نبي الله (2).. شيث عليه السلام.. ابن آدم الذي لا يزال يتبعه صابئة العراق

آخر تحديث: الأربعاء 14 أبريل 2021 - 11:47 ص بتوقيت القاهرة

بسنت الشرقاوي

يقول الله في كتابه العزيز "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب"، من هذا المنطلق تستعرض "الشروق" مجموعة قصصية عن سير بعض أنبياء الله، خلال شهر رمضان الكريم، بهدف استخلاص الموعظة والحكمة.

 

نستعرض في الحلقة الثانية من هذه السلسلة، قصة النبي "شيث"، عليه السلام، حسبما ورد ذكره في كتاب "قصص الأنبياء" لمؤلفه الإمام الحافظ أبي الفدا إسماعيل ابن كثير القرشي، المتوفي عام 774 هجريا.

 

وصية آدم لشيث وأصل نسب أهل الأرض

 

"شيث" تعني "هبة الله"، وقد سمي النبي آدم، ابنه شيث بهذا الاسم؛ لأن الله رزقه اياه بعد أن قُتل هابيل.

 

لما حضرت آدم الوفاة، عهد إلى ابنه شيث وعلمه ساعات الليل والنهار، وعبادات تلك الساعات، وأعلمه بوقوع الطوفان بعد ذلك.

 

صعدت روح النبي آدم إلى السماء، في يوم الجمعة، وجاءته الملائكة بحنوط (عطور) وكفن من عند الله عز وجل من نعيم الجنة، فغسلوه وكفنوه وحفروا له في الأرض ولحدوه، ثم صلوا عليه وادخلوه قبره، ثم حثوا عليه التراب، وعزوا فيه ابنه "شيث"، ثم قالوا يابني آدم هذه سنتكم، وكسفت الشمس والقمر 7 أيام بلياليها، وبكت الخلائق نفس المدة حزنا عليه، حسبما رواه الفقيه والتابعي عطاء الخرساني.

 

ورغم عدم توافر معلومات وافية عن النبي شيث، يقال إن أنساب بني آدم اليوم، كلها تنتهي إلى النبي شيث، لأن سائر أولاد آدم الآخرين انقرضوا وأُبيدوا.

 

رسالة شيث

 

أنزل الله على النبي "شيث" 50 صحيفة من السماء لتبليغ الرسالة، فلما مات آدم عليه السلام، تولى شيث أعباء النبوة بعده.

 

كان الناس في عهد شيث يعبدون الله ولا يشركون به شيئا على ملة أبيهم آدم.

 

ولما حانت وفاة النبي شيث، أوصى إلى ابنه "يانش"، ليحمل عبء التبليغ بعده، ثم انتقل الأمر لـ"قينن"، ثم "مهلاييل"، وهو الذي يزعم الأعاجم من الفرس أنه كان ملك الأقاليم السبعة، وأنه أول من قطع الأشجار وبنى المدن والحصون الكبيرة، وأنه من بنى مدينة بابل العتيقة في العراق.

 

زواج الأخ بالأخت لعمارة الأرض

 

حملت حواء عليها السلام في بداية الخليقة 20 مرة، في كل مرة كانت تأتي بأخوين توأم، ولد وفتاة، وكان يتم زواج كل توأم ببعضهما، حتى حرم زواج الأخ من أخته التوأم في عهد سيدنا "شيث".

 

أول حادث زنا في تاريخ البشرية

 

كان قابيل أحد أبناء النبي آدم عليه السلام، وقد أقبل على قتل أخيه هابيل بسبب الأحقاد، فرزق الله النبي آدم بابنه شيث عوضا عن هابيل.

 

ويذكر أن قابيل كان يسكن منطقة السهول، بينما شيث سكن منطقة الجبال، وكانت النساء في السهول والخضر وقتها أجمل من سكن الجبال، لتوافر سهولة التنقل والراحة وعدم مشقة العيش في البيئة الصحراوية، بينما كان رجال الجبال أجمل من رجال السهول.

 

وفي أحد الأيام، سمع قوم النبي شيث في الجبال صوتا احتفاليا يأتي من عند قوم قابيل في السهول، فهبطوا إلى هناك وفتنوا بجمال النساء، بعدها أمرهم النبي شيث بعدم الذهاب مرة أخرى، لكن قومه عصوه وكرروا الذهاب للسهول، حتى فتن النساء بالرجال، والرجال بالنساء، ووقع أول حادث زنا في تاريخ البشرية، وبسبب ذلك انتشرت الفاحشة في الأرض.

 

صابئة العراق الذين لا يزالون على عهد النبي شيث

 

ذكرهم الله في كتابه العزيز 3 مرات، منها آية في سورة الحج رقم 17 بقوله: "إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون".

 

رغم توالي الكثير من أنبياء الله ورسله على البشرية، إلا أنه لا تزال طائفة الصابئة أو المندائية أو الديانة الصابئية أو ديانة الصابئة المندائيين، على عهد وتعاليم النبي شيث الذي ظهر في بداية الخليقة.

 

يؤمن الصابئة في ديانتهم بأن سيدنا يحيى بن زكريا هو نبيهم، ويزعمون بأنهم أول وأقدم الديانات والشرائع على الأرض.

 

ويتبع الصابئة أنبياء الله مثل النبي آدم، وشيث، وإدريس، ونوح، وسام بن نوح، ويحيى بن زكريا، وكانوا منتشرين في بلاد الرافدين وفلسطين، ولا يزال بعضهم موجود في العراق، كما أنهم موجودون في منطقة الأحواز بإيران.

 

وتدعو العقيدة الصابئية للإيمان بالله وتوحيد المطلق، وتتخذ من الأسماء والصفات الإلهية في اعتقادهم مثل الحي العظيم، الحي الأزلي، المهيمن، المزكي، الرحيم، والغفور، وهم يصلون كهيئة المسلمين، لكن بدون سجود، وقبلهم هي القطب الشمالي أو نجم الشمال، حيث يعتقدون بقوة بتأثير الكواكب، كما أنهم يصومون 32 يوما في السنة، ويعد أكبر طقوس لديهم هو احتفال بداية الخليقة، حيث يهبطون برداءات بيضاء إلى مياه أحد الأنهار في العراق، اعتقادا منهم بأن توقيت بداية الخليقة ينتشر خلاله النور وهبوط الملائكة على الأرض.

 

ويتكلم الصابئة المندائيون اللغة المندائية، وهي تعتبر إحدى اللغات السامية المشهورة في الزمن القديم، وأقرب إلى السريانية -العراقية القديمة- عن غيرها، حيث يعتقدون أنها اللغة التي تكلم بها سيدنا آدم عليه السلام، كما يتخذون كتابهم المقدس الكنزاربا، أو سيدرا آدم، وهو يتضمن الصحف الأولى التي نزلت على آدم عليه السلام، بحسب اعتقادهم.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved