خبراء النقل واللوجستيات يؤكدون ضرورة الاستثمار في قطاع البنية الأساسية بإفريقيا لزيادة التجارة البينية

آخر تحديث: الأربعاء 15 يوليه 2020 - 3:45 ص بتوقيت القاهرة

القاهرة - أ ش أ

أكد خبراء النقل واللوجستيات ضرورة الاستثمار في قطاع البنية الأساسية بالدول الإفريقية؛ لتعزيز وزيادة التبادل التجاري والاستثماري بين دول القارة، مشيرين إلى أن نمط وشكل التنمية يعتمد بصورة رئيسية على طبيعة، ومستوى البنية التحتية الموجودة.
جاء ذلك خلال مؤتمر "دور النقل البحري المصري الإفريقي في بناء الاقتصاديات وتفعيل الاتفاقيات التجارية داخل القارة" الذي نظمته جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة عبر خاصية الفيديو كونفرانس مساء  أمس الثلاثاء.
وأشار الخبراء المشاركون في المؤتمر إلى أن ضعف البنية التحتية يعوق دخول منتجات كل دولة إفريقية إلى أسواق الدول الأخرى؛ لارتفاع تكاليف الإنتاج، مما يضعف قدرتها على المنافسة أمام نظيرتها من الدول الأخرى، كما طالبوا بتعزيز الإنتاج المحلي بدلا من تصدير المواد الخام، والاهتمام بالعنصر البشري والعمل على تأهيله خاصة في مجال النقل البحري.
من جانبه، قال رئيس لجنة النقل بجمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة محمد العنتبلي إن ضعف وسائل الاتصال وعدم توافر المعلومات في الوقت المناسب، يؤثرعلى سرعة وكفاءة اتخاذ القرارات الخاصة، بعمليات التبادل التجاري والتفاعل بين الدول الأعضاء في عملية التكامل، مضيفا أن تحقيق التنمية والتكامل بين الدول الإفريقية لن يتحقق من دون التكامل في مجال البنية التحتية، بما يتيح التعامل مع إفريقيا كسوق واحد وليس كأسواق مجزأة ومنفصلة.
وأشار إلى أن الدول الإفريقية منذ استقلالها على وعي بأهمية مشروعات البنية التحتية، حيث أجرت دراسات للعديد من المشروعات الداخلية والإقليمية تتفاوت في طبيعتها وحجمها، ولكنها عانت من نقص التمويل.
وأضاف العنتبلي أن النقل البري في الدول الإفريقية يعاني من تردي حالة الطرق البرية ومحدودية مركبات ومعدات النقل المتاحة، فالطرق البرية الصالحة للاستعمال في كافة الظروف الجوية في إفريقيا محدودة، بالإضافة إلى انخفاض كفاءة الموجود منها، منوها بأن نحو 60% من سكان المناطق الريفية في إفريقيا لايملكون طرقا صالحة للاستخدام طوال العام، الأمر الذى جعل من تكلفة النقل في إفريقيا واحدة من بين الأعلى على مستوى العالم، لافتا إلى صعوبة استخدام هذه الطرق في مواسم الجفاف، حيث تصبح قاحلة، بينما في مواسم المطر تصبح موحلة، وفي مثل هذه الظروف يصعب نقل السلع مع تردي حالة الطرق البرية.
وأشار العنتبلي إلى أن السكك الحديدية أسوأ من الطرق البرية في كثير من الدول الإفريقية حيث أنها قاصرة في طولها وسعتها عن الوفاء باحتياجات الدول الإفريقية، بالاضافة إلى عزلة خطوط السكك الحديدية عن بعضها البعض، فمعظمها يربط المدن الداخلية بمؤاني التصدير، ولاتوجد خطوط تربط المدن الداخلية ببعضها البعض، كما أن نحو عشر دول من دول القارة لايوجد لديها أي خطوط سكك حديدية.
من جانبه، قال رئيس ميناء الإسكندرية طارق شاهين إن النقل البحري يعد قاطرة التنمية فهو يعمل على دفع عجلة النمو من خلال دعم الحركة التجارية والصناعية، لاسيما أن معدلات التجارة البينية بين الدول الافريقية في تزايد مستمر.
وأضاف أن القارة الإفريقية ستلعب خلال الفترة المقبلة دورا كبيرا ومؤثرا على اقتصاديات جميع الدول ، فمن المتوقع أن يصبح نحو 20% من سكان العالم أفارقة بحلول 2030 ، كما من المتوقع أن يكون 40% من أطفال العالم تحت سن 18 من الأفارقة في 2050.
وأوضح أن مصر تبنت خلال الفترة الماضية كثيرا من المشروعات الضخمة؛ لتعزيز تجارتها مع الدول الإفريقية مثل الممر الملاحي الذى يربط بحيرة فيكتوريا بالبحر المتوسط، وكذلك مشروع الربط بين الإسكندرية والخرطوم والذي سيعزز التبادل التجاري بين مصر والسودان، فضلا عن المشروع الذي يعد الأكبر من نوعه، وهو الطريق البري بين القاهرة وكيب تاون بطول يصل إلى 9700 كيلو متر.
وأكد شاهين أن الهيئة العامة لموانئ الإسكندرية ستواصل إقامة ودعم المشروعات الاستثمارية الكبرى الحالية.
وفي السياق نفسه، أوضح رئيس قطاع النقل البحري بوزارة النقل رضا إسماعيل أن النقل البحري يعد أحد أهم وسائل الربط الرئيسية بين مصر والدول الإفريقية، مضيفا أن تعزيز العلاقات في مجال النقل البحري الخطوة الرئيسية لتعزيز حجم التبادل التجاري المنقول بحرا، مشيرا إلى أن هناك 10 مشاريع مذكرات تفاهم بين وزارة النقل المصرية ونظرائها في الدول الإفريقية: (موريشيوس- الجابون-أنجولا- غينيا الاستوائية- تانزانيا- الكونغو الديمقراطية- نيجيريا- كينيا- إريتريا- موزمبيق).
وأوضح إسماعيل أن حجم التبادل التجاري بين مصر والدول الإفريقية شهد خلال 2019 تراجعا طفيفا بلغ 1.2% ليبلغ نحو 6.199 مليار دولار مقابل 6.273 مليار دولار في 2018، مشيرا إلى أن صادرات مصر إلى إفريقيا (6.5% من إجمالي الصادرات) ارتفعت لتسجل 4.299 مليار دولار مقابل 4.282 مليار دولار في 2018، وتتركز أعلى القيم التصديرية في 4 دول إفريقية ( كينيا، جنوب إفريقيا،إثيوبيا، نيجيريا) وتتمثل أهم السلع المصدرة في (السيراميك-السكر-الزيوت العطرية-اللدائن- الورق ومصنوعاته- الأجهزة الكهربائية-المنتجات الخشبية -المنسوجات الحريرية)، بينما تراجعت واردات مصر من إفريفيا (تستحوذ على 2.5%) لتسجل 1.9 مليار دولار مقارنة بنحو 1.99 مليار دولار في 2018.
وأضاف أن أعلى قيم استيراد مصر من الدول الإفريقية تتركز في 3 دول ( كينيا-زامبيا- جنوب افريقيا)، وتتمثل أهم الواردات في(الشاي- البن –التوابل-اللحوم-الفواكه الاستوائية- الكاكاو).
وأشار إلى أن السوق الإفريقية تمثل طاقة استيعابية هائلة فهي تعد ثاني أكبر قارات العالم من حيث المساحة وعدد السكان، وترتبط مصر مع الدول الإفريقية بعدد من الاتفاقيات الثنائية في مجال النقل البحري التي تعمل على تعزيز حجم التبادل التجاري المنقول بحرا، حيث تعد دول شرق وجنوب إفريقيا (جيبوتي- كينيا-جنوب أفريفيا-تنزانيا) هي الأكثر تداولا للحاويات المكافئة والبضائع المتداولة بحرا.
وأوضح أن هناك العديد من التحديات التي تعوق زيادة التبادل التجاري بين الدول الإفريقية: كضعف كفاءة عمليات النقل، حيث أن معظم الموانئ الإفريقية ذات كفاءة منخفضة وغير قادرة على استقبال السفن العملاقة، كما أن ثلث دول القارة الإفريقية تقريبا ليس لها سواحل بحرية (دول حبيسة) وبالتالي يتعذر استخدام النقل البحري في عمليات التبادل التجاري، ويتطلب ذلك إنشاء مؤانئ محورية ومناطق لوجستية والاعتماد على وسائل النقل الأخرى(سكك حديدية- بري- نهري) للنقل إلى الدول غير الساحلية.
وأضاف إسماعيل أن النقل البحري يتطلب استثمارات ضخمة وهو مالا يتوافر في معظم دول القارة الإفريقية .. مشيرا إلى أن مصر خلال الفترة الماضية بذلت العديد من الجهود لزيادة الاستثمارات في إفريقيا، حيث تم إنشاء صندوق لضمان مخاطر الاستثمار في إفريقيا لتشجيع المستثمرين المصريين على توجيه استثماراتهم لإفريقيا والمشاركة في تنمية القارة.
ولفت إلى أن الحكومة المصرية قامت بإرساء برنامج دعم الصادرات المصرية إلى الدول الإفريقية عن طريق مساهمة صندوق تنمية الصادرات المصرية في تكلفة النقل والشحن إلى الدول الإفريقية وذلك من أجل تقليل نفقات النقل إلى تلك الدول.
وأوضح إسماعيل أن مصر شاركت في العديد من المبادرات كمبادرات الصين الحزام والطريق مع التركيز على طريق "سفاجا-نادجامينا"، و"الإسكندرية -كيب تاون".
وأشار إلى أن مصر عملت على إنشاء مراكز لوجستية محورية في إفريقيا تتكامل مع النقل متعدد الوسائط (بري-سككي-بحري-جوي)، مؤكدا على أهمية توقيع الاتفاقيات الثنائية ومذكرات التفاهم المينائية مع الدول الإفريقية، لتعزيز التعاون مع الدول الإفريقية بمجال النقل البحري، كذلك قيام هيئات الموانئ المصرية بتدريب العاملين بالموانئ الإفريقية ورفع كفاءتهم.
من جانبه، قال رئيس مجلس إدارة غرفة ملاحة الإسكندرية محمد مصيلحي إن هناك بعض المعوقات التي تتسبب في عدم زيادة التبادل التجاري بين مصر وإفريقيا، موضحا أن افتقار الدول الإفريقية للعديد من الصناعات وعدم وجود بضائع كافية لاستيرادها يعمل على رفع سعر "النولون البحري" في كثير من الأوقات لتغطية التكلفة.
وتابع: "نواجه مشكلة طول مدة الشحن نتيجة ضعف حجم التجارة البينية وذلك لأنه يتم تجميع البضائع في الحاويات من الموانئ الرئيسية للوقوف على تغطية التكلفة"، مطالبا بضرورة تفعيل اتفاقيات التجارة الحرة بين الدول الإفريقية، كذلك الاهتمام بتطوير البنية التحتية والأساطيل البحرية والسكك الحديدية وتحسين بيئة مناخ الاستثمار في تلك الدول.
كما وجه مصيلحي الدعوة إلى رجال الأعمال والمستثمرين لزيادة الاستثمار في الدول الإفريقية والتوسع في إنشاء مصانع وشركات لما تتمتع به تلك الدول من طاقات بشرية وموارد طبيعية الأمر الذي يتطلب تعديل القوانين اللازمة لإزالة المعوقات.
وأكد على أن أغلب الخطوط الملاحية تعمل بكامل طاقتها من خلال وكلاء محليين يعملون على دفع عجلة التنمية ودعم المنتج المصري وزيادة تنافسيته في الأسواق العالمية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved