الكلاب الضالة.. خطر في الشارع وصداع للأجهزة المحلية

آخر تحديث: الإثنين 16 يناير 2023 - 7:27 م بتوقيت القاهرة

منى زيدان ويارا صابر

مواطنون يطالبون بتوفير تطعيمات للكلاب ويرفضون قتلها بالسموم.. و«الصحة»: 300 مليون جنيه سنويا لتوفير 2.8 مليون جرعة من مصل الكلب.. ولجنة برلمانية: تقديم مقترحات وحلول وخطة لمواجهة الظاهرة خلال 40 يوما

تزايدت فى الآونة الأخيرة مطالب التصدى لظاهرة الكلاب الضالة التى تنتشر بكثافة فى شوارع القاهرة والجيزة، خصوصا مع تزايد البلاغات المقدمة من المواطنين بعقرهم، وارتفاع عدد الحوادث الناتجة عن العقر، آخرها وفاة الطبيبة الشابة فى حدائق أكتوبر بسكتة قلبية إثر التفاف الكلاب الضالة حولها.
ينتشر فى مصر نحو 20 مليون كلب ضال، بحسب تقديرات وزارة الزراعة، تتسبب فى 380 ألف حالة عقر على الأقل فى السنة الواحدة، ورغم الحملات البيطرية التى تشنها الهيئة العامة للخدمات البيطرية التابعة لوزارة الزراعة لتعقيم الكلاب، لكنها ما زالت جهودا غير ناجعة حتى الآن فى سبيل صد هذه الظاهرة.
هذا الأمر دفع عددا من النواب للتحرك من أجل الضغط على الحكومة لمعالجة هذه الظاهرة، حيث استقبل رئيس مجلس النواب المستشار الدكتور حنفى جبالى مؤخرا طلبات إحاطة عن الإجراءات التى اتخذتها الحكومة لعلاج هذه الأزمة.
تكمن الأزمة فى عدم وجود خطة واضحة للتعامل مع ظاهرة الكلاب الضالة، فإذا اختصرنا حل المشكلة على تعقيم الكلاب والتحصين من السعار سيكبد الحكومة الكثير من الأموال، وهو ما يستدعى جلب طاقم طبى لا يقل عدد أفراده عن 300 ألف طبيب بيطرى متخصص، وهذا العدد من الأطباء البيطريين غير موجود لتوقف التعيين فى الجهات الحكومية المختصة منذ عام 1994، بحسب النائب أشرف أمين.
فى هذا الصدد، يقول مصدر مسئول بالهيئة العامة للخدمات البيطرية، إن الهيئة أطلقت عدة حملات ضد الكلاب الضالة مؤخرا استهدفت مناطق مدينة نصر وحدائق القبة والمقطم وحدائق الأهرام، والتى تنتشر فيها الكلاب الضالة بشكل كبير، موضحا أن أزمة الكلاب الضالة تتزايد فى المناطق الجديدة التى لها ظهير صحراوى.
إلا أن الهيئة تواجهها أزمة أخرى فى عدم توحيد الرؤى بين فريق يشتكى من هجوم الكلاب الضالة على المارة بالمنطقة، وآخر يهاجم الحملات لمكافحتها الكلاب الضالة، بل ويحررون محاضر ضد الفريق الذى يقود الحملة.
يوضح المصدر فى حديثه لـ«الشروق» أن الحملات تتبع طريقتين فى مكافحتها للكلاب الضالة، أولها القتل الرحيم عن طريق استخدام السم، أو القبض على تلك الكلاب ومحاولة تعقيمها وتخفيف من شراستها وإعادته للشارع مجددا.
هذه الخطة تلقى معارضة حقوقية كبيرة، إذ يرى عدد من النشطاء والحقوقيين العاملين فى مجال الرفق بالحيوان أن عمليات تسميم وقتل الحيوانات الضالة تتنافى مع القيم الإنسانية والدينية فضلا عما تسببه من أضرار صحية وبيئية.
ففى منطقة حدائق الأهرام التى شهدت واقعة وفاة الطبيية، وقع نحو 70 شخصا على عريضة لمنع سم الكلاب الضالة فى الشارع، حيث قامت إحدى السيدات بإنشاء مجموعة على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» حتى يتمكنوا من شراء تطعيمات وأكل للحيوانات المتواجدة بالمنطقة، لافتة إلى أن كافة السكان يشاركون فى هذا العمل الخيرى سواء عن طريق دفع مبلغ من الأموال شهريا أو المشاركة فى حملات التطعيم.
تقول هاجر رمضان، إحدى المتطوعات بالمجتمع المدنى، إن قتل الكلاب السامة ضد الإنسانية والشريعة الإسلامية، وأنه من الأولى يجب توفير حملات تطعيم فى الشارع وتوفير أمصال للحيوانات بدلا من قتلها، مشيرا إلى أن منظمات المجتمع المدنى والرفق بالحيوان على استعداد بالمشاركة تلك الحملات.
انضمت هاجر رمضان إلى هذه المجموعات قبل 10 سنوات تقريبا حين قامت بمساعدة كلبا دهسته عربية كانت تسير بسرعة كبيرة على الطريق، فمنذ هذا الوقت تشارك بشكل رسمى فى أى أنشطة خاصة بالرفق بالحيوان.
فى المقابل، لا يرى عدد من المواطنين حلا آخر سوى قتل الكلاب حتى يتم التخلص من أضرارها، من بينهم محمد عبدالرحمن، أحد المتضررين الذين عقروا من كلاب ضالة فى مراحل سابقة.
يقول عبدالرحمن لـ«الشروق»، إنه من الإنسانية الحفاظ على حياة الإنسان وعدم الاستهانة بها وهذا هو ما نصت عليه الشريعة الإسلامية، وليست حماية الحيوانات الخطرة على الإنسان.
يعارض مصطفى المهندس قتل الحيوانات ولكنه يؤيد جمعها من الشوارع وتوفير مكان لهم غير الشارع حفاظا على حياة أطفالنا، لافتا إلى أن لم يستطيع ترك أبناؤه ينزلون إلى الشارع بمفردهم خوفا عليهم من الكلاب الضالة بالشارع.
هذا الحل بدأ يلوح فى أفق أجهزة حكومية، حيث ناقش محمد كرمى عميد كلية الطب البيطرى بجامعة أسوان الأسلوب الأفضل والإنسانى لمواجهة هذه الظاهرة بالسيطرة على الكلاب الضالة غير المرخص لها داخل أماكن إيواء «الشلاتر» لاستقبالها وتوفير الرعاية البيطرية لها، لحماية المارة من العقر.
من جانبه، يوضح الطبيب البيطرى سالم صلاح أن السبب الرئيسى فى أزمة انتشار الكلاب فى الشارع هى مديريات الطب البيطرى التى تركتهم دون تطعيمات أو حملات توعية للمواطنين للتعامل معها، وكان الحل الأسهل لديها هو السم والقتل، لافتا إلى أن سم الكلاب الضالة لا يتتسبب فى قتلهم فقط ولكن القطط التى تأكل من نفس الطعام.
وأضاف صلاح، لـ«الشروق»، أنه لابد من توفير حملات تطعيمات بالتنسيق مع جمعيات الرفق بالحيوان حتى يتم تشكيل فرق فى جميع المحافظات، ولتكن البداية تكون فى الأماكن الأكثر عقرا، لافتا إلى أن الأزمة تحتاج إلى تدخل قوى من الحكومة ومجلس النواب حتى يتم حماية الطرفين.
وسبق أن تقدم النائب البرلمانى السابق عبدالحميد كمال فى دراسته الميدانية بعنوان «المسكوت عنه فى المحليات»، مقترحا بتطوير هيئة الطب البيطرى وإمدادها بما تحتاجه من وسائل مكافحة بيولوجية طبيعية وتدريب الأطباء البيطريين، إلى جانب الاهتمام بنظافة الشوارع ورفع القمامة والمخلفات التى تعتبر بيئة جيدة لتكاثر ومعيشة الحيوانات الضارة، فضلا عن التوسع فى إقامة مآوى الكلاب والحيوانات الضالة خارج الكتل السكنية وتوفير الاعتمادات المالية اللازمة لرعاية وإطعام هذه الحيوانات، مع ضرورة رفع الوعى لدى المواطنين بأهمية هذه الكائنات وزرع مفاهيم الرفق بالحيوان فى الأطفال الصغار.
بدوره، يؤكد الدكتور حسام عبدالغفار المتحدث الرسمى باسم وزارة الصحة والسكان أن الدولة تنفق سنويا 300 مليون جنيه سنويا على الأمصال الخاصة بلقاح الكلب، حيث يتم إعطاء كل مواطن 5 جرعات من اللقاح جراء إصابته من عضة الكلب.
وذكر عبدالغفار فى تصريحات «الشروق» أنه تم التعاقد مع إحدى الشركات الصينية والتى ستقوم بتوريد حوالى 2 مليون و800 ألف جرعة من المصل للعام الحالى، لافتا إلى أن السنوات الماضية شهدت توريد 10 ملايين و750 ألف جرعة.
يلفت المتحدث الرسمى لوزارة الصحة والسكان إلى أهمية تكثيف الجهود وتوحيدها بين الوزارات والمنظمات والهيئات المعنية لتنفيذ الاستراتيجية العامة للقضاء على مرض «السعار»، ضمن استراتيجية التنمية المستدامة 2030، لافتا إلى أهمية تطبيق سياسات «الصحة الواحدة» لمواجهة الأمراض والقضاء عليها، بما يضمن تعزيز الصحة العامة للإنسان ويدفع نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأشار عبدالغفار إلى تكثيف الجهود ضمن استراتيجية الوزارة لمكافحة المرض والقضاء عليه، حيث تم زيادة عدد مراكز التعامل مع حالات العقر والخدش إلى 302 مركز على مستوى محافظات الجمهورية، وتدريب الفرق الطبية بالمراكز على بروتوكولات التعامل مع الحالات، والإجراءات الوقائية بعد التعرض للعقر والخدش.
على المستوى النيابى، تعكف لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب على وضع رؤيتها لمواجهة انتشار الحيوانات الضالة فى الشوارع، وتقديم مقترحات وحلول وخطة تنفيذية خلال 40 يوما، حسبما صرح النائب زكى عباس عضو لجنة الإدارة المحلية.
تضم اللجنة العليا ممثلين عن وزارات التنمية المحلية، الصحة، الإسكان، التخطيط، المالية، التعاون الدولى، البيئة وجميعة الرفق بالحيوان، فضلا عن ممثلى الهيئة العامة للاستعلامات والهيئة الوطنية للإعلام.
وأوضح عباس، فى تصريحات لـ«الشروق»، أن اللجنة ستعقد اجتماعها الثانى بعد تقدم اللجنة العليا خطتها لمواجهة انتشارالحيوانات الضالة فى الشوارع، مطالبا وسائل الإعلام بالقيام بدورها فى توعية المواطنين لأخذ الحذر وكيفية التعامل ومواجهة هذه الحيوانات.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved