نبي الله (3).. هود عليه السلام حفيد إدريس المصري المرسل لليمنيين عمالقة الأرض

آخر تحديث: الخميس 15 أبريل 2021 - 1:22 م بتوقيت القاهرة

بسنت الشرقاوي

يقول الله في كتابه العزيز "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب"، من هذا المنطلق تستعرض "الشروق" مجموعة قصصية عن سير بعض أنبياء الله، خلال شهر رمضان الكريم، بهدف استخلاص الموعظة والحكمة.

نستعرض في الحلقة الثالثة من هذه السلسلة، قصة النبي هود عليه السلام، بصورة مختصرة من الوارد ذكره في كتاب "البداية والنهاية" عن قصص الأنبياء، لمؤلفه الإمام الحافظ أبي الفداء إسماعيل ابن كثير القرشي، المتوفي عام 774 هجريا.

• النبي هود حفيد إدريس المصري عليه السلام

ينحدر نسل النبي هود عليه السلام من النبي إدريس عليه السلام، فهو هود بن عاد بن سام بن نوح بن إدريس بن شيث بن آدم عليه السلام.

ويذكر أن النبي إدريس هو نبي مصري ولد وعاش في مصر وكانت رسالته التوحيد للأهل مصر في بداية الخليقة، وقد أدرك 72 لغة واكتشف الهندسة والطب والزراعة والحياة، ليستحق أول معلم للبشرية عن جدارة.

• رسالة هود إلى قوم عاد

يقول الله في كتابه العزيز: "وإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا ۗ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۚ أَفَلَا تَتَّقُونَ".

أرسل الله إلى قوم عاد الذين هم أول قوم يعبدون الأصنام بعد الطوفان، النبي هود الذي هو واحد منهم، ليدعوهم للعبادة وتوحيد الله، لكنهم لم يستجيبوا.

جعل الله أمة قوم عاد أشد أهل زمانهم في الخلقة والشدة والبطش، وقد أعطاهم بسطة في الجسم فكانوا عمالقة أقوياء، يسكنون اليمن بين الأودية وجبال الرمال، ويبنون خياما كبيرة ذات أعمدة ضخمة، وذكر القرآن أنهم كانوا يعيشون في مدينة إرم ذات العماد الشاهقة، لكنهم كانوا يكفرون بالله ويعبدون أصنامهم الثلاثة، صدا، وصمودا، وهرا.

كان قوم عاد أول من عبدوا الأصنام بعد الطوفان، وكفروا بالله ولم يؤمنوا باليوم الآخر والبعث والحساب، وكانوا يظنون أنه لا توجد قوة أكبر من قوتهم.

عاشت عاد حضارة ورفاهية لم يأت مثلها، فكانوا يبنون أبراجاً وقصوراً عالية في كل مكان مرتفع كنوع من الرفاهية والعبث، ويصنعون كل ما يؤمن لهم استمرار الحياة والاستمتاع بها كأنهم مخلدون، وكانت تأتيهم الرياح محملة بالسحب والأمطار، ويمتلكون العيون والحدائق والأنعام، والكثير من الذرية والأولاد.

• مشقة الدعوة

رفض سادة وأعيان عاد دعوة النبي هود، وقالوا له: "نراك في سفاهة، كيف نترك عبادة الأصنام التي يرتجى منها النصر والرزق، أنت تكذب وتدعي أن الله أرسلك، يا هود أنت مجرد رجل عادي مثلنا، فكيف لرجل عادي أن يرسله الله؟ وأنت ما جئتنا بمعجزة أو بينة تثبت لنا صحة كلامك".

فرد عليهم النبي هود قائلا: "أوعجبتكم أن يرسل الله إليكم رجل منكم، ألا يعقل أحدكم ويميز أنني أدعو بالحق المبين الذي تشهد به الفطرة، ألا يرى أحدكم أن ما أدعوكم إليه هو دين الحق الذي بعث به نوحا من قبلي وعاقب الذين خالفوه غرقا بالطوفان، ألا يميز أحدكم أن هذه الأصنام ما هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباءكم وليست آلهة وإنما حجارة لا تنفع ولا تضر، يا قومنا إن الكفر بالله هو الخسران المبين، وفي يوم القيامة لن ينفع الندم".

كرر قوم عاد الجدال مرة أخرى وطلبوا من نبي الله هود أن يعود إلى رشده، معللين أنه قد أصابته بعض آلهتهم بسوء، وغضبت عليه، وقالوا له: "أنت مصاب بالجنون، ولا يمكن لنا أن نستجيب لادعاءاتك ونترك عبادة الأصنام".

وعجزت عاد أن تصيب هودا بسوء رغم قوة بطشهم، وإصرارهم على عندهم، فشكا هود ربه قائلا: "رب انصرني عليهم، فقد كذبوني ولم يستجب لدعوتي إلا بعض المؤمنين"، فاستجاب الله عز وجل لهود وينزل عليهم هلاك هو الأول من نوعه في الأرض.

• هلاك الكافرين ونجاة هود ومن معه

حضر عذاب الله قوم عاد، فانقطعت السماء عن نزول المطر، وبدأت تتدهور حالة الناس من قلة المياه، وحاول هود للمرة الأخيرة أن يثنيهم عن عنادهم وكفرهم ويحذرهم من العذاب، لكن دون جدوى، فأقبلت ريح من بعيد، فرآهم القوم وفرحوا بها، ظنا منهم أنها الرياح الممطرة المنتظرة غير مدركين أنها ريح تحمل سحابة سوداء علامة بدء نزول العذاب.

اتخذ هود عليه السلام ومن معه من المؤمنين مكانا للاحتماء من عذاب الله، أما قوم هود فراحوا يستقبلون الريح والسحب حتى فوجئوا بأنها إعصار شديد بسرعة هائلة، دخلت تدمر كل شيء في القرية، فإذا بهم يتطايرون في الهواء من شدة دفع الريح، فتقذفهم لأعلى ثم يسقطون بشدة على الأرض فتكسر رقابهم وتتطاير رؤوسهم، مستمرة 7 ليال و8 أيام بحسب القرآن الكريم، في عذاب غليظ غير مسبوق على أهل الأرض، نجا منه هود ومن تبعه من المؤمنين.

إلى اللقاء في الحلقة الرابعة..

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved