فاز مؤخرا بوسام جوته للشخصيات المؤثرة فى مجالها: محمد عبلة: الفن مهنة صعبة والأعمال المباشرة لا تدوم طويلا

آخر تحديث: الجمعة 13 مايو 2022 - 7:41 م بتوقيت القاهرة

أسماء سعد

ــ تحقيق التنوع والاختلاف فى أعمالى الفنية أكثر ما شغلنى منذ السبعينيات
ــ أهتم أن تكون أعمالى بمثابة جسور للتواصل مع الثقافات المختلفة

«أعمال بديعة، لوحات ذات ألوان مميزة، وتكوينات فنية آسرة»، هكذا أبدع الفنان التشكيلى محمد عبلة أعماله التى فاضت على المشهد الفنى التشكيلى المصرى منذ سبعينيات القرن الماضى، وجاء تتويج عبلة بوسام جوته الألمانى ليسلط الضوء ويعيد التذكير بالقيمة الرفيعة التى تمثلها إبداعاته المختلفة.
حرص طوال مشواره الفنى الممتد على ألا يحصر نفسه فى قالب أو شكل فنى واحد، وإنما يكون هناك تعدد وتنوع واضح فى الأعمال وما تعبر عنه، ويرى أنه يرسم كما يكتب والعكس، وأن الرسم هو ترجمة فنية لحياته الواقعية، وعما شعر به بعد الفوز بوسام جوته من ألمانيا للشخصيات المؤثرة فى مجالها، وقادم أعماله، كان للشروق حوار مع الفنان محمد عبلة الذى قال: «سعيد للغاية بحصولى على وسام جوته الألمانى، خصوصا أننى أعلم مدى قدره وأهميته الكبيرة؛ حيث حصل على الوسام سابقا من مصر الدكتور عبدالغفار مكاوى، المترجم الشهير للأعمال الأدبية والفلسفية الألمانية إلى اللغة العربية، والذى فاز بالوسام عام 2000، كما حصل على الوسام الشاعر العربى الكبير أدونيس عام 2001، هذا الفوز من وجهة نظرى بمثابة تتويج لرحلتى المهنية لمشوارى الإبداعى. أعلم جيدا أهمية الشاعر الكبير يوهان جوته واقتران اسمى بـ«جوته» شىء مهم وكبير جدا بالنسبة لى».
> أعمالك الفنية تعتمد فكرة التنوع الثقافى فى مصر، كيف استطعت الحفاظ على ذلك خلال مشوارك الفنى؟
ــ أنا أعمل منذ أواخر السبعينيات وأقوم بعرض أعمالى الفنية، ودائما كانت لدى أمنية وهى أننى لا أعتمد على نفس الأسلوب طوال العمر، وأننى أحقق التنوع والاختلاف فى أسلوبى واهتماماتى، واستطعت بالفعل تحقيق ذلك خلال مسيرتى الفنية. واستطعت تحقيق مزيد من التنوع وذلك عن طريق الانتقال والسفر كثيرا وزيارة أماكن متنوعة وخوض تجارب مختلفة، وبالفعل أهتم كثيرا خلال أعمالى أن أبنى جسورا من تواصل بين الناس والثقافات والشعوب المختلفة ودائما ما ينعكس ذلك فى أعمالى.
> حدثنا عن نقطة البداية فى مشوارك الفنى؟
ــ نشأت فى مدينة صغيرة بجانب المنصورة تسمى «بلقاس» كانت تمتلك هذه المدينة طبيعة خاصة متميزة حيث إنها تمتلك سينما صيفية وسينما بالشتا وبها مسرح وبها مكتبة وجريدة أسبوعية، لذلك كان هناك بالمدينة مجموعة كبيرة من المثقفين بها، بالإضافة إلى أن الجو العام بالمدينة منذ طفولتى كان يهيئ ويساعد لو أن هناك طفلا موهوبا يتم تنمية موهبته واحتضانها وتطويرها؛ حيث حدوث المناقشات والحوارات.
كانوا ينادوننى منذ صغرى بلقب «فنان»، وعندما كبرت كنت أشعر أننى لابد أن أكون فنانا كى أرضى الجميع من حولى، ولذلك قررت دراسة الفنون الجميلة وبالفعل تقدمت إلى كلية الفنون الجميلة، ولكن جاءت معارضة أبى حيث رفض بشدة دراستى للفنون ولم يكن متقبلا فى البداية دراستها لكن الموهبة تتنصر دوما والإرادة تنتصر فى النهاية، واستكملت دراستى بكلية الفنون الجميلة ولم أتصور أننى من الممكن دراسة أى شىء آخر غيرها.
> ما هى الصعوبات التى واجهتها خلال مسيرتك الفنية؟
ــ فى البداية قد يواجه الفنان بعض المشاكل العائلية والأسرية التى تتعلق برفض الأسرة دراسة وممارسة الفن، ومن ثم تنافسات الحياة والسفر والانتقالات والاعتماد على الذات وكيف يمكن أن يدبر الإنسان حاله، فجميعها مغامرات فردية قمت بها بمفردى تماما ولكنى أحمد الله كثيرا أننى تغلبت عليها، وحققت معظم ما كنت أحلم به وأطمح إليه.
> هل ترى أن أعمالك تثير بعض الحيرة والغموض؟ وهل يخدم ذلك العمل الفنى؟
ــ لابد أن أؤكد على أن «الفن مهنة صعبة»، فليس من السهل أن يجد الإنسان موضوعات مناسبة، وأن يجد الجو العام الملائم للعمل والأماكن المناسة لعرض الأعمال الفنية.
الأعمال المباشرة من وجهة نظرى عمرها قصير فى الأدب والفن، فالأعمال الفنية المباشرة والتى يتم فهمها من أول نظرة لا تعيش سنوات كثيرة، لابد أن العمل الفنى يثير التساؤلات والحيرة والغموض، والدهشة كمعيار أساسى تضمن أن تعيش الأعمال الفنية طويلا وتستمر فى الحياة كثيرا.
> من هم الفنانون التشكيليون الذين أثروا فى حياة محمد عبلة؟
ــ فى الكلية كان هناك مجموعة كبيرة من الأساتذة ساعدونى منهم حامد عويس وكامل مصطفى وفاطمة دراجى.
وهناك مجموعة من الفنانيين العالمين الذين تأثرت بهم أمثال بابلو بيكاسو، والرسام الألمانى بول كلى، والفنان التشكيلى المشهور جاكو، كان لهم تأثير واضح وكنت حريصا دائما أن أتابع أعمالهم وأشاهدها دائما، وحرصت عند سفرى أن أزور معارضهم.
السفر أيضا كان له دور كبير فى حياتى؛ حيث إننى سافرت مبكرا بعد التخرج مباشرة وفضلت أن أزور بلادا كثيرة فى العالم وكنت بسافر كفنان ليس لدى أى شىء آخر غير الفن أسافر من أجله سواء أشاهد الأعمال الفنية أو أعرض أعمالى، أو للدراسة والتدريس.
> ما هو سبب حرصك على إطلاق جوائز خاصة للتصوير وتأسيس متحف للكاريكاتير؟
ــ أطلقت أكثر من جائزة حملت اسمى فى مجال التصوير والفيديو والأفلام القصيرة لتشجيع الشباب الفنانين وتكريمهم، لأننى عندما كنت شابا كنت أتمنى هذا النوع من الاهتمام وأن يستطيع الشباب الحصول على جوائز نتيجة لتقدير أعمالهم الفنية.
أنشأت مركز الفيوم للفنون، حيث نقوم بتوفير منح للفنانين الشباب، وأنشأت متحف الكاريكتور بالفيوم للحفاظ على فن الكاريكتور وتشجيع الفنانين رسامى الكاريكاتير ويحتوى على تاريخ الكاريكاتير المصرى منذ بدايته، ويحتوى على أعمال معظم رسامى الكاريكاتير المصريين، وقمت خلاله بجمع لوحات نادرة لفنانين بارزين ومؤثرين.
> ما هى فلسفتك الخاصة فى استخدام الألوان والأشكال فى لوحاتك الفنية؟
ــ الفن عندى عبارة عن كتابة يوميات، فالفن فى مفهومى هو ترجمة لحياتى وما حدث فيها ولكل تجاربى، ولذلك يتغير الفن ويتلون بحسب التجارب التى أعيشها وأتعرض لها، فالفن متغير من يوم ليوم ومن أسبوع لأسبوع لأننى أكتب مثلما أرسم، وأرسم مثلما أكتب، فالرسم ترجمة لحياتى.
الألوان تتغير حسب الموضوعات التى أعيشها حتى الخامات نفسها، أنا استخدم خامات عديدة وأقوم بعمل نحت وفيديو يتغيروا حسب الموضوعات التى أهتم بها حيث أعتمد على التغيير والتنوع دائما.
> ما رأيك فى المشهد التشكيلى الإبداعى حاليا وما الذى ينقصه أو يحتاج إليه؟
ــ الإبداع فى مصر بخير لأن هناك مجموعة من الشباب يعملون دائما يقدمون أعمالا فنية جيدة، وهذا شىء جميل ولكن فى رأيى الفن التشكيلى ينقصه بعض الاهتمام والدعم من الدولة وتخصيص مجلة متخصصة فى الفن التشكيلى، وأن نربى أجيالا من النقاد لمتابعة الحركة التشكيلية وتشجيع القطاع الخاص والمؤسسات الأهلية أنها تدعم شباب الفنانين. المجتمع لا ينهض بدون الفن، وفى رأيى الفن موجود فى كل المجالات، فى تصميم البيوت فى الملابس وتصميم الشوارع والمبانى وحتى تصميم العبوات والمنتجات، الفن موجود فى كل شىء حولنا. لذلك لابد من الاهتمام بالفنون فلا يوجد حضارة بدون فن، ولابد أن هذا المعنى يترسخ بقوة عند الجميع.
> حدثنا عن قادم أعمالك؟
ــ أنا بصدد الاستعداد لإقامة معرض فنى بجاليرى «ضى» بالزمالك، بعنوان «استيعادى» ويضم 200 عمل فنى، ويتم افتتاحه فى 29 مايو الجارى ويستمر لمدة شهرين، وهو يضم مراحل مختلفة ويتناول الرسم والطباعة والنحت.
الجدير بالذكر أنه كان قد أعلن معهد جوته فى ألمانيا، عن فوز الفنان التشكيلى محمد عبلة بوسام جوته لهذا العام، ويعتبر وسام جوته أرفع جائزة ألمانية تمنح للأجانب سنويا، وتخصص لغير الألمان الذين يقدمون خدمات جليلة للغة الألمانية أو المبدعون الذين يتميزون فى مجالات الثقافة والفنون الدولية.
والفنان محمد عبلة من مواليد الدقهلية عام 1953، وتخرج فى كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1977، وعُرف بأعماله التى تصور حياة البسطاء من المصريين، فضلا عن توثيقه أحداث ثورة يناير 2011 التى شارك فيها.
وأقام عبلة عددا كبيرا من المعارض الفردية آخرها «ألفة» العام الماضى، وشارك فى عشرات المعارض الجماعية بمصر وأوروبا، وله مقتنيات فى متحف الفن الحديث ببرلين وبلدية أوربرو بالسويد وبلدية فالسروده بألمانيا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved