أحمد هيكل فى حواره مع «الشروق»: 7 تحديات تواجه الاقتصاد المصري.. ونحتاج إلى 50 شركة مثل القلعة

آخر تحديث: الإثنين 14 مايو 2018 - 10:43 م بتوقيت القاهرة

أجرى الحوار ــ عماد الدين حسين:

-الاقتصاد المصري يواجه: «ضغوط المدي القصير..لا ننتج المعرفة.. انتشار ثقافة الاستسهال والغش.. ضعف علاقتنا بالمؤسسات المالية والإعلامية الدولية.. قلة الاستثمارات الأجنبية والخاصة الضخمة.. ارتفاع   أسعار البترول.. ضرورة تدوير كل شىء من المخلفات إلى المياه والطاقة»

-الضغوط الاقتصادية ستكون قوية على المواطنين فى المدى القصير وتجعل الناس تتشكك فى كل إنجاز للحكومة
-أخصص جزءا من وقتى لبناء صناعة قطع الغيار محليا.. ومن غير المعقول أن نستوردها بمليارات الدولارات سنويا
-فى كل حى يوجد فتوة لا يريد أن يتواجد بجواره شخص حسن المظهر ومتعلم جيدا ويعمل بجدية
-والدى كان يقول لى أنت أكثر شخص أقلق عليه بين إخوتك

فى الجزء الثانى من حواره الشامل فإن الدكتور أحمد هيكل رئيس مجلس إدارة مجموعة القلعة يرصد سبعة تحديات تواجه الاقتصاد المصرى فى هذه المرحلة أهمها الضغوط الصعبة على الاقتصاد فى المدى القصير، وإننا لا ننتج المعرفة لأن تعليمنا يتدهور، وانتشار ثقافة الاستسهال والغش، وضعف علاقتنا بالمؤسسات المالية والإعلامية الكبرى فى العالم، وحاجتنا لاستثمارات خاصة وأجنبية كبيرة، والضغوط على الميزانية بفعل ارتفاع أسعار البترول، وضرورة رفع كفاءة الاقتصاد حيث نحتاج لتدوير كل شىء ليكون اقتصادنا أكثر كفاءة، من تدوير المياه والطاقة إلى تدوير الخردة والمخلفات والحرارة والمفروزات.

فى تقدير أحمد هيكل فإن مصر تحتاج إلى أكثر من خمسين شركة كبرى على غرار شركة القلعة، مضيفا أن الاقتصاد المصرى دفع ثمنا باهظا بسبب التعامل الباطش مع شركات الاستثمار الخاصة بعد ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١. وعن الضغوط الاقتصادية الحالية، يعتقد د.هيكل أنها ستكون قوية على المدى القصير، وأحد تداعياتها أنها تجعل الناس تتشكك فى كل إنجاز للحكومة.
يرى هيكل أن الرئيس عبدالفتاح السيسى ورث «كروت لعب» ضعيفة جدا، لكنه صار الآن يملك كروتا قوية، ويحسب له أنه رفض كل المحاولات لاستدراجنا إلى إرسال قوات مصرية للخارج.

يقول أحمد هيكل فى الحوار إنه صار يخصص جزءا من وقته لبناء صناعة قطع الغيار محليا، لأنه من غير المعقول أن تستوردها مصر بمليارات الدولارات سنويا.

ومن الرؤى السياسية إلى الجانب الشخصى، يقول رئيس مجموعة القلعة إن والده الراحل الكبير الأستاذ محمد حسنين هيكل، كان يقول له «أنت أكثر شخص أقلق عليه من بين إخوتك، لأنك تصرف فلوسك على الآخرين». يضيف أنه ووالده ينتميان إلى نوع من الناس كان يؤمن بأن النجاح يقاس بعدد من نأخذهم معنا فى رحلة الحياة ونعطيهم فرصا أفضل.
هو يرى أيضا أن الاقتصادى الراحل الكبير الدكتور محمد تيمور لم يأخذ حقه من التكريم، وعن المتميزين حاليا بين المصرفيين وكبار الاقتصاديين، فهناك خمسة أشخاص هم محمود محيى الدين وعادل اللبان ومحمد العريان، والاثنان الآخران لا يستطيع ذكر اسميهما لأن هناك علاقات عمل بين بنكيهما وشركة القلعة.

يقول هيكل إن أحد أصدقائه كان يصف له جانبا من التغيرات الاجتماعية التى حدثت فى المجتمع المصرى بقوله: هناك فى كل حى فتوة لا يريد أن يتواجد بجواره شخص حسن المظهر ومتعلم جيدا ويعمل بجدية.

يقول أيضا إنه من الخطر جدا الجمع بين الاشتغال بالسياسة والدين والإعلام والأعمال، وأن آخر شخص جمع بينها كان القيادى الإخوانى خيرت الشاطر، وقد يكون آخر شخص لفترة طويلة مقبلة!!

وإلى نص الحوار

* كيف نستطيع رفع نسب ومعدلات النمو فى مصر؟
ــ الهيئات الاقتصادية للدولة مقترضة إلى آخر مدى اضافة إلى تراجع الكفاءات الفنية وبالتالى فإن الحل ان يكون لدينا خمسون شركة مثل القلعة. لقد تم التعامل مع شركات الاستثمار الخاصة بعد الثورة بيد باطشة، وندفع الثمن الان. والمشكلة ان انشاء مثل هذه الشركات يحتاج إلى وقت كبير وتراكم خبرات وقدرة على جذب استثمارات خارجية لا تتوفر لكثيرين، وكذلك قدرة لا يقدر عليها كثيرون فى تحمل المخاطر. لانك عندما تنشئ شركة من الصفر يجب ان تكون قادرا على ان تتحمل وفى هذه الحالة اما ان يكون العائد عشر مرات المبلغ المستثمر، كما فى عملية التخارج من شركة تنمية للاقراض متناهى الصغر، أو أن تخسر كل استثماراتك فى عملية مثل ريفت فالى فى كينيا. المهم ان عدد النجاحات يكون اكبر كثيرا من عدد الفشل وقيمته اعلى. وأنا اشعر بالسعادة عندما أرى اكثر من خمسين شركة ناجحة أسستها فى الـ 25 سنة الماضية. كل شركة اصبحت لها حركتها الخاصة وهى بدورها تنمو وتؤسس شركات جديدة وهكذا تحدث التنمية.

* وكيف ترى الاقتصاد المصرى وأهم التحديات التى تواجهه فى هذه المرحلة؟
ــ كما قلت فإنى متفائل جدا على المستوى المتوسط. ولكن الضغوط الاقتصادية على الناس سوف تكون قوية على المدى القصير، وهذه الضغوط جعلت الناس تتشكك فى كل انجاز تقوم به الحكومة، وهذا غير صحى. لقد فقد بعضنا الثقة فى النفس بأننا نستطيع أن نتقدم وهذا اكبر تحدٍ يواجهنا كمجتمع، وسوف أعطيك مثالا على ما اقول. فأنا الان اضع جزءا من وقتى لمحاولة بناء صناعة قطع غيار لخطوط الانتاج العاملة فى مصر فمن غير المعقول ان مصر تستورد قطع الغيار كل عام بمليارات الدولارات. بينما من السهل جدا تصنيع ثلثها على الاقل محليا. وإذا وضعنا مجهودا حقيقيا فإننا يمكننا رفع هذه النسبة إلى 70%. وداخل شركة القلعة يلومنى البعض ويقولون لماذا تضيع الوقت فى اشياء صعبة واصحاب المصانع متشككون فى ان نفى بما نعد به!!
أنا مصمم على عمل محاولة جادة لتصنيع قطع الغيار محليا. «إحنا مصر.. مش واحدة من بلدان العالم الثالت». خلفيتى كمهندس ميكانيكا ومعرفتى بعلم الفلزات يؤهلنى للعب دور فعال من خلال شركات مملوكة للقلعة.
التحدى الثانى هو اننا لا ننتج معرفة لان تعليمنا يتدهور. نحن لا نصرف على البحث العلمى بالقدر الكافى، وبالتأكيد غير قادرين على تنميته تجاريا. ولن نستطيع التقدم بجد من دون بحث علمى.
التحدى الثالث هو انتشار ثقافة الاستسهال والغش، فنحن نستطيع ان ننجح فى الامتحانات من دون مذاكرة، ولكن بالغش. ونستطيع ان نصل لوجهتنا اسرع بالسير عكس المرور، والأهم ان نحاول عرقلة من يسير فى الطريق الصحيح.
قال لى صديق عزيز انه يوجد فى كل حى فى مصر فتوة لا يريد ان يكون هناك فى حيه شخص لابس كويس وحسن المظهر ومتعلم كويس ويعمل بجد. وهو يريد ان يوسخه ويشوهه بأى طريقة، ويجره لاسفل لو استطاع. نحن بلد فيه كثيرون يحاولون ان يطمسوا النجاح ويشوهوه.
التحدى الرابع هو ان علاقاتنا مع المؤسسات المالية العالمية ضعيفة. فكم منا على علاقة طيبة بهذه المؤسسات والعاملين فيها. وهذا صحيح ايضا بالنسبة للاعلام الغربى. للاسف عدد الناس فى مصر التى لديها مصداقية لدى الاعلام الدولى محدودة للغاية. وهذه مشكلة حقيقية ولا يستطيع عدد قليل منا تغطية هذا النقص.
التحدى الخامس هو انه على الرغم من ان الحكومة والبنك المركزى قد نجحا فى المرحلة الاولى من الاصلاح الاقتصادى، الا ان المرحلة الثانية تتطلب استثمارات كبيرة من القطاع الخاص واستثمارات اجنبية ضخمة.
التحدى السادس ارتفاع اسعار البترول سوف يشكل ضغطا على ميزانية الدولة وارتفاع سعر الفائدة فى امريكا سيضع ضغوطا على جميع عملات البلدان الناشئة. وعلى الرغم من اننى لا ارى ضغطا على الجنيه المصرى فى الفترة الحالية أو فى المدى القصير، فانه من الجيد فى السنوات القادمة الا نثبت قيمة الجنيه كما كنا نفعل خطأ فى الماضى، وأن نتركه يتحرك صعودا وهبوطا ليعكس كفاءة الاقتصاد المصرى، والاوضاع الاقتصادية السياسية العالمية.
التحدى السابع هو رفع كفاءة الاقتصاد، وأحد محاوره هو اننا سوف نضطر إلى تدوير كل شى ليكون اقتصادنا اكثر كفاءة. تدوير المياه والمخلفات والخردة والحرارة والمفروزات مثل الورق والبلاستيك اصبح ضرورة، وكذلك ترشيد استخدام الطاقة والمياه. وتفعيل بناء المنازل بالعزل الحرارى أصبح ضرورة.

* ما هى فلسفتك فى الحياة؟
ــ والدى كان كريما جدا وكان دائما يقول لى ان اكثر واحد من اولادى اقلق عليه هو انت لانك بتصرف كل فلوسك على الاخرين. فيه ناس بتشوف النجاح فى الحياة بكمية الفلوس اللى حوشتها اثناء حياتها، واخرون يقيسون النجاح بعدد الناس اللى اخدوهم معاهم فى رحلة الحياة، واعطوهم فرصة لحياة افضل. وأنا ووالدى من المجموعة التانية وهذه فلسفة حياة.
بحكم نشأتى أفهم فى السياسة والاعلام، وبحكم مهنتى أفهم فى ريادة الاعمال وادارة الشركات والاقتصاد العالمى.
وهناك اربع لا يمكن الجمع بينها وهى الاشتغال بالدين والاشتغال بالسياسة وامتلاك الاعلام وادارة الاعمال. خيرت الشاطر اخر من جمع بينها وأحسب انه اخر واحد سيكون لفترة طويلة مقبلة.

* كيف ترى الاعلام الاقتصادى فى مصر؟
ــ أحلم بتقديم برنامج تلفزيونى اقتصادى شهرى بعد ثلاث سنوات من الان. فنحن فى مصر بحاجة ماسة للفهم الاقتصادى الصحيح. ثلاث سنوات هى الفترة اللازمة لهيكلة شركة القلعة لتصبح سهلة الفهم.

* من تعتبره لم يأخذ حقه من التكريم؟
ــ الدكتور محمد تيمور لم يأخذ حقه من التكريم، وهو الذى ضمنى إلى فريق «اى اف جى هيرماس». هو كتب ان اقناعى بالانضمام إلى الشركة هو نقطة التحول الكبرى فى تاريخها.
لقد حولنا الشركة من شركة استشارات الى اكبر بنك استثمارى فى المنطقة، وبدورنا فقد ساعدنا عددا لا يحصى من الشركات فى مصر للحصول على التمويل اللازم لتطوير اعمالها، كما اسسنا عددا غير قليل من الشركات مثل فودافون مصر وراية وفنون.
هناك الكثير من المصرفيين والاقتصاديين الكبار فى مصر، لكن يتبقى ثلاثة متميزون هم عادل اللبان ومحمود محيى الدين ومحمد العريان. وهناك اثنان آخران لن اذكر اسماءهما لوجود تعاملات مالية بين بنوكهما وشركة القلعة.

* كيف تقيم اداء الرئيس السيسى دوليا؟
ــ الرئيس السيسى ورث كروت لعب ضعيفة للغاية لاننا تصورنا لفترة سابقة ان 99% من كروت اللعب فى يد امريكا ورمينا كروتنا. والرئيس يملك كروتا جديدة اقوى الان، وذلك لا يتأتى بين يوم وليلة، ولكنه يحدث بعمل دءوب لفترة طويلة فى ظروف محلية وإقليمية ودولية قاسية. أمريكا مهمة لكن ارادتنا أهم.
يحسب جدا للرئيس السيسى انه لم يوافق نهائيا على مطالب استدراجنا بقوات خارج حدودنا «إلا للدفاع عن امننا القومى المباشر، وعن اشقاء تم استهدافهم داخل حدودهم» على الرغم من ضغوط احسبها مرتفعة للغاية.

* من الذى سيفوز فى الصراع الدولى الحالى؟
ــ الصين وروسيا الرابح الاول مما يحدث حول العالم، والصين ستصبح اكبر اقتصاد فى العالم خلال 12 سنة. والهند والصين معا سوف يحددان مستقبل الطاقة فى العالم.
وبعد ثلاثين عاما من الان فإن الزيادة فى استهلاك الهند من الطاقة ستعادل كل ما تستهلكه اوروبا اليوم، ونفس الامر بالنسبة للصين. وارتباطا بذلك ايضا فليس عندى شك فى صحة ما يطلق عليه التغير المناخى. اما خروج امريكا من اتفاقية باريس فهو خطأ تاريخى سوف يدفع الجميع ثمنه.

* هل تأخذ السيدات فرصهن فى شركاتكم؟
ــ ستات مصر جدعان ومش واخدين فرصتهم الكاملة. ولدينا سيدتان اعضاء مجلس ادارة فى القلعة، واثنتان اعضاء فى اللجنة التنفيذية للشركة ولدينا برنامج لتعيين سيدات اكثر، وهذا يسرى ايضا على الشركات المملوكة للقلعة.

* ماذا عن الدور الاجتماعى لشركاتكم؟
ــ نحن متميزون فى هذا المجال، وبذلنا جهودا كبيرة خصوصا فى مسطرد، ونؤمن إيمانا أكيدا ان تطوير البيئة الاجتماعية المحيطة بالمصانع والشركات، هو افضل استثمار.
لدينا مشروع المنح الدراسية للطلاب المبعوثين للخارج، ومنذ سنوات ونحن نخصص اكثر من عشرين منحة سنويا لدراسة الماجستير والدكتوراه فى افضل الجامعات الاجنبية.
كما نخصص منحا فى الجامعات المصرية والخاصة، وكذلك دورات تدريبية للمعلمين، ومشروعات اجتماعية اخرى مثل قوافل الكشف على العيون. وقد أوفينا بما التزمنا به سابقا مع صندوق «تحيا مصر»، وتنوى المجموعة التبرع بمبلغ مالى كبير للصندوق خلال السنوات الأربع المقبلة.
وبالمناسبة فأنا عضو المجلس الرئاسى لتقديم المشورة لرئيس جامعة نيويورك، ونتقابل مرتين سنويا وأحاول عمل برامج مشتركة مع جامعات مصرية.

 

أقرا ايضا

-مصنع الورق الكرتون.. حينما تتحول الزبالة إلى منتجات جميلة

-تعرف على معمل تكرير «مسطرد».. درة تاج مشروعات شركة القلعة

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved