وطنيات ثورة 1919 (14): «عودة سعد زغلول».. أول شريط سينمائي لـ«مصري وطني»

آخر تحديث: الخميس 14 مارس 2019 - 1:55 م بتوقيت القاهرة

حسام شورى:

تواصل «الشروق» على مدار شهر مارس، تذكير قرائها بنخبة مختارة من الأغاني والقصائد الوطنية التي أنتجتها عقول شعراء وفناني مصر الرواد، بالتزامن مع ثورة 1919 أو تفاعلاً معها أو مواكبة لمطالبها وشعاراتها، بهدف إلقاء الضوء على أشكال مختلفة من إبداعنا منذ 100 عام ورصد الآثار الكبيرة للثورة على الفن والأدب في مصر.

••••••••••••

بعد فشل المفاوضات المصرية الإنجليزية في عام 1921، نشر سعد باشا زغلول في 7 ديسمبر من العام نفسه نداء إلى الأمة لمواصلة الجهاد، وشن حملة قوية على التبليغ البريطاني، وختم نداء بقوله: «فلنثق بقلوب كلها اطمئنان، ونفوس ملؤها استبشار، وشعارنا الاستقلال التام أو الموت الزؤام».

ودعا إلى اجتماع كبير بنادي سيروس حدد له يوم 23 ديسمبر 1921، وأرسل الدعوة إلى جمهور كبير من ذوي المكانة في البلاد، فاتخذت السلطة العسكرية البريطانية هذه الدعوة ذريعة لاعتقاله ونفيه للمرة الثانية، ولكن إلى جزيرة سيشل.

ورأت الحكومة البريطانية تحت ضغط من الحركة الوطنية أنه ليس من الحكمة إبقاء سعد زغلول في الاعتقال، وأن استمرار اعتقاله يزيد من ثورة الهياج في مصر، وفي 27 مارس 1923، قررت إنجلترا الإفراج عنه، ليسافر في 30 مارس إلى فرنسا للاستشفاء، وقد تلقت الأمة المصرية هذا النبأ بالابتهاج العظيم.

ويعود سعد إلى مصر في سبتمبر 1923، ويصل إلى الإسكندرية ثم إلى القاهرة، وسط احتفالات أعادت إلى الأذهان حفاوة الشعب به عند عودته الأولى في أبريل 1921، برهنت تلك الاحتفالات وهذه الحفاوة على زعامة سعد للأمة، وتعلقها به والتفافها حوله.

وفي هذه الأثناء يقرر محمد بيومي، أحد رواد السينما المصرية، التوثيق لهذا الحدث العظيم بتخصيص العدد الأول لجريدة «آمون» (تحولت إلى جريدة مصر السينمائية فيما بعد)، لتصوير أول شريط يقوم بعمله «مصري وطني»، وليخرج لنا فيلما قصيرا تحت اسم «عودة سعد زغلول».

الفيلم الوثائقى من إنتاج عام 1923، ويتضمن مشاهد نادرة عن عودة الزعيم سعد زغلول، وسط احتشاد جموع الجماهير، وكان هذا الشريط بمثابة الفيلم الثاني للمخرج السكندري بعد فيلمه الأول «برسوم يبحث عن وظيفة» والذي تعرض فيه أيضا لثورة 1919.

هذه اللقطات النادرة لعودة سعد زغلول من المنفى استعان بها المخرج محمد كمل القليوبي في تسعينيات القرن الماضي لإحياء تراث رائد السينما المصرية في فيلم «بيومي ووقائع الزمن الضائع».

- نظرة على بيومي:

محمد بيومي هو مخرج ومصور ومؤلف وممثل ومنتج مصري من رواد السينما المصرية، تخرج من المدرسة الحربية عام 1915، وحصل على رتبة ملازم ثاني ثم رحل إلى السودان، وهناك بدأت معاركه مع الإنجليز وظهرت قدرته على تحريض بقيه الضباط على الإضراب، وإقناعهم بالعصيان الجماعي لقرارت جيش الاحتلال، ما أدى إلى إحالته للاستيداع في عام 1918 بعد ثلاثة أعوام من عمله في الجيش.

 

ومع بداية ثورة 1919 قام بإصدار مجلة «المقص» للتحريض على الثورة، والتي أصدرها في هيئة كتاب حتى لا تقع تحت طائلة قانون المطبوعات.

ثم اتجه للمجال الفني، حيث شارك في تأسيس فرقة «وادي النيل» مع «بشارة واكيم»، التي قدمت عروضا تدعم الثورة وقيم الحرية على مسرح رشيد بالإسكندرية نهاية عام 1919، ثم سافر إلى إيطاليا ثم النمسا حيث حصل على عضوية اتحاد السينمائيين المحترفين، ودبلومة في التصوير الضوئي والسينما توغرافي.

 

وبعد عودته إلى مصر ينشأ ستديو «آمون فيلم» والذي احتوى على معداته السينمائية التي جلبها من ألمانيا، وكان يخطط لتوزيع أفلامها خارج مصر ولكن الأجانب كانوا ينافسوه منافسة شرسة.

وبعد خروج فيلميه «عودة سعد زغلول» و«بروسوم يبحث عن وظيفة» استأنف تصوير أعداد جريدة آمون السينمائية وصور سعد زغلول وهو يطل من شرفة بيت الأمة، وافتتاح مقبرة توت عنخ آمون، وجنازة السير لى ستاك والعديد من الشرائط التي أصبحت نواة للسينما الوثائقية في مصر.

 

محمد بيومي أول من خلق التيار الوطني في السينما المصرية في مواجهة الأجانب واحتكارهم لتلك الصناعة، وتعرف على محمد طلعت حرب باشا في عام 1925، وخلال رحلته لتمصير الاقتصاد أقنعه بيومي بالاتجاه للإنتاج السينمائي، وبالفعل اشترى حرب معدات «آمون فيلم» لتصبح شركة «مصر للتمثيل والسينما» ويكون محمد بيومي أول مدير لها.

وغدا حلقة جديدة...

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved