موزمبيق.. 3 أشهر بعد إعصار «إيداي» وآثار الدمار لا تزال هناك

آخر تحديث: الأحد 15 سبتمبر 2019 - 3:50 م بتوقيت القاهرة

د ب أ

دمرت الطبيعة حياة جواو ديلويس، مرتين: المرة الأولى عندما اضطر وأسرته إلى الرحيل عن منزلهم بعدما غمرته المياه، لينتقلوا إلى قطعة أرض على أطراف بيرا الساحلية الواسعة.

وبدأت الأسرة هناك، مع عشرات قليلة من العائلات الأخرى، في إعادة بناء حياتهم، فوق أرض جافة. ثم أتى إعصار "إيداي".

ويسترجع ديلويس "31 عاما" اليوم ذكريات الكارثة الطبيعية التي حلت بهم قبل ستة أشهر، قائلا: "عندما جاء الإعصار، دمر كل ما كنا قد قمنا به... كل شيء".

ويعيش ديلويس وزوجته وطفلاه في خيمة، حيث تملأ متعلقاتهم الشخصية المكان بمساحته الصغيرة.

وكان الأمر الأسوأ الذي يتعلق بالإعصار، هو دمار المحاصيل التي تعتمد عليها الأسرة في طعامها.

وكان الإعصار "إيداي" وصل إلى اليابسة مساء يوم 14 مارس الماضي، قبل وقت قصير من بداية موسم الحصاد.

ويقول ديلويس بتنهيدة من القلب: "خسرنا كل شيء".

وعانى عشرات الآلاف من نفس المصير، وتضرر حوالي 3 ملايين شخص جراء الإعصار في دول جنوب القارة الأفريقية، مثل موزمبيق وزيمبابوي وملاوي؛ كما لقى أكثر من 600 شخص حتفهم.

وبعد فترة قصيرة، ضرب إعصار ثان يحمل اسم "كينيث"، شمالي موزمبيق. ومازالت عواقبه ظاهرة للعيان حتى يومنا هذا.

وكان أغلب المتضررين من صغار المزارعين الذين تأثروا بشدة بسبب خسارة المحصول. ووفقا لتقديرات "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي" - وهو مبادرة للأمم المتحدة بمشاركة العديد من المنظمات الأخرى – كافح حوالي 6ر1 مليون شخص في موزمبيق من أجل الحصول على طعام كافِ، خلال الفترة بين أبريل وسبتمبر.

ولا يشمل هذا العدد المتضررين من إعصار "إيداي" في وسط البلاد فحسب، بل أيضا المتضررين من الجفاف في الجنوب، ومن إعصار "كينيث" في الشمال.

يذكر أن "إيداي" دمر أيضا بذور موسم الحصاد المقبل، ونتيجة لذلك، قد يصبح الموقف أكثر سوءا قريبا: حيث من الممكن أن يرتفع عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع خلال الفترة بين أكتوبر وفبراير، إلى 9ر1 مليون شخص، بحسب مبادرة "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي".

وتقول أنجيل فازكويز، من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إنه لا يمكن استبعاد احتمال حدوث أزمة في الغذاء.

ولا تزال آثار الدمار الذي أحدثه الإعصار "إيداي" ظاهرة في أنحاء مدينة بيرا، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 500 ألف نسمة، حيث ترقد الأشجار التي اقتلعها الإعصار على الشواطئ برمالها البيضاء، قد برزت جذورها في الهواء مثل المخالب.

وفي مدرسة ببلدة دوندو، التي تقع خارج بيرا، ما زال الأطفال يتلقون حصصهم الدراسية في خيام، تفاديا لأشعة شمس الظهيرة الملتهبة، التي تقتحم عليهم قاعات فصولهم الدراسية التي دمرت الكارثة أسقفها.

ويرى البعض أن الرياح القوية كانت أسوأ ما في "إيداي"، حيث اقتلعت الأشجار ودمرت أسطح المنازل، التي تكون عادة مصنوعة من الصفيح. ويصعب على الغالبية إصلاح ما أفسده الإعصار بسبب التكلفة الباهظة. وكانت الأمطار الأمر الأسوأ بالنسبة لآخرين، حيث هطلت بغزارة وبلا هوادة لعدة أيام، وأزالت الأكواخ المبنية من القش والطين.

أما بالنسبة للويزا خوسيه، فقد كانت المياه المالحة التي جاءت من البحر هي الأسوأ، حيث غمرت حقلها وأغرقت محصول الأرز.

وقالت لويزا "70 عاما" بوجه عبوس: "ماتت جميع النباتات".

وتوضح خوسيه، وغيرها من النساء اللاتي تجمعن داخل مركز اجتماعي بالحي الخاص بهن في بيرا، أن المياه دمرت أيضا مخزون البذور.

وتقول هيلينا أوجستون وهي تحمل رضيعها الذي يبلغ من العمر ثلاثة أسابيع: "ليس لدينا ما نزرعه".

ويأمل بعض المواطنين في حصاد كمية صغيرة من المحصول في سبتمبر وأكتوبر. وقد انتشر عمال الإغاثة في أعقاب وقوع الإعصار لتوزيع البذور على المزارعين المتضررين، حتى يتمكنوا من زراعة أي شيء سريعا قبل حلول موسم الجفاف.

وغمرت المياه بعض المناطق تماما بصورة جعلت من الصعب الوصول إليها إلا بقارب أو مروحية؛ وطمرت أمتار من الطين مناطق أخرى.

ووزعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بذور الذرة والفاصوليا والذرة الرفيعة والبطاطا الحلوة على نحو 21 ألف عائلة، بحسب فازكويز.

وقد تمكن بعض المزارعين من التعافي والوقوف على أقدامهم مرة أخرى بأنفسهم، وهناك كثيرون ما زالوا يكافحون.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved