ويتابع مالك في سرده لمجريات ما حدث بالقول، إنّ أول "الاحتجاجات" كانت خارج مسجد ساوثبورت، حيث حُطمت النوافذ وهُدّم أحد الجدران، ويبين أنه وحتى بعد الكشف عن هوية القاتل وهو أكسل روداكوبانا، المولود في كارديف لأبوين مسيحيين متدينين من رواندا، استمر المتظاهرون في استهداف المساجد وإشعال النار في مساكن المهاجرين والاعتداء على المارة السود أو الآسيويين.
وهنا يعرض الكاتب، المظالم التي تعاني منها الطبقة العاملة في مدن مثل سندرلاند أو ستوك، بدءاً من نقص المساكن إلى نقص الوظائف، وعدم توفر عيادات طب الأسنان في هيئة الصحة الوطنية إلى نظام النقل العام المتعطل.
لكن الكاتب يقول إنّ مهاجمة المساجد وأماكن إقامة المهاجرين والاعتداء على الأشخاص بسبب لون بشرتهم أو ديانتهم هو تعصب بحت، ويضيف أن هذه الأفعال تكشف كيف يمكن أن تتحول المظالم إلى حالة مشوهة داخل نقاش وطني مهووس بإلقاء اللّوم على المهاجرين وتحميلهم مسؤولية المشاكل الاجتماعية.
ويضيف أنّ بعض شرائح الطبقة العاملة أصبحت منفتحة على الحجج القائمة على الهوية بسبب الطريقة التي تبنى بها جزء كبير من اليسار، بل والمجتمع ككل، سياسات الهوية، في الوقت الذي قلل فيه من أهمية سياسات الطبقة.
ويوضح الكاتب بالقول إن الأطر التي يستخدمها كثيرون لفهم علاقتهم بالعالم ابتعدت عن السياسة – مثل "ليبرالي" أو "محافظ" – واتجهت أكثر نحو العرقية، مثل "مسلم"، "أبيض"، "إنجليزي".
ويقول مالك إنه لا ينبغي التعامل مع أعمال الشغب باعتبارها مجرد مسألة تتعلق بالقانون والنظام، مبيناً أنه يجري ترسيخ الحركات الطائفية، ودفع الناس إلى رؤية أولئك الذين يتجاوزون حدود هويتهم باعتبارهم تهديداً، وفق قوله.
ويشدد الكاتب على أهمية قضايا الهجرة والهوية وعدم التخلي عن مجتمعات الطبقة العاملة، مؤكداً أن آلية التعامل مع تشابك هذه القضايا الثلاث ستترك آثاراً بعيدة المدى على السياسة والمجتمع البريطاني.
"عندما يصبح نتنياهو فكرة"
ننتقل إلى صحيفة "إسرائيل هيوم" ومقال للكاتبة نيتشامو ديو بعنوان "عندما يصبح نتنياهو فكرة"، حيث تبدأ الكاتبة بالاستشهاد بما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي في حواره مع مجلة "تايم" الأسبوع الماضي: "إذا كنت تريد السلام، فاستعد للحرب".
وتعلّق الكاتبة بأن نتنياهو لا يسعى إلى السلام ولا يستخدم أدوات الحرب وخسائرها لتحقيق الهدف المنشود، مبينةً أن المقابلة ذاتها، تحدث فيها رئيس الوزراء عن استمرار الحرب، ولم يلتزم بموعد للتوصل إلى اتفاق لإعادة الرهائن أو عودة سكان الشمال إلى ديارهم، ويقول إنه ملتزم بتدمير حماس حتى لا تتمكن من إعادة بناء نفسها.
وتلفت الكاتبة الانتباه إلى تصريح نتنياهو قبل أربعة أشهر، حيث قال إن إسرائيل على بعد خطوة واحدة من تحقيق النصر الكامل، ومع ذلك، ترى ديو أن الأرقام تشير إلى واقع مختلف، حيث قُتل 689 جندياً وأصيب 4,252 مقاتلاً، ولا يزال نحو 115 مدنياً إسرائيلياً محتجز لدى حماس دون أمل في إطلاق سراحهم.
وتنتقد ديو نتنياهو قائلةً إن ذاكرته تخونه، فهو يرفض تحمل المسؤولية أو حتى الاعتذار، واكتفى فقط بالتعبير عن أسفه لما حدث في هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وكأنه مراقب دولي وليس المهندس الذي أقرّ بتحويل ملايين الدولارات إلى غزة، والتي انتهت في أيدي حماس وأدت إلى تعزيز قوتها، وفق الكاتبة.
وتشير الكاتبة إلى أن ذاكرة نتنياهو لم تعد كما كانت، موضحة ذلك برده عندما سُئل عن الشراكة الائتلافية مع إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، إذ أجاب نتنياهو بأن جميع الحكومات الإسرائيلية كانت تعتمد على أنظمة برلمانية وائتلافات، وأن الحكومات السابقة شكلت ائتلافات مع أحزاب مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين التي ترفض وجود إسرائيل، دون أن تلقى أي انتقادات على ذلك.
وتوضح ديو أن نتنياهو كان يشير إلى رئيس حزب "القائمة العربية الموحدة" منصور عباس، الذي اعترف علناً بحق إسرائيل في الوجود وأبدى رغبته في الاندماج من أجل مصلحة الأجيال القادمة، والذي لا يزال حزبه يتعاون مع الائتلاف الحالي في تمرير القوانين.
وتقول الكاتبة إن نتنياهو أصبح وحكمه فكرة، وليس أقل من ذلك، وإذا كان فكرة، فإنه مسموح له بتغيير القانون حتى يتمكن من تعيين المفوض القادم للخدمة المدنية، الذي سيكون في الأساس مفوض خدمة نتنياهو.
وتضيف، من المقبول أيضاً تهريب ابنه على متن طائرة رئيس الوزراء، وأيضاً توجيه وزير العدل لعدم تعيين رئيس للمحكمة العليا، فحين تكون فكرة، فأنت قادر على كل شيء.