصر العينى، وكنت وقتها أدرس مادة النساء والتوليد عندما قرأت اسمه أول مرة فى أوراقى، وقد كان أمر غريب، فقد كانت كلها أسماء أجنبية هى تلك التى أجدها تتصدر أسماء العلاجات والأبحاث المعتبرة. ولم يخطر فى بالى أبدا أنى قد أصبح صديقا لهذا المصرى الجميل، حتى تقاطعت بنا سبل الاهتمام بالشأن العام بعد يناير ٢٠١١. وقتها تعرفت على ذلك المصرى الجميل والمتواضع الذى لم أكن أعرفه، فأنا هنا لن أكتب لسيادتك عن ذلك العالم الكبير ولا السياسى المهم حتى ولو اختلفت معه، لكنى ساحكى لك عن صديقى.
كان أمر غريب أن أرى كل هذا التواضع من رجل فى قيمة الدكتور محمد، فقد كنت وقتها معتادا على طريقة تعامل الأساتذة، وقت أن كنت طالبا لنيل درجة الدكتوراة، لكنى وجدت رجلا لديه إخلاص وحب حقيقى لبلده وليس لديه أى ذرة تعالى، للدرجة التى دفعته أن يهتم بشاب فى عمرى.
لقد كان أمرا معتادا أن أجد هذا الاتصال يوميا فى الساعة الثامنة صباحا، حتى إن أولادى وقتها كان يجرون مرحا وهم يضحكون مع رنين هاتفى ويقولون طبعا دكتور أبو الغار.
تطورت علاقتى بدكتور محمد بمرور السنين، وقد كان هناك يقين عند كل من يصادفنا فى العمل العام بأنى قد أكون أعمل معه فى مركزه العظيم لأطفال الأنابيب ولم أكن كذلك، وذهب خيال البعض لدرجة أنهم اعتقدوا أنى قريبه وذهب الأمر بالبعض إلى درجة الاعتقاد أنى ابنه! فأنا صديق ابنتيه هنا ومنى، وتلك أيضا نعمة كبيرة، أن تكون صديقا لاثنين من أجل مخلوقات الله وهما هنا ومنى. كثيرا ما كان الدكتور محمد لا يستطيع أن يصل لهنا، التى قد يتصادف أنها قد لا تسمع صوت رنين تليفونها الذى يصخب بمكالمات مرضاها، فلم يكن من الدكتور محمد إلا أن يتصل بى، فهو يعرف أنها قد تكون معى. فأنا فعلا كنت أبدو أخا لهنا ومنى!
استمرت صداقتى ومحبتى بالدكتور محمد وكيف لا وهو شريكى فى حب الوطن وكان أيضا رفيقى فى حب الكرة والنادى الأهلى. كان هذا كافيا ليفتح خط اتصال مستمر بينى وبين صديقى، مع كل مبارة لنادينا المحبب، تبدأ الاتصالات للتأكد من مواقيت المباراة ومع كل هجمة يرن جرس هاتفى وهاتفه ويمتد بنا الحديث أحيانا لنجد وقت المباراة يمر والهاتف لا يزال ملاصقا لأذنينا وفى الخلفية نسمع همهمة غضب هنا التى تعجب من ذلك التعلق بالكرة. لكنها لم تكن الكرة فقط! فكثيرا ما كانت الاتصالات لا تنقطع مع مباريات فريق مصر لكرة اليد فى كأس العالم التى كانت أحيانا تقام فجرا، كنت أجد اتصالا وكنت أعرف المتصل بلا شك، فهو صديقى الذى لم يحتج لمقدمات ليدخل سريعا فى الموضوع وأجد سؤالا مباشرا؛ «بتتفرج؟» لتبدأ الاتصالات والهتاف مع كل هدف وكل فرصة ضائعة، وقد كان هذا دافعا لأجد توصيفا من هنا ومن صديقى تامر بأنى الابن الذى لم ينجبه!
هكذا كان صديقى وكذلك هى النعمة والمحبة. فأنا مهتم جدا بصديقى الإنسان، لكن هذا لم يمنع انبهارى بدأب واجتهاد صديقى! كيف أنه الطبيب النابه، المثقف والفنان. كيف أنه يقرأ فى كل المجالات بنهم شديد، وأنا الذى تقتصر قراءتى فى السياسة والاقتصاد فقط! كيف أنه أفضل باحث عرفته، فى الطب، فى التاريخ وفى الفن وكنت وما زلت لا أعرف كيف يجد كل هذا الوقت ليبدع فى كل هذه المجالات.
كل من يعرف صديقى، يعرف عنه الأدب الجم، وكيف أنه يتعامل مع الجميع بتواضع شديد وود جميل. كيف أنه يزهد فى الأكل، فصديقى العزيز نباتى، قد يكفيه طبق الفول أو طبق من العدس ليسعد. لقد أنعم علىّ الله بمحبة وصحبة صديقى العزيز، وغاية أملى أن تمتد بنا الصداقة والمحبة لسنوات طويلة.
هكذا هو صديقى.. وتلك هى حكايتى معه.
كل سنة وأنت طيب يا صاحبى.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved