تقرير لـ«د ب أ»: السودان في مفترق طرق.. وحاجة ماسة للمساعدات الإنسانية

آخر تحديث: الأربعاء 12 أغسطس 2020 - 12:26 م بتوقيت القاهرة

بعد بدء الانتقال السياسي في السودان قبل عام في أغسطس الماضي، وفرت زيارات على مستوى عال لبرنامج الغذاء العالمي لولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق لحظة أمل نادرة لملايين المدنيين في مناطق السودان الجنوبية والغربية المتنازع عليها.

وفي أعقاب الزيارات للمناطق التي كانت محظورة في السابق، أعلنت الحكومة الانتقالية الترحيب بالمنظمات غير الحكومية التي كان النظام السابق قد طردها لكي تعود وتستأنف عملياتها في أنحاء السودان ورفعت كل القيود بالنسبة للمنظمات الإنسانية ووكالات الأمم المتحدة.

ويرى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكي أن هذا التفاؤل اللحظي بزيادة وصول المساعدات الإنسانية مهدد الآن، فقد أدت التأثيرات الاقتصادية لجائحة فيروس كورونا إلى إظهار هشاشة التحول الديمقراطي في السودان- ومعه فرصة تحسين الظروف الإنسانية، ويهدد الصراع السياسي الداخلي بتقويض المكاسب الإنسانية.

وللاستفادة من التقدم الذي تم إحرازه، يتعين على الولايات المتحدة وغيرها من الجهات المانحة للمساعدات تمكين الوكالات المدنية من القيام بإدارة عملية تقديم المساعدات الإنسانية من خلال المشاركة السياسية، وزيادة التمويل، وتقديم الدعم الفني لأغراض محددة.

ويتعين على وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية تشجيع حكومة السودان في الخرطوم وعلى مستوى الولايات على تسهيل وصول العاملين في مجال المساعدات الإنسانية إلى المناطق التي يريدونها، ويعتبر تمكين السلطات المدنية بدعم سياسي خلال لحظة الفرصة هذه أمرا حيويا لمواطني السودان ومن الممكن أن يساعد في تعزيز السلطات المدنية داخل الحكومة السودانية.

وللسودان تاريخ طويل بالنسبة لعرقلة المساعدات الإنسانية؛ ففي دارفور وثق العاملون في مجال الإغاثة عرقلة المساعدات الإنسانية منذ عام 2004 على الأقل، وشكلت أساليب الحكومة "حرب استنزاف بيروقراطية"، واستخدم الرئيس السابق عمر البشير منع عمليات تقديم المساعدات كسلاح حرب، تمثل في منع وصول منظمات المساعدات الإنسانية إلى المناطق التي يسيطر عليها المتمردون.

وفي أعقاب تعيين عبد الله حمدوك رئيسا للوزراء في أغسطس 2019، أصبح هناك أمل في أن تتمكن منظمات المساعدات الإنسانية من الوصول إلى المناطق التي كان غير مسموح بالوصول إليها من قبل والعمل بحرية أكثر في المناطق الموجودة فيها بالفعل.

وكانت زيارة ديفيد بيسلي المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي لكواندا، بجنوب كردفان، في أكتوبر 2019 الزيارة الأولى لمسؤول من الأمم المتحدة للمنطقة حظيت بدعم حمدوك، وحكومة جنوب السودان، وحركة تحرير شعب السودان- الشمال، وغيرها من قوات الأمن.

وفي مطلع ديسمبر 2019، سمحت الحكومة السودانية وعبد العزيز الحلو زعيم حركة تحرير شعب السودان- الشمال لوكالات الأمم المتحدة بالوصول إلى المناطق الرئيسية التي أغرقتها الفيضانات في يابوس، وبعد هذه الخطوات الأولية، أعلن عباس فضل الله مفوض الشؤون الانسانية بالسودان في يناير أن "السودان فتح بابه على مصراعيه لعودة جميع المنظمات الإنسانية الدولية التي تم طردها في عهد النظام السابق".

من ناحية أخرى، فإن الوضع الإنساني في السودان يتدهور بسرعة، ووفقا لمكتب الأمم المتحدة لشؤون تنسيق المساعدات الانسانية، يحتاج 9.3 مليون شخص، أي ربع سكان السودان تقريبا لمساعدات إنسانية خلال العام الحالي. ومن بين هذا العدد نحو 2 مليون من الأشخاص النازحين داخليا في منطقتي دارفور، بجنوب كردفان، والنيل الأزرق، وكذلك مليون من اللاجئين من جنوب السودان. وتقدر الأمم المتحدة أنه مطلوب مبلغ 1.4 مليون دولار تقريبا لتوفير المساعدات اللازمة لإنقاذ الحياة.

قد أدى انتشار فيروس كورونا إلى أن زيادة الوضع سوءا، وأسفرت الجهود التي بذلتها الحكومة السودانية لتحفيف تأثيرات انتشار كورونا عن صعاب اقتصادية لقطاعات كبيرة من الشعب السوداني. ومن المرجح أن يؤدي التضخم إلى جانب زيادة أسعار المواد الغذائية، وتناقص القوة الشرائية، وغيرها من التأثيرات الاقتصادية الأخرى لانتشار كورونا إلى انعدام الأمن الغذائي بصورة حادة في أنحاء السودان.

وقد جذب انتشار فيروس كورونا الاهتمام الدولي وما استتبعه من تعهدات بالتمويل، لكن يظل الجوع هو مصدر القلق الأقوى بالنسبة للمدنيين والحكومة.

ومما يعقد الأمور بالنسبة للدول المانحة للمساعدات استمرار تصنيف وزارة الخارجية الأمريكية للسودان كدولة راعية للإرهاب. وعلى الرغم من أنه تم رفع معظم العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان في عام 2017، يمثل تصنيف السودان دولة راعية للإرهاب عقبة أمام الحكومة الانتقالية المدنية وهي تحاول تصحيح المتاعب الاقتصادية التي ورثتها عن النظام السابق. ويتفق معظم المحللين على أن السودان لم يعد يستحق البقاء مدرجا على قائمة الدول الراعية للإرهاب، ومع ذلك فإن عملية إنهاء هذا الوضع معقدة ومطولة.

وأوصى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في تقريره بأنه يتعين على الولايات المتحدة أن تجعل حذف السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب رسميا أولوية قصوى من أجل تسهيل تعافي السودان، وتمكين الجهات المانحة من تقديم مساعداتها.

وقد رحب السودان مؤخرا بالتصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، أمام لجنة الشؤون الخارجية بالكونجرس، والتي أعاد فيها تأكيد رغبة الإدارة الأميركية في رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ودعمها للتحول الديمقراطي في البلاد.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved