استعان بشركة علاقات عامة.. كيف واجه الاحتلال أدلة إدانته باغتيال شيرين أبو عاقلة؟

آخر تحديث: السبت 14 مايو 2022 - 3:02 ص بتوقيت القاهرة

رباب عبد الرحمن

عقب استشهاد الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة في مخيم جنين مع حملات اعتقال ضد الفلسطينيين، استدعت سلطات الاحتلال موظفي العلاقات العامة بجهاز «هاسبارا» للعلاقات العامة لوضع خطة عمل لمواجهة إدانة إسرائيل.

بعد الاجتماع، تم توزيع مقطع فيديو يتضمن مزاعم إطلاق مقاومين فلسطينيين النار عشوائيًّا من داخل مخيم جنين في محاولة لتحميلهم مسؤولية قتل أبو عاقلة، لكنّ الاستراتيجية فشلت عندما كشف مقطع فيديو آخر أن أبو عاقلة اغتيلت في مكان قريب من القوات الإسرائيلية، وفقا لصحيفة «تايم» الأمريكية.

واعتبرت الصحيفة أنّ قتل الصحيفة بالنسبة لـ(الاحتلال) الإسرائيلي، يهدد بإلحاق الضرر بالعلاقات مع العالم العربي ، في حين أن الجنسية الأمريكية لشيرين أدخلت العلاقات مع واشنطن في المعادل ، مما يزيد من المخاطر.

في السياق، قالت وزارة الخارجية الأمريكية إنّ التحقيق يجب أن يكون فوريًا وشاملًا ويجب محاسبة المسئولين (دون توجيه إدانة مباشرة لقوات الاحتلال).

وبحسب الصحيفة، يعتبر الإنكار هو الاستراتيجية المعتادة لتل أبيب في التعامل مع قتلها للمدنيين البارزين، وكثيرًا ما تدعي سلطات الاحتلال بأن الفلسطينيين هم من ارتكبوا ذلك.

وفي كثير من الأحيان، تزعم إسرائيل أن الضحية كان بالقرب من موقع فيه (مقاومين) فلسطينيين يهاجمون الإسرائيليين، وبالتالي قُتلوا بطريق الصدفة بنيران إسرائيلية أو أن تزعم إسرائيل أن المدني كان متورطًا في هجوم على جنود (الاحتلال) أو كان عضوًا في منظمة فلسطينية تصفها تل أبيب بأنها مسلحة.

وفي حالات أخرى، قالت سلطات (الاحتلال) الإسرائيلي إن الحقائق حول عملية القتل غير واضحة، وتحاول تبرئة نفسها من الاتهامات كما حدث في قضية اغتيال الناشطة الأمريكية المؤيدة للفلسطينيين راشيل كوري، التي دهستها جرافة عسكرية عام 2003، وآنذاك زعم جيش (الاحتلال) أن قطعة من الخرسانة هي على الأرجح ما قتلها.

وفي غضون نصف ساعة من اغتيال شيرين أبو عاقلة، بدأت آلة العلاقات العامة الإسرائيلية بالعمل على استراتيجية إنكار وإبعاد الشبهة عن قوات الاحتلال، إذ كشف الصحفي الإسرائيلي باراك رافيد - في تقرير عبري لموقع «والا»: «كانت هناك مشاورات عاجلة بمقر جهاز هاسبارا الوطني للعلاقات العامة، مع ممثلين عن مكتب رئيس الوزراء نفتالي بينيت ووزارة الخارجية والجيش الإسرائيلي وقرروا أن الهدف الرئيسي هو محاولة صد الرواية التي ظهرت في وسائل الإعلام الدولية، والتي تفيد بأن شيرين أبو عاقلة قتلت بنيران إسرائيلية».

لذلك، استخدمت سلطات الاحتلال مقطع فيديو قصيرًا تم تصويره ذلك الصباح في منطقة سكنية، ونشر بينيت مقطع الفيديو وادعى أنه نظرًا لعدم إصابة جندي إسرائيلي في جنين في ذلك اليوم، فإن اللقطات كانت دليلًا على أن المسلحين وفق زعمه استهدفوا أبو عاقلة في خوذتها ودرعها، على أنها جندي إسرائيلي، على حد إدعاءات تل أبيب.

ونوهت الصحيفة بأنّ النسخة الإنجليزية من تقرير رافيد على موقع «أكسيوس» لم تتضمن هذه المعلومات.

وبحسب شهادة علي الصمودي، الصحيفة الذي أصيب هو الآخر مع أبو عاقلة، كانت كلمة PRESS مرئية بأحرف كبيرة على ملابسها الواقية، وقال: «رأينا الجنود في المنطقة ولم يكن هناك فلسطينيون.. كان الجنود على بعد حوالي 150 مترًا.. لم أرَ من يطلق النار، لكني رأيت من أين يأتي الرصاص.. جاؤوا من المنطقة التي يوجد فيها الجنود. لم يكن هناك مقاومون في المنطقة».

وسرعان ما تراجعت سلطات الاحتلال عن روايتها مساء الأربعاء، وقال وزير الدفاع بيني جانتس في مكالمة هاتفية مع الصحفيين إنه «آسف جدًا لما حدث»، وزعم أن تل أبيب تريد إجراء تحقيق شامل وأنه طلب من الفلسطينيين إعطاءهم الرصاصة التي تم العثور عليها في رأس أبو عاقلة، وادعى أنه يعد بمشاركة جميع نتائج الطب الشرعي مع الأمريكيين والسلطة الفلسطينية.

وفي اليوم التالي لاغتيال شيرين أبو عاقلة، قال مسئولون إسرائيليون إن جنودًا في عربة عسكرية كانوا على بعد حوالي 150 مترًا من مكان عمل الصحفيين، أطلقوا النار مرارًا وتكرارًا في الوقت الذي قُتلت فيه أبو عاقلة.

وقالت «تايم»: «عندما يتأذى الأمريكيون الفلسطينيون من القوات الإسرائيلية ، تسرع إسرائيل في التحقيق ، لكن العملية نادرًا ما تنتهي بعقوبة شديدة.. قبل أربعة أشهر ، وبناء على طلب أمريكي ، أجرت إسرائيل تحقيقًا في قتل رجل فلسطيني أمريكي بعد اعتقاله من جنود إسرائيليين في منتصف الليل».

واستشهدت شيرين أبو عاقلة بعد أيام فقط من تقديم الاتحاد الدولي للصحفيين ونقابة الصحفيين الفلسطينيين والمركز الدولي للعدالة للفلسطينيين شكوى رسمية في لاهاي بشأن الاستهداف الممنهج للصحفيين الفلسطينيين.

واستشهد ما يقدر بنحو 50 صحفيًّا فلسطينيًّا منذ عام 2000 ، وفقًا لنقابة الصحفيين الفلسطينيين، فيما قالت اللجنة الدولية للعدالة الجنائية إنّ القوات الإسرائيلية لديها سجل حافل في استخدام القوة المميتة والاستهداف المنهجي للصحفيين الفلسطينيين مع غياب كامل للمساءلة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved