في اليوم العالمي للتعايش السلمي.. الحضارة المصرية واليونانية القديمة أول نموذج على ذلك

آخر تحديث: السبت 16 مايو 2020 - 6:06 م بتوقيت القاهرة

الشيماء أحمد فاروق:

أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة، عام 2018، أن يوم 16 مايو، هو اليوم الدولي للعيش المشترك في سلام، كوسيلة لحشد جهود المجتمع الدولي بانتظام لتعزيز السلام والتسامح والاندماج والتفاهم والتضامن.

وكما يتذكر كل شعب حضارته القديمة، ومجدها وإنجازاتها، وما تركته من بصمة على وجه الحياة لا يزال باقياً حتى الآن، فقد ضربت لنا بعض الحضارات القديمة نموذجاً في كيفية التعايش السلمي، من خلال التعاون المشترك والاندماج فيما بينهما، وهما الحضارتين المصرية واليونانية القديمة، وسنلقي الضوء على بعض نقاط هذا التعاون في ضوء تلك المناسبة.

* بعثات علمية وتبادل ثقافي

كانت منطقة البحر المتوسط تربط بين اليونان وحضارات أخرى، مثل المصرية وبلاد الرافدين وآسيا الصغرى، وكان من طبيعة أهل اليونان الانتقال والهجرة للتجارة، ولذلك وطدت علاقات وانتقالات مختلفة بين ثقافة هذه الحضارات واليونانية، وعلى وجه الخصوص الحضارة المصرية القديمة.

فنجد أقاويل خالدة تثبت دعائم علاقة الحضارتين، ومنهم هيرودوت الذي قال: "إن المدن الإغريقية كلها مدن مصرية قديمة!"، وأفلاطون: "ما من علم لدينا إلا وقد أخذناه من مصر"، والدكتور طه حسين: "اليونان فى عصورهم الراقية يرون أنهم تلاميذ للمصريين"، ومارتن بارنال فى كتابه "أثينا السوداء" قال: "الحضارة اليونانية كلها من أصل فرعونى".

وكانت تربط الاثنين علاقات تجارية وأيضاً بعثات تعليمية، ونجد تشابهات بين جمل الفلاسفة الإغريق وما نقش على المعابد المصرية القديمة، وقد رصد الكاتب الأمريكي جي إم جيمس كتاباً كاملاً عن التراث المصري وما يشابهه في الحضارة اليونانية، وسمى فلسفة.

وأكد فيه أن الإغريق تعلموا على يد الكهنة في مصر، ومما ذكره جيمس في كتابه: "يعرف الجميع الآن عبارة إعرف نفسك على أنها جملة لسقراط، ولكن هذا غير حقيقي، لأن الجدران الخارجية للمعابد لمصرية تحمل نقوشاً موجهة إلى المريدين الجدد من بينها وصية تخاطب كلا منهم قائلة "اعرف نفسك"، أما الفضائل الأربعة الرئيسية عند أفلاطون، قد كانوا جزء من نظام الأسرار المصري القديم وقد شملت 9 فضائل، واقتبس منهم أفلاطون العدالة والحكمة والعتدال والشجاعة".

* إقامات متبادلة واحترام للعبادات

ومن التعليم والفلسفة إلى الإقامة في مصر، وهو ما يعبر عن مدى التعاون بينهما، فقد كان لكل من الحضارتين آلهتهم وعباداتهم المختلفة، ورغم ذلك فقد تعايشوا معاً، وتذكر ذلك الدكتورة عفاف فوزي نصر، في كتابها "الفلسفة المصرية القديمة وأثرها على الفلسفة اليونانية".

وأشارت الكاتبة إلى أن الحركة التبادلية بينهما بدأت بالتجارة من خلال البحر المتوسط، وقد استقر الإغريق تجاراً وصناعاً في بلاد، وقد سمح لهم في عهد أمازيس – أحد ملوك الأسرة 26- بتأسيس مدينة إغريقية في مصر، وهي مدينة نقراطس، كانت مستقر العديد من اليونانيين.

ويتضح التبادل الثقافي بينهما أيضاً، في الفنون سواء من حيث الأساطير اليونانية القديمة التي تشبه في جذورها الأساطير المصرية، أو العمارة والنحت، في بدايتهما عند الإغريق، فقد أخذ اليونان عن عهد المصريين، المباديء الأولى لفن النحت، فجاءت التماثيل اليونانية في عصرها المبكر نسخة من الاتجاه المصري، مثل الوقفة المتصلبة والنظرة المتجهمة إلى الأمام، وغيرها من الأشياء، وهي صفات نجده جميعاً في عدد من التماثيل اليونانية لموجودة في المتحف الوطني في أثينا.

كما أخذ الفنانين اليونانيين عن معابد مصر عمارة الأبهاء والأعمدة لتصبح بعد ذلك هي النمط السائد عند اليونان، كما يتضح من مقارنة معبد الكرنك أو بقايا معبد سقارة في مصر بمعبد البارثينون في أثينا أو بقايا معبد أبولون في أوليمبيا.

كما ذُكر أن الآلهة المصرية قد عُرفت في اليونان، وكانت تُعبد ليس فقط من جانب المصريين المقيمين هناك ولكن من الأثينين أيضاً، وفي القرن الثاني قبل الميلاد أقيم مبعد للإلهة إيزيس قرب الأوكربوليس.

ومن القصص المنقولة عن الحضارتين والتي تدل على مدى التعاون بينهما، حتى في احترام العبادات الخاصة بهما، عندما احترق معبد دلفي الإغريقي عام 548 قبل الميلاد عن آخره، قد أعاد بناءه أماسيس أحد ملوك مصري القديمة، بأن خصص له منحة مالية تزيد عن الحاجة 3 مرات.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved