بعد فوزه بجائزة أفضل كتاب مترجم.. تعرف على كتاب «النيل مدن وحضارات على ضفاف نهر»

آخر تحديث: الأربعاء 14 يوليه 2021 - 7:35 ص بتوقيت القاهرة

عبد الله سليم

فاز المترجم الكاتب عصام الشربينى، بجائزة أفضل كتاب مترجم، ضمن جوائز مسابقات الدورة 52 لمعرض القاهرة للكتاب، وذلك عن ترجمته لكتاب "النيل.. مدن وحضارات على ضفاف نهر" للكاتب الدكتور نزار الصياد، والصادر عن دار الشروق.

وفي السطور التالية تستعرض "الشروق" أهم عوالم الكتاب الفائز:

«سيكون سد النهضة الذى هو قيد الإنشاء الآن على النيل الأزرق بتمويل دولى وتقنية إيطالية، أكبر سد فى العالم. لقد تسببت قدرة السد على تخزين المياه ومنعها عن سكان مصر والسودان فى توتر جيوسياسى كبير فى المنطقة يمكن أن يتحول إلى صراع مستقبلى محتمل؛ لأنه بعد بناء السد وتخزين إثيوبيا للمياه سوف تتعرض مصر والسودان إما للإغراق ــ فى حالة انهيار السد ــ أو لإحداث مجاعة مستقبلية فى حالة ــ حجب المياه من الجريان فى النهر ــ ومع تغير المناخ سيقع على عاتق إثيوبيا فى القرن الحادى والعشرين تحديد مصير النيل والذى قد يتأرجح ما بين مانح الحياة أو مانعها.
هذا التأكيد يتناوله كتاب «النيل.. مدن وحضارات على ضفاف نهر»، للدكتور نزار الصياد، المؤرخ العمرانى والمتخصص فى دراسة المدن ونشأة المستوطنات، والصادر حديثًا عن دار الشروق، من ترجمة المهندس عصام الشربينى، إذ يشير فيه الصياد، إلى أزمة سد النهضة: «ليس باعتبارها أزمة آنية تواجهها مصر والسودان على حدٍ سواء، بل بما سيكون عليه الوضع فى البلدين إذا تم إنشاء السد الاثيوبى بتصوره الحالى».
وخلال 15 صفحة كاملة، وتحت عنوان «وأخيرًا عن احتمالات المستقبل للنيل ومدنه»، يقدم الصياد مجموعة من أهم النتائج والملاحظات حول أسرار نهر النيل والدول التى يمر بها ومدى تأثره بالأحداث العالمية، وكذلك أزمة سد النهضة التى أصبحت حديث العالم والشبكات الإعلامية على مستوى العالم هذه الأيام، وما الذى يمكن فعله لتجنب الآثار السلبية للسد فى المستقبل.
الكتاب يتناول الغرض الأساسى قديمًا من «بناء السدود على نهر النيل حتى منتصف القرن العشرين هو تخزين كميات كافية من المياه للبقاء على قيد الحياة فى موصم الجفاف السنوى. ومنذ الخمسينيات تم بناء السدود لتوليد الكهرباء وتحفيز التنمية، وفى أكثر الأحيان تم الترويج للسدود كرمز للسيادة الوطنية».
فى الفصل الأول يتعرض الدكتور نزار الصياد إلى قضية كيف حير «النيل» العلماء والحكام على مدى آلاف السنين ــ من حيث المصادر التى تأتى منه مياهه، وسط انتشار الأساطير فى مصر القديمة، المتعلقة بالمياه بشكل عام، أو بنهر النيل بصفة خاصة، وبسبب أنه يصعب تصور أن النيل يجرى أكثر من ٢٠٠٠ كيلو متر دون أن يلتقى ماؤه سوى من مصدر واحد من الماء، مارًا بإحدى أكثر الصحارى جفافا وعزلة فى العالم، حتى تم التوصل إلى أن النيل يتكون من مياه النيل الأبيض الذى يولد من أصل نهرى «روكارا» و«روفيرونزا» فى رواندا وبوروندى، اللذين تتلاقى مياههما فى شلالات روسومو، وكذلك من مياه النيل الأزرق الذى يولد من بحيرة تانا فى إثيوبيا، فى رحلة استكشافية كان للعلماء الغرب ــ لا سيما البريطانيين ــ الجهد الأكبر فى تكليلها بنجاح معرفة أصل نهر النيل أطول الأنهار فى العالم، الذى يمر بحضارات ١١ دولة إفريقية مستقلة فى الوقت الحالى هى: رواندا وبوروندى والكونغو وتنزانيا وكينيا وأوغندا وإثيوبيا وإريتريا وجنوب السودان والسودان وأخيرًا مصر.
يغوص الكتاب فى الجانب التاريخى للنيل بداية من مدينة منف التى شهدت تاريخ 20 أسرة فرعونية، وبسبب بنائها على أرضية الوادى المنخفضة، أدى ذلك إلى اندثارها مقارنة بالآثار المصرية الأخرى، وقد أصبحت منف العاصمة الرسمية لمصر فى فترة الأسرة السادسة الفرعونية التى حكمت مصر، وكذلك منطقة سقارة وبناء ما لا يقل عن 20 هرمًا من الأهرام والمقابر الملكية ومئات المقابر الخاصة. ويتعرض إلى أفول نجم مدينة منف، واتخاذ المصريين القدماء مدينة طيبة ــ التى أمست تسمى الأقصر، لافتًا إلى ازدهارها الاقتصادى فقد بسبب قوة ورسوخ مؤسساتها الدينية، ووظيفتها الجنائزية كموقع دفن للفراعنة، أكثر من أنشطة التجارة أو الدفاع كما كان الحال مع المدن الأخرى فى دلتا النيل.
وفى الفصل الذى اسماه «نيل النوبة.. مملكة الفراعنة السود فى نباتا ومروى»، يتطرق الصياد إلى الحديث عن معبد أبى سمبل، الذى بناه رمسيس تكريمًا للإله آمون رع، والإله رع حور آختى، وكيف مع بدء بناء السد العالى فى أسوان، أدت الفيضانات العالية على طول نهر النيل فى المنطقة التى يقع فيها المعبد، إلى غمرها بالمياه عامًا بعد عام، مما هدد المنشأ بأكمله بالانهيار؛ لأنها منحوتة فى الحجر الرملى، ويوضح موقع السد العالى فى مصر والمسافة بينه وبين القاهرة العاصمة، وأنه ما زال أحد أكبر السدود فى العالم، إذ يبلغ طوله 3600 متر، وارتفاع 111 مترًا، وعرض قاعدته أكثر من 1000 متر.
ويشير الكتاب إلى محطات مهمة فى تاريخ إنشاء سد العالى الذى سبقه سد أسوان، والاستعانة بمهندسين وخبراء أجانب من بريطانيا، ومقاولين من إيطاليا لمهارتهم فى البناء بالحجارة، أما المصريون فكانوا العمال الموكل إليهم أعمال الحفر تحت أشعة الشمس الحارقة. وكان خزان أسوان منذ بدايته مشروعًا استعماريًا يهدف إلى إظهار قدرات الإمبراطورية البريطانية. «ورغم نجاحه فى السيطرة على مياه النيل والتعامل مع الطبيعة، فإنه سرعان ما ثبت أنه غير كافٍ من حيث سعة التخزين، كما أنه لم يكن بدرجة كافية للسيطرة الكاملة على فيضانات النهر».
الكاتب يؤكد أن الإسلام أحدث تغييرًا عميقًا فى كامل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كقوة دينية وسياسية جديدة فى بداية القرن السابع الميلادى، وأن الحملة العربية على مصر بدأت فى صيف عام 640 للميلاد، كما أن «معظم الذين قاموا بغزو مصر وجدوا أنه من المناسب أو المرغوب فيه أو حتى من الضرورى أن يقوموا بتغيير عاداتهم وتقاليدهم، وحتى أديانهم لتتناسب مع الطابع المصرى (أو تبنى الهوية المصرية بالكامل) كوسيلة لحكمهم للمنطقة. لكن الفتح العربى كان تحولا شاملا لمصر؛ إذ تم استيعابها فى الحضارة العربية الإسلامية».
وقد تطرق الكاتب إلى أصل كلمتى قبط و«إيجيبت» مصر بالإنجليزية، وكيف بدأ التحول لتأسيس عاصمة إدارية وعسكرية جديدة لمصر، بعد أن كان الوجود العسكرى الرومانى فى مصر فى الأصل يقتصر على فيالق فى ثلاثة أماكن: أحدها فى الإسكندرية، والثانى فى طيبة فى صعيد مصر، والثالث عبر النيل أمام منف فى حصن يسمى بابليون.
يختتم الدكتور نزار الصياد كتابه بالقول: «إن التكهنات حول احتمال وفاة النيل، سابقة لأوانها ومبالغ فيها للغاية. لن يموت النيل أبدًا فى حياتنا ولا فى حياة أجيال عديدة بعدنا. وعندما يتوقف فى النهاية عن التدفق قد لا يكون هناك إنسان على وجه الأرض ليشاهد هذا الحدث. ومع ذلك، فإن ما قد يموت هو بعض المدن والقرى الواقعة على ضفافه ــ ليس فقط بسبب قوى الطبيعة مثل تغير المناخ، ولكن أيضًا بسبب أنشطة البشر، سواء عن علم أو عن جهل. مرة أخرى.. لا يوجد شيء جديد هنا، فهكذا كانت حياة النيل منذ نشأته، وستكون حتى نهاية العالم».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved