استياء دولي واسع وتساؤلات قانونية حول مدينة كاتس الإنسانية في غزة
آخر تحديث: الجمعة 11 يوليه 2025 - 1:13 م بتوقيت القاهرة
وكالات
أفادت وكالة "معا" الفلسطينية، بأن خطة إسرائيل "الخبيثة" لإنشاء ما يسمى بـ"مدينة إنسانية" على أنقاض مدينة رفح التي دُمرت بالكامل جنوب قطاع غزة تثير جدلاً واسعًا في الشرق الأوسط.
وأثارت الخطة، التي أعلن عنها وزير الحرب الإسرائيلي كاتس في وقت سابق من هذا الأسبوع، معارضة دولية، وأثارت تساؤلات عملية وقانونية معقدة.
* ما يسمى "مدينة إنسانية"
قال كاتس إنه سيتم إنشاء "مدينة إنسانية" لتجميع مئات الآلاف من الفلسطينيين. وذكرت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية أن العملية ستبدأ بنقل 600 ألف فلسطيني من مجمع المواصي الإنساني، بهدف نقل جميع سكان غزة إليه.
وأوضح كاتس أن أي شخص يدخل المدينة لن يتمكن من الخروج منها، وبحسب كاتس، فإن جيش الاحتلال سيكون قادرًا على بناء المدينة الإنسانية خلال وقف إطلاق النار لمدة 60 يومًا مع حماس.
وفي الوقت نفسه، تخطط إسرائيل لاستخدام المدينة الإنسانية لتشجيع سكان غزة على الهجرة خارج القطاع.
ستُبنى المدينة على أنقاض مدينة رفح، التي دُمّرت جميع مبانيها تقريبًا. وستقع بين محوري فيلادلفيا وموراج، الواقعين تحت سيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلي، مما سيسمح لإسرائيل بالسيطرة العملياتية عليها. وستضم المدينة نفسها عددًا هائلًا من الخيام والمباني الدائمة، وستُبنى فيها البنية التحتية.
وستقوم إسرائيل بتركيز معظم المساعدات الإنسانية التي سيتم نقلها جويًا إلى القطاع داخل المدينة، بهدف جلب سكان غزة إلى المنطقة.
* استياء دولي
وسارع العالم إلى الرد على الخطة الإسرائيلية الجديدة، وأعربت عدة دول رئيسية عن استيائها منها.
وأعلن وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، أن بريطانيا ستعارض المبادرة، قائلاً: "لقد فوجئت بتصريحات كاتس، فهي تتناقض مع الاتجاه الذي نسير فيه وقربنا من وقف إطلاق النار"، مضيفًا أنه لا يرى الخطة "جدية" في السياق الإنساني.
وأعلنت قطر هذا الأسبوع أيضًا معارضتها للخطة: "لقد أوضحنا أننا نعارض تهجير الفلسطينيين أو نقلهم خارج أراضيهم"، حسبما قال متحدث باسم وزارة الخارجية القطرية.
وأوضح مسؤول إماراتي كبير أنه يعارض أي محاولة لتهجير الفلسطينيين. كما أدانت حركة حماس أيضًا الخطة.
* تساؤلات قانونية شائكة
إلى جانب الصعوبات العملية والضغوط الدبلوماسية، أفادت القناة 12 الإسرائيلية بأن الخطة الجديدة تُثير أيضًا تساؤلات قانونية شائكة، وقد تتعارض مع القانون الدولي.
وتكمن الصعوبة القانونية في عدة جوانب من الخطة، بدءًا من نقل السكان إلى المدينة، مرورًا بمنع الخروج منها، ووصولًا إلى تشجيع الهجرة من غزة.
وقال البروفيسور يوفال شاني، رئيس قسم القانون الدولي العام في الجامعة العبرية: "هذه خطة غير قانونية ظاهريًا من وجهة نظر القانون الدولي. تكمن المشكلة، في المقام الأول، في تهجير الناس قسرًا داخل منطقة حرب خالية جزئيًا من نظام الاحتلال. وهذا أمر لا يسمح به القانون عمومًا، إلا في حالات استثنائية محددة للغاية، مثل الحاجة التشغيلية العاجلة".
وأكد شاني أن "تشجيع" سكان غزة على الانتقال إلى المدينة بمجرد ضخ المساعدات الإنسانية إليها يُعدّ إكراهًا في نظر القانون الدولي، مضيفًا أن إجلاء سكان غزة من مكان إلى آخر عدة مرات خلال الحرب يُعقّد الوضع القانوني.
وأشار إلى أن المسألة الثانية التي تُثير صعوبة قانونية هي مسألة حظر مغادرة المدينة، والتي صرّح بها كاتس.
وقال شاني: "حتى لو وُجدت إمكانية لإجلاء الناس أثناء القتال، يجب أن يكون الإجلاء مؤقتًا مع إتاحة إمكانية العودة. أما ما تتحدث عنه الخطة من منعهم من مغادرة المدينة، فهو غير قانوني. لا يُمكن سجن الناس، فهذا يُخالف القانون الدولي".
وأشار إلى أن تشجيع السكان الفلسطينيين على الهجرة من غزة يُمثل إشكالية من منظور القانون الدولي، وفقًا لشاني: "لا يُمكن إجبار الناس على المغادرة أو تشجيعهم عليها بشكل نشط. كما أن خلق حوافز إيجابية للهجرة يُمثل إشكالية كبيرة، أما الحوافز السلبية فهي إكراه غير قانوني".
وحذّر شاني من العواقب المحتملة لتنفيذ الخطة، قائلاً إن بعض جوانبها قد تندرج تحت طائلة القانون الجنائي الدولي، وقد تُعتبر جريمة حرب، مضيفًا: "قد يُشكّل هذا جبهة قانونية جديدة لإسرائيل".