دراسة: تشخيص الأمراض النفسية لا يشكل أي قيمة علمية

آخر تحديث: الجمعة 12 يوليه 2019 - 3:25 م بتوقيت القاهرة

محمد نصر:

لا شك أن ثمة طفرة إيجابية حدثت في مجتمعاتنا العربية، فيما يتعلق بالنظرة المجتمعية للمرض النفسي، وأيضا، بخطوة التوجه للطبيب النفسي، وفي الآونة الأخيرة بات الناس على استعداد أكبر للاعتراف بما يعانون منه من مشاكل نفسية وعقلية.

لكن التطابق التام بين البشر هو درب من دروب المستحيل، لذا فإن محاولة تحديد ما يصيبهم من آلام وفق معيار ثابت هو أمر قد لا يستقيم دائما، لا سيما ما يتعلق بمشكلات الصحة النفسية والعقلية.

ووفقا لهذا المعنى خلصت دراسة جديدة نشرت بمجلة بحوث الطب النفسي Psychiatry Research، استنتجت أن التشخيصات النفسية "لا معنى لها من الناحية العلمية"، ولا قيمة لها كأدوات لتحديد اضطرابات الصحة النفسية والعقلية بدقة على المستوى الفردي.

وقد يثير ما أظهرته الدراسة التي أجراها باحثون من جامعة ليفربول، بالمملكة المتحدة، غضب بعض أطباء وعلماء النفس، حيث يسود الاعتقاد بأن التشخيص النفسي هو الخطوة الأولى نحو الشفاء.

وحسب موقع Medicalxpress، أجرى الباحثون تحليلاً مفصلاً لـ5 فصول رئيسية من الإصدار الأخير من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM)، والذي يعتبر الدليل النهائي للمتخصصين بالصحة النفسية والعقلية، حيث يوفر وصفًا لجميع مشكلات الصحة العقلية وأعراضها، ولغة تشخيصية مشتركة لأخصائيي الصحة العقلية ومحاولة تقديم قائمة نهائية بأعراض ومشكلات الصحة العقلية.

تم تحليل فصول أمراض: "الفصام، "انفصام الشخصية)"، "الاضطراب ثنائي القطب"، "اضطراب الاكتئاب"، "اضطراب القلق"، "الاضطرابات المرتبطة بالصدمة".

يؤكد مؤلفو الدراسة على عددًا من الاستنتاجات، وهي أن هناك قدرًا كبيرًا من التداخل في الأعراض بين التشخيصات المختلفة، بالرغم من أن لكل تشخيص نفسي قواعد مختلفة لاتخاذ القرار، بالإضافة إلى أن جميع التشخيصات النفسية تقريبا تتجاهل دور الصدمة أو غيرها من الأحداث السلبية الفريدة التي قد يواجهها الشخص في حياته، وأيضا لا تخبرنا التشخيصات النفسية الواردة في دليل التشخيص إلا القليل عن كل مريض على حدة وعن نوع العلاجات التي سيحتاج إليها.

ويستنتج المؤلفون أن وضع العلامات التشخيصية يمثل "نظامًا قطعيًا مخادعًا".

ويقول كبير الباحثين في الدراسة الدكتور كيت ألسوب من جامعة ليفربول: "على الرغم من أن العلامات التشخيصية تخلق الوهم بتفسير ما، إلا أنه لا معنى لها علمياً ويمكن أن ينتج عنها الوصم والتحيز، آمل أن تشجع هذه النتائج أخصائيي الصحة النفسية على التفكير فيما وراء التشخيص والنظر في تفسيرات أخرى للاضطراب النفسي، مثل الصدمة وغيرها من تجارب الحياة السلبية ".

يشير البروفيسور بيتر كيندرمان من جامعة ليفربول إلى أن: "هذه الدراسة توفر دليلًا إضافيًا على أن نهج التشخيص الطبي الحيوي في الطب النفسي غير مناسب للغرض، فالتشخيصات غير المألوفة على أنها "أمراض حقيقية" تتم في الواقع على أساس أنماط غير متسقة وفوضوية ومتناقضة ومعايير تعسفية إلى حد كبير، حيث يفترض النظام التشخيصي التقليدي المستخدم اليوم خطأً أن جميع حالات الضيق تنتج عن الاضطراب، ويعتمد اعتمادًا كبيرًا على الأحكام الذاتية الشخصية حول ما يعتبر "طبيعيًا".

ويشدد البروفيسور جون ريد، من جامعة شرق لندن على أنه: "ربما حان الوقت لأن نتوقف عن التظاهر بأن العلامات التشخيصية تسهم بأي شيء في فهمنا للأسباب المعقدة للضيق والمعاناة البشرية، أو لأي نوع من المساعدة نحتاجها عندما نشعر بالكرب والكأبة".

تضيف الأدلة المرجعية للتشخيص النفسي (DSM)، تشخيصات للأمور الطبيعية المعتادة، كالقلق الطبيعي والنسيان وعادات الأكل غير الصحية، وتضعها في خانة الاضطراب النفسي، مما قد يجعل من الأسوياء مرضي يحتاجون للعلاج.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved