مدينة الأثاث الجديدة.. قبلة حياة لصناعة الموبيليا تعيد دمياط إلى الأسواق العالمية

آخر تحديث: السبت 14 ديسمبر 2019 - 11:43 م بتوقيت القاهرة

محمود العربى وآية عامر

المدينة توفر 100 ألف فرصة عمل.. ومعارض شهرية بالمحافظات
أصحاب الورش: ارتفاع الخامات والسماسرة ونقص التسويق والمعارض أبرز التحديات للصناعة
المدير التنفيذى للمشروع: نتوقع زيادة الصادرات إلى مليارى جنيه خلال الفترة المقلبة.. وتذليل العقبات أمام أصحاب الورش
رئيس المجلس التصديرى للأثاث: زيادة حجم التجارة الداخلية للأثاث من 12 إلى 35 مليار جنيه

على الرغم من احتلال مصر لمكانة مرموقة فى عالم صناعة الأثاث لفترة طويلة، بما تمتلكه من عمالة فنية ماهرة، فإن هذه الصناعة تراجعت بشكل كبير نتيجة لغزو المستورد وارتفاع أسعار الخامات ومستلزمات الإنتاج، وهو الأمر الذى دفع الدولة للتفكير فى إنشاء مدينة متخصصة للأثاث بدمياط الجديدة، والتى افتتحها الرئيس السيسى الأسبوع الماضى، والمتوقع لها أن ترفع صادرات مصر من الأثاث من نحو 300 مليون دولار إلى مليارى دولار، وتوفر نحو 100 ألف فرصة عمل مؤقتة، ونحو 30 ألف فرصة عمل دائمة.

ورصدت «الشروق» فى التحقيق التالى، مميزات مدينة دمياط الجديدة للأثاث، وحجم الإنجاز الذى تحقق على أرض الواقع، وإشادات صناع الأثاث والمستثمرين بمحافظة دمياط، بجهود الدولة للنهوض بتلك الصناعة وتحويلها لصناعة عالمية، لما تنفرد به مصر من ميزات تنافسية لهذه الصناعة الحيوية، مطالبين بضرورة تقديم جميع التسهيلات للمستثمرين وصغار المصنعين، وإنشاء معارض دائمة طوال العام، لتسويق منتجاتهم، ودعم المنتجين فى استيراد الخامات، وربطهم بالجامعات لمواكبة التطور.

وقال فكرى الباز ــ أحد مستثمرى دمياط ــ إن زيارة الرئيس للمحافظة دفعة تحفيزية لصناعة الأثاث، موضحا أن دمياط هى المدينة الوحيدة التى تشبه مدن الصين فى الصناعة من حيث الكم والعدد والاهتمام بالوقت وجودة المنتج والمبدعين فى كل مكان.

وأضاف: «ذهبت إلى مدينه شوندا الصينية، وهى أشهر مدينة لإنتاج الأثاث لأرى ماذا فعلت الدولة هناك، فوجدت عددا كبيرا من المعارض الدائمة، فضلا عن الفنادق المجاورة للمعارض للزائرين، وهذا ما ينقص دمياط فى القوت الحالى.

وحدد فكرى الباز ــ أحد مستثمرى دمياط ــ 4 عوامل، تنقص المدينة الوليدة لتصبح صناعة الأثاث من الصناعات القوية محليا وعالميا، وهى: أولا: إنشاء معرض دائم كبير فى المدينة لعرض المنتجات وللقضاء على ظاهرة السماسرة الموجودين فى المدينة. ثانيا: تقديم تسهيلات لإنتاج واستيراد الخامات المختلفة للصناعة. ثالثا: ربط المنتجين واحتياجاتهم بالجامعات العلمية للتطوير الصناعة ومواكبة الموضة. رابعا: وجود فنادق بحوار المعرض الكبير الدائم لراحة العملاء سواء الأجانب أو المصريون القادمون من محافظات مصر البعيدة.

وطالب محمد جمال صاحب ورشة فى دمياط، بإعادة استيراد الدولة للخامات مجددا وتوفيرها للمنتجين، للقضاء على المحتكرين الذين تسببوا فى ارتفاع أسعار الخامات ومن ثم ارتفاع أسعار المنتجات، وتعجب من ارتفاع سعر لوح الأبلاكاش من 70 جنيها إلى 120 جنيها، ثم انخفاضه مره أخرى إلى 60 جنيها على الرغم من ثبات سعر الدولار.

وأضاف جمال، أن سعر الخامات التى تكفى لتصنيع 10 غرف نوم كانت تُقدر بنحو 50 ألف جنيه ارتفع سعرها الآن إلى ما يقرب من 100 ألف جنيه، فضلا عن ارتفاع سعر الكهرباء، وارتفاع أسعار العمالة، والوقود، قائلا: «ارتفاع الأسعار أدى إلى انخفاض المبيعات».

وأوضح جمال، أن «الخشب البياض» ارتفع من 1500 جنيه إلى 4000 جنيه، بدون وجود آلية ثابته لارتفاع الأسعار، وأرجع ذلك إلى احتكار سوق الخشب حسب قوله، الأمر الذى أدى إلى رفع سعر الغرفة من 16 ألف جنيه إلى 30 ألف جنيه، وهو ما ساهم فى حالة الركود الكبيرة التى يعانى منها صغار المستثمرين وأصحاب الورش.

واشتكى جمال، من ظاهرة السماسرة التى ينتظرون جميع الضيوف القادمين من المحافظات ويمارسون أمور البطلجة على صاجب الورشة والمستهلك.

وحول عدم نقل ورشته إلى مدينة الأثاث الجديدة، قال جمال إن «حجم الورشة فى المدينة يبدأ من 50 مترا، أما سعرها فيصل إلى 350 ألف جنيه، يتم دفع 10% مقدمة من المبلغ والباقى يتم تقسيطه، أما الورشة 100 متر فيصل ثمنها إلى 700 ألف جنيه كاش، مشيرا إلى أن اصدار تراخيص الورش لم ينتهِ حتى الآن، فضلا عن عدم توفر الماكينات والمعدات.

وقال إسلام عشرى صاحب ورشة رقم 5 هنجر 47، بمدينة دمياط للأثاث الجديدة، إن المتعاقدين فى المدينة بالمرحلة الأولى أنتجوا بالفعل أثاثا لمشروع بشائر الخير، كما تم التعاقد مع الدولة على توفير منتجات لعدد من المشروعات الأخرى مثل العاصمة الإدارية والأسمرات، وهناك حديث عن التعاون للمساهمة فى إعادة إعمار ليبيا.

وأضاف: هناك بعض المعوقات التى تواجهنا فى المدينة الجديدة منها أننا لم نتسلم تراخيص الورشة حتى الآن، على الرغم من استلام الورشة من 9 أشهر، مشيرا إلى أن رئيس المدينة الدمياط الأثاث الجديدة أكد للرئيس الجمهورية أن الورشة يتم استلامها بالتراخيص.

ولفت عشرى إلى أن المدينة لا يوجد بها ماكينات ومعدات تكميلية مثل «المنشار، وتخانة، وربوب، وحلابة، ومكبس حرارى، وأساسيات التصنيع والتقطيع والكبس»، قائلا: «ثمن هذه المعدات يصل لمليون جنيه».


وطالب عشرى الحكومة بضرورة الاهتمام بالمعارض الخارجية، وإنشاء معارض فى المحافظات، ومعارض دائمة بدمياط تكون مجانية أو بأسعار مخفضة، مشيدا بحل مشكلة المواصلات فى مدينة الأثاث بمدياط الجديدة.

وقال محمد شكرى ــ أحد أصحاب الورش بمدينة الأثاث ــ إن سعر المتر بالمدينة مرتفع، لكن المميزات التى ستوفرها المدينة الجديدة من توزيع الإنتاج للمشاريع القومية والمعارض فى المحافظات ستعمل على زيادة الإنتاج والربحية لصاحب الورشة.

وأضاف أن معظم ورش الأثاث فى وسط المدينة ستنتقل إلى المدينة الجديدة، وكل الأنظار ستتوجه إليها لأنها ستساعد على تسويق منتجاتنا بكل سهولة.

وأكد أن افتتاح الرئيس للمدينة سيكون دافعا للمسئولين للاهتمام بهذه الصناعة التى كانت فى الماضى أحد أهم الصناعات التى تتميز بها مصر.

فيما طالب رئيس جمعية تطوير الأثاث عبدالرازق حسن، بضرورة توفير مركز تدريب بالمدينة، ومركز تصميمات مرتبط بالتسويق، وإنشاء سوقين على درجة عالية لعرض المنتجات وتسويقها، مشيرا إلى أنه فى 2005 كانت الصادرات تتجاوز الـ200 مليون دولار.

وتحدث حسن عن مميزات الخشب الدمياطى، قائلا: طبيعى وطويل العمر، كما أن رسوماته فى منتهى الروعة، لافتا إلى أن المدرسة التى أنُشئت لتعليم الأثاث خرجت العديد من الطلبة المتخصصين فى صناعة الأثاث، ولكن مع دخول صناعات أخرى بالمدرسة أصبح هناك تشتيت للطلاب.

وأشاد حسن بمدينة الأثاث الجديدة، مؤكدا أن طريقة إنشائها وتصميمها تمت بالطريقة الصحيحة وهو ما سينقل دمياط إلى العالمية خلال فترة بسيطة، خاصة أن دمياط تضم العديد من العمالة الفنية الماهرة تعتمد على الشغل اليدوى، بالإضافة إلى تعدد الورش بها.

وتوقع رئيس المجلس التصديرى للأثاث إيهاب درياس، أن ترفع المدينة حجم التجارة الداخلية للأثاث من 12 مليار جنيه مصرى إلى 35 مليار جنيه، فضلا عن زيادة الصادرات المصرية من الأثاث الخشبى والصناعات الخشبية من 360 مليون دولار إلى 2 مليار دولار، وخلق نحو 100 ألف فرصة عمل.

وأوضح درياس أن المزايا التى تحصل عليها الورش الصناعية فى المدينة تسهم فى دعم صغار المصنعين، وهو ما سيعمل على تكامل تلك الورش مع كبار الصناع فى عمليات التصنيع والإنتاج.

وكشف درياس عن عزم مجلسه تنظيم المزيد من البعثات التجارية للمصدرين، وتأهيل الكثير من الشركات الجديدة، ووقف الاستيراد خلال الفترة المقبلة.

وقال رئيس غرفة الأثاث والأخشاب باتحاد الصناعات محمد المهندس، إن تأسيس مدينة متكاملة للأثاث بقلعة صناعة الأثاث، أمر جيد للغاية، لكن ينقصنا الاهتمام بالعملية التسويقية، وإنشاء معرض مرتين على الأقل سنويا، الأول فى فصل الشتاء والآخر فى الصيف، على أن تتم دعوة المستثمرين الأجانب، وأن يتم توفير تذاكر سفر مجانية لهم لمدة 4 سنوات لهذه المعارض، حتى يتعودوا على المنتج المصرى ويطلبوه فى أسواقهم.

وأضاف أن تركيا استطاعت أن تنهض بهذه الصناعة فى وقت قياسى، ونجحت فى رفع حجم صادراتها فى عام 2002 من 153 مليون دولار إلى 7 مليارات دولار خلال العام الماضى، مؤكدا أن الإمكانيات المصرية تضاهى الإمكانيات التركية وتتفوق عليها فى بعض النواحى، ومن ثم تستطيع مصر تحقيق حجم صادرات كبير خلال 5 سنوات إذا اهتمت بالناحية التسويقية، لافتا إلى أن حجم صادرات مصر العام الماضى بلغ 294.5 مليون دولار، و190 مليون خلال الـ9 أشهر الماضية.

فيما قال رئيس مجلس إدارة مدينة دمياط للأثاث أسامة صالح، إن مدينة دمياط الجديدة للأثاث؛ تُعتبر مشروعا قوميا متكاملا لصناعات الأثاث والصناعات الخشبية والصناعات المغذية لها، كما يعتبر نموذجا للمشروعات ذات الطبيعة التنموية، حيث يتمتع بتنوع الأنشطة الاقتصادية التى تعزز قطاع صناعة الأثاث والمصنوعات الخشبية، لاحتوائه على 157 مصنعا كبيرا، ومجمعا تجاريا، ومعارض للأثاث، ومخازن، و1348 ورشة، بجانب عدد من المبانى الخدمية التى تقوم بخدمة المدينة.. وقد بدأ المشروع فى تلقى طلبات من مستثمرين أجانب.

وأضاف صالح أن هدف المشروع هو زيادة الطاقة الإنتاجية فى تصنيع الأثاث والصناعات الخشبية وتعميق هذه الصناعة، والمساهمة فى تحويل الورش من القطاع غير الرسمى إلى القطاع الرسمى، كما سيعمل على تنمية وتسويق تجارة الأثاث داخليا وخارجيا، ورفع حجم التجارة الداخلية للأثاث من 12 مليار جنيه لتصل إلى 35 مليار جنيه.

وتابع: نستهدف أيضا تقليص حجم الواردات والصناعات الخشبية إلى السوق المحلى، فى مقابل زيادة الصادرات من الصناعات الخشبية، وزيادة حجم التصدير إلى 2 مليار دولار مع التشغيل الكامل للمدينة، بالإضافة إلى خلق فرص عمل لشباب المحافظة بنحو 100 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.

وأردف: تأسست المدينة كشركة مساهمة مصرية فى 2016، وبدأ العمل بها فى يناير 2017 برأسمال 5 مليارات، ومن المقرر أن تغطى كامل المشروع والمدفوع منه 960 مليون جنيه، وجار زيادته إلى مليار و300 مليون جنيه، قبل نهاية هذا العام، مشيرا أن المشروع مملوك لبنك الاستثمار بنسبة 45%، ومحافظة دمياط بنسبة 34% متضمنة أرض المشروع، وتمتلك شركة أيادى 17%، أما الهيئة العامة لتنفيذ المشروعات فتمتلك نسبة 4%.

وأوضح المدير التنفيذى لمدينة الأثاث باسم نبيل، أن مدينة الأثاث الجديدة تحتوى على 1348 ورشة سيتم طرحها على 3 مراحل، خلال 3 سنوات، لافتا إلى أنه خلال 6 أشهر تم تبيع 408 ورش حتى 15 مايو 2019.

وأضاف نبيل لـ«الشروق»، أن سعر الورشة 50 مترا نحو 350 ألف جنيه، يتم دفع 10% من إجمالى المبلغ، ويتم استكمال المبلغ على أقساط على 10 سنوات، بفائدة 5% فقط.

وأشار إلى أنه تم توقيع بروتكول مع كلية الفنون التطبيقية لجامعة دمياط لتطوير الأشكال والتصميمات القابلة للتصدير، كما سيتم تأسيس مركز لتطوير الصناعة، وإنشاء مدرسة ومعهدا لتدريب العمالة بمدياط، فضلا عن بناء مول كبير داخل المدينة.

ولفت نبيل إلى أن المنطقة التجارية التسويقية بالمدينة، تتضمن فندقا من فئة 4 نجوم، يضم 200 غرفة مع جميع خدمات رجال الأعمال، ومركزا دوليا للمؤتمرات، وقاعات عرض واحتفالات بمساحة بنائية 20 ألف متر مربع، وتضم مركزا تجاريا وترفيهيا عالميا يتكون من أرض معارض بمساحة 70 ألف متر مربع و300 معرض تجارى للأثاث، بالإضافة إلى عدد من الخدمات الأخرى لخدمة أهالى محافظة دمياط والمحافظات المجاورة منها هايبرماركت، 4 قاعات للسينما، منطقة مطاعم وكافتيريات، مركز ترفيهى، إلى جانب الخدمات المساندة، ومواقف السيارات.

وأكد أن أصحاب الورش والمصانع يحصلون على العديد من المميزات بالمدينة الجديدة منها تطوير المنتجات من خلال المعدات الجديدة، وتسويقها إلكترونيا، فضلا عن المعراض التى سيتم إنشائها سنويا للترويج للمنتجات.

وحول ارتفاع اسعار الخامات، قال نبيل إن الأمر يخضع للعرض والطلب، فضلا عن ارتفاع سعر العملة وتراجعها فى الأونة الأخيرة، الأمر الذى أدى إلى عدم استقرار أسعار الخامات والخشب والحديد، «فكان سعر لوح الأبلاكاش 120 جنيها، وانخفض إلى 100 جنيه، ثم إلى 56 جنيه، وعاود الارتفاع مرة أخرى».

وأضاف: «نستورد الخشب والخامات من الخارج، لأنه لا يوجد لدينا غابات وبالتالى نخضع لسعر العملة، أما الحديد فسعره أيضا متذبذب فى الأونة الأخيرة على الرغم من أنه يتم تصنيعه فى مصر.

وتعد مدينة دمياط للأثاث منطقة صناعية قائمة على مساحة 331 فدانا، طبقا لقرار التخصيص رقم 999 لسنة 2015 الصادر عن رئيس مجلس الوزراء، لإنشاء صناعات أثاث مختلفة الحجم، والصناعات المكملة والمغذية لها، وتوفير البنية التحتية والخدمات والمرافق التى تحتاجها تلك الصناعات.

وبحسب الموقع الرسمى للمدينة من المقرر أن تضم 1384 ورشة صغيرة ومتوسطة بمساحة من 50 إلى 150 مترا، ونحو 150 مصنعا كبيرا ومكملا، إلى جانب إنشاء مركز تكنولوجيا الأثاث بدمياط لإعداد الدراسات التسويقية لمصنعى الأثاث، واختبار الأثاث قبل تصديره لدول العالم.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved