تقرير: «سحر ميسي الذي أنقذ برشلونة»

آخر تحديث: الأربعاء 13 نوفمبر 2019 - 3:51 م بتوقيت القاهرة

الشروق

لا يختلف اثنان من مشجعي كرة القدم حول العالم، مع اختلاف انتماءاتهم، حول الموهبة الأرجنتينية الفذة، ليونيل ميسي، قائد برشلونة الإسباني، والذي أضفى طابعًا خاصًا على كرة القدم، متفردًا بأرقامه القياسية ومهارته العالية.

سحر اللاعب الأرجنتيني صاحب الـ32 عامًا أصبح علامة مسجلة في كرة القدم، بمراوغاته، كراته الثابتة، ولاءه لبرشلونة وإنجازاته الفردية والجماعية رفقة النادي الكتالوني.

موقع "360 سبورت العالمي" نشر مقالا تحليليا كبيرا للحديث عن السحر الخاص لميسي، على حد ما ذكره الكاتب، منذ إطلالته الأولى مع الفريق الكتالوني، مرورًا بالكلاسيكو الأول وإنقاذ برشلونة من الهزيمة، وصولًا إلى سحره الخاص الذي خلق لنا ميسي كما نراه الآن.

بدأ الكاتب مقالته بشكل درامي كأنه يسرد أحداث واقعية أو ربما قصة حقيقية عاشها هو بنفسه، حيث قال: «الساعة 11:45 ليلاً، ابتسامة يعلوها قليلٌ من الارتباك والقلق على شفاه المدريديستا في العاشر من مارس 2007، ريال مدريد يتقدم 3-2 على برشلونة في كامب نو، الانتصار يعني تقليص الريال للفارق إلى نقطتين مع المتصدر، وتكريس ثقافة الفوز عليه بعد التفوق ذهاباً 2-0.

الريال في وضعية جيدة، 11 لاعباً ضد 10 لاعبين، رأسية سيرجيو راموس سكنت كالرصاصة في قلب فرانك رايكارد، لا يوجد شيء يستطيع فعله الآن، هو بحاجة لمعجزة حتى يعدل النتيجة في مثل هكذا وضعية.

الدقيقة 90 من اللقاء، لم يتبقَ الكثير “فور انتهاء المباراة، سأصرخ، وأركض إلى خارج المنزل… سأذهب لصديقي البرشلوني لأحتفل أمامه: ها قد أنهينا حقبة رونالدينيو” هذا ما كنت أفكر به…

"جووووووول" صوت قطع كل شيء، دمر كل شيء… لم نعد نميز ما الذي يحدث، معلق يصرخ كالطبل في أذنيّ، ممزوجاً بأصوات الصراخ الهيستيري فرحاً من منزل بعيد في آخر الحي».

ليونيل ميسي هو السحر الذي أنقذ برشلونة

 

 

وأضاف المقال: «في الحقيقة لم تكن تلك الليلة التي أخبرتنا أننا مقبلين على سنوات عظيمة لبرشلونة، الأمر سبق ذلك بقليل، فبعد تعادل برشلونة في 4 مباريات مع خسارته للقاء وحيد في أول 7 جولات من الدوري الإسباني 05\2006 ، استوعب فرانك رايكارد أنه لم يستخدم الموهبة الصاعدة بعد، إنه اليافع ليونيل ميسي إبن 18 عاماً، لذلك قرر استخدامه في مواجهة أوساسونا في الجولة الثامنة، وكان ما كان!

إنه كالسحر، مشاركته في اللقاء أنهى الكابوس الذي يجثم على صدر رايكارد، البرسا تفوق بنتيجة 3-0 مقدماً أفضل مبارياته خلال الموسم، ورغم أن ليونيل لم يسجل لكنه استحق تصفيق جماهير كامب نو التي سبق وأن شاهدته في الموسم الذي سبق ذلك، لكن لم تشاهد كل هذه العظمة منه…

النجم الأرجنتيني ظهر كالزئبق لا يستطيع أحد السيطرة عليه، بل لم تمنعه ركلات المدافعين من مواصلة المراوغة والاختراق، لدرجة أنهم أسقطوه أرضاً في إحدى الهجمات المرتدة، لكنه احتفظ بالكرة معه وقام مجدداً وانطلق بها واستمر بالمراوغة!»

برشلونة ضد ريال مدريد .. أول كلاسيكو عرفنا فيه ميسي

كما ركز جرادات على أول مباراة كلاسيكو شارك فيها ميسي حيث كتب: «لا يوجد حل لإيقافه! هل هذا بشر؟ أخرجوا هذه الآلة من الملعب” هذا ما قلته لأحد أصدقائي أثناء متابعة الكلاسيكو الأليم لريال مدريد، ليلة سوداء كسواد غيوم أواخر نوفمبر، شاب بسن 18 عاماً عاث في دفاعات الفريق الملكي الفساد وحولها لأضحوكة على مرأى من العالم أجمع.

تلك الليلة لا تمحى من ذاكرتي للأبد، وكيف أنساها وقد شاهدت ميسي في الكلاسيكو لأول مرة يلعب بشكل أفضل من نجوم سبقوه في الملاعب بسنوات، بل يلعب بشكل أفضل من أي لاعب آخر شاهدته خلال تلك الحقبة… نعم، ميسي كان أفضل من رونالدينيو في ذلك اللقاء، على الأقل خلال الشوط الأول، قبل أن يخطف النجم البرازيلي الأضواء بتسجيله هدفين في الشوط الثاني أجبرت جماهير البرنابيو على التصفيق له.

ميسي كان شيفرة ذلك اللقاء، اللاعب الذي فاجأ ريال مدريد ولم يجد الفريق له حلاً، كان ينسل بين صفوفهم ليدمرها مسقطاً بالتالي كل الحسابات التكتيكية للمدرب لوكسمبورجو الذي ظن أن إيقاف رونالدينيو في الشوط الأول سيساعده على لعب مباراة تكتيكية بنفسٍ طويل، فاكتشف أن قدرة فريقه على المقاومة أقصر مما توقع، فعند الدقيقة 15 قام ليونيل بمراوغة عدة لاعبين من الريال، قبل أن يخطف منه إيتو الكرة ويسددها داخل الشباك محرزاً هدف الافتتاح.

 

 

ما الذي يميز ليونيل ميسي عن بقية اللاعبين؟

تساءل الكاتب الصحفي عن الشيء الذي يميز ميسي عن بقية اللاعبين، وقال: «الإجابة على هكذا سؤال ليست سهلة، الأفكار ستعصف بنا ولن نستطيع ترتيبها بالشكل الذي يليق بأناقة أداء ليونيل على أرض الملعب، لكن سنحاول الاقتراب من ذلك، مثلما يحاول المدافعون جاهدين إيقافه، ربما نصف الأمر بأنه “يفعل كل شيء بشكلٍ أفضل من أي لاعب آخر”.

أكثر ما يميز ليونيل هو قدرته على تحليل الملعب قبل أن تصله الكرة، يحدد بالضبط ما الذي يريده وما الذي سيفعله بالكرة بناءً على تمركز المنافس، بل وجودة لاعبيه، وتمركز زملائه، ليونيل يعالج الأمور بشكلٍ سريع في عقله، وهو ما يجعله دائماً متقدماً خطوة على منافسيه، فلا أحد يستطيع التفيكر بهذه السرعة مثله في أرض الملعب، حتى وإن لم يشعر ميسي بأنه يفعل ذلك!

أيضاً، ليونيل يملك مرونة بجسده تساعده على خلق تحركات مفاجئة لا يستطيع المدافع التعامل معها، فعكس اتجاه الجسد بسرعة يخل بتوازن أي لاعب، لكن ليونيل لديه قدرة على ضبط تشريح جسده لكي يؤدي ذلك بسلاسة ودقة عالية مما يجعله متقدماً بخطوة على المدافعين.

بيب جوارديولا شرح لنا في إحدى المرات ما الذي يميز ليونيل ويجعله لاعباً خارقاً بالقول "تشاهد ميسي يحرك رأسه يميناً ويساراً بسرعة كبيرة، هو لا يكون مشتت حينها، لكنه يحاول استخدام حاسة الشم لكي يميز أي مدافع هو الأضعف بين الرباعي في الخلف، نعم، ميسي رجلٌ مفترس!».

جميعهم رائعون .. لكن ميسي هو الشيفرة السرية للنجاح

واصل الكاتب الصحفي كلامه قائلا:"ليس غريباً القول أن ليونيل ميسي هو جزء رئيسي من تفوق برشلونة في السنوات الماضية، فمنذ أن بزغ نجمه والفريق الكتالوني لم ينزل عن سدة المجد، نعم خسروا بعض المواسم بطريقة سيئة، لكنهم دائماً مرشحين لتحقيق كبرى الألقاب، وهو شيء لم يكن سيتحقق بدون النجم الأرجنتيني".

برشلونة قبل ميسي كان يملك لقباً واحداً فقط في دوري أبطال أوروبا، والآن يملك 5 ألقاب، وكان يملك 17 لقب دوري إسباني، والآن يملك 26 لقباً. لا أقول هنا أنه لا يوجد برشلونة قبل ميسي، فهذا كذب ومنافي للحقيقة، لكن أقول بأن البرسا انتقل مع نجمه الأرجنتيني لمستوى أعلى بكثير.

حتى في عهد بيب جوارديولا، الفريق الساحر والذي قدم لنا كرة قدم لا يمكن مضاهاتها، كان ليونيل ميسي هو الشيفرة السرية للنجاح، من عنده يبدأ العمل، وبه ينتهي نحو تحقيق المجد.

 

 

رغم ذلك .. بدون برشلونة ربما لم يكن هناك "ليونيل ميسي"

نعم، بدون ميسي ربما لم يكن سيفعل برشلونة كل ما فعله في السنوات الماضية، لكن المعادلة صحيحة بالعكس أيضاً، فبدون برشلونة ربما لم يكن سيصل ميسي إلى القمة.

لن أحدثكم عن مرض ليونيل ميسي في طفولته والذي تسبب برحيله عن الأرجنتين بحثاً عن نادي يأويه ويوفر له العلاج المناسب، فكان هذا النادي هو برشلونة الذي آمن بموهبته مبكراً، ووفر له كل الرعاية اللازمة ليتخطى مرضه قبل أن يحصد ثمار ما أنفقه عليه في سنٍ لاحق، بل سأحدثكم بأمور أخرى، ربما تغافلنا عنها، أو قصدنا التغافل عنها.

حتى لا أكذب عليكم، يجب الإقرار بأنه من الطبيعي أن يتطور اللاعب الذكي والذي يملك الشخصية المناسبة سريعاً، هذه المعادلة شاهدناها مع العديد من النجوم الآخرين، لكن في حالة ميسي حدثت بعض الأمور التي تؤكد لنا أن هناك عمل كبير تم من برشلونة لإيصال ميسي إلى هذه المكانة التي هو عليها الآن.

وسط هذا الصخب كله، خرج لنا يوهان كرويف بتصريحٍ مفاجئ، المدرب الهولندي الراحل سبح عكس التيار بالقول “ميسي موهوب، لكنه بحاجة لأن يتعلم ويتحسن، هو يريد كل الكرات لنفسه، يجب أن تمرر 9 كرات للزملاء، وتحتفظ بواحدة أو اثنتان فقط لنفسك. يجب أن يتعلم كيف يساعد كل من حوله”.

لا أستطيع أن أجزم 100% أن كرويف قال هذا الكلام لمساعدة ميسي، لكني أعرف جيداً بأن كرويف كان له تأثير مباشر على 3 أشخاص لديهم اتصال رئيسي بليونيل ميسي داخل برشلونة، الأول هو الرئيس خوان لابورتا، والثاني هو فرانك رايكارد، والثالث هو بيب جوارديولا. والأهم من هذا كله، أن هناك من داخل الصف الكتالوني من كان جريئاً لقول كلام لا يريد أي شخص في العالم سماعه.

نعم ميسي كان ظاهرة، يتعلم كل شيء بشكل سريع وبإتقان عالي جداً، إلا أن فلسفة برشلونة ساهمت بشكل واضح في تغيير طريقة تعامله مع لعبة كرة القدم، مثلما أن تواجد كرويف بالقرب من الأشخاص المؤثرين في برشلونة ساعد بذلك أيضاً.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved