سمير الإسكندراني.. عمل مع المخابرات وأحبط محاولة لاغتيال جمال عبدالناصر

آخر تحديث: السبت 15 أغسطس 2020 - 2:46 م بتوقيت القاهرة

عبدالله قدري

توفى الفنان سمير الإسكندراني مساء الخميس، في مستشفى النزهة عن عمر 82 عامًا، بعد معاناة مع مرض الفشل الكلوي، ومسيرة فنية ووطنية حافلة بالعطاء.

الإسكندراني ابن حي الغورية الشعبي وميدان الحسين، لم تقتصر مسيرته على الطرب والغناء والموسيقى واتقان اللغات، بل امتدت إلى دور وطني ضد العدو الصهيوني إبَان فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، تحدث عنها الراحل في أحد حواراته التليفزيونية، ووثقها موقع المجموعة (73) مؤرخين، المختص بتوثيق الأعمال الفدائية والبطولات العسكرية.

• إسقاط شبكة تجسس إسرائيلية

في عام 1958، ذهب الإسكندراني إلى إيطاليا للحصول على منحة دراسية في الأدب الإيطالي والفن التشكيلي، عمره آنذاك 18 عاماً، وكان لا ينتمي "للنموذج المصري المتحفظ" الذي عُرف به الشباب المصريين في الخارج، وهو ما جعله صيدًا للعملاء والجواسيس في إيطاليا، لكن الإسكندراني فطن لهذا، حسبما يقول موقع 73 مؤرخين.

في هذا الوقت، التقى الإسكندراني بشاب يدعى سليم في الجامعة، يتحدث اللغة العربية ومعه جواز سفر أمريكي، وكان جواز السفر الأمريكي آنذاك باعثا على الشكوك، أحس الإسكندراني بريبة نحو هذا الشاب وتصرفاته، وحيازته لأموال كثيرة لا تتناسب مع شاب في سنه ودراسته، فأخذ الحيطة منه، بل واستطاع خداعه.

في حيلة من الإسكندراني لمعرفة نوايا هذا الشاب، أفصح له أن جده كان يهوديًا وأسلم ليتزوج جدته، لكنه لم ينس أصله اليهودي، "وأكثر ميلا لجذوره اليهودية"، هنا سال لعاب سليم ووقع في فخ "الثعلب"، وأفصح عن نواياه قائلا: "أنا أيضا لست مصريا يا سمير، أنا يهودي"، حتى رتب له سليم لقاء مع شخص ألماني يدعى جوناثان، وسأله عن رأيه في النظام المصري بقيادة جمال عبدالناصر.

 

هنا التقى سمير شقيقه سامي في إيطاليا وأبلغه بخطورة الأمر، وأن هناك خلية إسرائيلية جاسوسية تريد تجنيده بهدف جمع معلومات عن شخصيات بارزة في النظام المصري ورصد تحركاتهم، فعاد إلى مصر واستعان بوالده تاجر الموبيليا ليكون حلقة الوصل بينه وبين وكيل المخابرات الذي كان قد اشترى موبيليا من والده في وقت سابق.

أخبر الإسكندراني وكيل المخابرات بما دار معه، لكنه لم يأخذ حكايته على محمل الجد، وعن هذا يقول الإسكندراني في حوار صحفي سابق: "حكيت له ما مررت به ولكنه تحدث معي بعدم اكتراث وطلب مني أن أمر عليه وهو يضحك، فقلت له لن أمر عليه، ولكنه إذا أراد أن يعرف الحقيقة فعليه أن يقابلني في (جروبي) وتكون معه سيدة تبدو كأنها زوجته، هنا تغيرت لهجة الرجل وبدا أكثر حزما لأنه أدرك أنني مدرب فعلا والأمر خطير، وبعد ساعة تقريبا تقابلنا في (جروبي)".

بعد الحديث مع الشخصية المخابراتية التي ذكرها الإسكندراني، ذهب برفقته إلى مبنى أنيق في مصر الجديدة، وهناك قابل ضابطا قدم نفسه بأن اسمه جعفر، وطلب الحديث معه، لكن الإسكندراني كما قرر عدم الحديث إلا في حضور الرئيس جمال عبدالناصر، وبعد محاولات من الانتظار طالت نحو شهر ونصف، التقى الإسكندراني عبدالناصر وحكى له تفاصيل خطة الشبكة الإسرائيلية نحو النظام في مصر.

أخبر الإسكندراني الرئيس عبدالناصر بأن هناك نوايا إسرائيلية لاغتيال المشير عبدالحكيم عامر، والرئيس عبدالناصر بوضع السم في الطعام، من خلال تجنيد "شيف" يوناني في مطعم (جروبي) الذي يتردد عليه الرئيس عبدالناصر، فتم القبض على الشيف واعترف بمخطط اغتيال الرئيس عبدالناصر، وهنا بدأ دور الدولة المصرية لإسقاط باقي أعضاء الخلية الإسرائيلية بالاستعانة بسمير الإسكندراني.

تواصل الإسكندراني بجوناثان من جديد، وتظاهر له بكرهه للنظام المصري، وراح يمده بصور ووثائق بعلم المخابرات المصرية، حتى يثبت له صدق تعاونه، وبالفعل بدأت خيوط الشبكة تتكشف بوجود عملاء لهم داخل مصر، يقودهم موسى جود سوارد أحد ضباط المخابرات الإسرائيلية الذي وصل إلى مصر لإدارة الشبكة، وظل الإسكندراني يتلاعب بأعضاء الشبكة بالتعاون مع جهاز المخابرات، حتى تم إسقاطهم واحداً تلو الآخر، حسبما يقول موقع المجموعة (73) مؤرخين.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved