الحلقة الثانية| حكايات من مصر: قصة «أولاد الناس» الأعزاء الذين أذلتهم الأيام

آخر تحديث: الأربعاء 14 أبريل 2021 - 8:20 م بتوقيت القاهرة

إعداد – عبدالله قدري

"أولاد ناس".. تعبير قديم لكنه ما زال يجري على ألسنة العوام في مصر. ويشير إلى قوم كانوا أعزاء فأذلتهم الأيام، وكانوا أصحاب سلطة وسلطان فأصبحوا بلا جاه ولا نفوذ، يشفق عليهم الناس.

ويذكر الكاتب الصحفي الراحل صلاح عيسى في كتابه "هوامش المقريزي – حكايات من مصر" حكاية هذا التعبير الدارج فيقول إنه يعود إلى العصر المملوكي.

وبحسب عيسى، "عندما يعزل السلطان أو يموت كان مماليكه يُطردون من ( مقر الحكم في القلعة) ويفقدون ما كانوا يحصلون عليه من امتيازات ، وتنزل نساء السلطان المعزول أو المقتول من القلعة وعلى وجوههن غبرة ، بعد أن ذهب زمن السلطة والتحكم والعزة والكرامة ، والتسلط على الناس ، وآن المماليك السلطان الميت أن يعودوا إلى أصولهم" حينئذ كانوا يسمون اولاد الناس ، أو( مماليك السلطان القديم ) ويعيشون على مخصصات يقبضونها من بيت المال، ولا تقاس بما كانوا يحصلون عليه من أموال في عهد سلطانهم القديم.

ويروي عيسى أن مخصصات أولاد الناس هي البند السهل في ميزانية الدولة . فإذا وقعت أزمة مالية منع بيت المال عنهم مخصصاتهم ، وانكسرت لهم مرتبات ، فعانوا شظف العيش ، لكنهم كانوا قد تعودوا العبودية ، لذلك كانوا يسكتون.

وكان أولاد الناس، كثيري الكلام قليلي الفعل، يهاجمون ما يجري في عهد السلطان الجديد حنقا على المكاسب التي ضاعت منهم ، لا معارضة لما يفعله ، فإذا ما زاد السلطان مخصصاتهم مدحوه، كانوا قد تعودوا ذلة الالتحاق والهتاف لكل سلطة حتى تسقط - طالما تعطيهم مخصصات ونفوذ وسلطة - وسرعان ما كان الحال يتدهور بهم ، فيحترفون اللصوصية والقتل، ويدخلون السجون، يضيف عيسى.

ويعقب عيسى على ذلك "في ذلك الوقت كان في مصر أبناء الشعب لا ينتمون إلا له ، ولا يترنمون إلا باسمه، وكان أولاد الناس يسمونهم بالدهماء، ويشنون ضدهم حملات قذرة ، ويسقطون عليهم كل تاريخهم الملوث، يظنون كل الناس ذيولا واتباعا ۰۰ لأنهم كانوا طول عمرهم لا يطمحون إلا لذلك !!".

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved