نواف سلام بمعرض بيروت الدولي: مستقبل الأوطان يُبنى بالفكر والثقافة

آخر تحديث: الجمعة 16 مايو 2025 - 7:20 م بتوقيت القاهرة

أسماء سعد

رئيس الوزراء اللبنانى يتفقد جناح دار الشروق ..وسلوى السنيورة: لا بد للثقافة أن تتصدر المشهد العام لتصحيح المسار

افتتح رئيس مجلس الوزراء اللبنانى نواف سلام، معرض بيروت العربى الدولى للكتاب الـ66، والذى ينظمه النادى الثقافى العربى فى قاعة المحاضرات فى «سى سايد» – واجهة بيروت البحرية حتى 25 مايو الجارى، بحضور شخصيات سياسية وتربوية وثقافية، وبمشاركة واسعة من دور النشر العربية ومنها دار الشروق، وقال سلام فى كلمته أمام الحضور: «أقف أمامكم اليوم، فى افتتاح معرض بيروت العربى الدولى للكتاب، لأحييكم باسم الكلمة التى تبنى، والفكرة التى تحرر، والقراءة التى تفتح الأبواب نحو آفاق أرحب من الفهم والانفتاح».
وأضاف: «اليوم تنطلق الدورة السادسة والستون لهذا المعرض الذى صار تقليدا راسخا يحتفى بالكلمة والكتاب ويعكس نبض بيروت الثقافى وتراثها الفكرى ودورها التاريخى كعاصمة عريقة للمعرفة والابداع. وما استمراره كتظاهرة ثقافية سنوية إلّا تأكيدا على أن مستقبل الأوطان يُبنى بالفكر وأن الثقافة هى الاستثمار الأجدى لصالح الإنسان، وهى الضمانة الحقيقية لترسيخ حضور الشعوب ووحدتها ونهضتها.
تابع سلام: الحقيقة أن معرض الكتاب هذا هو أيضا معرض للقراءة والقرّاء. فالكتاب ليس مجرد حبر وورق، بل سواء كان مطبوعا أم مسموعا أم إلكترونيا، الكتاب هو رحلة نحو معرفة الذات وفهم الآخر. جسر عبور بين العقول والقلوب. منه نتعلم أن الاختلاف لا يلغى الاحترام بل يعمقه، وأنّ التنوع لا يهدد الهوية بل يغنيها. وكلما غرفنا منه تعلمنا أن العالم أكبر من حدودنا الضيقة وأغنى من تصوراتنا المسبقة، وأن ما يبدو مستحيلا أحيانا قد لا يكون إلا صعبا، بل ممكنا
وقال: سواء جاء من الشرق أم من الغرب، يتجاوز الكتاب الأزمنة والأمكنة، التاريخ والجغرافيا، الإثنيات والبلدان، الأديان والقوميات. ويبقى هو الصديق الوفى فى كل الظروف، ويبقى الكتاب النبع الذى يغنى معرفتنا، ويوسع آفاقنا، ليس مصادفة أن تكون بيروت حاضنة هذا المعرض. بيروت التى لم ولن تتعب من حمل راية الثقافة رغم كل الجراح. بيروت التى انطلقت بنشر الكتب منذ وصلت إلى لبنان أول مطبعة فى الشرق. بيروت التى فتحت قلبها وأبوابها لكل من أحبها من مفكرين وكتاب وأدباء وشعراء لبنانيين وعرب، فتحولت بهم ومعهم إلى مدينة مفتوحة ومنفتحة على إنتاج ثقافى لا ينضب وعاصمة من كلمة ونور وحياة.
استطرد سلام: ليس مصادفة أيضا أن تكون الأونيسكو أدخلت بيروت منذ 2019 فى شبكة المدن المبدعة، وكرستها «مدينة مبدعة للأدب» إقرارا منها بمكانتها الثقافية الخاصة ولا سيما فى المجال الادبى والتى صنعتها عقود من الريادة فى الكتابة والنشر والترجمة وإقامة المعارض. بيروت التى كانت رائدة فى نشر أفكار التنوير للعالم العربى وكانت منبرا للحرية والحوار لا تزال تثبت ان الثقافة ليست ترفا بل ضرورة وجودية.
وتابع فى كلمته: دعونى أذكّر أن بيان حكومتنا، حكومة الإصلاح والإنقاذ، قد أعار أهمية قصوى لتنمية البنى التربوية والثقافية. فبرنامج حكومتنا الاصلاحى لا يقتصر فقط على الاقتصاد والبنى التحتية او الآليات السياسية، بل يهدف الى تحقيق التنمية الإنسانية المستدامة. وسبيلنا الى هذا الإصلاح هو التطبيق الكامل لاتفاق الطائف الذى عُدّل على أساسه دستور بلادنا، أى «الكتاب»، كما كان يسميه الرئيس الراحل فؤاد شهاب.
أضاف: أنتهز هذه الفرصة لأعود وأؤكد ان دعوتنا هى إلى تطبيق ما لم يطبق بعد من بنود هذا «الكتاب»، وإلى تصحيح ما طبق منها خلافا لروحه أو نصه، وإلى سد ثغراته التى ظهرت بالتجربة، بل إلى تطويره وفق ما قد تمليه متغيرات الأيام. والحقيقة أن الإصلاح كلّ متكامل، فأبعاده المؤسساتية لن تعطى مفاعيلها كاملة ما لم تنجح الدولة أيضا فى بسط سلطتها على كامل أراضيها بقواها الذاتية كما نص عليه اتفاق الطائف. فمشروعنا هو بناء دولة حديثة، قوية وعادلة، دولة قانون ومؤسسات، دولة تعامل كل مواطنيها على قاعدة المساواة فى الحقوق والواجبات، دولة قادرة على الدفاع عن أرضها وحماية شعبها.
وقال: فى ظل عالم يتغير بوتيرة سريعة، تبقى بيروت أمينة لتاريخها، متمسكة بهويتها العربية وبانفتاحها على العالم، متسلحة بالكتاب سبيلا الى العلم والتقدم والابداع. وها نحن هنا، نمد أيدينا معا، كتابا وناشرين وقراء، لنؤكد أن ثقافتنا العربية قادرة على النهوض وملاقاة متطلبات العصر، وعلى بناء إنسان متصالح مع تاريخه وطامح إلى غد أفضل.
قالت سلوى السنيورة رئيسة النادى الثقافى العربى: «فى خضم التحولات الكبرى التى نشهدها داخل لبنان وخارجه وعلى الصعد كافة، لا سيما الأمنية والسياسية والاقتصادية، تتنامى قناعتنا والادراك بأنه لا بد للثقافة أن تأخذ مكانها ومكانتها فى المشهد العام – نهجا بينا، من شأنه أن يؤنسن الأمن والسياسة والاقتصاد، ويصحح مساراتها انسجاما مع رؤى العهد الإصلاحى الجديد وتطلعاته والتى عُبر عنها ركنا أساسيا فى خطاب القسم والبيان الوزارى».
أضافت: «نقول للثقافة مكانها ومكانتها لأنها لم تكن يوما مجرد كلمة تقال أو شعار يرفع، بل هى فعل إنسانى ونبض حياة ونسق عيش نراه يتفلت من براثن السكون والاستكانة، ليرسى وشائج التداخل المعرفى وتكامله لدى الفرد والجماعة بغية تحقيق كينونة الانسان وتطوره؛ لذا فالثقافة، بما تمثل من وعى وتبصر وتجدد، تدعونا إلى التنقيب فى أحوالنا وأفكارنا جاعلة العقل فينا ناقدا شجاعا فى قراءة الذات ومتبحرا فى الماضى ومجريات الحاضر ليجترح رؤية متسعة وممتدة لتفكيك القيود المعيقة للتقدم، بل وللسير فى حركة التغيير والتحول وصولا بها إلى حقول المعرفة والابداع والعدالة والإنسانية. والثقافة فى كل ذلك تستمد قوتها وقدرتها على الانتشار والتوسع من قيم الانفتاح والتواصل والحوار والتسامح بشأن المغايرة والاختلاف، باعتبار أن هذه القيم هى لصيقة بمفهوم الثقافة وأبعادها، وهى المسئولة عن ارتقاء العقل البشرى وترفع الذات الإنسانية».
وتابعت: «من هذا المنظور، تستدعى الثقافة للتعبير عن ذاتها واحة نهضوية رحبة، لذا تطوع النادى الثقافى العربى على مدى ثمانية عقود ونيف ان يكون عاملا متفانيا فى جهود ترسيخ جذور هذه الواحة وتوسعة أرجائها، وسيلا متدفقا فى سبيل ازدهارها وتجددها، فكان هو أول من استحدث معرضا للكتاب فى لبنان والعالم العربى منذ العام 1956، ليكون حاضنا للإبداع ومسهما فى تشكيل المحتوى الثقافى لمجتمع يتطلع إلى الخروج من الانفاق الضيقة إلى الآفاق الواسعة، لتتوالى بعده سلسلة المعارض وصولا إلى النسخة 66 التى نحتفى بافتتاح فعالياتها اليوم بوجود هذا الحضور المميز الذى نؤكد وإياه المرة تلو الأخرى على العلاقة العضوية التى تربط بين الكتاب وجمهوره والعاصمة بيروت، علاقة التزام وتطور ومرونة وريادة وهوية وانتماء وتجدد».
وأردفت: «أقول تجدد لأننا نجتهد فى أن لا يقتصر الكتاب فى عيده السنوى هذا على كونه منصة للكتاب بل ايضا مساحة مفتوحة لفنون الكتاب وما يدور فى فلكه، وما يهدف الكتاب إلى تحقيقه من توسعة لآفاق المعرفة، فإذا بمعرض بيروت العربى الدولى للكتاب، إلى كونه أجنحة لعرض المؤلفات وأحدث الإصدارات، بمختلف مضامينها والابداعات، هو أيضا ندوات تعالج موضوعات الساعة مستذكرة ما أوصلنا إليها، ومستشرفة ما يجب أن تقودنا إليه. واذا هو أيضا معارض فنية مختصة لتكون ملهمة لصناعة الكتاب كما أنها عاكسة لما يمكن أن تبتدعه الكتب من أفكار وموضوعات واستشراف لمسيرة الغد ومآلاته. والمعرض أيضا مساحة رحبة للتفاعل والتكامل مع سائر أنواع الإبداعات الانسانية من موسيقى وشعر وغناء ومسرح وسينما وغيرها من النتاج الإنسانى الرفيع».
وقالت: «لم يكن لهذا المعرض أن يكون على ما هو عليه لولا التعاون البناء الذى طبع كل جوانبه والمكونات، من دور نشر آمنت برسالة النادى الثقافى العربى وتاريخ عطاءاته، ومن مفكرين ورواد ثقافة وإبداع وجدوا فى المعرض منبرا حيا لطرح الأفكار والحوار بشأنها، ومدخلا لتعزيز الدور التاريخى للبنان الحضارة وعاصمته بيروت، واستقطابا للجيل الشاب ليكون عنصرا فاعلا فى حمل رسالة التآخى والعيش الواحد فى وطن التنوع الخلاق».
أضافت: «الشكر لهؤلاء جميعا كما لوسائل الإعلام بوسطائها كافة، والتى اعتبرت معرض بيروت العربى الدولى للكتاب حدثا ثقافيا سنويا يستأهل الاحتفاء به وتسليط الضوء على غاياته والاهداف. والشكر موصول لكل من قدم مختلف أنواع الدعم والتعاون، وهم كثر يتعذر فى هذه العجالة ذكرهم بالاسم والموقع. واسمحوا لى أن أتوجه بالشكر أيضا لرئيس الحكومة الدكتور نواف سلام الذى منح رعايته لهذا الحدث المميز وخصه بحضور وكلمة منه، كما الشكر لوزير الثقافة الذى يؤمن بأن الثقافة عامة والكتاب خاصة عامل جمع لا شرذمة وتفرقة وانقسام وهو الذى يدفع إلى جعل ذلك أمرا محققا. والشكر لوزير الإعلام الذى عمل لكى تواكب القنوات الإعلامية المتاحة هذا الحدث وتمنحه الأهمية التى يستحقها».
اختتمت: «إن ما يجمعنا هو الكتاب الذى لا نطوى صفحة منه إلا لنفتح أخرى، فإلى اللقاء فى النسخة الآتية لمعرض بيروت العربى الدولى للكتاب، الدورة 67 بإذن الله، وكل منكم بخير ولبنان والعاصمة بيروت بألف خير».
== أحمد بدير مدير عام دار الشروق يهدى رئيس الوزراء مجموعة من الإصدارات
تفقد رئيس مجلس الوزراء اللبنانى نواف سلام، جناح «دار الشروق» فى معرض بيروت العربى والدولى للكتاب الـ66، حيث أظهر اهتماما بتفقد أروقة الجناح ومطالعة المؤلفات الخاصة بدار الشروق.
وعبر أحمد بدير مدير عام دار الشروق، لرئيس الوزراء اللبنانى عن سعادة دار الشروق بتلقى الدعوة للمشاركة فى هذا المعرض المهم مع وعد بمشاركة مستمرة فى الدورات القادمة من المعرض، وقام بإهداء «نواف سلام» مجموعة من الكتب والإصدارات الخاصة بدار الشروق، منها كتاب السعى للعدالة لخالد فهمى، وشهر فى سيينا لهشام مطر وغيرها من الإصدارات القيمة لدار الشروق.
ودار حوار ودى مطول بين نواف سلام وأحمد بدير ، ونقل بدير إلى سلام، تحيات المهندس إبراهيم المعلم رئيس مجلس إدارة مجموعة الشروق.
وتشارك دار الشروق فى معرض بيروت العربى الدولى للكتاب 2025، فى جناح الدار رقم B2 بمجموعة من أحدث وأقوى الإصدارات من الكتب والروايات.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved