مجمع البحوث الإسلامية فى تقرير علمى: إسلام بحيرى لعن أئمة الإسلام وتطاول على القرآن

آخر تحديث: الإثنين 13 يونيو 2016 - 10:40 ص بتوقيت القاهرة

• 5 محاور فى تقرير الأزهر لتفنيد آراء الباحث أبرزها الحرية المنضبطة فى الشريعة لا سقف لها.. وادعائه على كتب التراث بالعفن يؤكد تدليسه على البسطاء
• أبو حنيفة النعمان أفتى بالحجر على المفتي الماجن والطبيب الجاهل والمُكاري المفلس

قال تقرير مجمع البحوث الإسلامية الذى شارك فى إعداده 4 من أعضاء هيئة تدريس الفقه المقارن بجامعة الأزهر، تحت إشراف د. عبدالهادى محمد زارع، رئيس لجنة الفتوى الرئيسية بالأزهر، إنه بعد الاطلاع على الحلقات التى أذيعت من برنامج «مع إسلام» على قناة «القاهرة والناس»، تبين أن إسلام بحيرى، مقدم البرنامج، أثار بعض الشبهات التى يمكن توضيحها فى خمسة محاور هى: الحرية المنضبطة فى الشريعة لا سقف لها، والدين علم، والتطاول على القرآن وقوله «هزيمة القرآن»، وتسفيه الأئمة والدعوة إلى دفن التراث وإحراقه ليس نقدا، وأخيرا ملاحظات عامة على ما ورد ببعض الحلقات.

فى المحور الأول الخاص بكون الحرية المنضبطة فى الشريعة لا سقف لها، نؤكد أن الشريعة الإسلامية كفلت حق الإنسان فى أن يعيش حرا وتتاح له مساحة واسعة من الحرية والاستقلال، وجعلت التفكير فريضة وتدبر النصوص والاستفادة منها مطلوبا، وأن خير الشواهد على اتساع حرية الاجتهاد فى الفكر والفقه الإسلامى الاختلافات الفقهية الصادرة من أهلها والمدونة فى كتب الفقه ودواوين الفقهاء على اتساعها وتنوع أبوابها، وعدم تسفيه المخالفين من المجتهدين بعضهم لبعض أو انتقاص بعضهم من قدر بعض على مر العصور.
وأشار تقرير الأزهر، إلى أن إمام الأئمة أبى حنيفة النعمان، مع اتساع دائرة الحرية فى فقهه وفكره إلا أنه أفتى بالحجر على المفتى الماجن والطبيب الجاهل والمكارى المفلس ــ المستأجر الذى لا يجد أجرة ما يستأجره فيبدد أموال الناس ــ لعموم الضرر من هؤلاء وفداحته.
وأوضح التقرير أن السبب فى الحجر على هؤلاء أن الضرر المترتب على إطلاق العنان لهؤلاء أعظم من الضرر المترتب على منعهم والحجر عليهم، لأن المفتى الماجن يفسد الدين والطبيب الجاهل يفسد الأبدان والمكارى المفلس يفسد الأموال.
وأضاف التقرير أن الحرية ليست انفلاتا من القيم والأخلاق، وإنما أمانة فى الكلمة والمسئولية والتصرف، ومراعاة لمشاعر الناس، موضحا أنها تكون قيمة أخلاقية عندما تنضبط بعفة اللسان وعدم السب والشتم واللعن.
وأكد التقرير أن حلقات البرنامج المذكور مليئة بألفاظ ينأى عنها السمع، لافتا إلى أن بحيرى لم يكتف فيها بسب الأحياء بل سب الأموات أيضا، الأمر الذى يتعارض مع صحيح الأحاديث النبوية والنصوص الشرعية، مستطردا أن نسيانه للأحاديث النبوية والنصوص الشرعية نابع من اعتقاده بأن الدين تجربة شخصية.

واستشهد التقرير فى هذا المحور ببعض ما ورد على لسان بحيرى فى مناظرته مع الدكتور أسامة الأزهرى، عضو الهيئة الاستشارية لرئاسة الجمهورية، والداعية الإسلامى الحبيب على الجفرى، وما ورد أيضا فى بعض حلقات برنامجه، من قوله: «أسلوبى وألفاظى على الأئمة لا أقصد بها سباب، لكنها قاسية باعتبار أنهم بشر وليسوا مقدسين»، وعقب التقرير على ذلك: «هل اعتبارك لهم بشرا وليسوا مقدسين يعطيك الحق فى أن تصفهم بأوصاف من قبيل فقهاء الإفك والزور، والله والله قوم على أجهل ما يكون خلوهم أئمة».
وأضاف التقرير: «بحيرى قال عن الأئمة دول اللى أفسدوا حياتنا والله، اللى دمرونا، قضوا علينا وعلى إنسانيتنا من أول القتل وأنت نازل...، كل التخلف والعته والسفه والهطل اللى فى المجتمع العربى الإسلامى من ألف سنة سببه الفكر الإسلامى والفقهاء والمذاهب الأربعة، ودول أئمة الشيطان، الشيطان يتعلم منهم القتل، يتعلم منهم ازاى تبقى سفاح ودموى وقطاع طرق ورئيس عصابة، مش أئمة»، وتساءل التقرير: هل هذه لغة قاسية أم سباب واضح، وما المبرر لاستخدامها بحق هؤلاء الأئمة العظام؟.
وفى المحور الثانى الخاص بالتأكيد على أن الدين علم، قال التقرير إن بحيرى يزعم أن الدين ليس علما، وأن نصوص الشرع يفهمها جميع الناس، كما يخاطب بها جميع الناس، ولكل شخص أن يفهم الدين وفقا لفطرته ومزاجه الإنسانى وهواه، مؤكدا أنه صرح بذلك فى أكثر من حلقة.
واعتبر التقرير تلك التصريحات دعوى للخروج من عباءة الدين، لأنه بموجبها سيفهم كل شخص النص بطريقته دون استناد إلى قواعد أو ضوابط، مستطردا بل الدين ــ كما قال بحيرى ــ هو تجربة شخصية وليس علما، فلكل شخص أن يفهمه كيفما يشاء دونما حسيب أو رقيب، حتى ولو لم يكن دارسا، بالمخالفة للعديد من الآيات القرآنية، منها على سبيل المثال لا الحصر تلك التى تدعو النبى لتبيان القرآن للناس.
وأكد تقرير مجمع البحوث الإسلامية، أن بحيرى يدعوى إلى التجهيل، وأن يترك الناس لتجاربهم، وألا يسلط عليهم قواعد الدين لضبط تصرفاتهم ووضعها فى الإطار السليم، قائلا: «هو ــ أى بحيرى ــ يريد التحرر من كل قيد على الناس، فهل يوجد دين ليس له قيود؟ وهل هناك قانون ليس فيه قيود؟ حتى يطالب بفك القيود عن الدين، وكيف ستكون عليه الحياة لو فعلنا ما يطالب به هذا؟».

وأشار التقرير إلى أن بحيرى قدم وجهة نطره للمحكمة بشأن الدين بقوله «دين يوافق فطرتنا ومزاجنا الإسلامى»، مؤكدا أن وجهة النظر تلك فضلا عن أنه لم يقل بها عالم أو عامى من قبل فإنها تقتضى عدة محاذير؛ أهمها جعل نصوص الدساتير والقوانين والتشريعات أكثر حرمة من نصوص الشريعة، حيث لا يسمح بالاشتغال بالأولى إلا للدارسين لها، ولا يقبل فى تفسيرها إلا تفسير الخبراء والمتخصصين فيها، إضافة إلى أن تكون العلوم والمعارف المستمدة من القرآن الكريم والسنة والنبوية والاشتغال فيهما ضربا من السفه وإهدارا للثروة البشرية والاقتصادية، وهذا ما لم يقل به أحد ولا يخطر ببال ألد أعداء الأمة الجهر به، لأهمية الدين وعلومه فى استقرار المجتمعات.
وفى المحور الثالث لتقرير الأزهر الخاص بتطاول بحيرى على القرآن وقوله «هزيمة القرآن»، أعرب معدو التقريرعن تعجبهم الشديد من زعم بحيرى ــ على حد وصفهم ــ أن السنة تتعارض مع القرآن، وأن الأئمة عندما يأخذون بالسنة فإنهم يهزمون القرآن، مؤكدين أنه دلل على وجهة نظره تلك بغرائب تعرب عن عدم فهمه لدلالات الألفاظ وأبواب التعارض والترجيح التى تبحث فى أصول الفقه واختصها العلماء بالتصنيف.
وفى المحور الرابع الخاص بتطاول بحيرى على كتب التراث واتهامه لها بالعفن، أكد التقرير أن بحيرى يدلس على البسطاء ويلبس عليهم أمر دينهم، لرغبته فى أن يظهر تراث الأمة كله أنه تراث همجى، يفرح بالدم بل ويدعو إلى سفكه فى كل وقت.
وأضاف التقرير أن بحيرى وصف كتب التراث بأنها «لعنة، وأنها كتب معادية للعالم، وكتب النفايات البشرية، وركام يندفن ويحترق، وأنه كله مبنى على النفاق والكذب والتدليس، وأنها المصدر الرئيسى لكل إرهاب وقتل باسم الدين»، وتساءل التقرير: «فهل كل التراث يدعو إلى قتل الناس كلهم، بل هل هناك من العلماء من طالب بقتل الناس كلهم؟ وهل أجبر أحد من أهل العلم أحدا على الأخذ بقوله هو فقط وترك آراء الآخرين».
وتابع التقرير: «ثم لو قلنا بعد بحث وتمحيص ونقد للأقوال أن بعض الآراء جانبها الصواب وبعضها مصيب، فهل معنى هذا أن نتهم العلماء جميعا أنهم مصدر الإرهاب الوحيد فى العالم، ونطالب بحرق جميع كتب التراث؟ وهل نستطيع بالمثل أن نطالب بإغلاق كليات الطب والهندسة، إذا أخطأ أحد خريجيها».

وتساءل التقرير أيضا عن أنه كيف لعاقل أن يقول «مفيش إرهاب فى العالم يا جماعة، دى كتب التراث...»، مضيفا «هل كتب علمائنا هى التى تسببت فى قتل وتشريد ملايين البشر، وهل هم السبب فى تهجير الناس من بلادهم وهتك الأعراض، وتلك الصور المؤلمة التى تطالعنا الشاشات ليلا نهارا».
وتابع التقرير: «ثم من داعش، ومن الذى صنعه، ومن الذى سمح له بالتمدد، ولماذا يتم إلصاقه بنا ونحن المسلمين نرفضه ونرفض وجوده وأساليبه ومنهجه؟»، ليشير التقرير إلى أن «هذه الأسئلة وغيرها كثير لا يستطيع أحد الإجابة عنها إلا من كان السبب فى وجود تلك التنظيمات، ومن يمدها بالسلاح والعتاد، ومن سمح لها بالسيطرة على تلك المساحات الشاسعة من الأراضى حتى صارت الجيوش النظامية تهرب من أمامها؟».
وردا على ما وصفه بادعاء إسلام بحيرى أن الأزهر يقدس آراء الأئمة ويفرض وصايته على الناس، قال التقرير إن فرض الوصاية أمر يتناقض مع الإسلام جملة وتفصيلا، مؤكدا أن أئمة المسلمين الذين يلعنهم بحيرى وينتقص من قدرهم أكدوا على إعمال العقل فيما لا نص فيه وينفون فرض وصايتهم على الناس، موضحا أنه ليس أدل على ذلك من مخالفة الإمامين أبويوسف ومحمد لإمام المذهب أبى حنيفة فى نحو ثلث المذهب، وغير ذلك مما هو موجود عند المذاهب الفقهية المختلفة، والذى يدركه أهل العلم فى هذا الشأن.
وأضاف التقرير أن بحيرى معذورا ــ إن أحسنا الظن به ــ فيما يقول لأنه لا يعرف هذه الأشياء لأنه لم يدرسها.
وفى المحور الخامس والأخير المتعلق بملاحظات عامة لمجمع البحوث الإسلامية على ما ورد ببعض حلقات البرنامج المذكور، قال التقرير إن حديث بحيرى فى إحدى الحلقات حول سورة الرحمن وتكرار آية (فبأى آلاء ربكما تكذبان) فيها، لم يأت بجديد سوى تشويه المعلومة وسوء عرضها بما ينفر السامع ويوحى له أن ــ القرآن الكريم والعياذ بالله ــ معيب.
وأكد التقرير أن قضية التكرار فى القرآن ليست عبثا، وقد صنف المحققون فى بيان إعجازها مؤلفات جليلة، يجدر بكل مسلم أن يستقى منها ليزداد الذين آمنوا إيمانا، لافتا إلى أن الاجتهاد والنقد ينبغى أن يكون منضبطا بالقواعد العلمية، أما الاتهام والتطاول فإنه لا يثمر إلا عن ردود الفعل السلبية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved