خطر نووي يحدق بسماء موسكو يضع روسيا في مأزق داخلي وآخر دولي

آخر تحديث: الأربعاء 14 أغسطس 2019 - 2:46 م بتوقيت القاهرة

إنجي عبدالوهاب 

 


حالة ذعر تنتاب سكان مدينة «سفيرودفينسك» الروسية، التي تبعد نحو 47 كيلومترا عن موقع الانفجار النووي الذي شهدته قاعدة «نينوكسا» لإطلاق الصواريخ أقصى شمالي البلاد، الخميس الماضي، وتسبب في زيادة نسب الإشعاع النووي لدى المياه الإقليمية إلى 16 ضعفًا، ما أثار شكوكًا حول احتواء تلك المياه على سائل نووي سُمي يدعى «heptyl»؛ الأمر الذي يضع موسكو، بين مطرقة مخاوف مواطنيها الداخلية وسندان المأزق السياسي الخارجي المتعلق بمنظومتها الصاروخية وبرنامجها النووي. 

وتستعرض «الشروق» ردود الفعل الداخلية والخارجية تجاه انفجار قاعدة نينوكسا، وما تداولته الصحف المحلية والدولية حول مخاطره في السطور التالية: 

* إجرائات احترازية
وقع انفجار بالقاعدة العسكرية التجريبية «نينوكسا»، الخميس الماضي، وقال شهود عيان إن ألسنة اللهب شوهدت تتصاعد في شكل فطر ضخم ناحية القاعدة لدى الساحل الشمالي الروسي، ما لا يدع مجالا للشك في أن الأمر يتعلق بانفجار نووي، وأدى الانفجار إلى مصرع 5 أشخاص، وإصابة آخرين، بحسب ذكرت صحيفة "طكوميرسانت" الروسية. 

وأفاد تقرير وكالة الطاقة الذرية الروسية، بأن الانفجار نجم عند اشتغال محرك دفع نووي لصاروخ باليستي، الأمر الذي حرك الشكوك حول صاروخ 9M730 Burevestnik الذي كشف عنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، العام الماضي، ضمن المنظومة الصاروخية النووية بحسب خبراء أمريكيين. 

وفي تصعيد للإجرائات الاحترازية التي اتخذتها روسيا للوقاية من مخاطر الإشعاع النووي، أوصت السلطات الروسية، أمس الثلاثاء، سكان قرية «نيونوكسا» بمغادرتها اعتبارًا من 14 أغسطس لحين الانتهاء من الإجرائات اللازمة بعد الحادث، بحسبما أوردته وكالة الأنباء الألمانية نقلًا عن «إنترفاكس» الروسية للأنباء. 

* موسكو ليست بمنأى عن الخطر
يأتي هذا عقب إعلان وزارة الدفاع الروسية، الجمعة، إغلاق المجال البحري لمدينة نينوكسا، على مساحة يقارب 250 كليومترا مربعا، وحظر أي نشاط مدني بها سواء كان سباحة أو صيدًا، الأمر الذي ينذر بأن سماء العاصمة موسكو التي تبعد الانفجار بنحو 1.260 كليومتر مربع ليست بعيدة عن مخاطر الإشعاع المحتملة في حال صحت التقديرات.

* تضارب ثم إقرار بالطابع النووي 
تضاربت الأنباء الرسمية حول الانفجار في بادئ الأمر؛ إذ قالت وزارة الدفاع يوم الجمعة، إن الإشعاع ظل عند مستويات طبيعية عقب الحادث.

وتكتمت وسائل الإعلام الروسية الرسمية آنذاك، لكن سلطات مدينة «سفرودفنسك» التي تبعد بنحو 47 كلم مربع قالت، السبت إن ارتفاعا ملحوظًا في مستويات الإشعاع طرأ لفترة وجيزة، كما صرحت منظمة السلام الأخضر "جرينبيس" إن مستويات الإشعاع ارتفعت نحو 20 مرة، الأمر الذي دفع موسكو للاعتراف بالطابع النووي للانفجار؛ إذ أشارت وكالة «روساتوم» النووية في بيانها السبت، أن الانفجار أدى إلى مقتل خمسة من موظفيها نجم عن اختبار صاروخ باليستي. 

* ذعر يُخَيِّم على سكان محيط الانفجار
دفعت تلك التصريحات سكان مدينة سفيرودفينسك المتاخمة للانفجار إلى الإقبال الكثيف على شراء صبغة اليود التي تحد من آثار الإشعاعات النووية على الغدة الدرقية؛ إذ تداول مراقبو الأوضاع البيئية شكوكًا بشأن وجود وقود صاروخي سُمي يدعى "heptyl". 

* حالة تأهب قصوى بالمشافي
خطر الانفجار لم يقتصر على قرية «نينوكسا» التي تحوي قاعدة إطلاق الصواريخ فحسب؛ بل يمتد للمدن المتاخمة وصولًا إلى العاصمة موسكو، إذ خيم الزعر على سكان مدينة سيفيرودفينسك البالغ عددهم حوالي 180 ألف نسمة، بعدما راودتهم شكوكًا بأنهم بصدد التعرض لمخاطر ارتفاع معدلات الإشعاع بالمياه الأقليمية بالمدينة التي تحوي 2 من أحواض بناء وإصلاح الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية وغيرها من السفن، الأمر الذي يضع موسكو في مأذق داخلي.

وتخضع مشافي مدينة سيفيرودفينسك لحالة التأهب القصوى؛ بحسبما نقلته شبكة "بي بي سي" الأمريكية عن موقع الأخبار الروسي«lenta.ru»، كما نقلت شهادة إحدى الطبيبات العاملات بإحدى مشافيها أن الأطباء ينصحون الجميع بإغلاق نوافذهم وشرب اليود، بمعدل 44 قطرة لكل كوب من الماء، الأمر الي ينذر بوجود خطر إشعاعي سُمي بالمدينة.

* وقود شديد السُمِيَّة
زعمت صحيفة "كوميرسانت" في تقرير أعدته السبت، عبر مختصون بالشأن النووي، أن المسئولين العسكريين أمروا بحظرً السباحة وصيد الأسماك في خليج دفينا الذي يتدفق إلى البحر الأبيض، بعد اكتشاف وجود وقود صاروخي شديد السمية يعرف باسم heptyl .

غير إن بعض الصحف الروسية تزعم أن العاصمة موسكو ليست بمعزل عن احتمالات الخطر، إذ صرح مسؤولون مجهولون بمطار أرخانجيلسك، لوكالة "إنترفاكس" الروسية أن ثلاثة من مصابي الانفجار أرسلوا في رحلة طارئة إلى موسكو لتلقي العلاج، وأن المراقبون الذين كانوا برفقتهم كانوا يرتدون بدلات واقية من المواد الخطرة.

* ترامب يسخر.. وصمت دولي
تعليقا على حادث الانفجار أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الاثنين الماضي، أنّه يعلم "الكثير" عن الانفجار الغامض الذي وقع الخميس في قاعدة عسكرية روسيا، مؤكّداً أنّ الولايات المتحدة تمتلك سلاحا نوويًا مشابها لكنه أكثر فتكًا، لكنّ خبير الأسلحة الأمريكي المرموق، جو سيرينسيوني، سارع إلى نفي ما أعلنه ترامب بشأن امتلاك الولايات المتحدة صواريخ كروز التي تعمل بالطاقة النووية.

كما نفى رئيس منظمة "صندوق بلاو شيرز" الأمريكية التي تدعو لنزع السلاح النووي في العالم، ذلك في تغريدة عبر حسابه بنوقع التواصل الاجتماعي "تويتر".

وقد يحرك الانفجار المياه الراكدة بخصوص المنظومة الصاروخية الروسية الجديدة، التي تتضمن صواريخ كروز تعمل بالطاقة النووية، لا سيما عقب إنهاء أمريكا معاهدة نزع السلاح النووي على المدى المتوسط (INF) المبرمة مع روسيا منذ 32 عاما، جراء تمسكها ببرنامجها النووي.

وتقع قاعدة «نينوكسا» أقصى شمالي روسيا، وتبعد حوالي 47 كم أي 29 ميلا إلى الغرب من «سفيرودفينسكن» و1.260 كم من العاصمة الروسية موسكو، ومنذ أنشأت عام 1954 يجرى بها اختبارات لكل الأنظمة نظام الصاروخية التي تستخدمه البحرية الروسية، بما في ذلك الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، ولا يُسمح بدخولها إلا لمن يحملون أذونات خاصة.

يذكر أن الانفجار الذي وقع الخميس ليس الأول، بل شهدت قاعدة "نيونوكسا" في عام 2015 انفجارًا أثناء اختبار صاروخ كروز.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved