أحمد مراد لـ«الشروق»: «لوكاندة بير الوطاويط» عودة إلى أدب الجريمة الذى أحبه

آخر تحديث: الجمعة 14 أغسطس 2020 - 9:05 م بتوقيت القاهرة

حوار ــ شيماء شناوى:

• قراءتى المكثفة لمدة 6 أشهر فى نصوص قديمة جعلت لسانى يتبدل.. والكتابة بلغة العصر توحد بين القارئ والنص
• ذكر أوبئة «الكوليرا» و«الطاعون البقرى» ليس تأثرا بوباء كورونا فتجهيز الرواية كان قبل عامين
• كل رواياتى مليئة بالتاريخ لأنى أحب قراءته وأجده مادة خصبة جدا للخيال
• مكافحة التزوير تعتمد على وعى القارئ وعدم مشاركته فى السرقة والرواية تباع بنفس سعر رواياتى قبل ثلاث سنوات
برواية تنتمى إلى أدب الجريمة والغموض، وبيوميات تعود إلى عام 1865، وجدت مدفونة ومحفوظة بشكل جيد وراء حائط الغرفة رقم سبعة بالطابق الثالث بمبنى «لوكاندة بير الوطاويط»، يعود الكاتب والسينارست الشاب أحمد مراد، لقرائه بعد عامين من روايته موسم صيد الغزلان، ليقص عليهم حكاية مصور الموتى «سليمان أفندى السيوفى»، البطل الذى يعانى اضطرابا نفسيا، وتطالبه الدولة المصرية بتعقب قاتل متسلسل نجح فى القضاء على مجموعة من رجالها، ليبدأ مهمته وهو يعلم أنه سيكون الضحية الجديدة للقاتل.

وبين الطابع الفانتازى للرواية الذى يجعل شجرة اللبلاب يتكلم ويكتب ويؤمن على ما يحدث، وذبابة موتى تكشف جرائم القتل وتشير عليها بالأدلة، وبين الأحداث التاريخية التى مرت بها مصر فى تلك الحقبة التى تتناولها الرواية.. تأتينا أحداث رواية «لوكاندة بير الوطاويط» فى رحلة مكانها وزمانها المحروسة فى القرن الـ 19، وفى السطور التالية نحاور أحمد مراد حول روايته الجديدة التى شهدت إقبالا ضخما منذ صدورها قبيل عيد الأضحى المبارك، إذ صدرت حتى الآن الطبعة الثالثة من الرواية:

> من الصفحة الأولى للرواية تظهر لغة الحقبة الزمنية لمصر فى العصر الذى تدور فيه الأحداث.. فحدثنا عن عملية البحث وسُبل امتلاك مصطلحات العصر المستخدمة وملامح مصر التاريخية فى تلك الفترة؟
ــ الكتابة بلسان وأسلوب إنسان يعيش فى العام 1865، تطلبت مجهودا وبحثا كبيرا امتدا إلى ما يزيد عن ستة أشهر، ما بين قراءات مكثفة لنصوص قديمة، وكتب تؤرخ لتلك الفترة، فضلا عن الخطابات واليوميات والسير الذاتية لرجال المرحلة، وقراءة متأنية فى المضابط والمحاضر، ومراجع عن نظام البوليس المصرى فى ذلك الوقت، بالإضافة إلى كتب تحليل للوضع الاجتماعى لمصر حينها، وحتى الاستماع إلى أغانى هذا الوقت وحديث الناس خاصة العامية منه، كل ذلك جعل لسانى يتبدل ويصطبغ بمردافات ذلك العصر، والكتابة بلغة تخلق لدى القارئ حالة من التصديق والتوحد مع النص.

> يرى البعض أن «لوكاندة بير الوطاويط» عودة إلى منطقة الكتابة التى يجيدها «مراد» بشكل أكبر وهى أدب الجريمة والغموض؟
ــ بالفعل يمكن اعتبارها عودة بعد غياب، فأنا أحب أدب الجريمة، وهى منطقة كنت افتقدها، وبشكل عام فى الكتابة أنا أذهب حيث يذهب قلبى. فقط أبحث عن الجديد، وأخوض الموضوع الذى أجد فيه تحديا، ويناسب القارئ بداخلى حينها أدرك أنه سيكون قريب من القراء الآخرين. ففى النهاية أنا قارئ قبل أن أكون كاتبا وأحب القراءة فهى أهم هواية فى حياتى.

> فى الرواية ذكر لأوبئة كـ«الطاعون والكوليرا».. هل أزمة وباء كورونا فرضت ذلك أم هو التناول التاريخى لعصر انتشرت فيه هذه الأوبئة بالفعل؟
ــ اختيار موضوع الرواية والزمن الذى تدور فيه كان قبل عامين من الآن، وبالتالى جاءت الكتابة عن طبيعة ما حدث بالفعل فى ذلك الوقت ومنها انتشار الأوبئة الفتاكة كـ«الكوليرا» و«الطاعون البقرى» و«الفيضانات» وغير ذلك من الأحدث التى تمت بالفعل فى العام 1865.

> بطل الرواية شخص مضطرب نفسيا يرى فى نفسه أحد الرُسل.. ما أصعب ما واجهك فى رسم شخصيته؟
ــ بطل الرواية مصاب بمرض نفسى يُدعى اسكيزوفرينيا «Paranoid schizophrenia»، شخص يعانى «جنون الارتياب»، بأعراضه المعروفة منها نظرية المؤامرة، وجنون العظمة. وصعوبة الشخصية كانت فى الكتابة عن الحالتين، عن شخص يملك ذكاء شديدا ويعمل على حل الجرائم، وفى الوقت ذاته مضطربا نفسيا. الصعوبة الأخرى كانت فى دراسة الطب النفسى لحالة البطل لا يستطيع معايشة حالته، بالإضافة إلى صعوبة حالة التوحد مع بطل الرواية فى الكتابة وأن يكون عقلى قريبا بدرجة كبيرة من عقله فى التفكير والتعايش مع حالة التشكك الدائمة التى يعيشها هو، والأمر بطبيعة الحال صعب لما يتطلبه من الوصول والجنوح للخيال والارتفاع إلى مناطق عالية ثم النزول مرة أخرى إلى الواقع، وهذا كله يؤثر بشكل كبير على الكاتب.

> الخيط الأصيل فى الرواية هو يوميات سليمان السيوفى.. وعلى غلاف الروية كتب: أن اليوميات وجدت فى حائط «لوكاندة بير الوطاويط» أثناء ترميمها.. فهل هذا حيلة أدبية أم هناك طرف خيط يربط بين الواقع والخيال؟
ــ الرواية عمل خيالى بحت، يخضع فى المقام الأول والأخير لفكرة أنه خيال، بعيدا عن كل المحاولات لإيجاد أصل له فى أرض الواقع، فالأمر مجرد خيال، لكنه خيال تصادف أن حدث فى مصر عام 1865، ولذا تسير الرواية فى شوارع هذا الزمن وترويه، لكن هذا لا يعنى ضرورة أن يجد الناس أحداثا معينة حدثت بالفعل.

> لماذا الحقب التاريخية والحديث عن عصر مضى هو الحاضر بقوة فى جميع مؤلفاتك؟
ــ كل رواياتى مليئة بالتاريخ لأنى أحب القراءة فيه، وأجده مادة خصبة جدا للخيال، وأغلب قراءتى لها علاقة بالتاريخ. وهذا يجعلنى أمنح القارئ جرعة تاريخية لا يعلمها عن الفترة التى أكتب عنها فى إطار درامى، يدخله إلى عالم سحرى لم يعتده من بوابة التاريخ.
> دار جدال واسع حول أن الصور التشويقية جاءت أفضل من غلاف الرواية.. فما الذى رجح كفة هذا الغلاف تحديدا؟
ــ الغلاف هو أحد أنواع الجذب وليس كلها، وما رجح كفته أنه غلاف بسيط، يختلف عن أغلب أغلفة الكتب الموجودة فى مصر، وتصورى كان لغلاف أبيض وعليه ذبابة لها رمزيتها فى الرواية؛ حيث يعمل البطل فى مجال الطب الشرعى، وذباب الموتى الأزرق جزء أصيل من عمل الطب الشرعى، وبشكل شخصى أنا سعيد بالغلاف وأراه الأنسب للرواية.

> أنت من أكثر المؤلفين الذى تتعرض أعمالهم للتزوير.. مما يعرضك والناشر لخسائر فادحة.. كيف ترى الأمر وما الذى يمكن فعله لوقف التكرار المخجل لعمليات التزوير؟
ــ مكافحة التزوير تعتمد على وعى القارئ، وإدراكه لحقيقة أن شراء كتب الأرصفة تساعد اللص على سرقة حق الكاتب ودار النشر، ويعطيه الحق فى التعامل مع الكتاب وكأنه نسخ من تصوير المستندات. والعجيب أن السارق يقنع القارئ بأنه يبيع الكتاب بسعر أرخص؛ لأن دور النشر والكُتاب هما اللصوص. الأمر الآخر هو أن «استخسار» القارئ على دفع ثمن الكتاب فى مكانه الصحيح، ويستحل سرقة الكتب، رغم انخفاض ثمنه بالنسبة لأسعار جميع السلع من حوله، متجاهلا محاولات دور النشر للإبقاء على الأسعار القديمة رغم ارتفاع أسعار على كل مستلزمات الطباعة، فمثلا رواية «لوكاندة بير الوطاويط»، تباع بنفس السعر الذى كانت تباع به رواياتى قبل ثلاث سنوات، ومع ذلك نجد من يقول إن الكتب مرتفعة الثمن ولا تستحق الدفع فيها، فى الوقت الذى يشترى فيه هؤلاء بأضعاف سعر الكتاب فى كوب نسكافية وقطعة حلوى، لذلك أعتقد أن الأزمة أساسها من هنا، ولذا يجب أن يمتلك القارئ الوعى بأهمية الكتاب وأن شراء النسخ المزيفة؛ بحجة أنها أرخص، يدمر صناعة النشر ويخلق عزوفا من الكاتب تجاه الكتابة؛ لأنه مضطر للبحث عن عمل أخر يتكسب منه.

> هناك طرح بألا يوقع الكاتب لقارئ يحمل كتابا مزيفا.. فهل توافق على ذلك؟
ــ رغم أن الموضوع يبدو قاسيا إلا أنه أمر منطقى، تماما كمن يشترى هاتفا رخيص الثمن وليس أصليا ويريد من التوكيل إصلاحه. نفس القصة بالنسبة للكتاب، لأننى سأكون مجبرا على توقيع نسخ لتاجر قرر سرقة حقى وبيعها والتكسب منها دون وجه حق، وقارئ لم يدفع ثمن النسخة الأصلية، ويطلب منى أهداءه توقيعى.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved