الوباء والإبداع.. البقاء في المنزل وتأثيره على تفكير الإنسان

آخر تحديث: الجمعة 15 يناير 2021 - 12:35 م بتوقيت القاهرة

الشيماء أحمد فاروق:

أثرت تداعيات فيروس كورونا، على شتى نواحي الحياة، اقتصاديا واجتماعيا وفنيا، وعلى المستوى الإبداعي فقد تضررت كثير من الأنشطة بالتوقف أو الابتعاد عنها خلال مراحل الحظر، والبقاء في المنزل، كما تسبب الوباء في إغلاق آلاف الشركات الصغيرة مؤقتًا أو إغلاقها نهائيًا، فهو أيضاً يمثل خسارة جماعية للإبداع.

وأظهر الباحثون كيف التفكير الإبداعي، يمكن أن ينمو من خلال عادات بسيطة، وتقع التفاعلات غير المخطط لها مع الأصدقاء المقربين والمعارف والغرباء وسبل التواصل المختلفة في الشارع وأماكن النزهات، ضمن هذه العادات التي تساعد في نمو التفكير الإبداعي، ومع إغلاق كثير من الأماكن، مثل المقاهي والمكتبات والصالات الرياضية والمتاحف تتلاشى هذه الفرص، بحسب تقرير نشر في موقع "ذا كونفيرزيشن".

يشير المتخصصون في التقرير إلى أنه ليست كل اجتماعات الصدفة تؤدي إلى أفكار رائعة، ولكن الحركة واللقاءات السريعة والمشاهدات الحية في الشارع، تعد بذرة صغيرة يمكن أن تتحول إلى فكرة جديدة أو مصدر إلهام فيما بعد.

إن أفكار أكثر الشعراء وعلماء الرياضيات وعلماء الدين انعزالًا، هي جزء من محادثات أكبر بين أقرانهم، أو ردود أفعال حول الناس والعالم، وكما كتب المؤلف ستيفن جونسون في كتابه "من أين تأتي الأفكار"، إن الحيلة للحصول على أفكار جيدة هي عدم الجلوس في عزلة تامة ومحاولة التفكير في أفكار كبيرة وبعيدة عن الناس، بدلاً من ذلك يوصي بالذهاب في نزهة على الأقدام أو الاختلاط بالناس والمقاهي والشبكات الأخرى.

على سبيل المثال المقاهي في لندن خلال القرن الـ18، ساهمت في تحفيز عصر التنوير، وكان الناس يعرفون بشكل بديهي أنهم سيكونوا أكثر إنتاجية عند العمل في المقاهي، وذلك وفقًا لما ذكره ديفيد بوركوس، مؤلف كتاب "أساطير الإبداع"، والذي ذكر أيضاً أن مجرد التواجد حول أشخاص آخرين يعملون يمكن أن يكون محفزاً لفعل الشيء نفسه، وهو ما يصفه بالإبداع الاجتماعي.

والأماكن أيضاً وتفاصيلها وتصميمها جميع هذه الأمور لها تأثيرات مختلفة على قدرة الإنسان الإبداعية، والبقاء في مكان واحد طول الوقت قد يحد هذه المشاعر، حيث تؤثر المبان على مجموعة واسعة من الوظائف البشرية.

وتؤثر درجة الحرارة والرطوبة على قدرتنا على التركيز، ويرتبط ضوء النهار ارتباطًا إيجابيًا بالإنتاجية وإدارة الإجهاد ووظائف المناعة، كما أن جودة الهواء التي تحددها أنظمة التدفئة والتهوية في الأماكن التي نجلس فيها تؤثر على كل من الصحة التنفسية والعقلية، بحسب مو.قع "إن بي آر" الأمريكي.

ويشير المتخصصون إلى أن الحياة الرقمية كبديل للحياة الاجتماعية الطبيعية، ليست هي الحل الكافي لمعاونة الإنسان على الإبداع وتجديد فكره، لذلك يشعرون بالقلق تجاه هذه المرحلة وتأثيرها على العقل البشري.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved