المحكومون ذاتيا.. فيلم يتنبأ بالحرب الأهلية داخل المجتمع الإسرائيلى

آخر تحديث: الأربعاء 11 سبتمبر 2019 - 2:28 م بتوقيت القاهرة

أدهم السيد:

منذ أن احتل الإسرائيليون أرض فلسطين، نشأ صراعا عنيفا بين العرب واليهود، وصل فى نهاية المطاف لمطالب بحل الدولتين إحداهما للعرب والثانية لليهود، ولكن ماذا لو كانت الدولتين داخل المجتمع الإسرائيلى المنقسم على نفسه لتكون إحدى الدولتين محافظة متدينة والأخرى علمانية متحررة، وهذا ما يتعرض له فيلم أوتونوميس, المحكومون ذاتيا.

وتتناول "الجارديان" البريطانية النظريات القائمة حول الفيلم وردود الأفعال عليه فى ظل الصدع المجتمعى والذى اتخذ منحا سياسيا حرجا الأشهر الماضية فى إسرائيل.

وبحسب "الجارديان" فالفيلم 6 أجزاء والفائز بجوائز سينيمائية عالمية، يفترض فى المستقبل القريب حدوث ما يخشاه الإسرائيليون من انقسام دولتهم لدويلتين إحداهما للعلمانيين على الساحل وعاصمتها تل أبيب، والأخرى للمتشددين "الهريديين" فى القدس ويديرها الأحبار بينما تنصب الجدران العازلة بينهما.

الجدير بالذكر أن ذلك الانقسام بين الطائفتين، منع منذ أشهر تكون حكومة وفاق ليجد الإسرائيليون نفسهم فى 17 سبتمبر المقبل، يقفون أمام صناديق الاقتراع مجددا لإعادة الانتخابات يستغل خلالها السياسيون الصدع الداخلى لصالحهم.

ويقول يوحنتين أندريسكى الذى كتب الفيلم بالتعاون مع أورى إيلين، إن الفيلم يأخذ النزاع الداخلى فى إسرائيل لأبعد الحدود ليرى الإسرائيليين ماذا بشأنه أن يحدث إذا لم يستفيقوا ويعرفوا كيف يتعايشون سويا ويحترم كل منهم أسلوب الآخر فى حياته.

ويؤدي دور البطولة الممثل أساى كوهين، حيث يمثل دور رجل يدعي برايد وهو مقيم فى الجزء المحافظ فى القدس بينما يتنقل بين الدولتين لتهريب الأفلام الجنسية المحرمة فى الجانب المتدين، حيث يعاين برايد طبيعة الانقسام بوضوح بين الدولتين.

وبحسب الصحيفة يعطى أوتونوميس، صورة أكثر كآبة من فيلم ستيشل المعروض على نتفليكس والذي تعرض فى السابق لمشكلة النزاع الطائفى الإسرائيلى.

ويضيف أندريسكى عن فيلمه أنه بمثابة ركلة فى المعدة وهو ما لم يشاهده لما فيه من واقعية شديدة حول ما يعيشه الإسرائيليون المنقسمون؛ إذ ينغلق الهاريديين على أنفسهم فى مستوطناتهم التى تغطى النساء فيها شعرهن بينما يرتدى الرجال المعاطف السوداء.

ويبغض الإسرائيليون العلمانيون السياسيين المتدينين الراغبين بتعطيل المواصلات العامة وكافة الأنشطة أيام السبت ومنع الأطعمة غير الحلال "كوشير" من المحلات والمطاعم، بينما ينقم العلمانيون كذلك على طريقة حياة المتدينين الذين يتقاضون رواتب من الحكومة دون عمل سوى قراءة النصوص الدينية.

ويتابع أندريسكى أنه تلقى نوعين من ردود الفعل على فيلمه كليهما أحزنه، حيث ينظر الأول للفيلم على أنه يعزز مبدأ المدينة الفاضلة "يوتوبيا"، والذى يجب أن يطبق بإبعاد المتدينين فى دولة أخرى، بينما يرى الآخر أن أكثر ما يبهر فى الفيلم اتصاله بحقيقة إسرائيل التى تتسم بالطائفية.

يذكر أن الصدع الإسرائيلى بلغ ذروته بطرح قانون فى الكنيست، يلغي إعفاء طلبة العلوم الدينية من الخدمة العسكرية ما أشعل الخلافات التى انتهت بحل الكنيست وإجراد انتخابات جديدة.

ووفقا للمؤسسة الديمقراطية الإسرائيلية فالصدع مرجح أن يزداد إذ يتميز الهريديين بمعدل نمو سريع، حيث يبلغ عددهم مليون شخص ويرجح أن يتضاعف بعد 15 عاما، حيث تنجب السيدة الهريدية 7 أطفال مقابل طفلين فقط للإسرائيلية العادية.

وكتب عالم النفس الإسرائيلى كارلو سترينجر فى صحيفة هاارتس، معلقا على الفيلم، واصفا ما ورد فيه من سيناريو بأنه الأفضل لحل المشكلة ليعيش المتحررون متمتعين بحرياتهم عبر مناطق شاسعة من الساحل بينما يبقي الهاريديون فى مناطق معزولة دون أن يزعجهم أحد.

ويضيف كارلو: "على كل منا أن يجد مساحته للحياة والتنفس وإلا نستمر بخنق بعضنا بعضا".

ويقول أندريسكى: "إن البنية التحتية لفصل المجتمعات قائمة حاليا فى إسرائيليين ما يظهر جليا فى وضع المجتمعات الفلسطينية المنعزلة والمحاصرة من كل جانب بنقاط التفتيش".

وأضاف أندريسكى: "أن الجدران العازلة التى ظهرت فى الفيلم ليست محض خيال فهى متواجدة بالفعل بين الإسرائيليين والفلسطينيين وبوسع أى زائر للقدس مشاهدتها وإذا كان رؤيتها فى الفيلم تحبس الإسرائيليين فكيف يكون الحال لدي الفلسطينيين المحاصرين بتلك الجدران".

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved