هل تدور عجلة الإنتاج بالدستور.. أم سيؤدى لمزيد من الاحتقان العمالى؟

آخر تحديث: الجمعة 14 ديسمبر 2012 - 11:32 ص بتوقيت القاهرة
كتب ــ محمد جاد

بينما يبرر مؤيدو مشروع الدستور ضرورة الموافقة عليه بأنه سيجعل «العجلة تدور»، تأتى بعض مواد هذا المشروع متصادمة مع الحقوق العمالية كما ترى العديد من روابط العمال التى حركت عددا كبيرا من الاحتجاجات على مدى العامين الماضيين، وهو ما يجعل فرضية أن الموافقة على الدستور ستحقق الاستقرار الاقتصادى مسألة مشكوك فيها.

 

«تدور بيننا نقاشات كثيرة حول الدستور، وهناك من العمال من يؤيده معلقا (خلى الدنيا تمشى)، ولكن أصواتا اخرى تعارض هذا الرأى لأننا نريد (الدنيا تمشى ولكن مش على حسابنا)، كما يقول سعد شعبان رئيس اتحاد النقابات المستقلة بمدينة السادات، أحد أبرز المدن الصناعية التى شهدت توسعا فى تأسيس النقابات المستقلة بعد ثورة يناير.

 

ويشعر شعبان وقطاع من العمال بالقلق من أن يفتح الدستور الجديد الباب لوضع عوائق قانونية على عملية تأسيس النقابات، التى شهدت طفرة فى تأسيسها بعد الثورة، حيث امتنعت المادة 52 من الدستور التى تتحدث عن حرية تأسيس النقابات، عن استخدام تعبير بـ«الاخطار» فى توصيفها لشروط هذا التأسيس، على الرغم من أنها اعطت الحق فى التأسيس بالاخطار، فى مادة سابقة، لكل من الاحزاب والجمعيات، هذا إلى جانب نص الدستور على أنه «لا تنشأ لتنظيم المهنة سوى نقابة مهنية واحدة» والذى يتعارض مع مبدأ التعددية النقابية الذى يؤيده قطاع من العمال.

 

وبالرغم من أن الدستور نص على الحق فى الاضراب السلمى، الا أن ذلك لم يكن كافيا لطمأنة اتحاد النقابات المستقلة، والذى حذر فى بيان له من مخاطر الحاق هذا الحق بتعبير ينظمه القانون «وخبرتنا فى الوضع الحالى أن القانون يضع لها شروطا تجعل هذا الحق شبه المستحيل» كما يضيف البيان.

 

«لا تقتصر المخاوف على احتمال وجود قيود على حق الاضراب، ولكن ايضا على حق العمال فى التظاهر»، كما يضيف شعبان، مشيرا إلى أن المادة 50 من الدستور تحدثت عن أن التظاهرات السلمية يتم بها اخطار الجهات المسئولة بطريقة ينظمها القانون «أخشى أن يساهم ذلك فى اعادة الممارسات الامنية التى كانت قبل الثورة»، يقول شعبان.

 

واقتصر عدد ممثلى العمال فى الجمعية التأسيسية للدستور على فردين من مئة شخص، وزير القوى العاملة واحد منهما، وهو ما يشعر النقابيين بأنه لم تتح لهم الفرصة الكافية لتمثيلهم فى الدستور، كما يقول بيان النقابات المستقلة.

 

ولا تقتصر مخاوف المعارضين للدستور على امكانية تقييده للحريات العمالية، ولكن يعتبرونه ايضا غير منحاز لحقوق العمل، «المادة 64 الخاصة بالحق فى العمل وحقوق العمال، كارثية، كما تقول إلهام القصير، عضوة حزب التحالف الشعبى الاشتراكى، مبررة اعتراضها على المادة بأنها تلزم الدولة فقط، وليس القطاع الخاص، بمبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص، علاوة على أنها تسمح بفصل العمال «فى الحالات المنصوص عليها فى القانون» دون تحديد ضوابط للفصل تحمى العامل من التعسف.

 

وعلقت العديد من أحزاب المعارضة على ما وصفته بإتاحة العمل الجبرى، وفقا لما تضمنته هذه المادة من أنه «لا يجوز فرض العمل جبرا الا بمقتضى القانون»، «هناك من يبرر ذلك بأن العمل الجبرى المشار اليه هو التجنيد الاجبارى او عقوبة الاشغال الشاقة فى السجن أو ما شابه ذلك، وهذا فرض غير سليم لأن تلك المهام لا تعد من قبيل العمل فالأولى خدمة عسكرية والثانية عقوبة»، كما تضيف القصير.



حد أدنى كريم للأجور، كان من أبرز الشعارات التى رفعتها الاحتجاجات العمالية، والتى يشعر النقابيون المستقلون أن الدستور لم يوفر ضمانا لها، حيث أشار بيان اتحاد النقابات المستقلة فى تعليقه على الدستور إلى الحد الادنى الذى تحدث عنه المشروع الدستورى لم يقدم تعريفا واضحا للأجر الكريم، كأن يضمن توفير الغذاء والعلاج وغيرها من الاحتياجات الاساسية «هم يعتبرون أن 700 جنيه فى الشهر أجر عادل.. هل يكفى هذا المبلغ للحياة الكريمة؟»، كما يتسائل الاتحاد العمالى.

 

هذا إلى جانب ربط الدستور للأجر بالانتاج، وهنا يتسائل اتحاد النقابات المستقلة «ماذا لو قرر صاحب العمل إيقاف الانتاج تحت أى ذريعة؟ وهذا ما كان يحدث كثيرا فى الشهور الماضية فى مصانع (جاك ــ سيراميكا كليوباترا ــ قوطة ــ المصابيح الكهربية..)، فهذا النص يعطى الحق لصاحب العمل فى عدم دفع أجورنا».

 

«ربط الأجر بالإنتاج وليس بالأسعار أو مستوى المعيشة، يمكن صاحب العمل تحديد مستوى عال جدا من الإنتاج المستهدف للإطاحة بالحد الأدنى للأجور»، كما تقول القصير.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved