#أصوات_من_نور.. الشيخ مصطفى إسماعيل «الجالس على العرش» الذي أبهر أعيان المحروسة

آخر تحديث: الأربعاء 14 أبريل 2021 - 1:51 م بتوقيت القاهرة

عبدالله قدري

في قرية ميت غزال بمحافظة الغربية، خرج شعاعُ من النور يحمل صوتا يضئ المشرق والمغرب، صوت دافئ عذب مستحيل وعصي على التقليد، لم يسمعه أحد إلا أخذته نوبة من الشجن والبهجة في وقت واحد، خليط غير مفهوم من المشاعر لا يقدر عليه إلا قارئ مصر الأول الشيخ مصطفى إسماعيل.

 

إن كان لحياة الشيخ مصطفى إسماعيل عنوانا، لكان "السبق والتفرد".. فمنذ نعومة أظفاره وهو سابق عصره وجيله، فقد حفظ القرآن ولم يتجاوز عمره 12 عاما، ثم أتم تجويد القرآن وتلاواته بالقراءات العشر على يد الشيخ إدريس فاخر، وعمره لم يتجاوز 16 عاما.

 

كانت طنطا نقطة الانطلاق الحقيقية للشيخ مصطفى إسماعيل، فهناك تفجرت موهبته، وعرفها "أعيان مصر" في ذلك الوقت، كان ذلك حين أحيا عزاء السيد حسين بك القصبجي، والذي وصل جثمانه من إسطنبول إلى طنطا.

 

يقول الشيخ مصطفى في حوار سابق له عن هذه المناسبة: "أراد الله أن يسمعني جميع الناس من المديريات وجميع أعيان مصر، وذهبت إلى السرادق الضخم المقام لاستقبال الأمير محمد علي الوصي على عرش الملك فاروق، وسعد باشا زغلول، وعمر باشا طوسون، وأعيان مصر وأعضاء الأسرة المالكة في ذلك الوقت. وحضر العزاء أيضا أعيان الإسكندرية وبورسعيد وجميع أعيان القطر المصري.. ولم يكن هناك مكبرات صوت، فقررت أن أسمع السرادق كله صوتي. وعندما انتهى أول القراء، وكان اسمه الشيخ سالم هزاع، رحمة الله عليه، ونزل من على الدكة، قفزت على الدكة وجلست وفجأه نادى قارئ قائلا (انزل يا ولد هو شغل عيال). حتى حضر أحد أقارب السيد القصبي، وقال للشيخ حسن، هذا قارئ مدعو للقراءة مثلك. وقرأت وأبهرت الحضور بتلاوتي وكذلك انبهر الشيخ حسن صبح".

 

قارئ الملك

 

أعجب الملك فاروق بصوت الشيخ مصطفى إسماعيل، وكان دوما يحضر حفلاته القرآنية النادرة، وأمر بتعيينه قارئا للقصر الملكي على الرغم من أنه لم يكن قد اُعتُمدَ بالإذاعة.

 

ذاع صيت الشيخ مصطفى إسماعيل في كل الأرجاء، ولم تكن شهرته في مصر فقط، لكنه انطلق إلى العالمية، وزار نحو 25 دولة عربية وإسلامية، فسافر إلى جزيرة سيلان، وتركيا وماليزيا، وتنزانيا، وزار أيضا ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية.

 

وزار القدس الشريف لأول مرة سنة 1960، وهناك قرأ القرآن في المسجد الأقصى، واصطحبه معه الرئيس الراحل أنور السادات ضمن الوفد الرسمي لدى زيارته للقدس سنة 1977، وهناك قام ثانية بقراءة القرآن الكريم في المسجد الأقصى.

 

وفاته

 

في يوم ديسمبر من عام 1978، وحينما عاد الشيخ إلى منزله في الإسكندرية بعد إحياءه لإحدى الحفلات في دمياط، بدا عليه التعب، وجلس مع خادمته وزوجها في المنزل، وفجأة أعرب الشيخ عن سعادته وكان يقول "أنا جالس الآن على كرسي العرش والعالم كله يصفق لي"، وبدت الدهشة على وجه الخادمة، والشيخ يهم بالوقوف متجها إلى الدور الأول، حيث توجد غرفة نومه.

 

وعندما وصل إلى حجرة نومه جلس على السرير ينادي ابنته التي كانت معه في طنطا وقالت له الخادمة أنا اسمي "سراري"، فقال لها "تعالي يا بنتي شوفي إيه اللي في دماغي"، وأخذ يدها بيده وحاول أن يصل بها إلى رأسه، ووقعت اليدان إلى أسفل، ظنت الخادمة أنه مرهق من السفر ويريد النوم وكان تنفسه طبيعيا، ولم تعلم الخادمة بأنه أصيب بانفجار في المخ، وأن الشلل قد تسلل إلى جسده، فتركته نائما في غيبوبة إلى اليوم التالي حتى الساعة 2:30 ظهرا، وكانت تدخل عليه بين الحين والآخر وتلاحظ أنه يتنفس عاديا فتتركه نائما، وفي اليوم التالي أعلنت وفاة الشيخ في صباح يوم الثلاثاء 26 ديسمبر 1978، وأقيمت له جنازة رسمية يوم الخميس 28 ديسمبر 1978، ودفن في مسجده الملحق بداره في قرية ميت غزال بالسنطة في محافظة الغربية.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved