قيس سعيد.. انعطافة للديمقراطية الناشئة في تونس

آخر تحديث: الإثنين 14 أكتوبر 2019 - 9:54 م بتوقيت القاهرة

(د ب أ)


من المدرج الجامعي إلى سدة الرئاسة في قصر قرطاج، أصبح رئيس تونس الجديد، رجل القانون الدستوري المتقاعد قيس سعيد، ظاهرة متفردة في الديمقراطية الناشئة.

وحتى وقت قريب لا أحد كان يضع في حسبانه صعود سعيد (61 عامًا) عديم الخبرة السياسية على حساب مرشحين من العيار الثقيل، إلى الدور الثاني لكنه وفي غفلة من منافسيه الـ26 تصدر الدور الأول ثم اكتسح منافسه نبيل القروي المتمرس في الإشهار والإعلام.

وقيس سعيد حاصل على شهادة في الدراسات المعمقة في القانون العام وبخلاف تدريسه لمادة القانون الدستوري لنحو ثلاثة عقود، فهو لا يملك سجلا سياسيا أو انتماء حزبيا وأغلب نشاطاته ترتبط بجمعية القانون الدستوري كما له كتابات متخصصة في هذا المجال.

يذكر طلابه في كلية العلوم القانونية فصاحته المبهرة في اللغة العربية وصوته الجهوري. وهي ميزة استقطبت الأنظار من حوله لدى ظهوره في المنابر الاعلامية بعد ثورة 2011 لشرح معضلات دستورية.

وبفضل هدوئه واتزانه ومواقفه المدافعة عن مبادئ ثورة 2011 نجح سعيد ذو القامة الطويلة في كسب احترام قطاعات واسعة من الشباب الغاضب والعاطل والطبقة المتعلمةيتزايد الزخم من حوله.

وعلى عكس باقي المرشحين الرئيسيين تبنى قيس سعيد حملة انتخابية غير كلاسيكية، خالية من أي بهرج أو علامات تعبئة في الشوارع، بل أنها تميزت بالتقشف والحد الأدنى والعمل التطوعي.

وفي بداية حملته ظهر المرشح المفاجأة في أغلب زياراته محاطًا بأنصاره في المقاهي وأغلبهم من الشباب والطلبة، وكان أعلن قبل ذلك رفضه لأي تمويل حزبي أو عمومي.

ولم يكن فوز سعيد الذي اعتبره "ثورة جديدة في إطار الشرعية الدستورية"، مفاجأة للطبقة السياسية والأحزاب الكبرى فحسب، فقد أشعل أيضا أسئلة لدى متخصصين في نظريات الإعلام والاتصال.

وكتب الأستاذ الجامعي المتخصص في الاعلام والاتصال محمد شلبي عن ذلك "السياسي الذي يستغرب فوز قيس سعيد رغم لايوجد حزب وراءه هو سياسي لم يدرك أن الديمقراطية التداولية القائمة على الأحزاب ضعفت إلى حد التلاشي وأن الديمقراطية الحالية في العالم هي ديمقراطية رأي بل هناك من يسميها ديمقراطية الجماهير".

وتابع شلبي: "هذا ما جرى في تونس. معظم الناس قطعوا مع الأحزاب ومع الإعلام بل أصبح عدد من الناس غربا يعتبرون الأحزاب عصابات قطاع طرق".

ومن بين الأفكار الثورية التي سوق لها سعيد، تعزيز سلطة الحكم المحلي، ومنح النائب حق سحب الوكالة (صوته) في حال أخلت المجالس المحلية المنتخبة ببرامجها.

وينوي سعيد تقديم هذه الأفكار في مشروع قانون لتعديل النظام السياسي الى البرلمان. وهي خطوة تلقى تحفظا من عديد الأحزاب من بينها من ساندته في جولة الإعادة في الرئاسية.

وقال قيس سعيد "إذا رفض البرلمان مشروع القانون، فإن الشعب يتحمل مسؤوليته".

وقال المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) "كلام سعيد قد يكون خطرًا ويحمل تأويلا مختلفا، ولكنه تعهد بأن لا يفعل شيئا مخالفًا للدستور".

وتابع الجورشي: "سيطرح سعيد التعديل وسيخضع هذا للنقاش وهو يحتاج في كل الأحوال الى أغلبية الثلثين وهذه عقبة مهمة".

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved