«المفوضين» في دعوى أبوتريكة: التحفظ على الأموال خارج إطار قانوني الكيانات والإرهاب «لغو لا أثر له»

آخر تحديث: السبت 13 فبراير 2016 - 2:53 م بتوقيت القاهرة

كتب- محمد بصل ومحمد نابليون:

• لا يجوز للجنة أموال الإخوان إصدار قرارات التحفظ بالمخالفة لقوانين الإجراءات الجنائية والكيانات الإرهابية ومكافحة الإرهاب

• لا يجوز الاعتماد على تحريات الأمن وحدها دون حكم قضائي.. واللجنة غير قضائية

تضمن تقرير هيئة مفوضي الدولة الموصي بإلغاء التحفظ على أموال نجم كرة القدم محمد أبوتريكة، والذي أعده المستشار شادي الوكيل بإشراف المستشار محمد الدمرداش عدداً من المستجدات القانونية المهمة، اتساقاً مع كونه أول تقرير يكتب في واقعة تحفظ تحدث بعد إصدار قانوني الكيانات الإرهابية والإرهاب العام الماضي، وشرح طبيعة وحدود عمل لجنة أموال الإخوان في ظل هذين القانونين الجديدين.

وذكر التقرير أنه "لا يجوز فرض أي تحفظ أو حراسة على الأموال أو المنع من التصرف فيها، خارج إطار المادة 208 مكرر "أ" من قانون الإجراءات الجنائية، والمادة 7 من قانون الكيانات الإرهابية، والمادة 47 من قانون مكافحة الإرهاب، وأن أي قرار يصدر بالتحفظ خارج إطار هذه المواد يعد لغواً لا أثر له، دون أن يكون له أثر على الماضي أو المستقبل".

وتابع التقرير: "كان يجب على لجنة إدارة أموال الإخوان التريث حتي صدور أحكام الدائرة الجنائية المختصة بنظر طلبات الإدراج على قائمة الكيانات الإرهابية، لأنها المختصة حصراً بالإدراج وفقاً للقانون وحكم محكمة النقض الصادر في 2 سبتمبر الماضي".

وأكد التقرير أن "عمل اللجنة بعد صدور قانون الكيانات الإرهابية إنما يقتصر علي دور المراسلات والمخاطبات ، وكذا بإدارة الأموال المجمدة في حال ما إذا عينت الدائرة المختصة بمحكمة استئناف القاهرة اللجنة المذكورة لإدارة تلك الأموال" مما لا يمتد إلى اختصاص إصدار قرارات التحفظ.

ورداً على الادعاء بأن التحفظ تم بموجب حكم لقاضي التنفيذ في دعوى أقامتها اللجنة؛ ذكر التقرير أن "قرارات قاضي التنفيذ في الأساس تستهدف إزاحة العقبات أمام تنفيذ حكم واجب النفاذ، فالأصل في التنفيذ أن يكون بموجب سند تنفيذي اقتضاءً لحق محقق الوجود ومعين المقدار، وقرارات وأوامر قاضي التنفيذ بذاتها لا تخلق حقاً جديداً ولا تنشئ مركزاً قانونياً من عدم".

وأوضح التقرير أن "لجنة الأموال المشكلة بقرار رئيس الوزراء تضم في تشكيلها عناصر غير قضائية، كممثل وزارة الداخلية ووزارة المالية، بما ينتفي معه وصف العمل القضائي علي قراراتها، كما أن اللجنة المشكلة بقرار وزير العدل 7995 لسنة 2013 لمساعدتها تضم عناصر غير قضائية كممثل وزارة التأمينات الاجتماعية، ولا تحظي باستقلال القضاء ولا حيدته وإنما تعمل بمنظومة الأوامر الرئاسية وتخضع للسلطة التنفيذية بشكل مباشر".

وأشار التقرير إلى أن "اللجنة لم تستند في إصدار القرار المطعون فيه إلى أي قانون يخولها سلطة إصداره، وأسست قرارها على ما ورد إليها من الأمن الوطني بشأن انتماء اللاعب إلى جماعة الإخوان المسلمين، أو دون ذلك من مستندات وأوراق ودلائل، فإن المحكمة الإدارية العليا قضت بأنه "وعلي العموم فليست كل تحريات الشرطة صحيحة ، وليست كل تحريات الشرطة لها سند من الأوراق وليس كل ما يشاع عن الناس يصادف الحقيقة والصدق في شأنهم ، والواقعة الواحدة قد يختلف الناس في تفسيرها وفي رؤاهم عنها أَيَّمَا اختلاف ، ولو كانت كل تحريات الشرطة صحيحة... لما قامت بالبلاد حاجة إلى خدمات القضاء والعدل ..."، كما استقرت على أن "تقارير جهات الأمن بما تحويه من وقائع واتهامات لا تحوز حجية مطلقة، وإنما تخضع لتقدير ورقابة جهات القضاء المختلفة".

وأكد التقرير أن "اللجنة اعتدت على الملكية الخاصة وانتقصت من الحقوق الدستورية والقانونية المقررة للملكية الخاصة دون سند من القانون، كما أنها اغتصبت اختصاص القضاء في هذا الشأن، لأنه وعلى فرض أن المدعي ارتكب سلوكا يشكل جريمة جنائية فإن ذلك لا يبرر لجهة الإدارة التدخل بقرار إداري لحرمان المدعي من إدارة أمواله والتصرف فيها، فالمنع من التصرف أو الإدارة ينبغي أن يصدر من المحكمة الجنائية المختصة وفقاً للضوابط المقررة في قانون الإجراءات الجنائية أو كأثر مباشر للحكم بالإدراج على أي من القوائم المنصوص عليها في قانون الكيانات الإرهابية".

وفيما يلي نص الرأي القانوني الذي تضمنه تقرير هيئة المفوضين:

في الدعوى 54261 لسنة 69 ق
المقامة من / محمد محمد محمد أبوتريكة
ضد
1- مساعد وزير العدل رئيس لجنتي التحفظ والإدارة للجنة المشكلة بقرار وزير العدل لإنفاذ إجراءات تنفيذ حكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة
2- وزير العدل
3- محافظ البنك المركزي
4- رئيس مجلس إدارة بنك أبوظبي الإسلامي
5- رئيس مجلس إدارة بنك بريوس مصر
6- رئيس مجلس إدارة بنك مصر
7- رئيس مجلس إدارة البنك التجاري الدولي

من حيث إن المادة (1) من قانون تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابين رقم 8 لسنة 2015 ، والذي أقره مجلس النواب بجلسته المنعقدة بتاريخ 17/1/2016 ، علي أن "يقصد - في تطبيق أحكام هذا القانون - بالألفاظ والعبارات التالية المعاني المبينة قرين كل منها:
الكيان الإرهابي : الجمعيات أو المنظمات أو الجماعات أو العصابات أو الخلايا أو غيرها من التجمعات ، أيا كان شكلها القانوني أو الواقعي ، متى مارست أو كان الغرض منها الدعوة بأية وسيلة في داخل أو خارج البلاد إلى إيذاء الأفراد و إلقاء الرعب بينهم أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو حقوقهم أو أمنهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بالمواد الطبيعية أو بالآثار أو بالاتصالات أو المواصلات البرية أو الجوية أو البحرية أو بالأموال أو بالمباني أو بالأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو منع أو عرقلة السلطات العامة أو الجهات أو الهيئات القضائية أو مصالح الحكومة أو الوحدات المحلية أو دور العبادة أو المستشفيات أو مؤسسات ومعاهد العلم ، أو غيرها من المرافق العامة ، أو البعثات الدبلوماسية والقنصلية ، أو المنظمات والهيئات الإقليمية والدولية في مصر من القيام بعملها أو ممارستها لكل أو بعض أوجه نشاطها ، أو مقاومتها ، أو تعطيل المواصلات العامة أو الخاصة أو منع أو عرقلة سيرها أو تعريضها للخطر بأية وسيلة كانت ، أو كان الغرض منها الدعوة بأية وسيلة إلى الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع أو مصالحة أو أمنه للخطر أو تعطيل أحكام الدستور أو القوانين أو منع إحدى مؤسسات الدولة أو إحدى السلطات العامة من ممارسة أعمالها ، أو الاعتداء على الحرية الشخصية للمواطن أو غيرها من الحريات والحقوق العامة التي كفلها الدستور والقانون ، أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي أو الأمن القومي.

ويسرى ذلك على الجهات والأشخاص المذكورين متى مارسوا أو استهدفوا أو كان غرضهم تنفيذ أي من تلك الأعمال ولو كانت غير موجهة إلى جمهورية مصر العربية.

الإرهابي : كل شخص طبيعي يرتكب أو يشرع في ارتكاب أو يحرض أو يهدد أو يخطط في الداخل أو الخارج لجريمة إرهابية بأية وسيلة كانت ، ولو بشكل منفرد ، أو يساهم في هذه الجريمة في إطار مشروع إجرامي مشترك ، أو تولى قيادة أو زعامة أو إدارة أو إنشاء أو تأسيس أو اشتراك في عضوية أي من الكيانات الإرهابية المنصوص عليها في المادة رقم (1) من هذا القانون أو قام بتمويلها ، أو ساهم في نشاطها مع علمه بذلك.

الأموال : جميع الأصول والممتلكات أيا كان نوعها ، سواء كانت مادية أو معنوية ، منقولة أو ثابتة ، بما في ذلك المستندات والعملات الوطنية أو الأجنبية ، والأوراق المالية أو التجارية ، والصكوك والمحررات المثبتة لكل ما تقدم أيا كان شكلها ، وجميع الحقوق المتعلقة بأي منها.

التمويل : جمع أو تلقى أو حيازة أو إمداد أو نقل أو توفير أموال أو أسلحة أو ذخائر أو مفرقعات أو مهمات أو آلات أو بيانات أو معلومات أو مواد أو غيرها ، بشكل مباشر أو غير مباشر ، وبأية وسيلة كانت ، وذلك بقصد استخدامها ، كلها أو بعضها في ارتكاب أية جريمة إرهابية أو العلم بأنها ستستخدم في ذلك ، أو بتوفير ملاذ آمن لإرهابي أو أكثر ، أو لمن يقوم بتمويله بأي من الطرق المتقدم ذكرها.

تجميد الأموال : الحظر المؤقت الذى يفرضه على نقل الأموال أو تحريكها أو تبديلها أو تحويلها أو التصرف فيها ، وذلك بناء على القرار الصادر وفقا لنص المادة (3) من هذا القانون".

وتنص المادة (2) منه ، علي أن "تعد النيابة العامة قائمة تسمى (قائمة الكيانات الإرهابية) ، تدرج عليها الكيانات الإرهابية التي تقرر الدائرة المختصة المنصوص عليها في المادة رقم (3) من هذا القانون إدراجها على القائمة ، وتلك التي تصدر في شأنها أحكام جنائية نهائية بإسباغ هذا الوصف عليها.
كما تعد النيابة العامة قائمة أخرى تسمى (قائمة الإرهابيين) ، تدرج عليها أسماء الإرهابيين ، إذا قررت الدائرة المشار إليها إدراجهم عليها ، وكذلك إذا صدر في شأن أي منهم حكم جنائي نهائي بإسباغ هذا الوصف عليه.
وتسرى على هذه القائمة ذات الأحكام المقررة في شأن قائمة الكيانات الإرهابية".
كما تنص المادة (3) من ذات القانون ، علي أن "تختص دائرة أو أكثر من دوائر الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة تحددها الجمعية العمومية للمحكمة سنويا تكون منعقدة في غرفة المشورة ، بنظر طلبات الإدراج على قائمتي الكيانات الإرهابية والإرهابيين.
ويقدم طلب الإدراج من النائب العام إلى الدائرة المختصة مشفوعا بالتحقيقات والمستندات المؤيدة لهذا الطلب.
ويكون طلب الإدراج بالنسبة للكيانات والأشخاص غير الموجهة أعمالهم لجمهورية مصر العربية بناء على طلب يقدم إلى النائب العام من وزارة الخارجية بالتنسيق مع وزارة العدل ، أو من جهات الدولة الأمنية إلى النائب العام.
وتفصل الدائرة المختصة في طلب الإدراج بقرار مسبب خلال سبعة أيام من تاريخ تقديم الطلب لها مستوفيا المستندات اللازمة".
وتنص المادة (4) منه ، علي أن "يكون الإدراج على أي من القائمتين لمدة لا تجاوز ثلاث سنوات.
فإذا انقضت مدة الإدراج دون صدور حكم نهائي بإسباغ الوصف الجنائي المنصوص عليه في المادة رقم (1) من هذا القانون على الكيان المدرج أو الإرهابي ، تعين على النيابة العامة إعادة العرض على الدائرة المشار إليها للنظر في مد الإدراج لمدة أخرى ، وإلا وجب رفع أسم الكيان أو الشخص الطبيعي من القائمة من تاريخ انقضاء تلك المدة.
وللنائب العام خلال مدة الإدراج ، في ضوء ما يبديه من مبررات ، أن يطلب من الدائرة المنصوص عليها في المادة (3) من هذا القانون رفع اسم الكيان أو الشخص الطبيعي المدرج على أي من القائمتين".
وتنص المادة (5) منه ، علي أن "ينشر قرار الإدراج على أي من القائمتين ، وقرار مد مدته ، وقرار رفع الاسم من أي منهما في الوقائع المصرية".
كما تنص المادة (7) من ذات القانون ، علي أن "تترتب بقوة القانون على نشر قرار الإدراج ، وطوال مدته ، الآثار التالية ما لم تقرر الدائرة المنصوص عليها في المادة (3) من هذا القانون خلاف ذلك:
أولا - بالنسبة للكيانات الإرهابية :
حظر الكيان الإرهابي ، ووقف أنشطته.
غلق الأمكنة المخصصة له ، وحظر اجتماعاته.
حظر تمويل أو جمع الأموال أو الأشياء للكيان سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
تجميد الأموال المملوكة للكيان ، أو لأعضائه متى كانت مستخدمة في ممارسة النشاط الإرهابي.
حظر الانضمام للكيان أو الدعوة إلى ذلك ، أو الترويج له ، أو رفع شعاراته.
ثانيا - بالنسبة للإرهابيين:
الإدراج على قوائم المنع من السفر وترقب الوصول ، أو منع الأجنبي من دخول البلاد.
سحب جواز السفر أو إلغاؤه ، أو منع إصدار جواز سفر جديد.
فقدان شرط حسن السمعة والسيرة اللازم لتولى الوظائف والمناصب العامة أو النيابية.
تجميد أموال الإرهابي متى استخدمت في ممارسة نشاطه الإرهابي.
وتلتزم جميع سلطات وجهات وهيئات وأجهزة الدولة ، كل في حدود اختصاصه ، بإعمال وإنفاذ الآثار المشار إليها ، وبإبلاغ الجهات المعنية في الداخل والخارج لإعمال آثار الإدراج على أي من القائمتين".
وتنص المادة (8) منه ، علي أن "في الأحوال التي تقتضى فيها طبيعة الأموال المجمدة تعيين من يديرها ، يجب أن يحدد قرار المحكمة من يدير هذه الأموال بعد أخذ رأى النيابة العامة.
وعلى من يعين للإدارة أن يتسلم الأموال المجمدة ويبادر إلى جردها بحضور ذوى الشأن وممثل للنيابة العامة أو خبير تندبه المحكمة. ويلتزم من يعين للإدارة بالمحافظة على الأموال وبحسن إدارتها ، وردها مع غلتها المقبوضة طبقا للأحكام المقررة في القانون المدني بشأن الوكالة في أعمال الإدارة والوديعة والحراسة ، وذلك على النحو الذى يصدر بتنظيمه قرار من وزير العدل".

ومن حيث إن المادة (39) من قانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة 2015 ، والذي أقره مجلس النواب بجلسته المنعقدة بتاريخ 17/1/2016 ، تنص علي أن "مع عدم الإخلال بحقوق الغير حسني النية تقضي المحكمة في كل حكم يصدر بالإدانة في جريمة إرهابية ، فضلاً عن العقوبات المقررة للجريمة ، بمصادرة الأموال والأمتعة والأسلحة والأدوات والمستندات ، وغيرها مما استخدم في ارتكاب الجريمة أو تحصل عنها ، وبحل الجماعة الإرهابية وإغلاق مقارها وأمكنتها في الداخل والخارج ، فضلاً عن إغلاق أي مكان تم فيه تصنيع أو تصميم الأسلحة بمختلف أنواعها ، المستخدمة في ارتكاب أية جريمة إرهابية ، وغيرها مما يكون قد استعمل أو أعد للاستعمال من قبل الإرهابي أو الجماعة الإرهابية.
كما تقضي المحكمة ، عند الحكم بالإدانة بمصادرة كل مال متي ثبت أنه مخصص للصرف منه علي الأعمال الإرهابية".
وتنص المادة (47) منه ، علي أن "تسري أحكام المواد 208 مكرراً (أ) و208 مكرراً (ب) و208 مكرراً (ج) و208 مكرراً (د) من قانون الإجراءات الجنائية في الأحوال التي يظهر فيها من الاستدلال أو التحقيق دلائل كافية علي الاتهام بارتكاب أي جريمة إرهابية.
وللسلطات المختصة اتخاذ التدابير التحفظية اللازمة ، بما في ذلك تجميد الأموال ، والمنع من التصرف فيها أو إدارتها ، أو المنع من السفر ، علي أن تلتزم بالأحكام والإجراءات المنصوص عليها في المواد المذكورة بالفقرة الأولي من هذه المادة".
كما تنص المادة (48) من ذات القانون ، علي أن "للنائب العام أو من يفوضه من المحامين العامين علي الأقل أو سلطة التحقيق المختصة ، بحسب الأحوال ، أن يأمر بالاطلاع أو الحصول علي أية بيانات أو معلومات تتعلق بالحسابات أو الودائع أو الأمانات أو الخزائن أو المعاملات المتعلقة بها ، إذا اقتضي ذلك كشف الحقيقة في أعمال الاستدلال أو التحقيق علي ارتكاب المتهم أو اشتراكه في أية جريمة إرهابية قامت الدلائل الكافية علي وقوعها".

ومن حيث إن الأصل في تفسير القوانين أن لا يقتصر ذلك على النص المراد تفسيره بل لابد من الوصول إلى مرمى الشارع من ذلك النص وإعمال أحكامه وأن يستطيل التفسير إلى القانون بأكمله الذى ورد به ذلك النص حتى يكون التفسير شاملاً مانعاً من التصادم والتضارب بين النصوص ، وأن نصوص القوانين المختلفة تتكامل ولا تتنافر ، لتشكل بنيانً قانونيً متكامل من القواعد العامة المجردة ، والتي تهدف إلي تنظيم سلوك الإفراد في المجتمع ، وترتيب شئونهم المختلفة.

وحيث إن مفاد ما تقدم ؛ أن دستور جمهورية مصر العربية الصادر في 18 يناير 2014 ، تضمن عدداً من المبادئ التي تصون الحقوق والحريات ، ومنها مبدأ خضوع الدولة للقانون ، وأن سيادة القانون أساس الحكم في الدولة ، ومبدأ صيانة وحماية الملكية الخاصة وعدم جواز فرض الحراسة عليها إلا في الأحوال المبينة في القانون وبحكم قضائي ، وحظر نزع الملكية الخاصة إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل ، ومبدأ شخصية العقوبة ، وأنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء علي قانون وعدم توقيع عقوبة إلا بحكم قضائي ، كما تضمن كفالة حق الدفاع وأن المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه.

وتضمن القانون المدني تنظيم الملكية الخاصة ، وعقد لمالك الشيء وحده في حدود القانون حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه ، وحظر المشرع أن يُحرم أحد من ملكه إلا في الأحوال التي يقررها القانون ومقابل تعويض عادل ، ونظم المشرع فرض الحراسة علي الأموال الخاصة وحدد أنواعها ومنها الحراسة الاتفاقية التي تعتبر عقداً من عقود القانون الخاص والحراسة القضائية التي تفرض في الحالات التي حددها القانون ، بموجب حكم قضائي.

كما نظم المشرع في المادة (208 مكرراً أ) من قانون الإجراءات الجنائية منع المتهمين في عدد من الجرائم المحددة علي سبيل الحصر من التصرف في أموالهم أو إدارتها بموجب حكم من المحكمة الجنائية المختصة ، وأجاز المشرع للنائب العام عند الضرورة أو في حالة الاستعجال أن يأمر مؤقتاً بمنع المتهم أو زوجه أو أولاده القصر من التصرف في أموالهم أو إدارتها علي أن يعرض أمر المنع علي المحكمة الجنائية المختصة خلال سبعة أيام علي الأكثر من تاريخ صدور أمر المنع وإلا اعتبر الأمر كأن لم يكن ، وتصدر المحكمة الجنائية المختصة حكمها بعد سماع أقوال ذوي الشأن ، ونظم المشرع في المادة (208 مكرراً ب) من ذات القانون إجراءات التظلم من الحكم الصادر بالمنع من التصرف أو من إدارة الأموال.

وإذا كان الدستور قد أوجب علي جهة الإدارة حماية الملكية الخاصة وحظر عليها نزعها إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل ، فإن المشرع نظم الحالات التي يجوز فيها لجهة الإدارة من أجل تحقيق المصلحة العامة أن تتدخل لتستولي علي الملكية الخاصة مؤقتاً أو لوضعها تحت الحراسة الإدارية ومن ذلك – علي سبيل المثال – الاستيلاء علي المنقولات والعقارات طبقاً لأحكام قانون حالة الطوارئ والاستيلاء علي العقارات والمحال العامة والصناعية والتجارية وتولي إدارة المصانع والورش والمعامل وفرض الحراسة علي أموال رعايا الدول المعادية طبقاً لقانون التعبئة العامة ، وفي أي من تلك الحالات وضع المشرع نظاماً قانونياً للتظلم من تلك القرارات والتعويض عنها عن طريق لجان تقدير تشكل بقرار من رئيس الجمهورية وكذا المعارضة في قرارات تلك اللجان.

وتماشياً مع النظم الاقتصادية العالمية ، ورغبة في جلب رؤوس الأموال للاستثمار وتحفيزهم علي العمل في مصر ، وتركاً لمورُث قديم من التأميم والمصادرة ، أكد المشرع في قانون ضمانات وحوافز الاستثمار علي عدم جواز تأميم ومصادرة الشركات والمنشآت ، وحظر علي الجهات الإدارية فرض الحراسة أو الحجز أو الاستيلاء أو التحفظ أو تجميد أو مصادرة أموال الشركات والمنشآت. وفي ذات السياق أكد المشرع في قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد علي سرية حسابات وودائع وأمانات وخزائن العملاء في كافة البنوك ، ومنع الاطلاع عليها أو إعطاء بيانات عنها بطريق مباشر أو غير مباشر إلا بإذن كتابي من العميل أو نائبه القانوني أو بناء علي حكم قضائي ، وأكد المشرع علي أن الحظر المذكور يسرى علي الكافة بغض النظر عن صلاحيات أو امتيازات الجهة طالبة المعلومات ، وتمتد هذه الحماية حتي لو انتهت علاقة العميل بالبنك ، ورسم القانون محل النظر إجراءات الحصول علي تلك البيانات من غير العميل أو نائبه القانوني فخوَّلَ للنائب العام أو لمن يفوضه من المحامين العامين الأول على الأقل من تلقاء نفسه أو بناء على طلب جهة رسمية أو أحد من ذوى الشأن ، أن يطلب من محكمة استئناف القاهرة الأمر بالاطلاع أو الحصول على أية بيانات أو معلومات تتعلق بالحسابات أو الودائع أو الأمانات أو الخزائن ، علي أن تفصل المحكمة المذكورة منعقدة في غرفة المشورة في الطلب خلال الأيام الثلاثة التالية لتقديمه بعد سماع أقوال النيابة العامة أو ذي الشأن ، ويكون للنائب العام أو من يفوضه من المحامين العامين الأول على الأقل سلطة الأمر بالاطلاع أو الحصول علي البيانات والمعلومات مباشرة – ودون اللجوء لمحكمة استئناف القاهرة – إذا اقتضى ذلك كشف الحقيقة في جريمة من الجرائم المنصوص عليها في القسم الأول من الباب الثاني من الكتاب الثاني من قانون العقوبات ، وفى الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة غسل الأموال الصادر بالقانون رقم 80 لسنة 2002.

وفي ضوء ما يتعرض له الوطن – بل العالم – من مخاطر الإرهاب ، وصداً لما يواجه الدولة من عمليات إرهابية ، أصدر رئيس الجمهورية بما له من صلاحيات تشريعية بموجب الدستور في غيبة مجلس النواب ، قراره بالقانون رقم 8 لسنة 2015 بشأن تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين ؛ والذي أقره مجلس النواب بجلسته المنعقدة بتاريخ 17/1/2016 طبقاً للمادة 156 من الدستور ، تضمن تعريف الكيان الإرهابي والشخص الإرهابي والأموال والتمويل في نطاق تطبيق هذا القانون ، كما عرف تجميد الأموال بكونها الحظر المؤقت الذى يفرضه على نقل الأموال أو تحريكها أو تبديلها أو تحويلها أو التصرف فيها ، وذلك بناء على القرار الصادر وفقا لنص المادة (3) من هذا القانون ، وأنشأ القانون المذكور قائمتين أولهما هي "قائمة الكيانات الإرهابية" وثانيهما هي "قائمة الإرهابيين" وعهد إلي النيابة العامة سلطة إعداد القائمتين سالفتي البيان شريطة صدور قرار من دائرة الجنايات المختصة بمحكمة استئناف القاهرة بالإدراج علي أي من القائمتين ، وكذا بإدراج الكيانات أو الأفراد الصادر ضدهم أحكام جنائية نهائية بإسباغ وصف الإرهاب عليهم ، وأناط بدائرة أو أكثر من دوائر الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة – علي النحو الذي تحدده الجمعية العمومية للمحكمة سنوياً – تكون منعقدة في غرفة المشورة ، بنظر طلبات الإدراج على قائمتي الكيانات الإرهابية والإرهابيين ، علي أن يقدم طلب الإدراج من النائب العام مرفقاً به ما يؤيده من مستندات وتحقيقات ، وحدد القانون مدة الإدراج علي أي من القائمتين علي أن لا تجاوز ثلاث سنوات ، وفي حال انقضاء تلك المدة دون صدور حكم نهائي فللنيابة العامة إعادة العرض على الدائرة المشار إليها للنظر في مد الإدراج لمدة أخرى ، وإلا وجب رفع أسم الكيان أو الشخص الطبيعي من القائمة من تاريخ انقضاء تلك المدة ، كما أكد القانون علي وجوب نشر قرار الإدراج أو المد أو رفع الاسم في الوقائع المصرية ، ويترتب علي نشر قرار الإدراج بالنسبة للشخص الطبيعي ، وبقوة القانون وطوال مدته ؛ 1- الإدراج علي قوائم المنع من السفر وترقب الوصول ، أو منع الأجنبي من دخول البلاد ، 2- سحب جواز السفر أو إلغاؤه ، أو منع إصدار جواز سفر جديد ، 3- فقدان شرط حسن السمعة والسيرة اللازم لتولى الوظائف والمناصب العامة أو النيابية 4- تجميد أموال الإرهابي متى استخدمت في ممارسة نشاطه الإرهابي ، وذلك كله ما لم تقرر الدائرة المختصة خلاف ذلك ، وألزم القانون جميع سلطات وجهات وهيئات وأجهزة الدولة ، كل في حدود اختصاصه ، بإعمال وإنفاذ الآثار المشار إليها ، علي أن تحدد الدائرة المختصة بعد أخذ رأي النيابة العامة – وفي الأحوال التي يتطلبها طبيعة المال ذلك – من يدير الأموال المجمدة ، ويلتزم من يعين للإدارة بالمحافظة على الأموال وبحسن إدارتها ، وردها مع غلتها المقبوضة طبقا للأحكام المقررة في القانون المدني بشأن الوكالة في أعمال الإدارة والوديعة والحراسة ، وذلك على النحو الذى يصدر بتنظيمه قرار من وزير العدل.

كما أصدر رئيس الجمهورية قراره بالقانون رقم 94 لسنة 2015 بشأن مكافحة الإرهاب ؛ والذي أقره مجلس النواب بجلسته المنعقدة بتاريخ 17/1/2016 ، والذي تضمن العقوبات المقررة للجرائم الإرهابية ، والتي تضمنت الحكم بمصادرة الأموال الثابت تخصيصها للصرف علي الأعمال الإرهابية عند الحكم بالإدانة ، كما نص علي القواعد الإجرائية لسلطات التحقيق ومنحها سلطة اتخاذ التدابير التحفظية اللازمة ، بما في ذلك تجميد الأموال ، والمنع من التصرف فيها أو إدارتها ، أو المنع من السفر ، علي أن تلتزم بالأحكام والإجراءات المنصوص عليها في المواد 208 مكرراً (أ) و208 مكرراً (ب) و208 مكرراً (ج) و208 مكرراً (د) من قانون الإجراءات الجنائية. واتِّساقاً مع قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد ؛ للنائب العام أو من يفوضه من المحامين العامين على الأقل أو سلطة التحقيق المختصة – بحسب الأحوال – سلطة الأمر بالاطلاع أو الحصول علي بيانات ومعلومات بشأن حسابات أو ودائع أو أمانات أو خزائن أو معاملات لعملاء البنوك مباشرة – ودون اللجوء لمحكمة استئناف القاهرة – إذا اقتضى ذلك كشف الحقيقة في أعمال الاستدلال أو التحقيق علي ارتكاب المتهم أو اشتراكه في أية جريمة إرهابية قامت الدلائل الكافية علي وقوعها.

ومن حيث إنه ونفاذاً لقانون تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين ؛ نشرت الوقائع المصرية قرارات الإدراج المشار إليها في القانون ، وكان من ضمن ما تم نشره قرار النائب العام رقم 1 لسنة 2015 بشأن إدراج بعض الأشخاص من جماعة الإخوان المسلمين علي قائمة الإرهابيين ، والمنشور في الوقائع المصرية بالعدد رقم 72 تابع بتاريخ 29/3/2015 ، والذي بموجبه تم إدراج ثمانية عشر شخصاً علي قائمة الإرهابيين دون صدور حكم قضائي بالإدراج علي تلك القائمة ، وحيث لم يرتض أولئك بذلك فأقاموا الطعن رقم 1 لسنة 2015 أمام محكمة النقض – الدائرة الجنائية – طعناً علي القرار المذكور ، وبجلسة 2/9/2015 أصدرت المحكمة حكمها بعدم جواز الطعن ، إلا أنه جاء في أسباب الحكم إنه "لما كان البَيِّن من صريح نص المواد الثانية والثالثة والسادسة من قرار رئيس جمهورية مصر العربية بالقانون رقم 8 لسنة 2015 في شأن تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين أن الشارع قد قصر دور النيابة علي مُجَرَّد "إعداد" قائمتي الكيانات الإرهابية والإرهابيين ، تدرج عليهما هذه الكيانات ، وهؤلاء الإرهابيين في الحالتين الموضحتين في المادة الثانية من القانون ، وقد ناط المشرع الاختصاص بنظر طلبات الإدراج علي القائمتين ، والفصل فيها دائرة أو أكثر من دوائر الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة – منعقدة في غرفة مشورة – ، فيكون لها – في جميع الأحوال إزاء ورود نص المادة الثالثة من القانون في عبارات عامة بغير تخصيص ، ومطلقة بغير تقييد – نظر طلبات الإدراج علي قائمتي الكيانات الإرهابية والإرهابيين ، وسلطة الفصل في هذه الطلبات بقرار مُسَبَب خلال سبعة أيام ، ولا تخرج عن ذلك الحالة التي تصدر في شأنها أحكام جنائية نهائية بإسباغ وصف الإرهاب علي الكيانات ، أو علي المحكوم عليهم بموجبها ، إذ يظل دور النيابة العامة مقصوراً – وبحسب نص المادة الثانية – علي "إعداد" القائمة ، إلا أنه يكون لها أن تتخذ من تلك الأحكام سنداً يسوغ التَقَّدُّم بطلب الإدراج إلي الدائرة المختصة ، تفصل فيه – حسب تقديرها لما قُدِّم إليها من تحقيقات ومستندات – بقرار مُسَبَّب ، بحسب نص المادة الثالثة ، وهو ما يقتضيه وزن المحكمة وموازنتها لما يتناضل فيه الخصوم أمامها ، والتصدي ببحثه ومعالجته في أسباب قرارها قبولاً ورفضاً ، وقرارها يُعَدٌ بمثابة قضاء ، لا يصح إصداره من غير المختص به ، ولا يحل لسلطة الادعاء العام أن تستلب سلطة القضاء باختصاص أفرادها المُشَرِّع به ، وقرار دائرة محكمة الجنايات المُخْتَصَّة ، الصادر في شأن الإدراج علي أي من القائمتين ، وهو وحده الذي أجاز الشارع فيه – لذوي الشأن وللنيابة العامة كذلك – أن يكون محلاً للطعن فيه بطريق النقض ، فتنظره الدائرة الجنائية بمحكمة النقض ، والتي تُحَدِّدها الجمعية العمومية للمحكمة بحسب نص المادة السادسة من القانون ، وإذ كان قرار السيد الأستاذ المستشار / النائب العام – المطعون فيه – بإدراج قائمة الإرهابيين ، قد صدر ممن لا يختص به ، فأنه يكون لغواً لا أثر له ، ويكون الطعن فيه بالنقض غير جائز". وبناء علي ذلك تقدم النائب العام بطلب الإدراج رقم 3 لسنة 2015 – متضمناً ذات الأسماء الثمانية عشر – لمحكمة الجنايات المختصة.

ومن حيث إن الحراسة القضائية علي الأملاك الخاصة أو التحفظ عليها بموجب أحكام من المحاكم المدنية هي حراسة القصد منها تحقيق مصالح خاصة ، وهي تختلف عن منع المتهمين من التصرف في أموالهم أو إدارتها بموجب أوامر من النائب العام أو المحكمة الجنائية المختصة في الحالات المحددة من قانون الإجراءات الجنائية ، وكذلك تختلف عن تجميد الأموال بقوة القانون كأثر مباشر للإدراج علي قائمة الكيانات الإرهابية أو قائمة الإرهابيين وعلي ما نصت عليه المادة (7) من قانون تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين ، كما تختلف عن التدابير التحفظية الممنوحة لسلطة التحقيق طبقاً للمادة (47) من قانون مكافحة الإرهاب ، والذي أكد فيه المشرع علي وجوب الالتزام بأحكام قانون الإجراءات الجنائية ، فالمقصود من هذا المنع ضمان تنفيذ ما عسي أن يقضي به في الدعوي الجنائية من غرامة أو رد أو تعويض ، وكذلك حرمان المحكوم عليه من الأموال التي تساعد في تمويل الإرهاب والقيام بالعمليات الإرهابية ، فضلاً عما نص عليه قانون مكافحة الإرهاب من إمكانية تخصيص جزء من الأموال المحكوم بمصادرتها لسداد التزامات الدولة بشأن وثيقة التأمين الإجباري المبرمة لتغطية جميع الأخطار الناجمة عن الجرائم الإرهابية التي تصيب أي فرد من أفراد القوات المسلحة أو قوات الشرطة المكلفة بمكافحة الإرهاب.

أما الحالات التي تتدخل فيها جهة الإدارة في شئون الملكية الخاصة بفرض الحراسة الإدارية عليها أو بالاستيلاء مؤقتاً علي المال الخاص ، فإنها تختلف في طبيعتها عن الحراسة القضائية وعن المنع من التصرف أو الإدارة طبقاً لنص المادة (208 مكرراً أ ) من قانون الإجراءات الجنائية والمادة (7) من قانون تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين والمادة (47) من قانون مكافحة الإرهاب ؛ في أن تدخل الإدارة في شئون الملكية الخاصة محظور إلا في الحالات المحددة قانوناً علي سبيل الحصر ، وأن الغرض والغاية من التدخل يجب أن يقصد منه تحقيق المصلحة العامة ، وأن التعرض للملكية الخاصة في هذه الحالات يتم في شكل عمل إداري يخضع لرقابة المشروعية التي تختص بها محاكم مجلس الدولة.

ومن حيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بأن الحراسة بالنظر إلى طبيعتها ومداها لا تعدو أن تكون إجراء تحفظياً لا تنفيذياً ، وإنما تعتبر تسلطاً على الأموال المشمولة بها في مجال صونها وإدارتها فلا يكفى لفرضها مجرد أمر على عريضة يصدر في غيبة الخصوم بل يكون توقيعها فصلاً في خصومة قضائية تقام وفقاً لإجراءاتها المعتادة ، وتباشر علانية في مواجهة الخصوم جميعاً ، وأن فرض قيود على بعض الأموال عن طريق حراستها لا يكون إلا من خلال الخصومة القضائية وإلا كان تحميل المال بها – في غيبة الخصومة القضائية – عملاً مخالفاً للدستور.
"حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 26 لسنة 12 ق. دستورية بجلسة 5/10/1996"

كما أكدت المحكمة الدستورية العليا علي أن "الحماية الدستورية المقررة لحق الملكية تنصرف إلى جميع السلطات التي يخولها هذا الحق لصاحبه ، وطالما كان حق الملكية حقاً جامعاً مانعاً فإن لصاحبه الانتفاع بالمال المملوك واستغلاله والتصرف فيه ، وليست هذه المكنات إلا للمالك ما لم يخول شخص آخر – قانوناً أو اتفاقا – إحدى أو كل هذه السلطات".
"حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 16 لسنة 22 ق. دستورية ، بجلسة 7/5/2006"

ومن حيث إن الملكية الخاصة قبل اكتسابها تكون محض رخصة ، وبعد اكتسابها تصبح حقاً ثابتاً ، وييسر القانون اكتسابها بالوسائل المشروعة ويحميها بعد قيامها ، والملكية ضرورية لتأكيد استقلال الإنسان وحريته واعتماده على نفسه فمن لا يملك شيئاً مضطر للاعتماد على غيره ، وحيث لا تكون ملكية لا توجد حرية ، والحماية الدستورية والقانونية للمكية الخاصة لا تقتصر على حالات غصبها ونزعها على غير إرادة أصحابها بغرض سلبها وحرمانهم منها ، وإنما تمتد حمايتها إلى أي انتقاص من سلطات المالك التي يكفلها له القانون ، وكل عمل تقوم به جهة الإدارة ينطوي على حرمان المالك من الانتفاع بملكه أو استعماله أو استغلاله أو التصرف فيه أو من حقه في إدارته بنفسه أو بأية وسيلة يختارها – دون سند من القانون – يكون واقعاً في دائرة عدم المشروعية ويشكل عدواناً على حق الملكية.

ومن حيث إن الثابت من الأوراق ؛ أن أحد المواطنين أقام الدعوى رقم 2315 لسنة 2013 مستعجل القاهرة ضد رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية والنائب العام وطلب الحكم بصفة مستعجلة بحظر أنشطة تنظيم وجماعة وجمعية الإخوان المسلمين والتحفظ على أموالها وأموال المنتمين إليها ، وبجلسة 23/9/2013 حكمت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة في مادة مستعجلة بحظر أنشطة تنظيم وجماعة وجمعية الإخوان المسلمين وما يتفرع عنها أو يتبعها من منشآت وجمعيات أو يتلقى منها دعماً مالياً ، والتحفظ على جميع أموالها العقارية والمنقولة والسائلة ، والعقارات والمنقولات والأموال المملوكة للأشخاص المنتمين إليها . وتشكيل لجنة مستقلة من مجلس الوزراء لإدارة الأموال المتحفظ عليها إلى حين صدور أحكام قضائية باتة بشأن ما نسب إلى الجماعة وأعضائها من اتهامات جنائية ، وأصدر مجلس الوزراء القرار رقم 1141 لسنة 2013 بتشكيل لجنة لإدارة الأموال المتحفظ عليها ، كما أصدر وزير العدل القرار رقم 7995 لسنة 2013 بتشكيل لجنة لتنفيذ الحكم المشار إليه. وبغض الطرف عن مدي حجية الحكم الصادر في الدعوي رقم 2315 لسنة 2013 مستعجل القاهرة سالف البيان ، فالولوج فيه وطرح الحجج والأسانيد أنما يخرج عن حدود النزاع المطروح في الدعوي الماثلة ، وكفي بنا تقرير اختصاص محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة بنظر الدعوي الماثلة وذلك أثناء طرح دفوع الحاضر عن الدولة.

وحيث إن اللجنة المشار إليها كانت تقيم دفاعها عن قراراتها الصادرة بالتحفظ في الدعاوي المماثلة للدعوي محل النظر ، علي كون القرار المذكور صدر تنفيذاً لحكم محكمة الأمور المستعجلة سالف البيان ، وأنها أصدرته بناء علي ما ورد إليها من الأمن الوطني من أن المدعين في تلك الدعاوي ينتموا إلي جماعة الإخوان المسلمين ؛ إلا أن اللجنة المدعي عليها ما لبث وأن غايرت ما استقر عليه دفاعها بادعائها – في الدعوي الماثلة – بأن قرار التحفظ علي أموال المدعي العقارية والمنقولة والسائلة ومنعه من التصرف فيها صدر من قاضي التنفيذ تنفيذاً للحكم القضائي الصادر في الدعوي رقم 2315 لسنة 2013 مستعجل القاهرة ، وبالتالي فيكون التحفظ صادراً بأمر قاضي التنفيذ وليس بقرار من اللجنة.

إلا أن ذلك مردود عليه بأن قرارات قاضي التنفيذ – وعلي النحو السالف بيانه عند عرض نصوص مواد قانون المرافعات – أنما هي في الأساس تستهدف إزاحة العقبات أمام تنفيذ حكم واجب النفاذ ، فالأصل في التنفيذ أن يكون بموجب سند تنفيذي اقتضاءً لحق محقق الوجود ومعين المقدار وحال الإداء ، فقرارات وأوامر قاضي التنفيذ بذاتها لا تخلق حقاً جديداً ولا تنشئ مركزاً قانونياً من عدم ، وأية ذلك أن اللجنة المدعي عليها هي من تقدمت لقاضي التنفيذ بطلب تضمن أسماء الأشخاص والمدارس والجمعيات والشركات التي ثبت انتمائهم إلي جماعة الإخوان الإرهابية وكذلك الجماعات التابعة لها أو التي تمولها بتقديم دعم مالي لها ، وهو الثابت من مذكرة رد اللجنة – صـ 3 – علي الدعوي الماثلة المقدمة طي حافظة المستندات المودعة أثناء تحضير الدعوي أمام هيئة مفوضي الدولة بجلسة 20/8/2015 ، فضلاً عن محالفة ذلك للدستور والقانون وما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا ومحكمة النقض والمحكمة الدستورية من أن الحراسة بالنظر إلى طبيعتها ومداها لا تعدو أن تكون إجراء تحفظياً لا تنفيذياً ، وإنما تعتبر تسلطاً على الأموال المشمولة بها في مجال صونها وإدارتها فلا يكفى لفرضها مجرد أمر على عريضة يصدر في غيبة الخصوم بل يكون توقيعها فصلاً في خصومة قضائية تقام وفقاً لإجراءاتها المعتادة ، وتباشر علانية في مواجهة الخصوم جميعاً ، وأن فرض قيود على بعض الأموال عن طريق حراستها لا يكون إلا من خلال الخصومة القضائية وإلا كان تحميل المال بها – في غيبة الخصومة القضائية – عملاً مخالفاً للدستور ، فبذلك يكون قرار اعتبار المدعي من المنتمين لجماعة الإخوان الإرهابية وما استتبعه من التحفظ علي أمواله صدر ابتداءً من اللجنة المدعي عليها ، بيد أن اللجنة اصطدمت بالحماية الدستورية للملكية وكذا القوانين الضامنة لهذه الحماية – ومنها قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد ، قانون ضمانات وحوافز الاستثمار ، قانون سوق رأس المال ، وغيرهم من القوانين – والتي حظرت المساس بالملكية الخاصة بغير الأحوال والشروط المنصوص عليها قانوناً وبموجب حكم قضائي واجب النفاذ ، أو أملاً من القائمين علي اللجنة في تحصين قراراتهم أمام قاضي المشروعية ، لجأت اللجنة إلي قاضي التنفيذ في مسلك معيب من أساسه لعدم انطباق ما لقاضي التنفيذ من سلطات واختصاصات في مجال الحقوق المدنية على مجال تطبيق الحراسة القضائية والمنع من التصرف بوصفهما أحد إجراءات التحقيق والتي لا يجوز أن تفرض خارج اطار المادة (208 مكرراً أ ) من قانون الإجراءات الجنائية والمادة (7) من قانون تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين والمادة (47) من قانون مكافحة الإرهاب فما يصدر خلافاً لذلك متضمناً أوامراً أو قرارات بالتحفظ أو فرض الحراسة أو المنع من التصرف ، تكون قد صدرت ممن لا يختص بها ، فتعد لغواً لا أثر له ، مما يتعين معه طرحها دون أن يكون لأي من تلك القرارات أو الأوامر أثراً سواء علي الماضي أو المستقبل. فضلاً عن أنه وبصدور قانون تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابين رقم 8 لسنة 2015 ، حدد المشرع الجهة المختصة بإدراج الكيانات الإرهابية والإرهابيين علي القوائم المعدة لذلك وقصرها في دائرة أو أكثر من دوائر الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة – علي النحو الذي تحدده الجمعية العمومية للمحكمة سنوياً – تكون منعقدة في غرفة المشورة ، وكان علي اللجنة المدعي عليها التريث حتي صدور أحكام الدائرة المذكورة ، بل أن عملها – خاصة وبعد صدور القانون سالف الذكر – أنما يقتصر علي دور المراسلات والمخاطبات ، وكذا بإدارة الأموال المجمدة في حال ما إذا عينت الدائرة المختصة بمحكمة استئناف القاهرة اللجنة المذكورة لإدارة تلك الأموال.

ومن حيث إن الأوصاف القانونية ترتبط منطقياً بموصوفاتها ، ومن غير الجائز عند إطلاق الأوصاف القانونية التي تتصف بها التصرفات والأعمال القانونية اللجوء إلي أساليب المُبالغة أو إلي صور البلاغة والتي قد تُقبل في مسائل اللغة والأدب لكنها تظل غير مقبولة في منطق القانون الذي يعتمد علي حقائق التصرفات والأعمال القانونية ، فتتحدد صفة العمل القانوني بالنظر إلي طبيعته وجوهره بغض النظر عن شخص مُصدره ، ولكي يصدق علي قرار التحفظ علي أموال وممتلكات المدعي أنه عمل قضائي فإنه يتعين أن يصدُر القرار من الجهة المختصة ، علي النحو الوارد في قانون الإجراءات الجنائية وقانون تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين وقانون مكافحة الإرهاب ، ولما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن اللجنة المشكلة بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1141 لسنة 2013 والمعدل بموجب قراره رقم 950 لسنة 2014 ، والتي تسمي "لجنة إدارة أموال جماعة الإخوان المحظورة"، وأن كان سند أنشائها أضفي عليها وصف الشخص الاعتباري وجعل لها ممثلاً قانونياً وذمة مالية مستقلة ، ألا أن تلك اللجنة تضمنت في تشكيلها عناصر غير قضائية ، كممثل وزارة الداخلية ووزارة المالية ، بما ينتفي معه وصف العمل القضائي علي قراراتها ، أما عن اللجنة المشكلة بموجب قرار وزير العدل رقم 7995 لسنة 2013 فأنها من ناحية لم تثبت لها الشخصية الاعتبارية المستقلة طبقاً للمادتين (52) و(53) من القانون المدني رقم 131 لسنة 1948 ، كما تضمن تشكيلها عناصر غير قضائية كممثل وزارة التأمينات الاجتماعية – وهو الثابت من الاطلاع علي المادة الأولي من قرار وزير العدل المذكور – فضلاً عن أن تلك اللجنة لا تعدوا ألا وأن تكون لجنة مساعدة للجنة المشكلة بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء سالف البيان طبقاً للمادة الثانية منه ، فهي لجنة تابعة ومساعدة فلا تحظي باستقلال القضاء ولا حيدته وإنما تعمل بمنظومة الأوامر الرئاسية وتخضع للسلطة التنفيذية بشكل مباشر.

ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن جهة الإدارة لم تستند في إصدار القرار المطعون فيه إلى أي قانون يخولها سلطة إصداره ، وإنما استندت إلى حكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة المشار إليه ، وسواء أن كانت أسست قرارها علي ما ورد إليها من الأمن الوطني بشأن انتماء المدعي إلي جماعة الإخوان المسلمين ، أو دون ذلك من مستندات وأوراق ودلائل ، فأن المحكمة الإدارية العليا قضت بأن " ... وعلي العموم فليست كل تحريات الشرطة صحيحة ، وليست كل تحريات الشرطة لها سند من الأوراق وليس كل ما يشاع عن الناس يصادف الحقيقة والصدق في شأنهم ، والواقعة الواحدة قد يختلف الناس في تفسيرها وفي رؤاهم عنها أَيَّمَا اختلاف ، ولو كانت كل تحريات الشرطة صحيحة ... لما قامت بالبلاد حاجة إلى خدمات القضاء والعدل ..." ، كما استقرت علي أن "تقارير جهات الأمن بما تحويه من وقائع واتهامات لا تحوز حجية مطلقة ، وإنما تخضع لتقدير ورقابة جهات القضاء المختلفة ، ولها التعويل عليها أو طرحها حسبما يستقر في ضميرها وعقيدتها ووجدانها من اطمئنان إلي ما حوته من اتهامات وفي ضوء ملابسات وأدلة الدعوي الأخري ...".

وتأسيساً علي ما سبق بيانه ؛ ولما كان الثابت من الأوراق ، أن اللجنة الإدارية المشكلة بقرار وزير العدل لتنفيذ الحكم المشار إليه أصدرت القرار المطعون فيه بالتحفظ على أموال المدعى ومنعه من التصرف فيها – وسواء بناء على ما ورد إليها من الأمن الوطني من أن المدعى ينتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين أو لغير ذلك من أسباب – فمن ثم فإن القرار المطعون فيه هو قرار اللجنة المشار إليها وصنيعة يديها وحدها ، وإن حاولت ستره خلف حكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة أو قرارات وأوامر قاضي التنفيذ ، على أنه عمل من أعمال تنفيذ الحكم على خلاف الحقيقة، وقد ترتب على القرار المطعون فيه وضع أموال المدعي تحت الحراسة الإدارية دون سند من القانون.

ومن حيث إن الثابت من الأوراق كذلك ، أن جهة الإدارة بإصدار القرار المطعون فيه اعتدت على الملكية الخاصة وانتقصت من الحقوق الدستورية والقانونية المقررة للملكية الخاصة دون سند من القانون ، كما أنها اغتصبت اختصاص القضاء في هذا الشأن ، لأنه وعلى فرض أن المدعي ارتكب سلوكا يشكل جريمة جنائية فإن ذلك لا يبرر لجهة الإدارة التدخل بقرار إداري لحرمان المدعي من إدارة أمواله والتصرف فيها ، فالمنع من التصرف أو الإدارة ينبغي أن يصدر من المحكمة الجنائية المختصة وفقاً للضوابط المقررة في قانون الإجراءات الجنائية أو كأثر مباشر للحكم بالإدراج علي أي من القوائم المنصوص عليها في قانون تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين.

ومن حيث إن محكمة القضاء الإداري – الدائرة الأولى – قد انتهت إلى إن المحكمة وهي تدرك أن الإرهاب يشكل خطراً على المجتمع وأن على جهة الإدارة واجب مواجهته ، فأنها تؤكد علي أن مواجهة الإرهاب وكل خروج على القانون يجب أن يتم بالوسائل والإجراءات المشروعة ولا يجوز لجهة الإدارة أن تتخطى أو تتجاهل أحكام الدستور والقانون وتتنكب وجه الشرعية ، فخطر الاستبداد على المجتمع ليس أقل من خطر الإرهاب".
"حكم محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 34447 لسنة 68ق. جلسة 24/6/2014".

وبالبناء على ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه الصادر بالتحفظ على أموال المدعي العقارية والمنقولة والسائلة ومنعه من التصرف فيها، قد صدر مخالفاً للدستور والقانون وانطوى على اغتصاب سلطة القضاء، الأمر الذي يتعين معه التقرير -للقضاء- بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها رفع التحفظ على أموال المدعي العقارية والمنقولة والسائلة، وإنهاء منعه من التصرف فيها، وتسليمها إليه غير منقوصة.

ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها.

"فلهذه الأسباب"

نرى الحكم: بقبول الدعوي شكلاً ، وفي الموضوع بإلغاء قرار اللجنة المشكلة بقرار وزير العدل رقم 7995 لسنة 2013 لتنفيذ الحكم الصادر في الدعوى رقم 2315 لسنة 2013 مستعجل القاهرة ، فيما تضمنه من التحفظ على أموال وممتلكات المدعي ، مع ما يترتب على ذلك من آثار ، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved