ننشر وثيقة التحالف الانتخابي للأحزاب المدنية

آخر تحديث: الإثنين 14 يوليه 2014 - 4:59 م بتوقيت القاهرة
إعداد- أحمد فتحي ومحمد سالم

- الوثيقة قدمها "الشوبكي" للتحالف الجديد.. وارتكزت على 8 محاور سياسية وفكرية.

- تجديد المشروع الوطني وإصلاح الدولة وإعادة بناء مؤسساتها أهم مرتكزات التحالف.

- الإيمان بأهداف ثورتي 25 يناير و30 يونيو.. والالتزام بمبادئ الدستور والقانون لبناء نظام ديمقراطي.

- الاعتماد على العلم والعمل كأساس للتقدم.. ودعم المحليات وسياسة مصر الخارجية.

أصدر التحالف الجديد للأحزاب المدنية "المزمع تدشينه رسميا خلال أيام"، وثيقته الانتخابية التي انتهى منها البرلماني السابق، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عمرو الشوبكي، وقدمها للتحالف، الاثنين، والمزمع تدشينه رسميا خلال أيام.

التحالف يضم العديد من الشخصيات العامة، مثل رئيس لجنة الدستور السابقة عمرو موسى، والأحزاب السياسية الفاعلة، مثل الوفد والمصري الديمقراطي والمؤتمر والتجمع.

وارتكزت الوثيقة على 8 محاور، هي الحفاظ على الدولة الوطنية وإصلاحها، وتبني التحالف أهداف ثورتي 25 يناير و30 يونيو، والالتزام بمبادئ الدستور والقانون لبناء نظام ديمقراطي جمهوري يؤسس للشرعية السياسية والقانونية، للوصول إلى دولة تنموية عادلة، والاعتماد على العلم والعمل كأساس التقدم، مع دعم المحليات، والدور النشط والفعال لسياسة مصر الخارجية.. وإلى نص الوثيقة:

1 ـ الحفاظ على الدولة الوطنية وإصلاحها

الدولة المصرية الضاربة في جذور التاريخ، والتي تأسست في صورتها الحديثة عام 1805، وبفضل تقاليد مؤسساتها حمت مصر من أخطار كثيرة تعرضت لها المنطقة العربية مؤخرا، وشهدنا كيف تفككت وسقطت دول بفعل غزو خارجي أو استبداد داخلي، وأن الحفاظ على الدولة وإصلاحها، هو هدف كل مصري غيور على بلده.

إن المواطن المصري ينتظر أمرين في غاية الأهمية: الأول ضمان حياد وعدالة مؤسسات الدولة تجاه مواطنيها بصرف النظر عن انتمائهم السياسي أو الديني أو وضعهم الاجتماعي أو ما شابه، ووضع الحدود الفاصلة بين مؤسسات الدولة، الباقية والتي هي ملك كل المصريين، والنظام السياسي الذي هو بحكم التعريف متغير، نظرا للتغير الذي يعترى تشكيل المؤسسات المعبرة عنه من برلمان، ورئاسة، وحكومة. وتشكل هذه التفرقة مناط بناء الدولة الحديثة، حيث إن الخبرة السابقة تشير إلى أن الخلط بين النظام السياسي والدولة يؤدي في أفضل الحالات إلى تراجع الديمقراطية، وانتشار المحاباة والفساد، وتواري قيمة المواطنة، وفي أسوأ حالاته تهديد كيان الدولة، وتقويض بنيتها في حالة تداعي النظام السياسي الذي كان هو والدولة كيان واحد مثلما حدث في بعض دول المنطقة.

الأمر الثاني: العمل الدؤوب على إصلاح مؤسسات الدولة بعد أن أصابها الترهل والبطيء والتضخم البيروقراطي، واستعادة كفاءتها وتطوير جهازها الإداري وتحديثه، حتى تصبح عنوان تقدم وديمقراطية هذا البلد. وينطوي الإصلاح المنشود على مجالات أساسية تتعلق بتحديث المؤسسات ذاتها، ووضع لوائح ونظم عصرية لها، وبث ثقافة جديدة تقوم على الحكم الرشيد من احتكام للقانون، وشفافية، ومساءلة، ونزاهة إدارية، واختيار قيادات لها كفاءة مهنية وصاحبة رؤية والتزام وطني وأخلاقي.

إن الإصلاحات الجراحية رغم ما فيها من آلام ضرورية، لا غنى عنها بعد أن أعلن الشعب المصري رفضه لسياسة المسكنات وترحيل المشاكل التي عاني منها على مدار أكثر من ثلاثة عقود، وأيضا محاولة الهيمنة على جهاز الدولة من قبل فصيل بعينه لم يسع للإصلاح بل للسيطرة والتمكين.

2 ـ الإيمان بأهداف ثورتي 25 يناير و30 يونيو

يؤمن التحالف بأهداف ثورتي 25 يناير و30 يونيو، دون أن يعني ذلك إعطاء نفسه حصانة ثورية خاصة، فهو لا يسعي لبناء نظام سياسي ثوري يكرس الاستثناء تحت مسميات مختلفة نظم ثورية دينية وغيرها، كما جرى في نظم استبدادية كثيرة، إنما نظام سياسي ديمقراطي ودولة قانون ومؤسسات.

ولذا فإن التحالف سيعمل على تحقيق طموحات الشعب المصري في الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية، ويؤمن أن نضاله منذ أن أسس دولته الحديثة على يد محمد على في 1805 هو نضال متصل وأن ثوراته التاريخية الكبرى منذ ثورة عرابي ومرورا بثورة 1919 ثم ثورة يوليو وانتهاء بثورة 25 يناير وموجتها اللاحقة في 30 يونيو هي سلسلة متصلة من أجل تحقيق العدالة والكرامة والحرية وإعادة بناء مؤسسات دولته وتطويرها وتحديث مسارها.

ويؤمن التحالف بأن الثورة فعل احتجاجي جماهيري لتغيير أوضاع ظالمة، وخاطئة، وفاسدة، ولن يتحقق التغيير المنشود إلا في ظل مؤسسات دولة فاعلة، تحول المطالب العادلة إلى سياسات عامة تسهر على تنفيذها في ظل قيادات كفء تؤمن بمشروع النهضة والتقدم.

إن الثورة وسيلة وليست هدف، وهى طريق لتحقيق التقدم والتنمية والرخاء، وقد تتحول في حال انحرافها عن مسارها إلى عامل هدم وفوضي، وأن تجارب التغيير الناجحة هي التي قدمت بديلا سياسيا واجتماعيا للناس أفضل من النظام القديم، في حين أن التجارب الفاشلة هي التي عجزت عن أن تقدم ذلك، وأن التحالف سيعمل بكل طاقتها على تقديم سياسات بديلة تؤسس لنظام سياسي ديمقراطي جديد، وأن تحول مبادئ الثورة إلى طاقة عمل وبناء وتنمية.

3 ـ الالتزام بمبادئ الدستور والقانون وبناء نظام ديمقراطي

من المهم التأكيد على أن تطبيق مبادئ الدستور واحترام سيادة القانون واستكمال عملية التحول الديمقراطي، واعتبار أن ضمان استقرار مصر وتطورها لن يكون فقط بالحفاظ على مؤسسات الدولة إنما باحترام هذه المؤسسات للدستور ومبادئ دولة القانون دون أي تمييز بين المواطنين على أساس الدين أو العرق أو الانتماء الجغرافي أو النوع أو الوضع الاجتماعي.

وأن أخطر ما يمكن أن تتعرض له دولة مثل مصر هو سقوطها في براثن الدولة الفاشلة، التي تعجز عن تحقيق الحد الأدنى المطلوب من الأمن والتنمية والعدالة لمواطنيها، وأن هذا الخطر وصل في بعض البلاد العربية إلى حد انهيار الدولة وتفككها وسقوطها في براثن الحرب الأهلية. ومواجهة هذا الخطر لن تكون فقط بمواجهة الاختراقات والإملاءات الخارجية إنما ببناء مشروع وطني ديمقراطي يعمل على تحديث الدولة ومؤسساتها حتى تستطيع مواجهة تحديات الداخل والخارج.

وسيعمل التحالف على بناء نظام سياسي جديد يؤمن بأهداف الثورة، ويعمل على تحقيق الديمقراطية والتنمية والعدالة الاجتماعية، ولا يؤسس لنظام يعطي لنفسه حصانة خاصة فوق الناس باسم الثورة أو الدين أو الاستقرار، فالمطلوب تطبيق القانون بكل حسم مع الجميع دون البحث عن استثناءات أو حصانة خاصة لنظام أو مؤسسة أو جهة، إن مطالبة البعض بتطبيق شرعية ثورية على المخالفين في الرأي أمر لا يقبله التحالف، وكما علمتنا تجارب التاريخ تبدأ هذه الشرعية كطريق لمواجهة خصوم الثورة بإجراءات استثنائية، وتنتهي بمواجهه بين أبناء تيارات الثورة أنفسهم بنفس الإجراءات، ولذا فأن شرعية النظام السياسي يجب أن تستند فقط إلى الدستور والقانون القادر على فرز أفضل العناصر لقيادة الأمة، وأيضا ضمان نزاهة الاستحقاقات الانتخابية.

سيعمل التحالف على حفظ وحدة النسيج الاجتماعي المصري بعد حالة الاستقطاب الشديد التي تعرض لها المجتمع، وتعرضه لانقسامات عديدة بين الاتجاهات السياسية المختلفة، وإذا كان المجتمع المصري قد شهد مواجهات بين فصائل سياسية مختلفة، فإن هذه المواجهات لا يجب أن تنقل إلى دوائر أوسع من الأهل والأنصار، كما يجب الوقوف في مواجهة خطاب الانتقام الفردي أو المحاسبة خارج إطار القانون والتي في حال حدوثها لا قدر الله فمن شأنها أن تقضي على تماسك المجتمع ووحدته ومستقبل الأجيال القادمة، وأن من استخدم العنف والترويع، ومارس الإرهاب واستهدف أبناء الشعب المصري من مختلف فئاته وخاصة من رجال الشرطة والقوات المسلحة فإن محاسبته بكل حسم ستكون في إطار الدستور والقانون.

كما يرى التحالف أنه لا إقصاء إلا عبر حكم قضائي في مواجهه مرتكبي الجرائم والمحرضين على العنف، وأن رفض قوانين العزل السياسي والتأكيد على ما جاء في الدستور من المساواة الكاملة بين المواطنين في الحقوق والواجبات وحق الجميع في ممارسة العمل السياسي إلا من ارتكبوا جرائم من أي نوع وفق أحكام قضائية.

إن موقف التحالف من أي جماعة دينية قائم أيضا على ضرورة احترام الدستور والقانون الذي يحظر تأسيس جماعة دينية لها ذراع سياسي، وأن فكرة الجماعة السرية الأممية التي لها أذرع سياسية واجتماعية ودينية لا يمكن قبولها في ظل قوانين أي دولة وطنية حديثة تقوم على تشكيلات سياسية ظاهرة، ومؤسسات وطنية تدير الشأن العام، ومواطن يمتلك حق المساءلة، وإعلام يسلط الضوء على دقائق العمل العام.

كما سيعمل التحالف على وضع استراتيجية وطنية شاملة لمكافحة الإرهاب تقوم على البعد الأمني والسياسي والاجتماعي والديني وتعتبر محاربة الإرهاب قضية أمن قومي لا يجب التهاون فيها لأنه لا تقدم ولا استقرار ولا تنمية دون قضاء على الإرهاب أمنيا وسياسيا وفكريا.

4 ـ النظام الجمهوري أساس الشرعية السياسية والقانونية

النظام الجمهوري الديمقراطي كما جاء في الدستور هو أساس نظام الحكم في مصر، والجمهورية بكل ما تمثله من قيم ومبادئ في الحرية والمساواة والعدالة والاستقلال الوطني والالتزام بالمبادئ الدينية هي مصدر توافق المصريين، فقد طوت مصر بغير رجعة صفحة النظام الملكي وأسست لجمهورية حديثه قدمت في داخلها مشاريع سياسية مختلفة (مشروعي جمال عبد الناصر وأنور السادات) وتكلست ووقفت في مكانها ولم تتقدم ( أثناء حكم مبارك)، ولكنها ظلت بمبادئها حاضرة في الضمير الجمعي لعموم المصريين.

ولأن في مصر قيم وتقاليد الجمهورية فقد رفض الشعب مشروع التوريث لأن في النظم الجمهورية لا تورث السلطة، وعاد أيضا ورفض محاولات اختطاف الجمهورية وتفكيك مشروعيتها لصالح مشاريع الخلافة الدينية والتنظيمات العابرة للأمة والوطن.

إن الجمهورية في مصر هي أساس النظام السياسي، وهي التي خاضت معارك التحرر الوطني والعدالة الاجتماعية والتنمية، وتعود الآن لتكون في صورتها الديمقراطية هي أساس تقدم مصر ونهضتها.

النظام الجمهوري الديمقراطي، ودولة القانون والمؤسسات هما أساس النظام السياسي في مصر، وأن الإيمان بمشاركة كل الاتجاهات في العملية السياسية وبتداول السلطة حق دستوري وقانوني.

وبالتالي فإن الجمهورية الديمقراطية الجديدة، لا تفرق بين القوى السياسية على أساس المعارضة والموالاة، ولكن يكون مناط التفرقة الوحيد هو بين من يمارسون العمل السياسي في إطار سلمي، وبين من يدعون إلى العنف، ويمارسونه بالتحريض أو الفعل، التفرقة بين من يحترم الدستور والقانون ويسعى إلى التغيير سلميا، وبين من يرى في نفسه إنه يسمو على بقية المواطنين، وينتهك الدستور والقانون.

إن تداول السلطة أمر مكفول، والمعارضة السلمية وحق الاختلاف والتظاهر السلمي أمر مصان بحكم الدستور والقانون.

إن مصر لن تبني إلا بتكاتف أبنائها من مختلف الاتجاهات، ونبذ العنف ومحاربة الإرهاب وعدم التستر عليه، وقبول الرأي والرأي الآخر مصان، وأن باب المصالحة الوطنية سيظل مفتوحا لكل من لم تتلطخ يديه بالدماء ولم يمارس العنف أو يحرض عليه، ويحترم قوانين الدولة المدنية ودستورها ونظامها الجمهوري الديمقراطي.

5 ـ العلم والعمل هما أساس التقدم

العمل على بناء نظام اقتصادي حر يعتبر العدالة الاجتماعية أحد ركائزه الأساسية، ويشجع على إرساء قيم العمل والمهنية كأساس للحراك الاجتماعي داخل البلد، وتشجيع الاستثمار وخلق فرص عمل جديدة، وتطوير الصناعة وتحديث الزراعة وطرق الري، وفتح أفق سياحية جديدة لمصر، واعتبار العنصر البشري هو أساس تقدم هذا البلد بتحسين مستوى التعليم والصحة والخدمات.

وسيعمل التحالف على تشجيع الكفاءات والعمل على تنمية مهارات الشباب والمرأة وزيادة خبراتهم حتى يستطيع المجتمع تمكينهم، وإعطائهم الفرص المتساوية على ضوء معايير الكفاءة والعمل والعطاء يتم على أساسها صعود الشباب في السلم الاجتماعي والمهني والإداري للبلاد.

كما يجب أن يكون العنصر البشري و"الاستثمار في الإنسان" هو أساس تقدم هذا البلد وأن خلق بيئة مناسبة للعمل تحفظ حقوق الجميع وتضع قواعد للثواب والعقاب فتكافئ المجتهد وتحاسب المقصر، وتحارب الفساد والمحسوبية وفق قواعد القانون أمر لا بديل عنه لضمان تقدم مصر.

كما يجب العمل على إحداث نهضة حقيقية في مجال التعلم والبحث العلمي، تقوم على ركيزتين أساسيتين: الأولي إحياء دور الوقف في مجال التعليم والبحث العلمي وتدعيم المبادرات الأهلية من أجل تطوير الجامعات الوطنية وبناء أخرى جديدة.

والثاني: تطوير المؤسسات التعليمية العامة من مدارس وجامعات، والعمل على استعادة الجامعات المصرية لمكانتها بين العالم، وفتح باب الاكتتاب الوطني العام لبناء جامعات وطنية جديدة متخصصة في مجالات بعينها مرتبطة بالواقع المصري وأيضا بأحدث ما توصلت إليه الجامعات العالمية من علوم.

6- دولة تنموية ديمقراطية عادلة

يؤمن التحالف بأن التنمية بمشتملاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لا تتحقق أو تصان إلا في ظل مشاركة حقيقية واعية من جانب المواطن، وهو ما يمثل خبرة دول كثيرة استطاعت محاصرة الفقر والتهميش من جانب، وتمكين المواطن في إدارة شؤون مجتمعه من جانب آخر. هنا تأتي أهمية رفع كفاءة الهيئات المحلية، وتمكين المواطن من إدارة شؤون مجتمعه المحلي.

ويؤكد التحالف أن تنمية مصر هي هدف كل أبنائها في الداخل والخارج، وأن جهودهم، ودعمهم، ومشاركتهم معا تصنع الدولة الديمقراطية التنموية الحديثة، ويتطلب ذلك تواصل كثيف مع المصريين في الخارج، ليس بحثا عن تمويل أو دعم مادي من جانبهم فقط، ولكن وهذا هو الأهم مساهمتهم بالخبرة، والرؤية، والجهد في مسيرة التنمية والنهضة.

كما سيعمل التحالف على تبني مفهوم الحماية الاجتماعية للمواطنين بتأمين حياة كريمة، من خلال تضامن وطني بين جميع الأطراف: الدولة، والمجتمع الأهلي، والأحزاب، والاتحادات العمالية والفلاحية والنقابات المهنية، والأفراد، وتحقيق هدف "الحماية الاجتماعية"، وذلك وفق الخطة التنموية للدولة، والتي تتكون من سياسات متكاملة في مجالات: الصحة، والضمان الاجتماعي، والتعليم، وتوفير الخدمات الأساسية من مياه نظيفة، وهواء نظيف، وعدالة علاقات العمل، والسلامة المهنية لبيئة العمل، وعدم تسرب التلاميذ ومواجهة ظاهرات من عينة عمالة الأطفال أو أطفال الشوارع، وفي المجمل تطوير مستوى المعيشة، وضمان تكافؤ الفرص أمام جميع المواطنين بدون تمييز،..الخ".

ويمكن تفعيل دولة الحماية الاجتماعية من خلال توفير الإجراءات التي تضمن حياة كريمة لكل المواطنين، أي وضع مجموعة من الإجراءات التي تستبق تعرض أي مواطن ـ لما يمكن أن نطلق عليه ـ "لانتكاسات" معيشية، ومن ثم تقدم له معالجات تنموية واجتماعية تؤمن له الحدود المعيشية الآمنة...حالة موظف أو عامل يتعرض لتناقص كبير في دخله بعد التقاعد تؤثر على حياته وحياة أسرته، أو "مسنون" ليس لديهم دخل أو من يرعاهم، أو...إلخ.. كما يمكن أن تكون الإجراءات: "فورية" في مواجهة الكوارث والأزمات التي تحل بالمواطنين ويحتاجون إلى حماية من تداعيات محن الحياة من نقص للخدمات أو تراجع للتعليم وغياب للرعاية الصحية. كما يجب العمل على دعم المواطنون في تنظيم أنفسهم "مدنيا"، في روابط واتحادات، والتعبير عن مشاكلهم وعرضها بطرق سلمية والتضامن فيما بينهم في مواجهة ما يتعرضون له من مشكلات مجتمعية، وفق الرؤى التنموية المستحدثة. ويمكن هنا أن تتشارك المؤسسات التنموية في دعم الكيانات الوليدة كل في مجال خبرته من: مشروعات صغيرة، خدمات نوعية.

7 ـ دعم المحليات

سيعمل التحالف على دعم المحليات لكي تلعب دورًا محوريًا في عملية الإصلاح التدريجي لمؤسسات الدولة وبناء المجتمع. فالانتخابات المحلية بما تعطيه من فرص لبناء كوادر جديدة مرتبطة بمشاكل الناس، وبما تتيحه من إمكانية لتكوين شبكات اجتماعية جديدة بديلة عن القديمة، تعتبر أداة أساسية في عملية التغيير المجتمعي من أسفل إلى أعلى.

وجدير بالذكر أن الخبرات المقارنة في تجارب التحول الديمقراطي تشير إلى أن إصلاح نظام الإدارة المحلية يعتبر أداة أساسية لتجديد النخب القديمة بأخرى أكثر تواصلاً وقدرة علي خدمة مجتمعها، وهو الأمر الذي من شانه توسيع دائرة وعملية الإصلاح من مستوى المحلي إلى المستوى القومي.

8 ـ دور نشط وفعال لسياسة مصر الخارجية

تفعيل دور مصر في المنطقة العربية وأفريقيا والعالم الإسلامي، واستعادة رسالتها الإنسانية للعالم كله، وهو البلد الذي قاد التحرر الوطني ولعب دورا رئيسيا في القضاء على الاستعمار ومثل نموذج ملهما لدول العالم الثالث كله.

وغنى عن القول إن المنطقة العربية تمر الآن بتطورات وتغيرات هائلة، مدفوعة بقوى خارجية (دولية وإقليمية) تقوم في الأساس على هدم الدول القائمة وتقسيمها إلى مجموعة من الكيانات المتصارعة التي تقوم على أسس مذهبية وطائفية وعرقية، الأمر الذى يعنى الدفع بالمنطقة بكاملها إلى أتون حروب داخلية لا تبقى ولا تذر، سوف تأكل الاخضر واليابس.

هذا التوجه الذي أصبح واضحًا للعيان وبدأ يشق طريقه في منطقتي الشام والهلال الخصيب، يعنى ضمن أشياء كثيرة هدم كل الترتيبات والتوازنات التي بدأن في التشكل مع الحرب العالمية الاولى ثم ترسخت عقب الحرب العالمية الثانية. ومصر ليست بعيدة عن هذا المخطط، اذ انها حجر الاساس الذى ترتكز عليه الكيانات الوطنية في المنطقة كلها، ولذا فهي مستهدفة من الداخل وأيضا من الخارج.

هذه التطورات الهائلة تقتضي من مصر التخلي عن سياسة الانكفاء على الذات التي كانت قائمة طوال أأربعة عقود، والتي تدفع مصر اثمانا باهظة لها في الوقت الحالي من أمنها القومي ومن تعاظم التهديدات على كل الاتجاهات الرئيسية، وذلك عبر اتباع سياسة خارجية نشطة، تقوم بالاشتباك الإيجابي مع هذه التهديدات الوجودية، وتسعى إلى تعبئة كل الموارد المتاحة لبث الوعى بمخاطر ما يحدث والتعاون مع كل الأطراف الإقليمية والدولية التي يمكن أن تقوم بيننا وبينها تفاهمات مشتركة لصد هذه الهجمة العاتية على مصر وعلى المنطقة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved