فلسطين قبل النكبة.. سينما ومسرح ومجتمع زراعي ينمو

آخر تحديث: الجمعة 15 مايو 2020 - 4:34 م بتوقيت القاهرة

الشيماء أحمد فاروق:

هناك أحداث تاريخية يقف عندها الزمن، وتتشكل بها حياة الملايين، وتتغير بعدها الحدود.

وفي 15 من مايو عام 1948، كانت فلسطين على موعد مع هذا التغيير الجذري، الذي أودى بشعبها إلى المخيمات والهجرة والشتات في أراض مختلفة، عقب سيطرت إسرائيل على مساحات واسعة من أراضي فلسطين بعد عمليات من التهجير والقتل والمذابح التي أجريت في القرى والمدن الفلسطينية ضد شعبها.

وأجيال تلت الأخرى، أصبحت تعرف شكل فلسطين الحالي، في ظل وجود القوات الإسرائيلية والمخيمات، وقصص القتل والمظاهرات والاحتجاجات، ولكن ما هو شكل فلسطين في الماضي، هل نستطيع تخيله أو رسم صورة له، وكيف كانت الحياة قبل عام 1948؟.

في فترة الحكم العثماني

وفي تقرير نشرته مؤسسة "كنديون من أجل العدل والسلام في الشرق الأوسط"، رصد التركيبة السكانية لفلسطين في العهد العثماني، وذكر في معلوماته وفق ما جاء في المجلة الدولية لدراسات الشرق الأوسط، للكاتب شولش ألكسندر، أن الدولة العثمانية حكمت الأراضي الفلسطينية من عام 1517 إلى عام 1917، ومن الصعب تقدير عدد السكان في فلسطين العثمانية لعدة أسباب ، منها عدم وجود منطقة إدارية تغطي فلسطين بالضبط، بالإضافة إلى تجنب العديد من السكان التعداد التركي للتهرب من الضرائب والتحايل على التجنيد العسكري والتحايل على الإقامة غير القانونية.

ووفقا لتعداد 1871-1872، كان إجمالي عدد سكان فلسطين باستثناء البدو 381.954 ألف نسمة، ومن بين هؤلاء، كان حوالي 85% من المسلمين، و11% كانوا مسيحيين و4% يهودًا.

وأشار التقرير إلى ديناميكية السكان منذ نهاية ستينيات القرن التاسع عشر وحتى بداية ثمانينات القرن التاسع عشر، حيث شهدت فلسطين نموًا سكانيًا، وبلغ عدد سكانها حوالي 470.000 نسمة في عام 1882.

وكانت هذه الزيادة متسقة مع شعور أكبر بالأمن في فلسطين، وامتداد الإنتاج الزراع ، مما أدى إلى زيادة قيمة الصادرات وتحسين الظروف الصحية والطبية، نتيجة لهذا التطور الاقتصادي والاختراق الأوروبي في المنطقة والتعاون التجاري، تغيرت المدن وحدثت أنشطة بناء واسعة النطاق، لا سيما في القدس وبيت لحم ويافا وحيفا.

 

 

- فلسطين والاهتمام بالزراعة

وبعد هزيمة الإمبراطورية العثمانية، تقاسمت القوى الغربية الشرق الأدنى وتم وضع فلسطين في عام 1920 تحت الانتداب البريطاني، ولكن خلال هذه الفترة كان يتمتع المجتمع الفلسطيني بازدهار في الجانب الزراعي، وهو ما أشار له كتاب "تاريخ الشعوب العربية" لألبرت حوراني.

وجاء فيه أنه بالنسبة للأراضي الفلسطينية والسورية استطاع فلاحو القرى الجبلية من توسيع مناطق زراعتهم حتى السهول، وإنتاج القمح وغيره من المحاصيل التي كان له سوق في العالم الخارجي، إلى جانب زيت الزيتون والسمسم والبرتقال، وحدث تعاون بين حكومات الانتداب والمواطنين لتعزيز التجارة والتصدير، وشجعت الحكومات الزراعة المستقرة وإقامة القرى على الرعاية البدوية والتقنل.

وكان ذلك النشاط التجاري والزراعي نتيجة لاهتمام الامبراطوريات الغربية بالتطوير واستغلال ثروات البلدان التي وضعت سيطرتها عليها، فساهمت في تغير وسائل الاتصال والنقل وبرزت السفن البخارية وأنشأت السكك الحديد والتلغرافات.

 

 

- لم يكن الفن غائباً

يحكي الشاعر والرسام الفلسطيني إبراهيم نصرالله في مقال له بموقع "فلسطين – إسرائيل جورنال"، أنه صادف نسخة من جريدة النفير عام 1937، والتي كانت تنشر في حيفا، ولفت انتباهه فيها إلى إعلان يدعو الجمهور إلى شراء أسهم في شركة السينما العربية المحدودة، وهو أول مشروع من نوعه في حيفا.

وفي كتاب بعنوان السينما الفلسطينية في القرن العشرين، يقول بشار إبراهيم إن تاريخ السينما الفلسطينية يعود إلى عام 1935، عندما صور إبراهيم حسن سرحان فيلمًا وثائقيًا مدته 20 دقيقة حول زيارة الملك سعود إلى فلسطين، كما أنتج سرحان فيلمًا تحت عنوان "أحلام طقاقات" بمشاركة المطرب الفلسطيني سيد هارون، تبعه فيلمان آخران، وتم عرض أفلام مصرية في دور السينما الفلسطينية، مثل "ابن الصحراء"، بطولة بدر لاما فلسطيني الأصل.

وذكر نصر الله في مقاله أيضاً معلومات عن الأدب في فلسطين، مشيرا إلى أن الأدب الفلسطيني شكل جزءاً من الأدب الأوسع للأمة العربية، ولم يستخدم مصطلح "الأدب الفلسطيني" إلا بعد نهاية الحكم العثماني ووصول الاستعمار الأوروبي، ومع تشتت الفلسطينيين، فقد جزء كبير من كتاباتهم - بعضها بالكامل - على سبيل المثال الشاعر الفلسطيني أحمد حلمي عبدالباقي، الذي عثر على قصائده بعد 40 عاما من وفاته، وأدى ذلك إلى إعادة رسم خريطة الشعر الفلسطيني والعربي في النصف الأول من القرن العشرين.

وفي كتاب "قبل الشتات" لوليد الخالدي، الذي يروي الكثير عن حياة فلسطين قبل نكبة 1948، تعرض لشكل النشاط الفني في فلسطين، وأشار إلى أنها كانت حياة مليئة بالنشاط الدرامي، وكان الشخصية الرائدة في هذا النوع هو جميل البحري، وهو كاتب مسرحي فلسطيني توفي عام 1930 ولديه 12 مسرحية باسمه، وكتب نصري الجوزي 17 مسرحية واستيفان سالم 8 مسرحيات وأسماء الطوبي أربع، وقبل عام 1948، كان هناك أكثر من 30 فرقة مسرحية فلسطينية في القدس وحدها.

ومن الروايات التي ظهرت في العشرينيات من القرن العشرين، "الوارث" لخليل بيدس والتي يعدها بعض المؤرخين رواية مترجمة، رغم أن أحداثها تدور في القاهرة، و"الحياة بعد الموت" لإسكندر خوري البيتجالي عام 1924.

 

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved