نبيل فهمي وزير خارجية مصر السابق يكتب: ائتلاف المتناقضات ورد الفعل الفلسطينى

آخر تحديث: الإثنين 14 يونيو 2021 - 8:51 م بتوقيت القاهرة

‏تولى بنيامين نتنياهو منصب رئيس الوزراء إسرائيل منذ 2009 بشكل متواصل، بالإضافة إلى ولاية سابقة من ١٩٩٦ ــ ١٩٩٩، متجاوزا كل من تولى هذا المنصب فى اسرائيل، بل تطلب ازاحته عقد اربعة انتخابات متتالية والتوصل لائتلاف بين أقصى اليمين متمثلا فى أحزاب يمينا والامل الجديد واليسار الإسرائيلى من العمل ومرتز والوسط يش عتيد واسرائيل بيتنا والازرق والابيض، ورام الحزب الاسلامى الاسرائيلى العربى، تحالف المتناقضات والمواءمات التاريخية لا يجمعهم سوى هدف واحد وهو إنهاء ولاية نتنياهو كرئيس للوزراء.
‏جاء رد فعل نتنياهو لهذه التطورات شبيها بموقف صديقه ترامب، بالتشكيك فى قانونية الائتلاف وشرعية الانتخابات، ‏وقد يكون صائبا فى أن الغرض من الائتلاف ليس تنفيذ برنامج تيار سياسى صوت لصالحه الناخب الاسرائيلى، انما لا يوجد برنامج واسع الانتشار والتأييد مع الانقسام السياسى فى اسرائيل، وهو ما يرجح دائما تشكيل حكومات ائتلافية اسرائيلية لحصد 61 مقعدا بالكنيست، وقد واءم أعضاء الائتلاف مواقفهم مرحليا لإزاحة نتنياهو، وستظل على هذا الموقف بقدر الإمكان لأطول فترة ممكنة لمنعه من سحب أحد نواب اليمين الذى يشعر بحرج من الائتلاف مع حزب عربى، أو حتى جذب الحزب العربى بتحفيزه بدعم مالى للمحليات.
تتناقض برامج شركاء الائتلاف مع بعضها البعض ‏كثيرا فبعض أعضاء اليمين يعترض على تجميد قانون كامنتز الداعم إلى هدم المبانى العربية غير المرخصة، وتعترض على وقف هدم المبانى مؤقتا بالنقب وزيادة الدعم المالى للبرامج الاجتماعية العربية، وهناك تباين بين اليمين واليسار بالنسبة للقوانين الاجتماعية الاسرائيلية دور المؤسسات الدينية، والإنفاق فى البنية الأساسية فى الضفة الغربية وفقا لأولويات اليمين أو فى النقب وفقا لليسار.
ومن أهم ما يعنى العرب مواقف أعضاء الائتلاف من القضايا الخاصة بالنزاع العربى الاسرائيلى، ويقف حزب ميرتس ومعه حزب العمل ‏مؤيدا لإقامة دولة فلسطينية بجوار إسرائيل، فى حين يعارض ذلك مطلقا حزب يمينى ‏الذى يترأسه نفتالى بينيت، ويتبنى الحزب الكثير من ‏مواقف والسياسات المستوطنين الإسرائيليين، ‏بل بنيت كان له تصريح ملفت ‏صباح انتخاب دونالد ترامب عام 2016 أن «عصر الدولة الفلسطينية انتهى».
‏ويستخلص من ذلك ‏أن الائتلاف جمع اقصى اليمين واقصى اليسار استثنائيا وتكتيكيا، ائتلافا فريدا حقا حتى فى دولة ومنظومة ‏السياسية اعتادت أن تتأثر بمواقف الأحزاب الصغيرة ومصالحها ‏وتجعل لها وزنا سياسيا يفوق كثيرا وزنها السياسى والانتخابى.
‏واستبعد أن ينجح هذا الائتلاف فى اتخاذ أى قرارات استراتيجية على المدى القصير لأنها ستؤدى إلى انهياره، كان ذلك ارتباطا ‏بإعادة تشكيل المنظومة السياسية الإسرائيلية، ‏أو تجاه الفلسطينيين والدول العربية المحتلة، واعتبر أن الائتلاف توافق وفرصة لكل لالتقاط الأنفاس وإعادة ترتيب الأوراق السياسية.
ما يجمع المشاركين فى الائتلاف وسيجعلهم يتعاونون على المدى القصير هو اهتمامهم بالقضاء على فرص عودة نتنياهو كمحرك سياسى رئيسى، باعتباره عقبة أمام طموحات بينيت الذى يأمل أن يسيطر على التيار اليمينى طويلا، ‏كما يسعى اليسار الاسرائيلى إلى كبح جماح نتنياهو السياسى الداهية بعد ان وقف امام استعادة اليسار الاسرائيلى لرونقه، ومن ثم فرغم صعوبة تصور أن يطول الائتلاف طويلا لاختلاف الرؤية السياسية، او أن ينجز الكثير لتعارض اولوياته، فلا اتصور انهياره سريعا، قبل أن يصبح واضحا وبجلاء ‏أن مستقبل بيبى لا يشمل العودة إلى مركز رائد فى الساحة السياسية، فى نفس الا انه من الخطأ توقع أن يستمر التحالف مدة أربع سنوات كاملة لتناقص وتعارض المواقف السياسية لأعضائه.
‏أول خطوة للائتلاف على المستوى السياسى ستكون تجاه الولايات المتحدة لإعادة البوصلة السياسية بين البلدين إلى موقعها الطبيعى حكوميا وبين اليهود الأمريكان، وسيتم تجنب الدخول فى صدام علنى ‏مع إدارة بايرن ضد استئناف الاتفاق النووى مع إيران، وسيتحول الموقف الإسرائيلى من المعارضة ‏الصاخبة إلى المزايدة والمطالبة بالحصول على التأمينات والدعم العسكرى والمادى الإضافى لتحمل المخاطر المحتملة لأى خرق إيران ‏للاتفاق النووى بعد استئنافه.
‏وعلى المسار الفلسطينى إسرائيل اتوقع استمرار بناء المستوطنات الإسرائيلية فى الأراضى المحتلة، وإنما بمعدلات ابطاء ودون صخب سياسى، لكى يثبت بينت لمؤيديه انه لم يتنازل عن مطالبهم، وإنما دون المبالغة لتجنب ‏إثارة التيار السياسى اليسارى ‏فى الائتلاف الاسرائيلى أو فى الحزب الديمقراطى الأمريكى، والذى له ثقله بين مؤيدى الرئيس الأمريكى بايدن، ولا استبعد أن تتجنب الولايات المتحدة تسريع وتيرة السلام الفلسطينى الإسرائيلى، تجنبا لإثارة متناقضات تؤدى إلى تفكك الائتلاف مقابل ضبط إسرائيل إيقاع التوسع الاستيطانى وعدم اعتراض اسرائيل على إحياء الاتفاق النووى الإيرانى والذى يحظى بالأولوية الأمريكية.
‏كما اننا لن نشهد تحركا حقيقيا فى مفاوضات السلام الإسرائيلية الفلسطينية فى المستقبل القريب، وأرجح أن توجه الجهود الإسرائيلية والأمريكية إلى استقرار وقف إطلاق النار والعنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين من جانب، ‏مع توفير دعم انسانى للجانب الفلسطينى للأغراض الإنسانية، والتأكيد على مبدأ حل الدولتين، دون بذل جهد حقيقى للوصول إليه على المدى القصير والترحيب بأى تطبيع عربى اسرائيلى دون ممارسة ضغوط حقيقية فى هذا الشأن وترتيبا على ما تقدم وتجنبا للركود السياسى وتأكل حقوقهم اوصى بان يركز الجانب الفلسطينى مرحليا على الأهداف الحالية:
ــ التفاعل مع التيار اليسارى والوسطى فى الساحة الاسرائيلية مباشرة ومن خلال الاسرائيليين العرب للتأثير بشكل أفضل على أى ائتلافات أو انتخابات إسرائيلية مقبلة.
ــ تنشيط جهده مع المجتمع المدنى والحقوقى العالمى، لإثارة عدم احترام إسرائيل لواجباتها كدولة احتلال ومعاملة العنصرية ضد عرب إسرائيل وتقنين الدول، والتثبيت بان الاحتلال شكل من أشكال الضم الجبرى المرفوض على غرار قرار البرلمان الايرلندى.
ــ مصارحة واعادة ضبط المعادلة السياسية الفلسطينية، بحيث تكون معادلة جامعة للكل، ونقطة ارتكازها الهوية الوطنية الإسرائيلية، واعتزام مصر باستقبال الفلسطينيين بمختلف توجهاتهم فرصة مواتية، وانما تحتاج لمواقف صادقة فيما بين الفلسطينيين.
ــ بذل جهد دولى لتوسيع الاعتراف بدولة فلسطين على غرار موقف السويد على الأقل.
ــ طرح الجانب الفلسطينى خطة تحرك عربية محددة وتفصيلية تحقيقا للأهداف المشار إليها ومبنية على المبادرة العربية لعام 2002، دون الدخول فى مهارات فرعية، بغية استثمار التوافق كلما وجد وحسن ادارة أى تباين فى الممارسات او التقييم والتوقيت، فما يجمعنا أكثر بكثير عما يفرق بيننا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved